كل يوم نسمع عن مهرجان جديد يتم افتتاحه في مدينة ما، أو مشاركة فنان ما لأول مرة في حفل موسيقي. مهرجانات، حفلات موسيقية، مسرحيات، معارض فنية وعروض كوميدية وغيرها. لم نعد نحتاج إلى تكبّد عناء السفر لمشاهدة فيلم أو نجم مفضل، الترفيه أصبح سعودياً.
خلال السنوات القليلة الماضية، شهدت السعودية تغييراً جذرياً في قطاع الترفيه. وتعد هذه التغييرات جزءاً من خطة السعودية 2030 الهادفة لبناء اقتصاد غير معتمد على النفط، حيث تخطط المملكة لإنفاق 13 مليار دولار بحلول عام 2020 لدعم وسائل الترفيه والصحة والرياضة والتعليم.
على المستوى الثقافي الإجتماعي، بالإضافة إلى إقامة حفلات موسيقية وافتتاح دور سينما، هناك تغيير في النظرة العامة للفن والفنانين في السعودية، ودعم للمواهب المحلية الشابة، فمثلاً أطلقت الهيئة العامة للترفيه بوابة الكترونية لتلقي طلبات المشاركة في موسم الرياض الذي سيعقد في أكتوبر من قِبًل الشركات والأفراد على حد سواء، وهناك إهتمام بإشراك الشباب في اتخاذ القرار كما في تعيين المخرجة السعودية هيفاء المنصور كعضو في مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة وغيرها.
ضمن هذا الجو الداعم لمختلف المواهب، وفي الوقت الذي تحتفل فيه المملكة بيومها الوطني الـ 89، قررت أن أتحدث إلى ثلاثة فنانين سعوديين عن رأيهم بهذه التغييرات الكبيرة والسريعة في المشهد الثقافي والفني في السعودية.
نوف سفياني المعروفة بـ DJ Cosmicat
نوف، 27 عاماً، تحمل شهادة في مجال الطب وجراحة الأسنان، وتعتبر أول امرأة سعودية في مجال الموسيقى الإلكترونية.
نوف - الصورة مقدمة منها.
VICE عربية: كيف تغير قطاع الترفيه بالسعودية؟
نوف: السعودية كانت دائماً ومازالت مليئة بالفنانين والفنون من مختلف المجالات من الموسيقى الى الرسم والرقص والتمثيل والمسرح والكتابة وغيرها. ما أعنيه هو أن لدينا الكثير من الموهوبين والموهوبات، وما تغير هو أنه مؤخراً مع التوجه الجديد للسعودية لتطبيق رؤية 2030 أصبح هناك دعم أكبر واهتمام بهذه المواهب. أصبح من الطبيعي أن يتم إشراكهم في افتتاح المعارض والمسارح والمقاهي التي تدعم العروض الحية. الشباب لدينا متفتحين ومثقفين. في الماضي كان من الصعب تلقي الدعم لكن الآن الامور اختلفت مما سمح للكثيرين بالظهور على الساحة.
إلى أين تذهبين بالعادة؟ ما هو مكانك المفضل للقاء الاصدقاء والاستمتاع بوقتك؟
أقضي معظم وقتي في العمل وغالباً أقابل أصدقائي في المنزل، لكن عندما نقرر الخروج، الخيارات كثيرة جداً. لا استطيع تحديد مكان واحد بحد ذاته لأنه مدينة جدة دائمة التجدد ويوجد بها الكثير من الأحداث الموسمية مثل موسم جدة الذي تضمن الكثير من الحفلات الموسيقية والعروض الحية. الشاطئ يبدو دائماً خياراً ممتازاً لقضاء النهار. أيضاً هناك العديد من المعارض الفنية متواجدة على مدار العام مثل جاليري أثر وتسامي لاب الذي يقدم الدعم للفنانين التشكيليين. كذلك نادي جدة للكوميديا من أماكني المفضلة. ودور السينما طبعاً.
كشابة سعودية، ما الذي ينقص البلد برأيك؟
في رأيي الشخصي أرى أن جدة قطعت شوطاً كبيراً في فترة تعتبر قصيرة جداً نسبياً في مجال الترفيه، وأنا سعيدة وفخورة بذلك. ولكني أود أن أرى المزيد من المتاحف التاريخية والتعليمية والمهتمة بالعلوم الطبيعية. نحتاج إلى التركيز على التعليم من خلال الترفيه، وليس الترفيه لأجل الترفيه فقط.
