1631085017076-gettyimages-1235082337

كان حارس برج المراقبة نائماً عندما خرج السجناء من الحفرة. الصورة من ILIA YEFIMOVICH / PICTURE ALLIANCE VIA GETTY IMAGES

سياسة

ماذا نعرف حتى الآن عن فرار الأسرى الفلسطينيين الستة من سجن جلبوع الإسرائيلي؟

يقضي أربعة منهم عقوبة السجن المؤبد مدى الحياة

لليوم الرابع على التوالي، تستمر عملية اختفاء ستة أسرى فلسطينيون، كانوا قد فروا من سجن جلبوع الإسرائيلي في السادس من سبتمبر الحالي. فيما تستمر عمليات البحث الإسرائيلية، عنهم، وعن تفكيك لغز فرارهم من السجن عن طريق نفق تحت الأرض، يُقال أنه حُفر بواسطة ملعقة، ربما استغرق أشهرًا أو سنوات. فما حقيقة الأمر؟ وما الذي نعرفه حتى الآن عن فرارهم؟

إعلان

اللحظات الأولى
قرابة الساعة الثانية وربع، فجر السادس من سبتمبر الحالي، أجرى قائد شرطة بيسان مشاورات وتقدير للأوضاع، بعد قرابة نصف ساعة، من إبلاغ سائق سيارة أجرة، الشرطة الإسرائيلية، بمشاهدته "3 أشخاص وصفهم "بالمشبوهين" قرب سجن جلبوع.

استمرت الشكوك، حتى قرابة الساعة الثالثة والنص فجرًا، حين طلبت سلطات السجون الإسرائيلية من الشرطة، اقتفاء أثر ثلاث أسرى، لتبدأ عمليات البحث في المحيط بشكلٍ مكثف، فيما بدأت سلطة مصلحة السجون البحث والتأكد من شخصياتهم. اتضحت الصورة قرابة الرابعة فجرًا، 6 أسرى هاربين من سجن جلبوع، من زنزانة واحدة، دون معرفة أو اكتشاف تفاصيل أخرى.

استنفرت مصلحة السجون الإسرائيلية قواتها الخاصة من "وحدة متسادا" ووحدات الشرع وحرس الحدود في الجيش الإسرائيلي، لتبدأ عمليات بحث واسعة بالتعاون مع جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي الشاباك، قرابة الساعة الخامسة والنصف فجرًا. تلى ذلك، إبلاغ ضباط الأمن في البلدات المجاورة بأمر فرار الأسرى، لتُنصب الحواجز في الطرقات وبين البلدات، وإعلان الاستنفار على حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، في محاولة منهم لقطع الطرقات أمام الأسرى الستة.

من هم الأسرى الستة
5 أسرى ينتمون لحركة الجهاد الإسلامي من منطقة جنين، وهم: مناضل يعقوب انفيعات، ومحمد قاسم عارضة، ويعقوب محمود قدري، وأيهم فؤاد كممجي، ومحمود عبدالله عارضة، من الفرار من زنزانة، برفقة الأسير زكريا زبيدي، القائد السابق لكتائب شهداء الأقصى في مخيم جنين، حيث يقضي أربعة منهم عقوبة السجن المؤبد مدى الحياة.

وكانت مصلحة السجون الإسرائيلية قد صنفت الأسرى الستة أنهم بمستوى خطورة مرتفع، كما وصفت الأسرى أيهم فؤاد كممجي، ومحمود عبد الله عارضة، ويعقوب محمود قدري، "أن احتمال فرارهم من السجن مرتفع جدًا، حيث وُضعت ملاحظات بملفاتهم وبطاقاتهم الشخصية بالسجن مفادها أن "احتمال هروبهم كبير." 

إعلان

ويعد الاسم الأبرز في العملية، هو الأسير محمود عبد الله العارضة، قائد عملية الهروب من سجن جلبوع، فهذه لم تكن المرة الأولى التي يحاول العارضة الهروب، إذ سبقها محاولة في عام 2014 وعزل بسببها من قبل مصلحة السجون الإسرائيلي. 

