FYI.

This story is over 5 years old.

مرأة

فتيات يعشن حياة مُزدوجة.. واحدة بالحجاب أمام الأهل والأخرى بدونه

أخرج صباح كل يوم من بيتي محجبة وبمجرد أن أبتعد بمسافة كافية أخلع الحجاب لأشعر بالراحة والحرية، لم اختر ارتداء الحجاب، وبعد معاناة قررت أن أكون أنا

تصميم أمير ضو - الرسومات من شترستوك

حين تتنفس شعورهن الهواء وتعانقها الشمس، تدب خطواتهن في الشارع بثقة، يسرن بعيون لامعة، وينظرن في المرآة بفرحة عائدة لإحساسهن بالحرية والتحرر الذي لا يلبث أن يخبو مع عودتهن إلى المنزل، وارتداء الحجاب مرة أخرى - بغير اقتناع - أمام الأهل والأقارب إرضاءًا لهم، أو خوفًا منهم.

كثير من الفتيات في مصر يعشن حياة مزدوجة، واحدة بالحجاب أمام العائلة والجيران، وأخرى من دونه خارج نطاق القيود الاجتماعية. تتعدد الأسباب وتختلف القصص، لكن تبقى حالة الانقسام التي تعيشها بطلات هذه التجربة العامل المشترك الأبرز.

إعلان

"أشعر بقلق رهيب حين أمشي في الشارع من غير الحجاب لخوفي من التعرض للعنف من شقيقي السلفي المتشدد الذي سبق له أن قذفني بكوب من الشاي الساخن لمجرد اختلافنا في الأفكار، وأشعر بانزعاج شديد لأني وصلت لهذا العمر وأصبحت في عصمة رجل وأم لطفلتين، ومع ذلك مازلت مقيدة ومرغمة على ارتداء الحجاب أمامهم. فكرت في المواجهة وإخبارهم لكن زوجي لا يرغب في حدوث مشاكل مع أهلي وأهله وهو ما يجعلني أعيش بشخصيتين واحدة أشعر فيها بالتحرر والأنوثة والثقة بالنفس وأخرى أكرهها وأشعر معها أنني عجوز ومقيدة بملابس لا أشعر أنها تتفق وشخصيتي. ولا أعرف بماذا سأخبر بناتي حين يكبرن ويستوعبن أنني أرتدي الحجاب مرات وأخلعه مرات أخرى". إيمان، 29 سنة

"قصتي شديدة التعقيد، لذلك أخفيت الأمر في البداية، لرفض أهلي خلعي الحجاب لأسباب دينية ومجتمعية، ولأني إسراء الناشطة السياسية، وبمجرد معرفة الإعلام سأجد المانشيتات "إسراء قبل وبعد الحجاب" وسأدخل في جدل لا ينتهي، وعليه عشت حالة من الانقسام لنحو عام ونصف أرتدي الحجاب حين أذهب لزيارة أهلي وأسير من دونه في غير وجودهم، ولا أنشر صوري على مواقع التواصل، لكن ظل يرافقني إحساس بالقلق من أن أصادف أحدهم في الشارع أو تنشر صورة لي دون حجاب وأنا في مكان عام دون معرفتي، مثلما يحدث معي كثيرًا، فيعرفون بهذه الطريقة وهو ما سبب لي إزعاجًا شديدًا حتى أخبرتهم قبل 5 أشهر ودخلنا في خلاف طويل، ومع الوقت تحسنت العلاقة ولكن حتى هذه اللحظة ورغم معرفتهم بالأمر أرتدي الحجاب حين أذهب لزيارتهم احترامًا لمشاعرهم". إسراء، 39 سنة

"عشت حياة رمادية منذ أن كان عمري 10 سنوات، فكان مدرس اللغة العربية يُهين الفتيات التي لا ترتدي الحجاب فكنت أرتديه في المدرسة وأخلعه حين أغادرها لأني كنت أحب شعري جدًا، حتى بلغت وأخبرتني والدتي أن حياتي كطفلة انتهت وأنني لابد أن أرتدي الحجاب ولا أخلعه أبدًا، وهو ما حدث طوال 14 عامًا حتى انتابني شعور برفض الأمر الواقع، ورغبة في خلع الحجاب المفروض عليّ دون اقتناع، لكنني تخوفت لأن والدي أزهري ووالدتي متدينة جدًا ولا يوجد في بلدتي أي فتاة أكبر من 10 سنوات غير محجبة، ولم أتخيل غير سيناريوهات سوداء إذا أخبرتهم. أخفيت الأمر عنهم 4 سنوات كنت خلالهم خائفة طوال الوقت وحين تمت خطبتي طلبت من شريكي أن يدعمني ووعدني بأن يقف إلى جانبي ولكنه تخوف بعد ذلك من مواجهة أهله وانفصلنا وبعد استنزاف شبه مستمر لطاقتى وصحتى ونفسيتى في هذه الدوامة قررت المواجهة وكانت فترة عصيبة. واجهت ضغطًا نفسيًا كبيرًا لكني الآن أشعر بالراحة أخيرًا، على الرغم من ذلك، وحتى اليوم، حين انتقل من القاهرة لزيارة أهلي أرتدي الحجاب حتى لا يتعرضوا لإيذاء مجتمعي بسببي، ولا أعرف إلى متى سأعيش بنسختين مني. الحقيقة إنني مغتربة بالقاهرة بعيدًا عن مدينتي الأم منذ 7 سنوات، لكن لم أعد أشعر بالغربة فعليًا إلا وأنا وسطهم". صفاء، 24 سنة

