1636731131533-gettyimages-1236463413

رجل كردي من العراق يبكي وهو يحمل طفله بالقرب من ناريوكا، بولندا. WOJTEK RADWANSKI/AFP VIA GETTY IMAGES

سياسة

مهاجرون دفعوا 3،600 دولار لينتهي بهم الأمر محاصرين وعلى حافة الموت جوعاً وبرداً في أوروبا

"نحن عالقون هنا بين جنود بولنديين وبيلاروسيين، بلا ماء وطعام"

في الشهر الماضي، دفع زانا 3،600 دولار مقابل حزمة سفر شاملة من الرحلات الجوية، وغرفة في فندق لمدة أربع ليالٍ، وتأشيرة معتمدة مسبقًا.

زانا، وهو كردي عراقي طلب عدم الكشف عن هويته إلا باسمه الأول خوفًا من انتقام السلطات في بيلاروسيا، حاول دون جدوى العبور من بيلاروسيا إلى بولندا - والاتحاد الأوروبي - ست مرات في الشهر الماضي منذ وصوله من مينسك عبر دمشق.

مع عدم وجود أمل في العبور بهدوء عبر الغابة على الحدود، انضم الشاب البالغ من العمر 26 عامًا إلى مئات من زملائه المهاجرين الذين نظموا أنفسهم عبر تيلغرام في محاولة لتجاوز الغابة بشكل جماعي. هذه المحاولة باءت بالفشل أيضًا.

إعلان

"جئت إلى هنا على أمل أن يكون الأمر أكثر أمانًا من عبور بحر إيجه والطرق الأخرى عبر تركيا. لأشهر كنت أسمع قصصًا عن مدى سهولة السفر عبر بيلاروسيا، واقترضت المال لدفع تكاليف الرحلة، ولكن مع درجات الحرارة المنخفضة في الشتاء هنا تبين أن الأمر ليس بهذه السهولة من هنا أيضًا،" يقول زانا لـ VICE World News في مكالمة فيديو من الحدود.

"أنا مدرس رياضيات، ولكن مرت ثلاث سنوات منذ تخرجي من الجامعة، ولم أتمكن من العثور على وظيفة مناسبة من شأنها تأمين مستقبل جيد. لقد عملت في مخبز وسوبر ماركت وحتى في قطاع الإنشاءات، لكن الاقتصاد يزداد سوءًا كل يوم، وقررت المغادرة بعد أن سمعت عن إمكانية السفر عبر بيلاروسيا."

1636732350783-gettyimages-1236439587.jpeg

مهاجرون على الحدود البيلاروسية البولندية في منطقة غرودنو. LEONID SHCHEGLOV/BELTA/AFP VIA GETTY IMAGES

في العراق، نظرًا لغياب بطاقات الائتمان أو الخدمات المصرفية عبر الإنترنت على نطاق واسع، وصعوبة الحصول على الأوراق المناسبة لطلبات التأشيرات والتأمين على السفر وحجوزات الفنادق، لا يزال هناك سوق ضخم لوكلاء السفر الذين يقدمون خدمات للعملاء الراغبين في السفر، مثل زانا.

على الرغم من التقدم النسبي والاستقرار مقارنة ببقية العراق، فإن إقليم كردستان الغني بالنفط في شمال البلاد يعاني من معدلات بطالة عالية، لا سيما بين الشباب، مع انتشار الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة. المنطقة التي يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة تخضع لحكم الأمر الواقع لعائلتين قويتين - البرزاني والطالباني - الذين أداروا المنطقة بينهما تحت راية حزبين سياسيين منذ الانتفاضة الشعبية ضد صدام حسين عام 1991.

برزت بيلاروسيا كطريق رئيسي للأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا منذ أن ساءت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وألكسندر لوكاشينكو - الرئيس الأوتوقراطي لبيلاروسيا الذي يتولى السلطة منذ 1994 ويطلق عليه لقب "آخر ديكتاتور أوروبا" - بعد نتائج الانتخابات المتنازع عليها لعام 2020. كما أدى اعتقال الصحفي المنفي رومان بروتاسيفيتش عن طريق تحويل مسار طائرة إلى فرض عقوبات جديدة على بيلاروسيا، مما زاد من تدهور العلاقات.

إعلان

اتهم الاتحاد الأوروبي بيلاروسيا بمحاولة الضغط على الاتحاد، بقصد التراجع عن عقوبات مفروضة على حكومته، من خلال تخفيف الضوابط الحدودية وتبسيط إجراءات التأشيرة لعدد قليل من دول الشرق الأوسط. سرعان ما اتجه الأشخاص الذين يبحثون عن طريق آمن للوصول إلى أوروبا نحو الحدود البولندية، حيث أبلغ حرس الحدود البولندي عن مئات المحاولات لعبور الحدود بشكل غير قانوني بشكل يومي منذ أغسطس. في أكتوبر، تم ايقاف حوالي 4،300 محاولة وأكثر من 30 ألف محاولة منذ بداية عام 2021.

