عيد الميلاد

"ماكو وطن، ماكو عيد"

عيد الميلاد في العراق- صور الشهداء بدلاً عن المصابيح
iraq
Photo by Dieter K on Unsplash



في الوقت الذي يحتفل العالم بميلاد المسيح عيسى إبن مريم، بإضاءة شجرة الكريسماس وتقديم الهدايا وتبادل التهاني والأفراح، قرر المتظاهرون في العراق الإحتفال بطريقتهم الخاصة. فبدل المصابيح والزينة الملونة، وضع المتظاهرون على شجرة الكريسماس صوراً للشهداء الذين قتلوا خلال المظاهرات على يد القوات الأمنية. ويشهد العراق منذ أكتوبر الماضي موجة احتجاجات عارمة ضد الفساد وسوء إدارة السلطة الحاكمة للبلاد، أدت إلى سقوط ما يقارب 500 قتيل وأكثر من 20 ألف جريح. "أتمنى الخير والسعادة لكل الشعب العراقي، أُمنيتي أن لا أرى مواطن مظلوم، ولا شهيد أو جريح، أتمنى محاكمة كل من تسبب بقتل المتظاهرين، أتمنى أن أرى الفرح لا الحزن، الأبتسامة لا البكاء،" يقول أبو علاء، 66 عامًا. ومع إستمرار الاحتجاجات الغاضبة في عموم العراق، أعلنت الكنائس عن وقف مراسيم الإحتفال بأعياد الكريسماس تضامناً مع الشهداء في التظاهرات.

إعلان

قرار الكنائس ومنهم البطريركية الكلدانية بيانًا بإلغاء كافة الاحتفالات الاجتماعية ومظاهر العيد كشجرة الكريسماس، واقتصار العيد "على القداديس والصلوات ومبادرات الرحمة ورفع أصوات من أجل السلام والأمان في العالم،" كان مرحباً به من قبل العراقيين الذين تحدثت معهم.

1577174049048-

مجموعة من المتظاهرين وهم يقرأون آيات من القران على أروح الشهداء، حيث توجد هذه القبور الرمزية على جسر الجمهورية في بغداد. جميع الصور من تصوير أزهر الربيعي.

"كيف نفرح بالعيد وهناك شهداء شباب سقطوا وهو يطالبون بحقوقنا؟" يسأل سركيس قدو، 24 عاماً ويضيف: "نحن نعيش في وطن واحد، نتشارك الفرح والحزن سوية، ولهذا تضامنًا مع أرواح شهداء العراق الذين ضحوا من أجل رفع علم العراق عالياً، لا أفراح، ولا أي أستقبال لأي عيد. كل ما أتمناه هو أن يكون العام الجديد عام سلام وعراق جديد."

وبحسب منظمات حقوقية، بلغ عدد المسيحيين قبل عام 2003 حوالي مليون و400 ألف عراقي، بقي منهم حوالي 350 ألف مستقرين في العراق منذ احتلال تنظيم داعش لمدن عراقية عدة في 2014 حيث تم استهداف الأقليات وتعرضوا للاغتيال والتعذيب والخطف وعمليات السطو المسلح والتفجيرات التي تستهدف شعائرهم الدينية، والاستعباد الجنسي على يد التنظيم الإرهابي.

بجوار ساحة التحرير في العاصمة العراقية بغداد، تقع خيمة حيدر ضمد، 37 عامًا، والذي شارك في المظاهرات منذ بداياتها: "ساحة التحرير هي للجميع، سني، شيعي، مسيحي، كردي، إيزيدي، لاديني. لدي أصدقاء مسيحيين قالوا لي نريد أن نشارك أعياد الميلاد معكم، فوضعوا شجرة كريسماس داخل الخيمة، وأنا قمت بطباعة الأعلام العراقية وطرزت بها الشجرة مع 150 صورة لشهيد، بدلاً من المصابيح."

أتمنى أن يعم الحب البلاد، وأتمنى أن لا أرى قطرة دم تسقط بالعراق

سألت ضمد عن أمنياته للعام الجديد، فأخبرني: "أتمنى أن أستيقظ في الصباح ولا أشاهد طفل يتسول، أو إمراة تجمع قناني الكولا الفارغة من الشارع للحصول على بعض المال. أتمنى عندما أذهب إلى شارع المتنبي أن أُشاهد الإبتسامة على وجوه كل الناس. أتمنى أن يعم الحب البلاد، وأتمنى أن لا أرى قطرة دم تسقط بالعراق."

"نريد من الله أن يجعل عام 2020 عام أمن وسلام على العراق، وأن يطبب جراحات البلد،" يقول عبد الصمد عبد الواحد، 50 عامًا، وهو يضع أمنيته على جدار الأمنيات فوق جسر الجمهورية (بضعة أمتار عن ساحة التحرير) ويضيف: "أنها حقاً مبادرة رائعة، هناك أمنيات كثيرة منها دعاء لحفظ العراق، وأمنيات للشفاء العاجل لجرحى التظاهرات، وأمنيات أخرى تختصر كل ما يتمناه العراقيين لبلدهم."

عقيل أحمد إبراهيم، 26 عامًا، هو صاحب فكرة جدار الأمنيات: "لقد وصل عدد الأمنيات إلى أكثر من 5،000 أمنية، جميعها تخلو من أي أمنية شخصية، أغلب الأمنيات تدعو إلى الأمان والسلام. من خلال جدار الأمنيات هذا، إكتشفت إننا هنا في ساحات التظاهر، تجاوزنا حب الأنى، المتظاهرون هنا لا يتحدثون عن أمنياتهم الشخصية."

إيفان فائق، 25 عاماً، ناشطة مسيحية من البصرة تنهي بالقول: "لم نحتفل هذا العام بعيد الميلاد في البصرة، ورفضنا أي مظاهر للبهجة والتهاني بالعيد. قلبي يعتصر ألمًا على الوضع الراهن للبلد. ماكو وطن، ماكو عيد."