FYI.

This story is over 5 years old.

شباب

شعور لا يصدق، سعوديون عن افتتاح أول دار سينما في المملكة بعد عقود من الحظر

عبر الكثيرين عن اعتراضهم على سعر التذكرة البالغ 75 ريال
الصورة من شترستوك/ روديو فيلم

"شعور لا يصدّق،" هكذا وصف محمد، 28 عاماً، متابع لعالم السينما والأفلام، شعوره بدخول قاعة سينما في السعودية لأول مرة في حياته. "السينما لها النصيب الأكبر في حياتي، وقد شاهدت الكثير من الأفلام في خارج السعودية ولكن الأمر مختلف، فمنذ الإعلان عن إعادة افتتاح قاعات السينما في السعودية في ديسمبر وأنا أتابع أخبار الافتتاح بالتفاصيل يوماً بيوم. بصراحة لم أعتقد ابداً أن هذا اليوم سيأتي." أما مريم، 25 عاماً، موظفة بمركز تجميل، فلم تجد كلمة للتعبير عن سعادتها لدخول قاعة سينما لأول مرة بحياتها سوى بقول "مذهل." "لم أشاهد أي أفلام في السينما سابقاً، أشعر بالسعادة أننا أصبحنا مساوين للجميع، ونستطيع اليوم حضور الأفلام وقت عرضها كما في باقي العالم دون الحاجة للانتظار طويلاً لمشاهدتها على التلفزيون أو تحميلها من المواقع الالكترونية." قد يكون هذا اليوم قد تأخر أكثر من 35 عاماً، ولكنه جاء بعكس توقعات محمد ومريم "لم أتوقع ابداً أن يتم افتتاح دور السينما في السعودية لوجود العديد من المعارضين لذلك حتى فترة قريبة،" تقول مريم. ولكن في 18 أبريل 2018 احتفلت المملكة العربية السعودية بإطلاق أولى صالاتها السينمائية في الرياض (ولكن للمدعوين فقط فيما فتحت الصالة للعامة بعد ذلك بعشرة أيام) وسط احتفاءٍ وفرحة كبيرة في صفوف الشباب السعودي على مواقع التواصل الاجتماعي على هاشتاغ #السينماـالسعودية و#السعودية_ الجديدة_عاجبتني. وكانت السعودية قد حظرت دور السينما في أوائل الثمانينيات، تحت ضغط من التيار الديني المحافظ، الذي دعا الى تقييد جميع وسائل الترفيه العام والاختلاط بين الجنسين، ولكن مؤخراً شهدت المملكة إصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية ضمن رؤية السعودية 2030 التي أعلن عنها ولي العهد السعودية الأمير بن سلمان في عام 2016 والتي تشمل خطط لتطوير قطاعات جديدة والتقليل من اعتماد الدولة على صادرات النفط ومنها رفع مساهمة قطاع الترفيه من إجمالي الناتج المحلي من 2.9 إلى 6٪.

إعلان

عبد العزيز الزامل- الصورة مقدمة منه.

"لقد نفذت جميع تذاكر العرض لكامل الأسبوع في أول دقيقة من طرحها، هناك تعطّش شديد من قبل السعوديين لمشاهدة الأفلام،" يقول عبد العزيز الزامل، 24 عاماً، صانع محتوى على يوتيوب ومدون سينمائي سعودي. هذا الإقبال الكبير لم يكن مفاجئاً لعبد العزيز الذي يقول: "أنا أزعم أن السعوديين هم الأكثر ثقافة سينمائية على مستوى الخليج، بالرغم من انعدام وجود السينما لدينا طوال تلك ثلاث عقود ولكن هناك بعض الدراسات السابقة أشارت الى أن أكثر من 90 % من زوّار دور السينما في البحرين هم من الجنسية السعودية." على الرغم من غياب دور السينما، إلا أن الشباب السعودي ليسوا غرباء على عالم الأفلام وخاصة أفلام هوليوود والتي يتم عرضها مع الترجمة للعربية على قنوات التلفزيون الخاصة كـ أم بي سي وosn، كما أن عشرات الآلاف من السعوديين يزورون البحرين والإمارات العربية المتحدة المجاورتين بغرض مشاهدة الأفلام -إضافة إلى الترفيه عن أنفسهم. وهذا ما يسعى ولي العهد السعودي إلى تغييره، حيث أشار الأمير محمد بن سلمان في تصريحات سابقة إن بلاده تستهدف توطين 50٪ من قطاع الترفيه، حيث ينفق المواطنون 22 مليار دولار على الترفيه في الخارج سنويا. "كسعوديين كنا نقضي حياتنا في السفر للبحرين لمشاهدة الأفلام، كنت أخصص أياماً كاملة لحضور مجموعة أفلام بشكل متتالي، " يشير عبد العزيز: "ولكن الآن الأمور تغيرت ووجود السينما في السعودية سيوفر علينا كل تلك السفريات."

