FYI.

This story is over 5 years old.

ثقافة

لدي مشكلة كبيرة بتزيّن النساء البيضاوات بالحناء- وهذه أسبابي

بدأت أتساءل لماذا اختفى حرجي تجاه الحناء عندما أقر أصدقائي أصحاب البشرة البيضاء بجمالها؟

خطوط معقدة من رسومات باللون البني المائل للحمرة على يدي، تتوقف عندما تصل إلى معصمي، خطوط تجعل الأوراق والزهور والنقاط زوايا مناسبة ورشيقة لأنها تلتف حول أصابعي وعلى ذراعي، حيث يصبح اللون أكثر قتامة بسبب العرق، حيث تبرز الرطوبة الصبغة بشكل أوضح، وأنا في الصف السابع، كنت أركب الحافلة المدرسية مع أعمال جدتي الفنية التي تزين جلدي كمعرض متحرك، لا أراه غير ذلك.

الحناء/ الحنة هي صبغة تستخدم لتلوين كل شيء من الصوف إلى الأظافر، وهي مصنوعة من أوراق شجرة الحناء المجففة، والاسم العلمي لها هو (Lawsonia inermis)، حيث يتم هرسها ثم تحويلها إلى عجينة تسمى الحنة باللغة العربية، أو "mehnd" في شبه القارة الهندية، وقد تم استخدام هذه المادة منذ 5،000 عاماً على الأقل، في ذلك الوقت، تم استخدام الصبغة بشكل تقليدي في جميع أنحاء جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

إعلان

في العادة، يتم وضع تصاميم الحنة على اليدين والقدمين للنساء فقط، لكن أخي، الذي لا يريد أن يفوت فرصة للمرح، يطلب رسم لثعبانًا أو عقربًا على ذراعه، وتستجيب له جدتي وهي سعيدة

عندما كنت صغيرة في ولاية كولورادو الأمريكية مع أبوين مهاجرين من المغرب، أحببت الحنة، كان ذلك يعني عادة أن هناك نوع من المناسبات العائلية التي تحدث مثل؛ العرس، أو وجود طفل في الطريق، أو قدوم رمضان، أو حتى القيام بزيارة إلى المغرب. تقوم جدتي بخلط مسحوق الحناء بالماء، ثم تتركها لبضع ساعات، ثم تقوم بتعبئتها في حقنة، ثم تبدأ في الرسم على أختي، ثم أختي الأخرى، وبنات العم، ثم تقوم بعمل تصاميم معقدة على أيدينا.

تقليديًا، يتم وضع تصاميم الحنة على اليدين والقدمين للنساء فقط، لكن أخي، الذي لا يريد أن يفوت فرصة للمرح، يطلب رسم لثعبانًا أو عقربًا على ذراعه، وتستجيب له جدتي وهي سعيدة، أتذكر مقاومة الرغبة في تقشير الحناء المجففة، حيث تترك الصبغة أثرها لمزيد من الوقت على اليدين، وعندما يحين موعد التقشير، يكون الاكتشاف الكبير عما يكمن تحته، وهو أمر مثير على الدوام.

ولكن هناك، على متن الحافلة وكل يوم في المدرسة، كنت ممزقة بين سحب الأكمام للأسفل، أو القيام بغسل يدي بغسول اليد، الكثير من الأمور المربكة تحدث في مرحلة ما قبل المراهقة، ولكن بالنسبة لفتاة تبلغ من العمر 12 عاماً، وقبل وقت طويل من توارد عبارات مثل "العنصرية" إلى وعيي، وقبل بروز الثدي، لم أتعلم كيفية تحقيق التوازن بين الفخر بثقافتي، والحرج تجاه الحنة على يدي، والتي ظننت كما لو أنها كانت تشير إلى لافتة على جبهتي تقول أنني شخص أجنبي.

صورة من الحنة على يد خالتي يوم عرسها.

في المدرسة، كان الاهتمام الواضح بأمر الحنة من زملاء الدراسة يعني أن أقوم بكشف سواعدي وأصف تقنية الرسم، وإجراءات تطبيقها، أو أتعرض للسؤال المعتاد "ما هي تلك الأشياء البرتقالية الغريبة على يدك؟" ومع ذلك، جعلني هذا الأمر أدرك تمامًا حقيقة أن الأيدي يصعب إخفاءها، خاصة أثناء محاولة الذهاب إلى يومك الدراسي في الصف السابع.