مساعد خالد
مساعد، 25 عاماً، المغني الأساسي في فرقة الروك السعودية وابل التي تتميز بغنائها باللهجة "الجداوية."
مساعد - الصورة مقدمة منه.
كيف تغير المشهد الثقافي في السعودية؟
لقد تغير بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية. مو طبيعي. من أين أبدأ. النساء أصبحن يقدن السيارات، لدينا دور سينما، والموسيقى الآن أصبحت مقبولة أكثر وأكثر في مجتمعنا. ليس فقط مقبولة بل شائعة، والدليل على ذلك هو الحفلات الموسيقية الموجودة بكثرة والفعاليات الترفيهية المختلفة. الوضع كان مختلفاً تماماً في السابق، لم يكن هناك الكثير من الأماكن للذهاب اليها، فقط بعض المطاعم والأسواق. أشعر بالسعادة بأن أرى هذا التغيير وأن أكون جزء منه.
ما هي أفضل الأماكن للذهاب اليها سواء الاستماع إلى الموسيقى، أو مقابلة الأصدقاء؟
أنا وأعضاء فرقتي لا نخرج الكثير حالياً لأننا مشغولين أغلب الأوقات بالتحضير لأغاني جديدة. في العادة نتدرب أو نتسكع في الاستوديو أو نذهب في رحلة على الطريق ونتمشى في الطبيعة. نحب الذهاب لصحراء مستورة، التي أجدها من أجمل الصحاري، فهي تنتهي ببحر ويوجد جزر صغيرة في وسطها. وأيضاً صحراء البيضاء، المعروفة بوادي الجن بالقرب من المدينة المنورة. ما يميز صحراء البيضاء هو أنها مكان جيد للتخييم، لا تتواجد فيها أي من أنوار المدينة ابداً وهذا يجعلك ترى النجوم بشكل أوضح. مدائن صالح في محافظة العلا (صنفتها منظمة اليونسكو كأحد مواقع التراث العالمي) من الأماكن التي نذهب إليها أيضاً - رهيبة جداً في الحقيقة. قرية بني مالك فيها مناظر طبيعية جميلة وجوها لطيف، تساعدنا على كتابة الموسيقى وراحة البال. طبعاً ليس كل شيء طبيعة، من حين إلى آخر، نذهب إلى تلك الفعاليات الصغيرة التي يتم تنظيمها لتقديم عروضنا، ونكتشف مواهب محلية جديدة أخرى.
هل هذه الفعاليات كافية أم هناك حاجة للمزيد؟
أعتقد أننا بحاجة للمزيد، نحن بحاجة للكثير من الفعاليات والمهرجانات والمتاحف والمعارض الفنية، لقد بدأنا للتو، الطريق لا يزال طويلاً.
رولا دخيل الله
رولا، 22 عاماً، مغنية، وممثلة، وعارضة أزياء.
رولا- الصورة مقدمة منها.
لأي حد تغيرت السعودية برأيك؟
تغيرت كثيراً، على الأقل لاحظت الفرق بين أفراد عائلتي، في السابق، كان كل شيء ممنوعاً لحد ما وخاصة من قبل والدي. كامرأة سعودية تربت في بيئة محافظة، فعل أي شيء خارج النطاق "الطبيعي" المجتمعي كان صعباً. الخروج والذهاب لحضور فعاليات معينة لم يكن متقبلاً مثلاً. أعتقد أن الإعلام بشكل عام ساهم في تغيير نظرتنا للكثير من الأمور وكان لديه تأثير كبير على عقليتنا. مهرجان "موسم جدة" جعلت فكرة الخروج من البيت والاستمتاع والمشاركة طبيعية أكثر سواء كنت لوحدك أو مع العائلة أو الأصدقاء.
إلى أين تذهبين بالعادة؟
في نهاية الأسبوع، أحب أن أذهب للإفطار في مقهى "برو 92" وأحياناً أذهب لألعب البولينغ مع اصدقائي في "جامبولين" في جرير مول. أحب أيضاً أن أتمشى حول الكورنيش وربما مشاهدة فيلم في السينما في آخر النهار. الخيارات كثيرة في السعودية، ولكن أشعر أننا نحتاج إلى المزيد من الفعاليات التي تتطلب نشاطات جماعية. أنا شخصياً أحب المنتزهات والملاهي وألعاب الآركيد، وأود أيضاً أن أرى المزيد من الحفلات الموسيقية للمواهب المحلية فقط. لدينا الكثير من الفرق الرائعة.