habib-dadkhah-REBIdR3c2DE-unsplash
Photo by Habib Dadkhah on Unsplash


مجتمع

اتهمت بالإلحاد والفجور وحاولوا قتلي حينما قررت خلع حجابي

الإجبار على إرتداء الحجاب وفقا للقانون الحالي لا يصنف كجريمة في حد ذاتها في وقت يفترض أن حرية العقيدة مكفولة بالدستور

"أسرتي اذتني نفسيًا وجسديًا والموضوع وصل للتهديد بالقتل ودفعوا شقيقتي الصغري لمحاولة الإنتحار مرتين. أنهم يخشون كلام الناس ولكن لا يخافون الله،" بتلك الكلمات بدأت ياسمين "اسم مستعار" 24 عامًا خريجة كلية صيدلة جامعة القاهرة حديثها لـ VICE عربية، وهي تشير لردة فعل عائلتها عندما قررت خلع الحجاب.

"أجبرت على إرتداء الحجاب في سن  الـ 13 عام نظرًا لأن عمي شيخ حينذاك قال لي والدي "عمك هيقول علينا إيه البسي الحجاب." وتتابع: "والدي صعيدي الأصل لكننا نعيش في القاهرة بعيداً عن أهلنا لكن والدي ووالدتي يعملون لهم ألف حساب كأنهم عايشين معانا فعلى سبيل المثال "لو عمتي شاهدتني مرتدية بنطال وزعقت، والدي يمنعني من ارتدائه. عائلته يحددون ملابسنا وتفاصيل حياتنا."

إعلان

تشير ياسمين إلى أنها قررت خلع الحجاب في سن الـ٢٣ عندما جاءها عرض تمثيل. لم يمانع والدها حينذاك، خلعت الحجاب لأيام قليلة فقط، إلى أن سافر والدها لبلده وظل لأيام ثم عاد بعد أخذ رأي شقيقته التي قالت له بكل ثقة،"معندناش بنات تمثل."

وتتابع ياسمين: "قال لي والدي "ممنوع خلع الحجاب والتمثيل" وحينما سألته ليه كده يا بابا كان رده "مش هخسر اخواتي عشانك، وبعد أن خلعت حجابي لأيام قمت بإرتدائه مجدداً. والدتي هي الأخرى خافت من الجيران: "اخلعي الحجاب بعيد عن البيت وارتديه وانتي داخلة الشارع." مضيفة "للأسف مشكلتهم في الحجاب، الخوف من الناس مش الخالق."

مُنعت ياسمين من التمثيل وخلع الحجاب حتى والدتها باتت تقول لها "هنقتلك لو قلعتي الحجاب عايزة النهاردة تقليعه بكرة هتقلعي أكثر." وتشير إلى أن الضغط العائلي أدرى لمحاولة شقيقتها الصغرى البالغة من العمر 14 عاماً الانتحار مرتين من خلال تناولها أدوية، بعد منعها من التمثيل في المدرسة ورفضهم لخلعها الحجاب كذلك. وتضيف ياسمين: "كانت تراودني كوابيس كل ليلة بأنهم بيقتلوني أو يلقوا بي من مبنى أو يحكموا عليا بالإعدام أو يشهدوا عليا زوراً. لحسن الحظ أن خطيبي متفهم تمامًا لرغبتي في خلع الحجاب، إلا أن أسرتي هددته عدة مرات بأن عليه أن يمنعني من خلع الحجاب ولو بعد الزواج."

للأسف مشكلتهم في الحجاب، الخوف من الناس مش الخالق.

تتعرض أكثر من ٨ ملايين مرأة في مصر للعنف الأسري، وحوالي 86% من النساء يتعرضن للعنف الزوجي وذلك وفقا لإحصائية أعدتها وحدة الدراسات والبحوث بـ ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان عام 2020، لكن لا توجد احصائيات توضح العنف الممارس ضد الفتاة بسبب خلع الحجاب.