وكانت وزارة الثقافة والإعلام السعودية قد منحت شركة "ايه ام سي" AMC الأمريكية، التي تدير نحو ألف دار عرض في أنحاء العالم، رخصة تشغيل أول دار عرض سينمائي في العاصمة السعودية -للعائلات فقط حالياً- ومن المتوقع أن تفتح الشركة 40 دار عرض سينمائية في 15 مدينة سعودية خلال السنوات الخمس المقبلة. وتم عرض فيلم "النمر الأسود" Black Panther في اليوم الأول لافتتاح السينما في 18 أبريل للمدعوين وبعد ذلك بأسبوع للعامة، فيما شهدت السينما السعودية يوم 26 ابريل العرض الأول على مستوى العالم لفيلم (Avengers: Infinity War) من سلسلة أفلام المنتقمون الشهيرة.

أسعار التذاكر مرتفعة جداً بدون سبب، فلم أشعر بأني داخل سينما حقيقية لأن المقاعد كانت أشبه بالجامعية، ويبدو أنها لم تصمم كصالة عرض سينمائي

وفيما اختلفت الآراء حول اختيار فيلم النمر الاسود ليكون فيلم العرض الأول بين عبد العزيز الذي رأى أنه اختيار موفق "كون الفيلم متصدر عالمياً،" وبين مقرن، 27 عاماً، موظف في القطاع الخاص، الذي أشار بعد حضوره الفيلم انه غير مناسب كأول عرض بالسينما السعودية وذلك لوجود فئة كبيرة من الناس لا تفضل أفلام الخيال العلمي،" اتفق الكثير على ارتفاع سعر التذاكر. تحت هاشتاغ #تذكرة_السينما_75_ريالا، عبر الكثير من السعوديين عن اعتراضهم على سعر التذكرة البالغ 75 ريال - حوالي 20 دولار- مشيرين الى أن سعر التذكرة هو من الأعلى في العالم وأن تجربة السينما نفسها لا تبرر هذا السعر. "ندرة الشيء ترفع قيمته، لا يوجد سوى سينما واحدة فقط في السعودية وهذا ما يبرر السعر، برأيي أن الأسعار ستنخفض بعد انعدام احتكارية AMC للسوق وفتح صالات أخرى في مدن سعودية مختلفة،" يقول عبد العزيز. في الواقع، تسعى شركات السينما الكبرى لدخول السوق السعودية حيث يبلغ عدد السكان حوالي 32 مليون نسمة، غالبيتهم دون سن 25 عاماً. وذكرت الحكومة السعودية أنها تتوقع افتتاح 350 دار سينما تضم أكثر من ألفي شاشة عرض بحلول العام 2030. حالياً يرى بعض الناس السينما على أنها هَبّة كونها حديث المجتمع الرائج والجميع يريد تجربته، ولكن مع مرور الوقت يبقى هواه السينما فقط،" يضيف عبد العزيز. لا يتفق الجميع مع حُجة عبد العزيز. سنا، 20 عاماً، طالبة جامعية، رأت أن ارتفاع سعر التذكرة غير مبرر وخاصة أن صالة السينما لم تكن بالشكل الذي توقعته: " أسعار التذاكر مرتفعة جداً بدون سبب، فلم أشعر بأني داخل سينما حقيقية لأن المقاعد كانت أشبه بالجامعية، ويبدو أنها لم تصمم كصالة عرض سينمائي، وهذا ما قلل حماسي على الرغم من أن التنظيم كان جيدا جداً. لا أعتقد أنني سأكرر تلك التجربة في هذه الصالة قريباً." مقرن يتفق مع سنا ويشير إلى أن صالة العرض لم تكن مهيئة بشكل كامل: "أعتقد أن الصالة بالأساس مخصصة للمؤتمرات وتم تعديلها لتصبح سينمائية وهذه هي المشكلة، ولكن أعلم أنه جاري تحضير بقية صالات العرض بشكل أفضل."

