بعد سبع سنوات من ثورة الياسمين،  لماذا خرج شباب تونس للاحتجاج مجدداً
تصوير: جوينيل بياسر/فليكر

FYI.

This story is over 5 years old.

اقتصاد

بعد سبع سنوات من ثورة الياسمين، لماذا خرج شباب تونس للاحتجاج مجدداً

على الحكومة أن تولي الاهتمام بالعائلات الفقيرة والشباب العاطل عن العمل وأن لا تتذكرنا فقط خلال الحملات الإنتخابية

بعد سبع سنوات من اندلاع ثورة الياسمين في تونس والتي خرج شبابها للتظاهر ضد منظومة بن علي رافعين شعار "شغل حرية كرامة وطنية" يعود الشباب ذاته للنزول للشارع للاحتجاج بعد إعلان الحكومة زيادة في الضرائب والأسعار في إطار عرض الموازنة العامة لعام 2018 حسب توصيات صندوق النقد الدولي لخفض عجز الموازنة الحالي. وعلى الرغم من وعود رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، بأن 2018 ستكون السنة "الصعبة" الأخيرة التي تعيشها البلاد إلا أن العديد من الشباب التونسي لم يعودوا قادرين على الانتظار أكثر، وهذا هو شعار حملة "فاش نستناو" (ماذا ننتظر) التي فجرت منذ قرابة اسبوع موجة احتجاجات اجتماعية في تونس وأحرجت الحكومة ودفعتها لاتخاذ إجراءات عاجلة للفئات الاجتماعية المعوزة وللشباب العاطل عن العمل. تحدثنا الى عدد من الشباب التونسيين و سألناهم عن الذي تغير في مطالبهم من عام 2011 إلى 2018.

إعلان

مريم زايد، 18، طالبة بكالوريا

VICE عربية: ما الذي دفعك للتظاهر؟ هل أنت مع حملة "فاش نستناو"؟
مريم زايد: كتلميذة، تأثرت بالزيادات التي تضمنها قانون المالية الحالي وأستفزتني الزيادات الكبيرة للأسعار وكان خروجي للتظاهر بشكل عفوي ودون أي خلفية حزبية مساندة للمطالب المشروعة للطبقات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة في العيش بكرامة. لقد أسقط الشعب التونسي الحكم القمعي بعد نحو 22 سنة من الدكتاتورية والتنكيل بأي صوت معارض والحمد لله أتاحت لنا الثورة هذا المكسب الهام من حرية التعبير لنقول ما نشاء دون خوف أو رعب.

ما هي مطالبك؟
أطالب بأن تتراجع الحكومة عن قانون المالية الحالي وأن تولي العائلات الفقيرة والمعوزة والشباب العاطل عن العمل الإهتمام اللازم، وأن لا تتذكرنا فقط خلال الحملات الإنتخابية للأحزاب الحاكمة. أحلم بتحقيق الكرامة الإجتماعية لكل التونسيين وتمكين الشباب من فرصته في العمل والإبداع لأنه قادر على تقديم الكثير لهذا البلد لكنه ينتظر من الحكومة أن تدعمه عبر قرارات شجاعة.

أنيس حراثي، 26، ممرض وأحد قياديي ومؤسسي الحملة الاحتجاجية #فاش_نستناو

ما هو الهدف الاساسي لهذه الحملة؟
بدأت فكرة الاحتجاج عبر حملة "فاش نستناو" بعد المصادقة على قانون المالية في مجلس النواب في شهر يناير 2018، اتخذنا القرار في الثالث من يناير بالتحرك والنزول إلى الشارع بهدف الضغط على الحكومة وقمنا بتوزيع منشورات والكتابة على الجدران للتوعية بأهمية هذه الحملة التي تهدف لإسقاط قانون المالية، كما حشدنا لها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وانطلقنا فيها للنقاش رفقة مجموعة من الشباب التونسي الناشط في المجتمع المدني وبعضهم ينتمي لأحزاب وآخرون مستقلون. تحركنا لا يستهدف فقط ميزانية هذا العام بل يدعو إلى إعادة نظر شاملة في المنوال التنموي الفاشل لكل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة والتي لم تختلف كثيرا عن السياسات التنموية المتبعة في عهد بن علي بل أتعس منها بكثير مما زاد في حالة الإحتقان الشعبي والنقمة على كل السياسيين.