وتشير تقارير إلى أن ١٠ مهاجرين على الأقل فارقوا الحياة بعد أن تقطعت بهم السبل على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا وسط أجواء برد قاسية مع انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر. وقالت وسائل إعلام بولندية، إن فتى عراقيًا يبلغ من العمر 14 عامًا تجمد حتى الموت بالقرب من الحدود في بيلاروسيا.

"بدا كل شيء طبيعيًا مع تشغيل رحلة طيران مباشرة بين بغداد ومينسك، ولكن سرعان ما كان الطلب على التذاكر إلى مينسك يرتفع، وكان من الواضح أن شيئًا غير سليم كان يحدث، مع رحلات جوية جديدة مجدولة من مدن أخرى في العراق إلى بيلاروسيا،" قال وكيل سفريات عراقي مطلع على العملية، والذي لم يرغب في الكشف عن اسمه ووكالته خوفًا من تداعيات السلطات المحلية لـ VICE World News عبر الهاتف، "يبدو أن الناس كانوا يستخدمون رحلات الطيران هذه للوصول إلى أوروبا."

وتابع: "كان لدي عملاء ذهبوا لقضاء عطلة رخيصة لمدة أسبوع في بيلاروسيا في الصيف، وكان لديهم استمارة، وتأمين سفر وحجوزات فندقية، والتي كانت كافية للحصول على تأشيرة عند الوصول."

ويضيف: "قررت الحكومة العراقية وقف الرحلات الجوية المباشرة، ولم يعد بإمكان الناس الحصول على تأشيرات عند الوصول، لكن المخطط استمر عبر سفارات بيلاروسيا في البلدان المجاورة، إذا كان لديك خطاب دعوة من شخص في بيلاروسيا تتم معالجة الطلبات وجوازات السفر برسوم تصل إلى حوالي 1300 دولار إلى 1500 دولار للتأشيرة."

إعلان

حزم السفر التي يقدمها عدد من مكاتب وكلاء السفر مقابل "3،600 دولار إلى 4،000 دولار" للشخص الذي يسافر إلى مينسك تشمل رحلة من المطار وبضع ليالٍ في فندق.

Migrants continue to wait at the Polish-Belarusian border on November 11, 2021. Photo: Stringer/Anadolu Agency via Getty Images

يواصل المهاجرون الانتظار عند الحدود البولندية البيلاروسية. 11 نوفمبر 2021. STRINGER/ANADOLU AGENCY VIA GETTY IMAGES

دعت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بولندا إلى الوفاء باتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين وتقديم المساعدة الطبية للأشخاص على الحدود. ومع ذلك، رفضت وارسو الامتثال وتقول إن مينسك مسؤولة عن الأشخاص الذين سافروا إلى بيلاروسيا.

بينما يتهم الاتحاد الأوروبي لوكاشينكو بـ "تسليح" المهاجرين من خلال تسهيل دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي عبر بولندا ولاتفيا وليتوانيا، فيما ألقت الحكومة البيلاروسية باللوم على بولندا والاتحاد الأوروبي لإظهار "موقف غير إنساني" تجاه طالبي اللجوء.

مع تدهور الوضع على الحدود، أعلنت الخطوط الجوية التركية أنها ستقيد مبيعات التذاكر للعراقيين والسوريين واليمنيين، بينما أفادت الحكومة العراقية بتنظيم رحلات عودة من مينسك للأشخاص المحاصرين في بيلاروسيا.

في الوقت الحالي، لا يزال آلاف الأشخاص عالقين في بيلاروسيا، وليس لديهم مكان يذهبون إليه: تدفعهم قوات الأمن البيلاروسية نحو الحدود، بينما يدفعهم الجنود البولنديون إلى التراجع.

"نحن عالقون هنا بين جنود بولنديين وبيلاروسيين، بلا ماء وطعام. لا يمكننا العودة إلى مينسك لأن البيلاروسيين حاصروا المنطقة، وعلينا أخذ إذن منهم للذهاب إلى أي حمام قريب،" قال مهاجر عراقي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته خوفًا من تداعيات السلطات البيلاروسية. "إما أن نعبر إلى بولندا، أو نموت. من المستحيل أن يسمح لنا البيلاروسيين بالعودة إلى مينسك."