شهر رمضان

كيف يمكنكِ تغيير حياتك خلال رمضان في 15 دقيقة؟

أنت الآن تنشرين على مواقع التواصل الاجتماعي: "اللهم بلغنا رمضان" وبداخلك قلق وتوتر مما ستواجهين
رمضان

pixabay

رمضان شهر الصيام والبر والإحسان والنفحات والعبادات.. وووو، والعزومات، وهدة الحيل، وثقل المسؤوليات، والتوترات، والعصبية. هذه حقيقة يجب ألا ننكرها.

يكون رمضان الأثقل على كاهل المرأة العربية، والمرأة العاملة تحديدًا؛ فإلى جانب مهام المرأة العاملة اليومية التقليدية، من عمل، واهتمام بشؤون البيت، واهتمام بأمور الأطفال، والمدارس، والامتحانات، والتمرينات، ونزهات الأطفال، وسندوتشات نزهات الأطفال لتوفير النفقات، ثم البكاء ليلًا لأن أحد الأطفال طلب لعبة ليس في إمكان الأسرة توفيرها بسبب كثرة النفقات. كل ذلك وصوت والدتها في الخلفية على الهاتف: "يا بنتي ما تخانقيهوش، ما هو حقه ينزل يقعد على القهوة شوية بعد أسبوع شغل وتعب.. يا بنتي ما تنكديش ع العيال، ما هم حقهم يخرجوا ويتفسحوا". وأنت حقك إيه؟ أنت حقك تقللي من عدد ساعات النوم حتى تتمكني من إسعادهم جميعًا.

إعلان

ثم يأتي رمضان ليزيد من أعباء الأم العاملة، ويشعرها بمزيد من الذنب، ومزيد من التقصير. فلابد من عزومات رمضان، ولابد من عزومة أهلها، وأهله، وأخوتها، وأخوته، وأبناء عمومتها، وأبناء عمومته، وكما يقول عبد المنعم مدبولي في فيلم الحفيد: "والبوفتييييييك.. لااااازم البوفتيك عشان ماحدش يقول حااااااجة". هذا بخلاف ضرورة تلبية عزومات خالتها وخالته، وابنة عمتها وابنة عمته، ومرات خال زوج عمتها ومرات خال زوج عمته، وما يصاحب ذلك من جهود، وصراخ، وإجهاد في مساعدة الأطفال لارتداء ملابسهم، ثم العودة للمنزل للاستعداد للعزومة القادمة. وصوت الأم في الخلفية على الهاتف: "يابنتي بلاش نكد.. ما هي دي صلة رحم برضه كتر خيره.. اللي ما يحبش أهله تخافي منه".

كل ذلك وهي مطالبة بالصيام، والتحلي بروح الصيام من هدوء وسكينة وزهد، والقيام، وقراءة القرآن، والبوفتييييك، لازم البوفتيك عشان ماحدش يقول حاجة. فهي تقرأ القرآن أثناء ذهابها للعمل في المواصلات حتى تختمه دون أن تستشعره أو تفهمه، وحرفيا "تضرب" صلاة التراويح ثمان ركعات وربنا غفور رحيم، ولا تشعر بهدوء الصيام وسكينته وهي تفكر يوميًا في الوليمة التي ستقيمها أو ستلبيها، وكم ستتكلف الوليمة التي ستقيمها، وكيف لها أن توفر نفقاتها، وماذا ستسمع من كلمات قد تثير أعصابها حين تلبي دعوة الأقارب والنسائب على الإفطار، وكيف عليها أن تتصرف؟ وماذا لو سخرت سلفتها من ثوبها؟ وكيف ستحضر الرد عليها؟ ثم ماذا ستفعل في امتحانات الأولاد؟ وكيف ستوفق بينها وبين التمرينات؟ ولماذا اختار الكابتن هذه المواعيد الغريبة لتمرينات السباحة؟ ولماذا رفض تغيير الموعد حتى بعد أن أخبرته بظروف امتحانات ابنها الأكبر؟ وكيف ستقتطع وقتًا للاستذكار معه؟ ثم إن عليها قطع الإرسال عن التلفزيون لإن الولد سيترك المذاكرة ويتابع المباراة، لكن ماذا لو صرخ الناس على المقهى تحت بيتهم لإن محمد صلاح أحرز هدفًا؟ سيفقد الولد تركيزه تمامًا في متابعة الاستذكار، عليها أن تقف على رأسه وهو يستذكر دروسه، لكن عليها إعداد الجلاش والمحاشي أيضا لوليمة الغد.