المصدر: AMC

يشار الى أن صالة السينما التي يتم عرض الأفلام بها في مركز عبد الله المالي في الرياض، هي في الأصل مركز للمؤتمرات وتم تغييرها لتتناسب مع عرض السينما، كما أشار جيسون كول، نائب الرئيس في شركة "إيه إم سي" والذي اشار الى انهم بصدد العمل على تغيير كافة المقاعد حالياً، كما سيتم تجهيز وتصميم قاعات تضم 3 شاشات سينمائية في يونيو القادم كل واحدة منها ستضم من 120 الى 150 مقعداً. محمد رأى أن هناك استغلالاً للمستهلك السعودي: "دار العرض الحالية من "ايه ام سي" لا تعتبر دار عرض سينمائي بالمعايير العامة من ناحية المقاعد جودة الصوت والخدمات الأخرى كما أن تصريح رئيس الشركة الأخير بأن سعر التذكرة الحالي يعتبر قليل جداً يعتبر مستفز للأسف وفيه استغلال لشغف الشعب السعودي للسينما." وكان آدم آرون، رئيس إيه إم سي قد أشار خلال حلقة نقاش حول السعودية في CinemaCon أن سعر التذكرة في السعودية بقيمة 20 دولارًا يمكن أن يرتفع إلى ما بين 30 إلى 35 دولارًا في غضون أشهر بسبب ارتفاع الطلب بشكل كبير: "بصراحة [السعر] منخفض جداً. الطلب مرتفع جداً لدرجة أن السعر في الوقت الحالي ليس حاجزاً." بعد سنواتٍ من المطالبات بإعادة افتتاح دور السينما وفي المقابل وظهور هاشتاغات معارضة لذلك، يبدو أن المجتمع السعودي بدأ يتقبل تدريجياً التغيير، ولكن مع الإبقاء على التقاليد المُحافظة. "كل جديد يتم محاربته في البداية، ولا ألوم تخوّف البعض كونهم يعبرون الموضوع "سَبحة وتنفرط." ولكن كوني أتابع الموضوع من 2011 وشغلي الشاغل التدوين عن السينما السعودية أرى الآن أن نسبة كبرى ممن كانوا ضد فكرة السينما أصبحت تؤيدها الآن وبقوة،" يقول عبد العزيز والذي على الرغم من حبه للسينما فهو مع الرقابة على الأفلام: "أنا مع وجود الرقابة وضرورة حذف بعض المشاهد الإباحية كون المجتمع محافظ ويجب احترام ثقافته وهذا ما تتبعه دور السينما في باقي دول الخليج عند عرضها للأفلام." إعادة فتح دور السينما هو حدث كبير في السعودية، ولكن الأهم بالنسبة للبعض هو ليس فقط عرض الأفلام الغربية والعربية وغيرها، ولكن السماح للسينما السعودية المحلية بإيجاد صوتها أيضاً من خلال السماح بعرض الأفلام السعودية لجمهورها السعودي. "الأفلام السعودية مميزة ورائعة وهي تستحق أن تُعرض في الصالات وأنا على ثقة أنها ستحقق جماهيرية عالية،" تقول سنا، ويوافقها مقرن: "أنا متلهف لمشاهدة أفلام من إنتاج أيادي سعودية مبدعة وعرضها بدور السينما العالمية والتعريف بثقافتنا بين دول العالم."