إعلان

في المرة الأولى التي رأيت فيها الحنة على امرأة لم تكن من أفريقيا أو جنوب غرب آسيا، كنت في المدرسة الثانوية، حيث كانت الممثلة والمغنية الأمريكية فانيسا هادجنز، أتذكر وقتها أني شعرت بالزهو، وقلت لنفسي: "حسنا.. الحناء رائع الآن.. ربما سأطلب من جدتي إذا كانت تستطيع أن ترسم لي حناء في نهاية هذا الأسبوع."

تدريجيًا، عندما دخلت الحنة في ثقافة البوب الأمريكية، بدأت الفتيات في المدرسة يتقربن مني، ويسألن عن التصاميم، كانت نبرتهن مختلفة بشكل ملحوظ عما كانت عليه في المدرسة الإعدادية، ولبعض الوقت، دارت في ذهني أسئلة مثيرة، هل طلبي من جدتي أن ترسم الحناء لصديقاتي سوف يشعرني بأهميتي. كان هذا هو الأمر، حتى نظرت إلى هذا الاهتمام على حقيقته.

لماذا أصبح الأمر رائعاً بمجرد أن قام به أشخاص مثلهم؟ هل نسوا الأوقات التي جعلوني فيها أشعر بالغباء بسبب الحنة؟ ما الذي تغير؟

في السنوات التالية، بدأت أتساءل لماذا اختفى حرجي تجاه الحناء عندما أقر أصدقائي أصحاب البشرة البيضاء بجمالها؟ أدركت أن هؤلاء الأصدقاء البيض أنفسهم وكثير منهم من أنصار ترامب يفتخرن به اليوم، لم يكن لديهم اهتمام حقيقي بثقافتي أو ما هي أهمية الحناء بالنسبة لي، انهم يريدن فقط أن يبدين مثل فانيسا هودجنز والأختين جينرز، شاهدت أيديهن الملونة بالحناء (التي تم رسمها في إحدى المرات في بعض المهرجانات الموسيقية مقابل ثمن ضخم جعلني أشفق عليهن) حيث يتعرضن لعبارات الثناء بدلاً من التعليقات المنفرة، وعندما بدأت أفهم معنى الاستيلاء أو الاستحواذ الثقافي (cultural appropriation) قبل أن أصفه بالكلمات، وعندها بدأت أكره رؤية البنات البيضاوات متزينات بالحنة. (الإستيلاء الثقافي هو عندما تقوم الفئة القوية بسرقة تراث الفئة الضعيفة وتسجّله ضمن تراثها الخاص وتتصرّف به على أنه من ثقافتها).

إعلان

لماذا أصبح الأمر رائعاً بمجرد أن قام به أشخاص مثلهم؟ هل نسوا الأوقات التي جعلوني فيها أشعر بالغباء بسبب الحنة؟ ما الذي تغير؟ هذه الأسئلة لم تكن على بال النساء في عائلتي اللواتي ظللن متحمسات في أي وقت يتم تصوير فيه امرأة بفيلم أو إعلان أو صحيفة شعبية وفي يدها الحنة. "انظري، انظري إلى يدها! أنها تضع حنة." والدتي وعمتي وجدتي، لا يقمن بأي إشارة على الإطلاق إلى هذا الأمر، سوى إيماءة شخصية بمجاملة صامتة، وأنا أدير عيني. في الماضي، حاولت أن أشرح لهن لماذا يزعجني الأمر، بينما هم متقبلون له، ما زالوا ينظرون إلى علامات تغلغل ثقافتنا داخل أمريكا على أنها شيء إيجابي.

في رحلتي الأخيرة إلى الوطن لرؤية عائلتي، زرنا أنا وأمي World Market، وهو متجر ساحر ولكن مع ذلك السحر يجلب الكثير من "الأشياء المثيرة من البازارات العالمية إليك" تلتقط أمي كوبًا مغربيًا للشاي، تبدي استهجانها، وتقول "إنهم يعرفون بالتأكيد كيف يسرقون تصميماً" هذا التعليق الساخر جاء منها على غير العادة، وهو ما ألهمني كي أسأل مرة أخرى كيف تشعر إزاء تزين الأميركيين البيض بالحناء.

قالت أمي: "أعتقد أن الأمر رائع حقًا، لأنهم لم يكن لديهم سابقًا أدنى فكرة عن الحنة،" وتضيف: "الآن، الكثير من الناس مهتمون به." ثم أقوم بالضغط أكثر من ذلك وأسأل: كيف ستشعرين إذا كان الشخص الذي يؤيد قرار ترامب بمنع دخول للمسلمين البلاد يحب رسم الحناء، أجابت: "إذا كنت لا تحب المسلمين أو العرب أو ثقافتنا، فلماذا يتشاركونا فيها؟ لا يمكنك اختيار شيء دون آخر، (علمًا بأن الحناء تقليد في ثقافات تتجاوز الإسلام والعرب، ولكن هذه هي المجموعة التي فكرت فيها أمي).