إعلان

لا.

توقفي.

أنت لست ترس في آلة، وماحدش حيقول حاجة لو مافيش بوفتيك. ويمكنك تعلم قول كلمة: لا. أو: تعبت، أو: "لسنا معنا المال الكافي لإقامة هذه الولائم، ولست مضطرة لقطع الطرق الطوال كي اشتري الخضروات واللحوم من مكان بعيد لكنه أرخص سعرًا، وبلاش فشخرة كدابة، ومش حاجيب بوفتيك".

أنت الآن تنشرين على حسابك على مواقع التواصل الاجتماعي: اللهم بلغنا رمضان، وتبتسمين متكلفة في انتظار رمضان، وبداخلك قلق وتوتر مما ستواجهينه، ولسان حالك: "يارب خدني قبل ما ييجي رمضان". ثم تتمتمين: "ربنا حيسترها زي السنين اللي فاتت".

استغلي فرصة الأزمات الاقتصادية العالمية وقولي أن الظروف لا تسمح بكل هذه الولائم، وأن عليكم ألا تكلفوا أنفسكم كأسرة، أو الأسر الأخرى، فوق طاقتها.. ما بقاش حد يتكسف يقول إن مش معاه فلوس.

تعاني الأم العاملة بشكل عام، والأم العاملة العربية بشكل خاص، من نسيان نفسها. لا تجد وقتًا للخلو بنفسها، أو الالتفات إليها. دائمًا ما تفكر فيما يحتاجه غيرها، لكن، هل سألت نفسك عما تحتاجين؟

المرأة العربية العاملة مازالت تحتاج أن تتعلم من مثيلتها الغربية العاملة أن تحب نفسها قليلًا، وأن تتعلم الرفض بشكل أو بآخر، وأن تعي أولًا أن لها حقوق مستقلة عن "فرحتها بعيالها" وسعادة زوجها للحفاظ عليه "عشان ما تجيش واحدة تلطشه مني"، والتخطيط لكسب ود حماتها، والعمل جاهدة في بر والديها حتى تدخل بهما الجنة. هناك أنت.

أنت.

وأنت شخص مهم. وما من أحد سيستفيد من ذبولك وأفولك واكتئابك وتآكلك. كل المذكورين أعلاه سيعانون الأمرين إن أنت "بركت" كالجمل، لإنه، وكما يقول المثل المصري: "ما يقدر على القدرة إلا ربنا".

حسنا، لطالما اختلست مع نفسك بضع دقائق في المواصلات، وحاورت نفسك وأخبرتيها بهذا الحديث كله، ووضعت خططًا مهولة: سأذهب يوميًا إلى الجيم.. لا بلاش يوميًا، خليها ثلاث مرات في الأسبوع، وسأحضر فصل الزومبا، وسأذهب لمدرسة اليوجا كي أهدئ أعصابي، وسأخرج مع صديقاتي، وسنسهر، ومن هنا ورايح مافيش الكلام ده، أنا مش خدامة، حتى المساعدة المنزلية تحظى بإجازات وتستمع بحياتها، هو أنا مش بني آدمة؟

إعلان

لكنك لم تفعلي ذلك، أو ربما فعلتيه شهرًا، ثم الثاني، وانقطعت في الثالث.

يمكنك تغيير رمضان هذه المرة، يمكن لرمضان هذا العام ألا يكون الصراط الذي تعبرين عليه كل عام، وما إن تصلي لنهايته حتى تحمدي الله أنك لم تقعي في هوة الجحيم. يمكنك قول لا. استغلي فرصة الأزمات الاقتصادية العالمية وقولي أن الظروف لا تسمح بكل هذه الولائم، وأن عليكم ألا تكلفوا أنفسكم كأسرة، أو الأسر الأخرى، فوق طاقتها، و"ما بقاش حد يتكسف يقول إن مش معاه فلوس"، ثم التفتي لنفسك قليلاً؛ ما رأيك في روتين يومي لا يتجاوز أكثر من 15 إلى 20 دقيقة، بلاش 20 دقيقة، كثير، فلنقل 15 دقيقة بالتمام والكمال لا تتجاوزينهم. ربع ساعة لنفسك كل يوم، تستيقظين – كما العادة – قبل الجميع، وبدلًا من الدخول مباشرة في الخلاط، فلتدللي نفسك قليلًا.