إعلان

وكانت فتاة تدعى رنيم وائل اتهمت في أغسطس الماضي والدتها التي تعمل رئيس قسم التمريض بإحدى محافظات الإسماعيلية بدهسها بسيارتها لرغبة الفتاة في خلع الحجاب ورفض الأم لذلك، وحررت الفتاة محضر رسمي اتهمت والدتها بذلك، فيما نفت الأم إتهام ابنتها.

تهديدات ومحاولات قتل تعرضت لها ميريهان محمد، 29 عامًا، مواليد محافظة القاهرة من قبل والدها وشقيقها الأكبر بسبب خلعها للحجاب وتقول: "قررت ارتداء الحجاب في الصف الرابع الابتدائي حيث قالت لي والدتي حينذاك اعملي حسابك لو لبستيه مش هتقعليه تاني، كنت طفلة غير قادرة على اتخاذ القرارات. بعد ذلك شعرت بخنقة وحاولت خلعه ولكن والدتي رفضت ذلك تماماً، واستمرت بارتدائه حتى سن الـ 25. كنت أكره ذاتي وأنا لبساه وبحلم بالحرية."

تردف ميريهان قائلة: "والدتي بدأت تنساق مع موجة التدين واجبرتني على ارتداء النقاب إلى أن ادعيت إصابتي بالأكزيما وحاجتي لخلع النقاب لكي توافق أسرتي على خلعه بعد عام، ولكني كنت أواجه نظرات الاستنكار والاحتقار من المجتمع المحيط بي. خلعت الحجاب تماماً بعد انفصالي عن زوجي واستقلالي التام عن الأسرة، وعندما علم أقاربي بذلك، جاؤوا للبيت ليقتلوني، وهربت في آخر لحظة. رعب، رعب. وصايتهم مستمرة علي رغم زواجي وطلاقي."

إعلان

"الحجاب صيانة للمرأة وعفة للبنت" ولكن هذه الأمور لا يجوز الإجبار عليها.

الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية يرى أن خلع الحجاب إثم باتفاق فقهاء الإسلام لكنه ليس كترك الصلاة. وخلال لقاء له ببرنامج من مصر على قناة الـ cbc الفضائية، رد على سؤال ماذا عن إجبار الفتاة على ارتداء الحجاب بالقول: "الحجاب صيانة للمرأة وعفة للبنت" ولكن هذه الأمور لا يجوز الإجبار عليها.

الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، يوافق على ذلك ويضيف في حديثه لـ VICE عربية: "الله لم يلزم عباده بأن يكونوا أوصياء على بعضهم البعض فلا يجوز الإجبار على ارتداء الحجاب أو غيره. المسلم دوره الإبلاغ فقط دون أن يفرض على أحد شيء،" ويضيف: "ولي الأمر الذي يجبر أبناءه على أى شيء ولو كانت عبادات فهم يقومون بذلك له وليس لله عز وجل، وديننا برئ تمامًا من تلك الأفعال."

ويعطي الهلالي مثالاً على الصلاة، فهي على الرغم من كونها ركن أساسي من أركان الإسلام، لا يجوز أن يجبر أحد على أدائها وفقًا لقوله تعالى: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى." الآية 132 من سورة طه.

ويؤكد الهلالي "الله عزوجل لم يحدد لنبيه مدة للصبر على عبادة وتركها مفتوحة. وعليه، فإن دور المشايخ وعلماء الدين الإبلاغ وليس الإجبار حيث أن الدين لا يخاطب إلا البالغ، لهذا لا يجوز أن ينفذ العبد الطاعات إلا بقناعة تامة بشرط البلوغ والعقل فالدين لم يكون يوما مًا بالإجبار."

إعلان

بالنسبة لهم خلع الحجاب يسبب لهم عاراً أكبر من عدم ارتدائه من الأصل.

