علاقات

ما الذي يجعل الزواج ناجحاً بين الشركاء من جنسيات مختلفة

"الحنية قد تكون كلمة السر لنجاح أي علاقة"
علاقات
إليزابيث وعادل. الصورة مقدمة منهما.

"ابحث عن الشخص الذي سيحبك بسبب اختلافكما وليس على الرغم منها، وستكون قد وجدت عاشقًا مدى الحياة." قد يكون هذا الاقتباس مثالياً لحد ما، ولكنه قد ينطبق على الشركاء الذين اختاروا الزواج من جنسيات أو ثقافات مختلفة من حيث اللغة والدين والعادات. بحسب دراسة نشرت في ٢٠٢٠ عن أسس العلاقات الناجحة، فالأمر يتعلق بشعورك بالرضا في العلاقة بعيداً عن شخصية الشخص الآخر وإذا كان مناسباً لك أو يتوافق معك أم لا. وحددت الدراسة بعض الأمور التي تشعر الطرفين بالرضا وهي: الشعور بالتقدير، الرضا الجنسي، مدى التزام ورضا الطرفين عن العلاقة وكيفية التعامل مع الصراعات أو الخلافات.

إعلان

التقينا بعدد من الأزواج للحديث معهم عن تجربتهم في الزواج من جنسيات مختلفة، وسألناهم إن كان هناك سر يجعل الزواج ناجحًا.

عادل الدكر، مصري، طبيب وباحث متقاعد. إليزابيث، أمريكية، طبيبة متقاعدة.

يعيشان بولاية كاليفورنيا – متزوجان من 35 عامًا. 

VICE عربية: كيف تم التعارف بينكما؟
عادل: تعرفنا على بعض سنة 1983 كنا نعمل في نفس المستشفى بالولايات المتحدة، وكانت المستشفى تنظم العديد من الأنشطة الرياضية والاجتماعية في نهاية الأسبوع. كنا نمارس هوايات مثل السباحة والجري معاً وأصبحنا أصدقاء، استمرت صداقتنا لمدة 3 سنوات تطور الأمر لعلاقة حب وتزوجنا في عام 1986 ونعيش معًا في ولاية كاليفورنيا منذ ذلك الوقت.

ما الذي جذب كل منكما للآخر في بداية التعارف؟
عادل:
أول ما لفت نظري لإليزابيث هو أنها جادة وبنفس الوقت عطوفة في العمل ومع اللاعبين الأقل مهارة منها. طبعاً وجدتها جذابة ولفتت انتباهي.

إليزابيث: أحببت كيف كان عادل يتعامل مع الموظفين ليس كمدير، بل كمدرس يحبهم ويقدرهم، هذا أثار إعجابي جدًا. هكذا بدأت علاقتنا. كنت أبحث عن شريك يكون صديقاً لي طوال عمري ورفيق درب ويقدر الأخلاق والإخلاص. وهذا ما وجدته في عادل.

هل اعترضت أهلك على اتخاذ قرار الزواج بسبب اختلاف الثقافات واللغة؟
عادل
: لا، والدي كان رجل له أصول صعيدية وكان طبيباً يعمل في النمسا، وتزوج من نمساوية وهي والدتي، كان هناك خلافات، ولكن ذلك لم يكن بسبب اختلاف الثقافات واللغة فمن السهل أن نتحدث نفس اللغة، ولكن العلاقات الناجحة تحتاج إلى تفاهم ومشاركة وحب ورغبة في الاستمرار. كانت لي تجربة زواج سابقة من فتاة مصرية وأنجبت منها 3 أطفال، ولكننا لم نستطع الاستمرار، وقررنا الطلاق.

إليزابيث:
أهلي تركوا لي حرية القرار ولم يكن هناك أي اعتراض على زواجي من عادل. بالعكس، لقد كانوا سعداء بسعادتي، ورأوا أنني تفوقت وتجاوزت طموحي في حياتي المهنية ومستقبلي وازددت ثقة منذ زواجي منه.