إعلان

طرحت الحكومة حزمة من الإصلاحات الاجتماعية بعد هذه الاحتجاجات، ألم يكن ذلك كافياً؟
أريد أن ألفت انتباه الحكومة بأن الحل ليس في السياسات الترقيعية بزيادة معونات للعائلات المعوزة أو بإسكات أصوات الشباب من خلال اعطاءهم عقود مؤقتة أو بمِنح بطالة يقع اقتراحها في حكومة 2014 ليتم سحبها مجدداً في حكومة 2017. المطلوب هو سياسة اقتصادية واجتماعية شاملة وعميقة.

ما الذي ترغب في تغييره كشاب في وضع البلد؟
كشاب تونسي أتمنى أن تتحقق كل المطالب التي رفعت إبان الثورة من شغل وكرامة وتنمية ولا يمكن أن أنفي أننا قطعنا أشواط محترمة في مجال الحريات والحق في التظاهر، في عهد المخلوع بن علي لم يكن عندي نفس الوعي السياسي الذي تكون لي بعد الثورة، لم يكن يُسمح لنا التعبيرعن رأينا في تلك الحقبة وكان يتم اسكات كل صوت يتحدث عن المطالب المشروعة المتعلقة بالحريات العامة والحق في الشغل والعيش الكريم ويتم الزج به في السجون. لكن تبقى الحرية مهددة في أي لحظة وعلينا أن نبقى حذرين ونواصل النضال.

قمر الزمان الخالدي، 24، طالبة جامعية وناشطة في المجتمع المدني

لماذا أنت ضد قانون المالية؟
أرى أن الانعكاسات التي ستخلفها إجراءات الدولة من خلال قانون المالية لن تشمل فقط فئة معينة من التونسيين بل ستنسحب على كل شرائح المجتمع من عائلات وتلاميذ وطلبة ومعطلين عن العمل وأصحاب شغل، أنا وعائلتي نعيش براتب شهري حوالي 400 دولار ماذا عساها تكفي الآن في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار النقل والكهرباء والماء ومصاريف الدراسة والأكل والشرب. كما أني محرومة من المنحة الجامعية التي تقدمها الوزارة بحجة أن راتب والداي تجاوز الحد الأدنى الخاص بشروط منح هذه المعونات الجامعية، والتي تعطى فقط لمن هم تحت خط الفقر. كان يمكن للحكومة أن تزيد فقط في أسعار المواد الاستهلاكية التي تعد من الكماليات كالعطور ومواد التجميل وغيرها دون المس من المواد الأساسية التي لا يمكن للمواطن التونسي الإستغناء عنها كالسكر والزيت والمعجنات والماء والبنزين.

إعلان

ولكن على الجانب الآخر، أنت اليوم كناشطة تستطيعين الاعتراض على قرارات الحكومة؟
طبعاً لم يكن ممكناً التظاهر أيام بن علي، بالنظر لحجم الإستبداد والتخويف بالدولة البوليسية التي كان يروج لها نظام الرئيس السابق. لكن لأكون صريحة معك لا تزال موجة التضييقات متواصلة ضد المحتجين والمتظاهرين، ولابد لنا كشباب من النضال مرة أخرى للحفاظ على مكسب حرية التعبير التي غنمناها من الثورة. أخجل من القول أنني كشابة تونسية بعد الثورة أتمنى أن يعيش أي تونسي بكرامة وأن لا تنام عائلة تونسية في أحد جبال الشمال الغربي بدون عشاء، مع الأسف سقف أمانينا حتى اللحظة لم تتغير بالحق بالعيش بكرامة.