أولًا: اعتني ببشرتك في دقيقة:
لا تغسلي وجهك بالماء والصابون، احضري قطنة وزجاجة ماء ورد، واغمسي القطنة في ماء الورد ثم دلكي وجهك بها. ماء الورد مفيد للبشرة، ورائحته منعشة، وستعطيك شعور جيد في الصباح الباكر فور استيقاظك.

ثانيًا: يمكنك ممارسة رياضة تغير من شكل جسمك في دقائق:
اخرجي من الحمام لتمارسي الجري في المكان لمدة عشرين ثانية، ثم استلقي على الأرض وقومي بممارسة تمارين البلانك لمدة خمس دقائق. إذا واظبتي على تمارين البلانك الكلاسيكية والجنبية والخلفية لمدة شهرين كل يوم ستلحظين تغيرًا في شكل جسمك، فتمرين البلانك يساعد على خسارة دهون البطن، ورفع الأرداف، وشد الثدي، أي أنه سيحل محل "الجيم" الذي تخططين للاشتراك فيه منذ سنوات ولا تنفذين وعدك لنفسك بسبب ضيق الوقت أو قلة الموارد المالية.

ثالثًا: افرغي عقلك تمامًا:
كنا قبل ذلك تحدثنا عن التأمل واليوجا في مقالات سابقة، إلا أن ممارسة اليوجا بالنسبة لظروفك هي ضرب من ضروب المستحيل، أما التأمل فهو ممكن، ولو لخمس دقائق. مازال الجميع نائمون، أنت وحدك الآن، اجلسي جلسة مرتاحة، ونظمي نفسك، شهيق وزفير، واغمضي عينيك، لا تفكري في أي شيء، مازال هناك متسع من الوقت لإعداد شطائر المدرسة، مازلت لديك فسحة من الوقت قبل إعداد الإفطار، ومساعدة الأطفال في ارتداء الملابس، والنزول معهم إلى باص المدرسة، انسي المدير السخيف، والزميلة التي لا تأمني جانبها، وصديقتك التي تواجه مشكلة عاطفية، فقط تابعي تنفسك، اسمعي صوت تنفسك جيدًا، أصغي إليه، ادخلي النفس من أنفك وأخرجيه من فمك، بهدوء، تابعيه وهو يدخل إلى رئتك ليملأها بهواء الصباح المنعش، إذا مرت بعض الأفكار اتركيها تمر بسلام ولا تستوقفيها، خمس دقائق فقط. حين يدق الستوب ووتش فقد انتهت الخمس دقائق، افتحي عينيك بهدوء وانظري حولك.

رابعًا: تواصلي مع الطبيعة:
بعد أن فتحت عينيك من جلسة التأمل القصيرة، قومي إلى زرع في شرفتك، (لا يوجد؟ اشتري، ولو بعض الورد) اسق الزرع، ولمعي أوراقه، وحدثيه بصوت خفيض، وابتسمي له، تواصلي معه كأنه صديقك الصدوق، بينك وبينه مشتركات كثيرة، ربما أكثر مما بينك وبين بني البشر، فاستمتعي بهذه المشتركات، هو يسمعك، لا، أنت لست مجنونة، هو يسمعك، ويشعر بك، وإذا كنت تخشين أن يلاحظ الجيران أنك تخاطبين الزرع، فتجاهليهم تمامًا، غني للزرع أغنية جميلة وفرحة. جالسي زرعك لمدة خمس دقائق. التواصل مع الطبيعة بشكل عام، ومع الزرع بشكل خاص هو استكمال لحالة التأمل التي كنت فيها، ولمس الزرع يمتص كل الطاقات السلبية التي حملتيها معك طوال اليوم السابق، وكما أن الزرع يمتص ثاني أوكسيد الكربون ويمنحنا الأكسجين، فهو يمتص الطاقات السلبية ويمنعنا طاقات الحب والسلام.

انتهت ربع الساعة التي تخصك في اليوم.

وقت قليل مستقطع من حقك أن تنالي أضعافه، لكن لنكتفي بهذا القدر، وإذا واظبتي عليه ستلاحظين تغيرًا في شكلك وبشرتك وجسدك وروحك وحالتك النفسية. يالا روحي حضري الساندوتشات بقى الباص زمانه جاي.