تقول أمي أنها لم تسمع أبداً بمصطلح "الاستيلاء الثقافي" قبل محادثتنا، أبذل قصارى جهدي لشرح ذلك، وتعترف أمي أن هذا أمر "محزن"، وأقول "بعض الناس يقدمون نفس الحجة للحنة." وتجيب أمي:"أنا لا اعرف.. أشعر أن الأمر ليالحناءس شيئًا دينيًا، إنه ليس شيئًا يتعلق بالسياسة، إنه أمر ممتع وأعتقد أنه يجب أن يظل على هذا النحو" وتضيف: "لا أعتقد أن الحنة يجب أن تدخل ضمن النقاشات التي تحدث في العالم."

إعلان

الاختلاف بين وجهات النظر كان واضحًا، فقد كانت تجاربنا مع الحنة مختلفة تمامًا، فعندما ذهبوا هن إلى المدرسة برسومات الحنة، تلقين تعليقات مثل "مبروك! متى ستولد أختك؟ "أو "عيد مبارك!" ولم يضطروا أبداً للدفاع عن هذه الرسومات

بعد ذلك، أسأل خالتي، التي أجدها هي أيضاً متقبلة للفكرة وتقول: "قد يكون الأمر غريبًا، ربما، في المدرسة مع الأطفال لأن الأطفال لن يفهموا، لكنني أعتقد أنه مختلف مع البالغين." في العام الماضي، وبعد أن أعربت إحدى الزميلات عن اهتمامها بالحناء، دعتها خالتي إلى حفل في دارها، وقالت: "لقد أحببت ذلك.. عندما أرى [الحناء] على أشخاص آخرين هنا، أعتقد أن هذا شيء جميل، أن ثقافتنا أصبحت شعبية."

عمتي لديها عشق قوي جدا للفنون التشكيلية، وتقول: "هذا يذكرني بالعودة إلى الوطن، عندما كنت صغيرة، كنا نستخدم الحناء في السابع والعشرين من رمضان. عندما نرتدي لباسنا ونقوم بعمل مكياجنا وشعرنا نشعر بأننا مميزات للغاية،" وتابعت: "في كل رمضان، أضع ابنتي في ثوب مغربي وأحاول أن أفعل ذلك كما اعتدنا عليه في الوطن، لنشعر بنفس الإحساس، هي تحب ذلك أيضًا."

بعد التحدث إلى والدتي، وعمتي، وجدتي، اللواتي كانت لديهن مشاعر متشابهة حول تزين النساء من أصحاب البشرة البيضاء بالحناء، كان سبب الاختلاف بين وجهات النظر حول هذا الموضوع ووجهات نظرهن واضحًا، فقد كانت تجاربنا مع الحنة مختلفة تمامًا، فعندما ذهبوا هن إلى المدرسة برسومات الحنة، تلقين تعليقات مثل "مبروك! متى ستولد أختك؟ "أو" عيد مبارك!" ولم يضطروا أبداً للدفاع عن هذه الرسومات - لم يضطروا أبداً إلى جعلها سياسية.

لا شك أن المهاجرين المسلمين في أمريكا، والدتي، والخالة، والجدة، كان عليهم أن يدافعوا ويتحملوا أكثر بكثير مني، ولكن لسوء الحظ تستمر المشاعر المعادية للمسلمين وجرائم الكراهية في أمريكا في الارتفاع بمعدل ينذر بالخطر. بالنسبة لي، علي التزين بالحناء، أو التحدث باللغة الدارجة (اللغة العربية المغربية)، أو الخروج في جلباب مغربي لكي يتم التعامل معي كأجنبية. أما النساء في عائلتي فوجودهم نفسه كان يعتبر دخيلاً لدى البعض. ببساطة إذا أرادت النساء في عائلتي أن يربطوا الحناء، بذكريات رائعة والشعور أنهن في الوطن، بعيدة عن التعليقات العداونية والسلبية التي تُلقى كل يوم، فهذا خيارهن، وربما يمكنني أن أتفهم ذلك. يمكنني قبول آرائهن بناء على تجاربهن الخاصة، دون منع نفسي من التعبير عن وجهة نظر مختلفة، لأنني لن أكون متحمسة في حياتي لرؤية فتاة بيضاء تضع رسماً بالحناء.

ظهر هذا المقال بالأصل على موقع Braodly.