فضاء

"سباق المليارديرات الفضائي" ليس له أي علاقة بالفضاء

لماذا نذهب إلى الفضاء وبأي تكلفة؟
The Billionaire 'Space Race' Has Nothing to Do With Space

منذ تخفيف عمليات الإغلاق الوبائي بسبب فيروس كورونا، كان المليارديرات حريصون على توسيع أنشطتهم واهتماماتهم. في الشهر الماضي، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة أمازون آنذاك جيف بيزوس أنه ذاهب في رحلة فضائية شبه مدارية في مركبة بلو أوريجن Blue Origin بعد أسبوعين من آخر يوم له في الوظيفة. رأى ريتشارد برانسون، الرئيس التنفيذي لشركة فيرجن جالاكتيك Virgin Galactic، الفرصة متاحة وأعلن أنه سيتجاوز بيزوس بـ 9 أيام ويطير على متن طائرة الفضاء التابعة لشركته في 11 يوليو.

إعلان

أقلع برانسون، مع اثنين من الطيارين وثلاثة ركاب آخرين، على متن سفينة الفضاء VSS Unity وصعدوا لمسافة 86 كيلومترًا لبضع دقائق قبل العودة إلى الأرض. حققت شركة فيرجن غالاكتيك صفقة كبيرة من هذه الرحلة، حيث أصدرت فيديو ترويجي للشركة يحمل شعار "إذا كان بإمكاننا القيام بهذا فتخيل ما يمكننا فعله أيضًا." واحتفل الكثيرون برحلات برانسون إلى الفضاء باعتبارها خطوة مهمة للبشرية – لكن الأمر لم يكن كذلك.

الحماس ومشاعر الفرحة حول رحلات الفضاء لكلا المليارديرين لا علاقة لها بالفضاء. في الأيام التي سبقت الرحلة، نشبت منافسة شديدة لاستعراض العضلات بين فريقي العلاقات العامة لبيزوس وبرانسون حول ما إذا كان الفضاء يبدأ عند ارتفاع  55 ميلاً (على النحو المحدد من قبل حكومة الولايات المتحدة، وهي المرحلة التي يريد أن يصل إليها برانسون) أو 62 ميلاً (كما هو محدد من قبل خط كرمان الذي تقره المنظمات الدولية وفوقها سيطير بيزوس).

 بعبارة أخرى، كان المليارديران يتقاتلان على الفروق الدقيقة لمن سيذهب إلى الفضاء من الناحية العملية. تجدر الإشارة إلى أن المليونير دينيس تيتو دفع قيمة رحلته الخاصة إلى محطة الفضاء الدولية، على ارتفاع 240 ميلاً فوق الأرض، في عام 2001.

بدلاً من تمثيل بعض الإنجازات البشرية الجديدة في رحلات الفضاء، أعلن العمل الجريء والمثير لبرانسون عن صناعة: السياحة الفضائية التجارية للأثرياء، تحت قيادة الشركتين Virgin Galactic وBlue Origin وشركة إيلون ماسك SpaceX. 

كوني شخص يحب الخيال العلمي، فإنه يؤلمني أن أقول أن السفر إلى الفضاء كما يتخيله المليارديرات، في المستقبل المنظور، هو وسيلة تحايل عبثية عديمة المعنى. قد يستغرق الأمر عقودًا وربما قرونًا لبناء البنية التحتية اللازمة لتطوير الأسس التقنية لمستعمرة بشرية على سطح المريخ والتي اقترحها إيلون ماسك أو حلم بها بيزوس.

إعلان

تركز الكثير من الانتقادات بشأن هذه الخطط حول حقيقة أن هذا هو الوقت المناسب والاستثمار الذي يمكن إنفاقه في تطوير وبناء بنية تحتية أكثر جدوى وفائدة للقيام بها هنا على الأرض أكثر من أي شيء آخر. منذ عام 2000، تم تخصيص أكثر من 7 مليارات دولار من الإعانات العامة لشركات الفضاء الخاصة من خلال عقود مع وكالة ناسا والبنتاغون ولجنة الاتصالات الفيدرالية. في عام 2019، تلقت شركات الفضاء الخاصة ما يقرب من 6 مليارات دولار من الاستثمارات الخاصة.

هناك معادن بقيمة تريليونات الدولارات في الفضاء تنتظر استخراجها. وهناك فرص لا حصر لها لأخذ مبالغ سخيفة من الأشخاص الذين يرغبون في دفع ثمن رحلة إلى الفضاء يومًا ما. هذا ليس سباق فضاء جديدًا بقدر ما وصفته مذيعة سي إن إن كريستين فيشر، بأنه منافسة لتصبح "أول بارونات الفضاء من المليارديرات."

غالبًا ما يُقال لنا إن السفر إلى الفضاء يتعلق بإلهام الأجيال لمتابعة مهن في العلوم أو التكنولوجيا تدفع البشرية إلى الأمام في مسيرتها الحثيثة نحو المستقبل. ولكن الواقع يقول أن الغرض الرئيسي منه هو تعزيز الربح الخاص والمكانة الدولية - وكلاهما ينتقص ويصرف الانتباه عن المشاكل العامة والمحلية مثل الجوع والتشرد وخطر حدوث كارثة بيئية.

حتى يومنا هذا، يتم الحديث عن الهبوط على سطح القمر في عام 1969 بحماسة شديدة، ولكن بعد أقل من عام على خطوات أرمسترونج الأولى جاءت كلمات قصيدة جيل سكوت-هيرون "Whitey on the Moon" في عام (1970) لتقول الحقيقة. يسرد هيرون قصة أخته التي تعرضت  للعض من فأر، والديون الطبية التي تكبدتها بعد ذلك، وارتفاع تكاليف المعيشة، في نفس الوقت الذي يتم فيه إنفاق عشرات المليارات من الدولارات لضمان مشي أرمسترونج على سطح القمر. السؤال الذي تطرحه القصيدة والذي يجب أن يطرح في أي نقاش حول برانسون وماسك وبيزوس وآخرين سيذهبون إلى الفضاء هي: لماذا نذهب إلى الفضاء وبأي تكلفة؟

برانسون وبيزوس وماسك لن يذهبوا إلى الفضاء كما يتخيله معظمهم، بل سيذهبون إلى مدار أرضي منخفض. إنهم لا يبنون مستقبلًا للبشرية بعيدًا عن الأرض، ولكن بدلاً من ذلك يبحثون عن مستثمرين وإعانات حكومية لصناعة السياحة الفضائية الخاصة التي ستجعلهم يربحون من سكان الأرض.