"اتهمت بالإلحاد والفسق والفجور،" تقول رنا محمد، 21 عامًا، مواليد محافظة الغربية طالبة بكلية الصيدلة والتكنولوجيا الحيوية بالجامعة الألمانية في القاهرة: "قررت خلع الحجاب في سن الـ 18 عامًا بعد أن قمت بإرتدائه في سن الـ11 عامًا بحكم دراستي بمدرسة إسلامية لم تكن تسمح لفتاة الدخول إلا بالحجاب. لكن بعد إلتحاقي بالجامعة شعرت أنني لا أرغب في ارتداء الحجاب خاصة أن ارتدائي له كان جبراً بحكم الدراسة. هنا واجهت تنمر وتهديدات عديدة من أفراد أسرتي وخاصة والدتي حتى وصل الأمر لاحتجازي في المنزل وهددوني بالحرمان من استكمال تعليمي وقام شقيقي الأكبر بضربي. رغم التهديد والعنف خلعت الحجاب فعليًا قبل 3 سنوات. التهديدات والتعنيف اللفظي مستمر رغم إنني أكثرهم التزامًا دينيًا، والحل الوحيد أمامي هو الحصول على منحة دراسة والخروج من البلد."

زينب علي، 24 عامًا، من فلسطين قررت خلع الحجاب قبل 5 سنوات، حيث قامت الحجاب في الجامعة قبل أن تقرر مواجهة أسرتها بالأمر. وتقول: "قمت بإرتداء الحجاب عندما كنت 12 عاماً في المرحلة الإعدادية، حيث أن المحيطين بي كانوا محجبات في العائلة والمدرسة. في سن الـ 19 أردت خلع الحجاب، ولكن عائلتي رفضت ذلك تمامًا، بالرغم من أن زوجة والدي وزوجة شقيقي غير محجبات. بالنسبة لهم خلع الحجاب يسبب لهم عاراً أكبر من عدم ارتدائه من الأصل، لأن الفتاة اللي بتشلح حجابها تصبح مستباحة للكل. تم ضربي وتهديدي بالقتل وحاولوا إخراجي من الجامعة، ولكن نظراً لتفوقي العلمي وحصولي على منحة سمحوا لي بإكمال تعليمي. إلى الآن لا أستطيع خلع الحجاب أمامهم بعد أن هجم والدي علي ذات مرة بالسكين، ولولا تدخل عمي لكنت في خبر كان."

إعلان

هادية عبد الفتاح، ناشطة نسوية ومؤسسة مبادرة "مش هنسكت على التحرش" في مصر تقول لـ VICE عربية أنها تتلقى الكثير من الشكاوى من فتيات خلعن الحجاب وتعرضن للعنف من قبل ذويهم. وتضيف: "أنا شخصيًا خلعت الحجاب عام 2016 خلال رحلتي لفرنسا. بعد عودتي لمصر حدثت مشادة كلامية بيني وبين أحد أقاربي بسبب خلع الحجاب وتعرضت للتنمر والتحرش اللفظي. التعنيف الأسري والوصم المجتمعي بسبب خلع الحجاب منتشر بشكل كبير، في مصر ومعظم الدول العربية."

هبة عادل، رئيسة مجلس أمناء المحاميات المصريات لحقوق المرأة تقول لـ VICE عربية أنه لا يوجد نص قانوني صريح يعاقب على ممارسة العنف الأسري من قبل ولي الأمر لعدم ارتداء الحجاب في معظم القوانين، ولكن التعدى في حد ذاته يعاقب عليه القانون سواء ضرب أو شروع في قتل.

وتضيف عادل أن وقائع العنف الأسري يجيز بها القانون التصالح في أي مرحلة كانت الدعوى تحت بند "الحرص على مصلحة الأسرة" حتى لو وصل الحد للضرب للإيذاء والشروع في القتل.

وتضيف: "هناك حاجة ملحة لتعديل قانون الإجراءات الجنائية بصورة شاملة لتناسب العقوبات مقتضيات العصر، كما أن وسائل التنفيذ والعقاب بحاجة للتعديل هي الأخرى. لقد قمنا بتقديم عدة مقترحات بشأن القانون الموحد لمناهضة العنف ضد المرأة، وادراج هذه الجرائم تحت هذا القانون، خاصة أن الإجبار على إرتداء الحجاب وفقًا للقانون الحالي لا يصنف كجريمة في حد ذاتها، في وقت يفترض أن حرية العقيدة مكفولة بالدستور."