untitled-11
جريس بابيش. الصورة مقدمة منه.
موسيقى

الفنان الفلسطيني جريس بابيش يتحدث عن إطلاق ألبوم موسيقي خلال أزمة فيروس كورونا

"الموسيقى هي محفّز وغذاء للروح، هي حاجة أساسية مثل الأكل والشرب"

"في أغانيي الشخصية بحب أحكي عن مشاعر وتجارب شخصية حسيت فيها. ما بقدر أضمها بألبوم لفرقة بتحكي عن وضع اجتماعي وسياسي لأنه بالنهاية المشاعر فردية ما بتقدر إنك تشملها على الجميع،" يخبرني جريس بابيش، 26 عاماً، عن اتخاذه لمسار فرديّ بعيداً عن فرقة مفر في ألبومه الجديد غزلان. يضمّ الألبوم سبعة أغاني مع مشاركات لشادي زقطان وزيد هلال، وتم إطلاقه على جميع المنصات الموسيقية.

استغلّ جريس فترة الحجر الصحي للاهتمام بأغانيه الخاصة، فـ "غزلان" هو من إبداع جريس كاملاً "من الصفر إلى المئة" حسب تعبيره. في هذا الألبوم تظهر مواهب جريس كموسيقي مبدع، فهو يقوم بكتابة الكلمات والتلحين والتوزيع والعزف، فهو يعزف على أكثر من آلة موسيقية. هذا الألبوم من إنتاج شخصي باستثناء أغنية "راح اللوم" التي دعِمت من مؤسسة القطان. "غزلان" هو وليد "فترة من الحرية المطلقة" ولم يحدّ جريس أي شركة أو تمويل أو تدخّل، كان صنيع إبداعه الفردي رغم الصعوبات العديدة التي يواجهها الفنانين في يومنا هذا، أهمّها جائحة كورونا.

إعلان

"بصراحة مش بس الفنانين الفلسطينيين اللي تأثروا من الكورونا، بالنهاية العالم العربي والعالمي تأثر،" يحدثني جريس "مثلاً التغت العروض الموسيقية التي هي مصدر الدخل الوحيد لمعظم الفنانين. الوضع الحالي صعب الصراحة علينا كلنا حتى على دائرتي الموسيقية، بغياب الحفلات غاب التواصل مع الناس إلا بالعروض المباشرة على إنستغرام مثلاً،" يضيف جريس. بينما يستمتع عشاق الفن والموسيقى بالحفلات الموسيقية المجانية على الإنترنت، تسبب إلغاء الحفلات الموسيقية والمهرجانات السينمائية والمعارض الفنية، في جعل الكثير من الفنانين في العالم العربي بإعادة التفكير بأولوايتهم وكيفية توفير مصاريفهم ومصير حياتهم المهنية في ظل هذه الأزمة الصحية التي أثرت على حياتهم بشكل كبير.

"بالنسبة لي كان كثير مهم أعمل الألبوم، هو الشيء الوحيد اللي بقدر من خلاله استمر بالموسيقى. غير هيك ما في أمل. الموسيقى هي محفّز وغذاء للروح، هي حاجة أساسية مثل الأكل والشرب. استمرارية الموسيقى هي أهم شيء بالنسبة للموسيقى، وأتمنى انتهاء الجائحة قريباً لأنه تأثروا الموسيقيين بسببها بشكل كبير وأحترم كل فنان أنتج شيء في هذه الفترة وفي ظل غياب الحد الأدنى من متطلبات الفنانين في فلسطين خاصةً،" يضيف جريس.

قد يكون قلب جريس "ممحي الهوية" كما يقول في أغنية غرفة مطفية، ولكن أغانيه حاملة هوية موسيقية صادقة وواضحة

نمط ألبوم "غزلان" هو روك عربي بديل وطغت أصوات آلة الجيتار الكهربائي والإيقاع والبيانو على جميع الأغاني. المواضيع كانت شخصية وعاطفية يسترجع بها جريس تفاصيل ومشاعر متضاربة.  تبدأ رحلتنا مع الغزلان في أغنية "ريح" التي لا تتجاوز مدتها الدقيقتين، مقدمة قصيرة تمهدّ الطريق للغزلان والذئاب وتبرز مهارات جريس في الكتابة والعزف. أغنية "غرفة مطفية" ذات إيقاع بطيء ولحن أشبه بالحلم، مع سولو غيتار يتخللها في النصف، وهي من الأغاني المفضلة بالنسبة إلي من الألبوم، مع أغنية "سحر" للحنها الشرقي الذي يذكرني بأغاني الشام التراثية.

إعلان

استوقفتني أحد التعليقات على يوتيوب على أغنية "نار" والتي تشير إلى أن الأغنية تذكره بشارات البداية لمسلسلات الكارتون، وقد انتبهت في الواقع إلى أن صوت جريس فيه شيء من الحنين ومقاربة إلى أصوات سامي كلارك وطارق العربي طرقان. قد يكون قلب جريس "ممحي الهوية" كما يقول في أغنية غرفة مطفية، ولكن أغانيه حاملة هوية موسيقية صادقة وواضحة، تناغم في الألحان، وكمّية كبيرة من الأحاسيس الرقيقة التي يعبّر عنها جريس دون خجل أو تردّد.

في رصيد جريس ثلاثة ألبومات، اثنين منهم لـ فرقة مفر (بلا عنوان 2016، تأشيرة 2019) وألبومه الشخصي "غزلان" وكلهم أطلقوا في نفس التاريخ، السابع عشر من تموز. بالإضافة إلى مشاركته في مشاريع أخرى مثل "السيرك" الذي يضم فنانين وشعراء وموسيقيين من فلسطين. جريس هو المغني الرئيسي لفرقة مفر وأحد مخرجي مسلسل تأشيرة (10 حلقات) الذي ضم جميع أغاني ألبوم مفر بذات الاسم. لكل أغنية فيديو كليب تكمل الأخرى وتربط الألبوم في قصة واحدة وفي تجربة هي الأولى من نوعها في العالم العربي. تم إنتاج المسلسل من مصروف أعضاء الفرقة الشخصي وأرادوا من خلالها تقديم فكرة جديدة لجمهورهم باعتبارهم "يفرون بموسيقاهم" بعيداً عن ما هو تجاري ومستهلك.

يشير جريس أن فرقة مفر لديها جمهور أكبر في العالم العربي منه في فلسطين، فقد حصلت الفرقة على المركز الثاني على المستوى العربي في المهرجان العربي لموسيقى الشباب في المغرب عام 2017 ولهم جمهور كبير في مصر بسبب شعبية الموسيقى المستقلة هناك: "نحن معروفون خارج فلسطين أكثر، بنحاول نوصل لمساحات أكبر ونتمنى يكون عنا جمهور أكبر في فلسطين لأنهم الناس اللي منغنيلهن ومارقين بتجاربهم."