إعلان

قرارك بعدم الإنجاب، هل مازلت ترين أنه كان صائبًا؟
إليزابيث: قلت لزوجي أن لدينا 3 أطفال لماذا ننجب طفل رابع؟ كان هذا قراري الشخصي ولم أندم عليه أبدًا. علاقتي مع أبناء زوجي جيدة جدًا، يأتون في الصيف لزيارتنا ويطلقون علي "أمنا التي في كاليفورنيا." أحبهم وسعيدة بعلاقتي بهم. 

ما الأشياء المشتركة التي تجمعكما والأخرى التي تتجادلان حولها؟
عادل: كاليفورنيا تتمتع بجو رائع، ولدينا جنينة صغيرة نحب الاعتناء بها وزراعتها. هناك الكثير من الأشياء والهوايات التي تجمعنا مثل السفر وزيارة الحدائق العامة. نحن كذلك من كليات عِلمية، ونحب أخذ كورسات مختلفة خاصة بزراعة الحدائق وصيانة السيارات وغيرها.

إليزابيث: أكثر شيء نختلف حوله عند قيادة السيارة، أنا لدي علم بالشوارع وعادل لا يعترف بذلك، ويصمم أن يسير وفقًا لجهاز الـ GPS، وفي النهاية يتوه ولا يعترف أنني كنت على صواب، ويدعي أنني كنت أتحدث معه ولذلك لم يستطع التركيز في الطريق. (تضحك).

في رأيكما ما الذي يجعل الزواج ناجحًا؟
عادل
: الحب والتعاون والعدل أساس المعاملة، أنا أتعامل مع المرأة على أنها مساوية للرجل، وأرفض أن يتم التعامل مع المرأة بشكل مختلف. الاحترام يسود علاقتنا وهذا أساس الزواج الناجح. استمرينا كل هذه السنوات بسبب الحب والتفاهم بيننا، ليز ساعدتني على تحقيق طموحي، وساعدتها لتحقيق أحلامها كامرأة ناجحة. كما أنها تعاملت مع أولادي على أنهم أولادها وعاملتهم بمنتهى الحب والرقة.

إليزابيث: الهوايات والأفكار المشتركة تساعد في انجاح الزواج، وكذلك التفاهم واحترام للخصوصية، وطبعاً الحب والصداقة، لا غنى عن كل هذه العناصر معًا.

إعلان

عبدالقادر الأحمر، 56 عاماً، جزائري، مسير شركة خدمات. ناتالي، 52 عاماً، فرنسية، موظفة عمومية.

يسكنان في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، متزوجان من 5 سنوات.

كيف تعرفتما وما الذي جذب كل منكما إلى الآخر؟
عبدالقادر: التقيت بـ ناتالي خلال زيارة لفرنسا، في صدفة جميلة في عام  2016، خلال حفل تكريم موظف عمومي كنت أتعامل معه، هذا الموظف كان يعمل في نفس المؤسسة التي تعمل فيها ناتالي. أعجبت بها جدًا، وأول ما لفت انتباهي إليها في البداية لأكون صريحاً هو أناقتها وشياكتها، ثم وقعت في حب شخصيتها. استمرت العلاقة عدة شهور، وتزوجنا في نهاية عام 2016.

ناتالي: عبدالقادر جذبني إليه من اللحظة الأولى. ثقافته كانت واضحة جدًا، وكذلك أحببت عدم تكلفه، كان لطيفاً وجريئاً.

هل كان هناك اعتراض من الأسرة نتيجة هذا الارتباط؟
ناتالي: لم يكن هناك أي اعتراض من أسرة عبد القادر، ولكن أسرتي كانت متشككة، فقد كانت تسمع دائمًا عن علاقات زواج بين شخصين من جنسيات مختلفة وتكون نهايتها كارثية إما بالطلاق أو الخلافات التي يكون ضحيتها أطفال- لو كان هناك أطفال- مما جعلهم متخوفين من ارتباطنا كثيرًا. كما أن التجارب كانت تقول أن الكثير من المشكلات تحدث بسبب اختلاف الديانة. ولكن مع الوقت أعجبوا بـ عبد القادر وصار جزءً من العائلة.

