FYI.

This story is over 5 years old.

تلفزيون

"أبو العروسة": العلاقات كما يجب أن تكون.. بس احنا مصريين!

قدّمَ المسلسل دراما رومانسية عائلية غابت عن الشاشة طويلًا، لكنه قوبل بموجة من السخرية على السوشيال ميديا
"أبو العروسة".. العلاقات كما يجب أن تكون،  بس احنا مصريين!

بوستر المسلسل من صفحة الرسمية على فيسبوك

"العيلة دي بتعرف تفرح"، كانت الجملة تستحق التأمل، لم تأتي على لسان "داوود" أحد أبطال مسلسل ابو العروسة، لتمر كما غيرها مرور الكرام، في مشهد "السبوع" الذي صار من المشاهد الشهيرة للجزء الثاني من المسلسل المصري العائلي، لخصت الجملة الانطباع الذي تركته الحلقات، هذه عائلة تعرف كيف تفرح وكيف تُقدّر لحظات الفرح، ونحن لسنا كذلك.

انتقاد مستمر للمسلسل، وترصد بأبطاله، وتعليقات كارهة لمشاهد الحب والإعزاز والتقدير بين بطلي العمل من الشباب"طارق وزينة"، شاب في مقتبل عمره، ميسور الحال، يحب ويتزوج من طبيبة من عائلة متوسطة، يحبها ويقدرها يغمرها بالعطف والاحتواء طيلة الوقت. يقف الشاب في مواجهة أمه، يرفض تسلطها على علاقته بزوجته، وعائلتها، يرد عنهم محاولات النيل منهم، تُقدّر الزوجة مواقف زوجها فترد له المحبة حبين، والاهتمام بمثله والاحتواء بأكبر منه، علاقة مثالية، لا أحد فيها يعاير الآخر بما فعل من أجله، ولا يتصرف أحدهما فيما يخصهما دون إرادة الآخر، يتقبل كل منها الثاني بكل مزاياه ومثالبه، يقدما العون والمساعدة، لا يعكرا صفو علاقتهم بانتقاد أو عدم اهتمام أو قلة تقدير، وهذا كان أسوأ ما قدمه المسلسل، إنها علاقة لا تشبهنا، وزوجان ليسا كباقي الأزواج "هما ولاد مين في مصر عشان يحبوا بعض ويكملوا بسعادة.. فين الخازوق اللي هيظهر بقى؟!".

إعلان

طارق وزينة ليسوا كما هبه ومحمود، ولا مثل رشا وأمجد، ولا يقاربان لنيرة وأحمد، ولا تتشابه تفاصيلهما لتفاصيل جروبات المشاكل العاطفية و الخيانات الزوجية، وهذه الحياة التي تخلو من النكد الزوجي والخيانات والصمت العاطفي ويسودها التشجيع والرحمة والموده، تليق أكثر بالمسلسلات التركية والدراما الهندية، لكن نحن هنا في مصر، وتحت وطأة الحياة الصعبة و الظروف المستعصية لا يليق بنا سوى "رفيع بيه".

مواجهة غير عادلة بين "طارق داوود" في أبو العروسة وبين "رفيع بيه" في المسلسل الشهير "الضوء الشارد"، عبرت عنها السوشيال ميديا في مصر، كان رفيع بيه هو نموذج الرجل المحب الحمش، بينما طارق هو نموذج معبر عن السهوكة الإفتراضية التي تحظى بالتصفيق، لكن ليس لها وجود على أرض الواقع، وإن وجد واقعيًا، فإنه لا ينال إعجاب البنات، فهن يفضلنه خشنًا حمشًا مفتول العضلات، عن أن يكون محبا عطوفًا لينًا سهلًا.

في المسلسل التسعيناتي رفض رفيع بيه زواج شقيقه بمن أحبها، وقبل هو بزوجة لا يحبها لإتمام صفقة انتخابية، لم يعامل الزوجة أبدًا بما يليق، ولم يعتبر لها وجودًا من الأساس، ثم أحب أرملة شقيقه وتزوجها بالنهاية، شخصية أنانية وتعاني من داء العظمة، وتتعامل بجفاء وخشونة مع الجميع، لا يلين إلا مع أمه فقط، بينما طارق الشاب اللين السهل حلو المعشر، يدافع عن زوجته ويحبها ويقف معها في مواجهة أمه، يصحو من نومه ليحضر لبن رضيعتهما، ويترك زوجته تنعم بالنوم، يساعدها لتغيير حفاض الصغيرة، يحتضنها دون شهوة، يقبلها أمام الجميع، يفتح لها باب السيارة، هذا اللطيف لا تتزوجه الفتيات في مصر، فقط يتزوجن برفيع بيه ويعيشن دوما دور "نفيسة"، ولا يكونوا أبدًا "فرحة".

لم تكن علاقة طارق وزينة هي فقط المؤثرة في المسلسل، لكن أشقاء زينة وأصدقائهم، منهم من يفكر في استعادة علاقته الجيدة بزوجته، ويفكر أن يبيع مطبعته ليعملا سويًا في مجال صناعة الملابس، مشروع مشترك يحرك لهما الحياة الراكدة، رجل آخر في المسلسل، يعود من عمله ليفاجئ زوجته بصينية بيتزا من صنع يديه - نعم من صنع يديه- الجملة ليست خطأ مطبعي، فشجارهما المستمر بخصوص الإنجاب وحلمها بالعمل، جعل حياتهما دوامة من المشاكل، لكنه يراجع نفسه، ويقرر أن السعادة التي يفتقدها لن تكون دون أن تشاركه فيها وهي سعيدة وليست مجبرة.

العلاقات الشبابية ليست وحدها هي الفارقة في المسلسل، الذي تميل مشاهده أحيانًا لمحاضرات التنمية البشرية في العلاقات، لكن كذلك نموذج الأب الذي يقدمه سيد رجب والأم التي تقدمها سوسن بدر، نموذج للتراب الأسري، والدعم غير المشروط كما يجب أن يكون. حالة ربما تكون غير متكررة في أغلب البيوت المصرية، الزوج وصل لسن المعاش، فقام أبنائه بتجهيز احتفالية له، وتصوير فيديو لتهنئته بتلك الفترة المميزة من عمره، يحاول هو دومًا أن يمد يد المساعدة لزوجته، يجهز اللحم للطبخ، يصنع قهوته، يحاول إصلاح الأجهزة المعطلة بالمنزل، وهو - للصدفة- لا يغلق أنوار الغرف المضاءة، ولا يتسلط على أبنائه، لا يوبخ ولا يهين، فقط يقدم النصيحة دون فضيحة، الأم سوسن بدر" النموذج المثالي للأم القوية، شعارها "أدعي على ابني واكره اللي يقول آمين"، صاحبة الكلمة العليا القول الفصل، لا يرد لها عبدالحميد كلمة، ولا يجادلها أبنائها في رأي، فهى تعرف كيف تضلل على أسرتها، وتصل بهم جميعا لبر علاقاتهم الآمنة.