خليل الحبيبي، 23، طالب وناشط في المجتمع المدني

ما هو سبب خروجك للتظاهر؟
للأمانة هي ليست المرة الأولى التي أخرج فيها بعد الثورة للتظاهر ولكن تختلف المواضيع والقضايا التي تدفعني لذلك كل مرة. شاركت في حملة "مانيش مسامح" التي كانت ضد قانون المصالحة الاقتصادية مع رموز بن علي وحملة "أنا حرقت مركز" والتي كانت ضد محاكمة شباب الثورة بتهمة حرق مراكز أمن وأخيرا حملة "فاش نستناو" ضد قانون المالية الجائر وضد غلاء المعيشة.

لا ترى أن الأمور تغيرت للأحسن بعد الثورة؟
أنا كشاب من شباب الثورة الذين ثاروا ضد منظومة بن علي الفاسدة وضد سياساته الغير عادلة في توزيع الثروات وفي تهميش الجهات الداخلية وفي مزيد إحباط الشباب، لم أجد أي تغيير حصل بعد نحو 7 سنوات وبعد تعاقب أكثر من أربع حكومات بعد الثورة، لذلك كان الخروج للشارع أمرا لابد منه للتعبير عن احتجاجي كشاب تونسي من الوضع الاقتصادي المزري ومن تواصل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني مما انعكس سلباً على قوت المواطن البسيط.

إعلان

أنت ترى أن المواطن هو من يدفع ضريبة سياسات الحكومة الغير ناجحة؟
صحيح. لماذا يدفع المواطن البسيط فاتورة سياسات الدولة العقيمة؟ يجب على رئيس الحكومة توخي سياسة الشفافية المالية في كل التمويلات المقدمة من الشركات الأجنبية والبنوك العالمية والدول التي ساندت ثورة تونس سواء في شكل هبات أو قروض. أتساءل أين ذهبت كل المنح والإعانات التي أعلنوا عنها ولماذا لا نسمع من المسؤولين الحكوميين سوى الاسطوانة المكررة أن الدولة على حافة الإفلاس؟ كما أعتبر أن الحملة ضد الفساد التي أعلنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد منذ أشهر، هي تصفية حسابات سياسية داخل حزب نداء تونس الحاكم ولا تهدف فعليا لمحاربة الفاسدين والمهربين.

خلود الطرابلسي، 26، طالبة جامعية

هل ترين أن الثورة التونسية لم تحقق أهدافها بعد سبع سنوات؟
أفتخر كشابة تونسية أن المكسب الذي تحقق لنا من الثورة التونسية هو الحق في التظاهر وقول لا في وجه الحكومة والجهاز الأمني دون الخوف من الإعتقال أو الرمي في السجون، ولكن تبقى مكاسب أخرى نرجو أن تتحقق مثل العدالة الإجتماعية. خروجي للتظاهر والاحتجاج ضد قانون المالية يأتي من ايماني بأن قانون المالية يستهدف الطبقة الكادحة وسيسبب تفقيرها وتجويعها وسيوسع من الهوة بين الطبقات الإجتماعية الفقيرة والطبقات البرجوازية لإذكاء الحقد الطبقي.

ما الحل إذن برأيك، ما هو المطلوب؟
أطالب الحكومة بالتخلي عن سياستها الترقيعية المتبعة منذ أكثر من سبع سنوات والتخلي عن عقلية "حكومة المطافئ" المكلفة فقط بإخماد الثورات الإجتماعية عبر قرارات سطحية ومؤقتة وأتمنى فعليا تبني الحكومة لإصلاحات اقتصادية كبرى وعميقة والضغط على موضع الداء وعدم الاكتفاء بالمُسكنات من منح للفقراء وفرص شغل مؤقتة وعلاج مجاني. يجب أن تعمل الحكومة جدياً لخفض نسبة البطالة، لاسيما من فئة الشباب وأن يتمتع كل تونسي بحقه في الشغل لأنه هو الضامن الرئيسي لكرامة الإنسان وبه يبتعد عن الإجرام والانحراف والسجون.