ما الأشياء التي تجمعكما والأمور التي تختلفان حولها؟
عبدالقادر
: نختلف حول أمور بسيطة. لا نختلف حول شيء جذري ومهم. مثلاً الطعام، أنا أحب الأكلات الدسمة، ولكن ناتالي تفضل تناول الوجبات الخفيفة والصحية. الملوخية والمسقعة المصرية من أكلاتي المفضلة، ولحسن الحظ أصبحت ناتالي تحبها كذلك. لدينا ذوق مختلف في الموسيقى كذلك، ولكنها عندما تعرفت على صوت الجميلة فيروز والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ تغير الأمر. نحب الشاب خالد وراينا راي من باب المعاصرة.

إعلان

ناتالي: نحن نشترك في الكثير من الأمور، أحب الملوخية مثله الآن (تضحك). لا توجد بيننا خلافات قد تفسد العلاقة. عبدالقادر لم يفرض ثقافته، بل كانت لدي الرغبة بالتعرف بعض عادات بلده والموسيقى والطهي والفنون.

ما هو سر الزواج الناجح؟
عبد القادر
: في رأيي هو التسامح واحترام الآخر ومساحة المعيشة، كما أننا ليس لدينا اعتبارات دينية والتي قد تسبب خلاف بين الأزواج، ناتالي لم تُسلم ولم أطلب منها ذلك أصلاً، هي تحترم معتقداتي، وإن كانت ممارستي للدین في حدها الأدنى لأكون صريحاً. أي شخص يقرر الزواج من أجنبية عليه أن يكون متكيفًا مع الثقافة الأخرى، عدم فرض ثقافته أو عاداته يساهم إلى حد كبير في نجاح العلاقة.

ناتالي: وجدت في عبد القادر نصفًا مكملًا لي، لقد غير حياته وبلده لأجلي، ولكنه لم يتخبط في بيئة مختلفة. لقد بنينا علاقة زوجية مستقرة في وقت سريع. نجاح أي علاقة يتطلب الوضوح والصدق بين الطرفين من البداية.


مصطفى عوض، 45 عامًا، مصري، يعمل بالخطوط الجوية التونسية. أسما، 40 عاماً تونسية، محامية.

يعيشان بالعاصمة تونس، متزوجان منذ 17 عامًا ولديهما ولدين.

ما قصة تعارفكما وكيف تم الزواج؟
مصطفى
: تعرفت على أسما خلال زيارة عمل لي لتونس في عام 2003، شاهدتها في حفلة نظمتها السفارة لنا في تونس، وشعرت بالإعجاب نحوها وتوطدت علاقتنا مع الوقت، بعد فترة تأكدت من أنني أحبها، وقبل أن أعود لمصر تحدثت إليها وطلبت منها الزواج -بعد أن تأكدت أنها تبادلني نفس المشاعر ووافقت. واليوم لدينا ولدين عُمر 14 سنة وسيف 9 سنوات.

ما الذي أحبه كل منكما في الآخر منذ بداية التعارف؟
مصطفى:
الحقيقة في البداية أعجبت بـ شياكتها وجمالها، ورغبت في تبادل الحديث معها وعندما حدث ذلك اكتشفت أنها مثقفة وذكية، وهذا أكثر ما أحببته فيها.

إعلان

أسما: مصطفى مثقف وكاتب، وهذا أكثر ما لفت نظري له من البداية، استطاع خلال دقائق أن يتحدث في أكثر من موضوع بحكمة وذكاء. أحببت ذلك وشعرت أن له نظرة مختلفة للأمور، أحببت أيضًا حنيته ومرحه، فهو لا يختلق العراك مثل كثير من الرجال.