كما سلط الإعلام الضوء على الأسير زكريا الزبيدي، 45 عامًا، كونه القائد السابق لكتائب شهداء الأقصى -الجناح العسكري لحركة فتح- وهو أبرز المطاردين من إسرائيل بسبب نشاطه العسكري خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية أثناء عملية اجتياح الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين عام 2002، حيث استشهدت أمه وشقيقه في عملية الدرع الواقي. انتخب الزبيدي عضوًا في المجلس الثوري لحركة فتح عام 2006، واعتقل من قبل إسرائيل برام الله في فبراير 2019، ولم يصدر بحقه أي حكم بعد.

"فضيحة" الهروب الكبير
بعد الإعلان رسميًا عن حادثة فرار الأسرى، طرحت عشرات الأسئلة حول العملية، وكيفية حدوثها، في سجن جلبوع الذي أنشأ عام 2004، ووصف بأنه السجن الأشد حراسة، وأقرت سلطة السجون الإسرائيلية بإخفاقها حين قررت وضع 6 أسرى من جنين في غرفة مشتركة، خلافًا للإجراءات المعمول بها بحسب ما قالت صحيفة "يديعوت أحرنوت."

استمرت عمليات التحقيقات الأولية، والتي أظهرت بعض من تفاصيل الهروب، حيث أظهرت التحقيقات، فرار الأسرى الستة، عبرّ خط الصرف الصحي الموجود أسفل زنزانتهم، حيث هربوا عن طريق فتحة اكتشفت أسفل مرحاض الزنزانة، والمؤدية لمنطقة جنوب السجن، حيث السهول والأحراش، وسط تخوفات إسرائيلية من إمكانية فرار الأسرى الستة -مجتمعين أو مقسمين على مجموعات- إلى الدول العربية المحيطة كالأردن أو الجولان وسوريا، أو حتى إلى قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا.

إعلان

وكشف المسؤول في مصلحة السجون للصحيفة النقاب عن معلومات من ملف التحقيق تشير إلى أن التقديرات الأولية تظهر أن الأسرى الستة خططوا لعملية الهرب قبل مدة طويلة، وحصلوا على مساعدة من خارج السجن، ربما ما يدعم ذلك التكهن -إن صح التعبير- ما نشرته ذات الصحيفة، حول المخططات المعمارية لسجن جلبوع، والتي كانت منشورة على الإنترنت على صفحة شركة الهندسة المعمارية المشاركة في بناء السجن، الأمر الذي جعله متاحًا للجمهور، قبل أن يتم حذفه خلال الساعات الماضية.

الرمل والملعقة
منذ لحظة الإعلان عن فرار الأسرى الستة، وانتشار بعض الصور لمدخل ومخرج النفق، من داخل الزنزانة وحتى خارج السجن، أسفل برج المراقبة التي كان حارسها كما يبدو نائماً، طُرحت العديد من الأسئلة، مثل "أين ذهب الرمل؟" بالإضافة لطرح الكثير من التكهنات التي افترضت إحداها أن النفق حُفر بملعقة.

ربما فكرة الملعقة أكثر ما استحوذ على الاهتمام، حتى أن البعض يتحدث عن الموضوع بكل جدية وكأنها حقيقة مثبتة، لكن الواقع يقول عكس ذلك، حيث صرح قائد الشرطة الإسرائيلية لوسائل إعلام إسرائيلية نقلت تصريحه العديد من وسائل الاعلام منها الديلي ميل، قال "نحن لا نتحدث عن نفق تم حفره بالضبط، هناك عُطل في المبنى الذي يقع فوق قاعدة من الأعمدة، هناك مساحة تحتها، ويبدو أن السجناء استخدموها."