"تحجبت وأنا عمري 6 سنوات خلال إقامتي مع عائلتي بإحدى الدول العربية، وشعرت لأول مرة في حياتي بأنني جميلة بعد خلعي الحجاب في عمر 27 سنة. كانت المرة الأولى التي أنفذ ما أرغب فيه بعد أن عشت ما فات من عمري أسمع كلام الجميع. حين أخبرت أسرتي وزوجي برغبتي في خلع الحجاب رفضوا الفكرة وقال لي والدي "أنتي عاوزة تخسري الدنيا كلها" ولأني أحبه وأخاف عليه كنت أرتدي الحجاب حين أصل إلى الشارع الذي يعيشون فيه بالإسكندرية وأخلعه في القاهرة ولا أنشر صوري على فيسبوك بدونه، ولم أضع أمام زوجي اختيار سوى قبول الأمر وبقيت على هذه الحال فترة طويلة حتى جعلتهم يتقبلون الأمر بحسن معاملتي لهم وفاجئتهم في زيارة من الزيارات وذهبت من دون الحجاب. لن أنسى طوال عمري أول لحظة من غير الحجاب بعد أن خلعته عند وصولي محطة مصر مع زوجي للاستقرار في القاهرة بعد انتقالنا من الإسكندرية، سعادة غير طبيعية، أثرت على حياتي بأكملها صرت أكثر اهتمامًا بنفسي واختيار ملابسي وصحتي، وهو ما جعل وزني ينخفض كثيرًا بعد معاناة من زيادة الوزن، وكانت سعادتي نابعة من كوني أخترت شيئًا لأول مرة ونفذته وكان هذا نجاحي الأول في الحياة رغم أنه جاء في سن متأخرة نسبيًا". رانيا، 32 سنة

"إحساس عظيم والهواء يصطدم بشعري بحرية، لكنه لا يخلو من شعور بالضيق لأنني أخفي الأمر عن عائلتي كأني أفعل شيئًا مشينًا. بالنسبة لأصدقائي وزملائي بكلية الإعلام وجيراني ودوائر معارفي بالقاهرة فأنا غير محجبة، أما بالنسبة لعائلتي في محافظة الدقهلية فأنا محجبة. يجبرني على ذلك طبيعة المكان وعدم رغبتي في إغضاب والدتي وإدخالها في صراعات مع الجميع. هذا الأمر يؤرقني جدًا، نفسي أقول لكل الناس وأكون فعلاً حرة في شكلي وملابسي، لكنني أنتظر إنهاء الدراسة والاستقلال ماديًا لأكون في مركز قوة يساعدني على المواجهة وتحمل تبعاتها". دينا، 23 سنة

"أخرج صباح كل يوم من بيتي محجبة وبمجرد أن أبتعد بمسافة كافية أخلع الحجاب. لم اختر ارتداء الحجاب، لكنه فرض عليّ بقرار من عائلتي. قبل خطوة خلع الحجاب منذ 5 أشهر كنت أخضع لعلاج من الاكتئاب لأنني لا أستطيع العيش بحرية، وأعيش بشخصيتن، الداخل لا يشبه الخارج، وبعدها أصبحت شخصًا واحدًا متسقًا مع ذاته وأفكاره، حتى وأهلي لا يعلمون شيئًا عن هذا الشخص الجديد، وإذا عرفوا أتوقع صدامًا قويًا وعنيفًا وعاطفيًا أيضًا، ليس لأن أهلي يخافون من المجتمع ويقبلون بابتزازه، ولكن لتدينهم الشديد فأنا أنتمي لأسرة سلفية، الحجاب بالنسبة لها أمر لا جدال فيه، ويمكن أن يصل الأمر لإصابة أحدهم بأزمة قلبية تأثرًا بالصدمة، أو بحبسي لفترة في المنزل. رغم هذه المخاوف أخذت الخطوة بعد أن توصلت مع نفسي إلى أنني لن أعيش مرتين، وأنه لا يجب أن أعيش حياة لنفسي وأخرى لإرضاء الآخرين، لأنني لن أتمكن من تحقيق المعادلة بإرضاءهم وفعل ما يرضيني في الوقت نفسه، مهما حاولت". مريم، 30 سنة