لم يعترض أهلها أو أهلك على قرار الزواج؟
مصطفى
: أهلي لم يعترضوا أبداً، في مصر كوننا بالنهاية مجتمع ذكوري، الشاب في النهاية يفعل ما يريده حتى لو اعترض الأهل. ولكن أهلي كانوا يعلمون أنني أحب أسما ومصمم عليها، ولهذا لم يمانعوا أو يتدخلوا. 

أسما: ماما سألتني في البداية عن مشاعري نحو مصطفى، وعندما أخبرتها أنني أحبه وأشعر أنه مختلف وله تفكيره الخاص لم تكرر السؤال، وأبي اقتنع به بعد لقائه بمصطفى وحديثه معه.

هل حدثت بينكما صدامات بسبب اختلاف الثقافة- وإن كانت الاختلافات غير كبيرة؟
مصطفى
: تونس بلد له ثقافة وعادات وتقاليد مختلفة عن مصر، ولكن الفرق بينهما ليس شاسعًا إلى الدرجة التي يمكن أن يحدث بسببها صدام. هنا في تونس، يقدرون الحريات جدًا وكل شخص يمكن أن يتصرف كما يريد دون التدخل في شؤونه- عكس مصر. طلبت مني أسما أن أن انتقل للعيش في تونس بعد الزواج، ووافقت. المشكلة التي واجهتني في البداية كانت تتعلق باللغة، اللهجة التونسية الدارجة صعبة، وكانت غير مفهومة لي في البداية، خاصةً وأنهم يستخدمون الفرنسية في أحاديثهم العادية. لكن مع الوقت أصبحت أفهمها وأتكلم بها، وتعلمت الفرنسية أيضًا لأنني أحتاجها في أوقات كثيرة.

هل واجهت صعوبات بعد زواجك من رجل له جنسية وعادات مختلفة؟
أسما: لم تكن هناك أي صعوبات كبيرة لا يمكننا التعامل معها. قرار الزواج كان مشتركاً وبدون ضغوط، حرية القرار في العلاقات مهمة جداً. الخلافات التي تحدث بيننا هي خلافات عادية تكون بين أي زوجين. العلاقة بيننا نجحت طوال هذه السنوات لأن هناك حب وثقة متبادلة واحترام.

مصطفى: الوضع هنا مختلف عن مصر، المرأة في تونس حاصلة على حقوقها بالكامل، ليست مجرد شعارات، بل بالقانون. وهذا أمر أساسي لبناء علاقة متساوية بين الطرفين. عدى عن مشكلة اللغة، لم تقابلنا صعوبات أخرى ومشاكلنا عادية جداً تتعلق بتربية الأولاد والمصروف مثل أي بيت.

ما الأشياء المشتركة التي تجمعكما والأخرى التي تتجادلان حولها؟
مصطفى:
اهتماماتنا مختلفة نوعًا ما، أسما بحكم عملها كمحامية تحب الاطلاع على المراجع القانونية والسياسية والتعرف على أنشطة المجتمع المدني، بينما أنا أحب القراءة والكتابة. ولكن نتعامل مع الواقع حولنا بنفس القناعات. نحن نقدس الحريات ولدينا نفس المبادئ، لا نحب الاعتداء على الحقوق أيا كانت.

أسما: لا نشترك أنا ومصطفى في الكثير من الهوايات، شخصياتنا مختلفة لحد ما، ولكننا نحب رياضة المشي والاستماع إلى الموسيقى، نحب الموسيقى الكلاسيكية سواء كانت شرقية أو غربية وهذا شيء يجمعنا دائمًا. ليس بالضرورة أن تتشابه ميولنا ولكنها لا تتنافر.

في رأيكما ما سر نجاح العلاقة الزوجية؟
مصطفى:
كل منا يمنح الآخر مساحته الخاصة، ولا يفرض نفسه أو رأيه أو قناعاته على الآخر.

أسما:
الحب والتفاهم والاحترام وإعطاء المساحة للآخر مهم جدًا لنجاح أي علاقة. مصطفى هو أب متفهم وزوج حنون، الحنية قد تكون كلمة السر لنجاح أي علاقة.