إعلان

تصريحات أخرى لقادة إسرائيليين تحدثت حول ذات الموضوع، وهو ما يعني أن هناك بالفعل مساحات فارغة أسفل مرحاض الزنزانة، بجوار المصارف الصحية، ربما ذلك ما ساعد الأسرى بالفرار، إذ قد تكون المسافة التي توجب عليهم حفرها قصيرة، لكن ذلك لا يثبت استخدامهم لملعقة أو أن الحفر قد تم بالفعل، وربما ذلك ما يفسر عدم وجود الرمال أو الصخور أيضًا.

مساعدة خارجية
أيضًا، خلال عمليات التحقيقات والبحث المكثفة التي يتبعها جهاز الشرطة الإسرائيلية وجهاز الشاباك، والجيش، ونصبهم لأكثر من 300 حاجز إسرائيلي في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة، والقرى المحيطة، وداخل الخط الأخضر، صرح مسؤول للإعلام الإسرائيلي، يفيد تهريب هواتف محمولة للأسرى، مدعيًا أنهم تواصلوا من خلالها مع مجموعة من خارج السجن ساعدتهم بالتخطيط لعملية الفرار. لكن وبحسب التحقيقات، وما سُمح بنشره بشكلٍ رسمي حتى الآن، لا تصريحات مؤكدة تدعم ذلك الادعاء، إذ يبقى مجرد تكهنات، ولا أدلة فعلية على تهريب هواتف نقالة واستخدامها للتخطيط لعملية الهرب، ولا دليل على أحد قد ساعدهم من خارج السجن في الهرب- وربما لو كان ذلك صحيحًا، لتم اكتشافه بواسطة الكلاب البوليسية التي يستخدمها الإسرائيليون في عملية البحث.

ردة الفعل
عقب عملية فرار الأسرى الستة، والذي وُصف بـ الهروب الكبير، انتشرت التغريدات المباركة والمؤيدة لعملية الفرار الأسرى على شبكات التواصل الإجتماعي. وقارن مغردون بين حادثة هروب الأسرى الستة، وأفلام ومسلسلات شبيه بالحادثة. وكتب علي صيام "في حادثة لا نشاهدها إلا في الأفلام مثل prison break و the shawshank redemption، تمكن ستة أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال من تحقيق أسطورة الهروب الكبير."

بعد التعرف على هوية الأسرى الستة، شدد الجيش الإسرائيلي من محاصرته لمخيم جنين، واعتقل العشرات من أبناء المخيم، ومن ذوي الأسرى الستة للتحقيق معهم، معتقدًا أن بعضهم قد يكون لديه معلومات عن عملية الفرار أو عن مكان تواجدهم الحالي، إلا أنه لم يحصل على معلومات حتى اللحظة.

كما وتم اعتقال ثلاثة شبان من قرية الناعورة، القريبة من سجن جلبوع في غور بيسان "شرق مرج بن عامر" إذ تشتبه في وجود علاقة لهم بالأسرى الفلسطينيين الستة، معتقدين أن بعض الأسرى الفارين -على الأقل- توقفوا في الناعورة لفترة قصيرة بعد فرارهم وقاموا بتغيير ملابسهم هناك، بحسب صحيفة "هآرتس."

كما قامت السلطات الإسرائيلية بقمع آلاف الأسرى الفلسطينيين بسجون "جلبوع" و"شطة" و"ريمون" و"النقب" الذي شهد حرق 7 غرف. ووصف مسؤول الفلسطيني الأوضاع في السجون الإسرائيلية بأنها "كارثية وانتقامية."

وتُعتبر عملية فرار الأسرى من سجن جلبوع، حق منتزع كونهم أسرى حرب، بحسب تعريف القانون الدولي، واتفاقيات جنيف، تحديدًا في المادة 91 من اتفاقية جنيف الثالثة، والتي أكدت على أن أسرى الحرب الذين ينجحون بالهرب بمفهوم هذه المادة، ويقعون في الأسر مرة أخرى، لا يعرضون لأية عقوبة بسبب هروبهم، إلا أن إسرائيل تطلق على الأسرى الفلسطينيين مصطلح "سجناء أمنيين" وبالتالي لا يتم شملهم في اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة.