لماذا أنجذب لمن يعاملونني بطريقة سيئة؟ نصائح من القلب المكسور
القلب المكسور

لماذا أنجذب لمن يعاملونني بطريقة سيئة؟ نصائح من القلب المكسور

هناك أسباب كثيرة خطيرة وعميقة تدفعنا لاختيار الأشخاص الذين يسيئون معاملتنا، أبسطها اعتقادنا أننا نستطيع إصلاحهم

لماذا أنجذب بشدة للأشخاص الذين يعاملونني معاملة سيئة؟

الحب وكيمياء الانجذاب أمر غامض، تحكمه قواعد كثيرة. الظروف والمكان والأجواء والأحاديث والنظرات والروائح واللمسات، كلها عناصر تفسر لماذا تنخطف أنفاسنا لرؤية شخص ما، ونشعر أنه هو المنشود وأننا سنتمسك به مهما حدث. من الوارد أن يتضح لنا بعد فترة خطأ شعورنا، وأن اختيارنا كان خاطئاً، ولكن المشكلة تبدأ عندما يكون "جميع" من اخترناهم أشخاصاً مريعين، وعاملوننا معاملة مريعة.

إعلان

هناك أسباب كثيرة خطيرة وعميقة تدفعنا لاختيار الأشخاص الذين يسيئون معاملتنا، أبسطها اعتقادنا أننا نستطيع إصلاحهم، وأن غمرهم بالمحبة والتفهم سيجعلهم يتغيرون. نحن محاطون بالعديد من المؤثرات الثقافية التي تدعم هذا السيناريو غير الصحي، فلدينا ملايين الأغنيات والأفلام التي تصور الحب كرحلة معاناة تنتهي نهاية رائعة، وعليه تتأثر تصوراتنا عن الارتباط والغرام، وندخل هذه العلاقات السيئة مهيئين لحمل صليبها وتحمل كل المعاناة التي تجلبها هذه العلاقة وكأننا نعاقب أنفسنا بطريقة ما. هذا غير صحيح، وغير صحي بالتأكيد.

هناك أسباب لاواعية عديدة تجعلنا نختار دوماً الأشخاص الذين سيعاملوننا بسوء، ولا نشعر بالراحة مع الأشخاص الذين يتمنون رضانا ويطلبون ودّنا. في كتابها "عندما تحب النساء أكثر مما ينبغي.. أن تعيشي بانتظار أن يتغير" تحلل المؤلفة روبين نورود دوافع عشرات النساء للانخراط في علاقات حب مدمرة، وعلاقات ارتباط كن يعانين فيها بلا نهاية، وترجع أسباب أغلب قصص الحب هذه، إلى أننا نعيد، بلا وعي، تشكيل معاناة طفولتنا للانتصار عليها. النساء اللواتي ولدن لآباء غير متاحين عاطفياً، ولم يشعرن بالحب في طفولتهن، كن يخترن رجالاً غير متاحين عاطفياً مثل الآباء، ويسعين بكل قوتهن للفت انتباههم، والحصول على حبهم، في محاولة للانتصار على صورة الأب القديمة، والحصول على الحب من الرجل غير المتاح عاطفياً، الحب الذي لم يجدنه من الأب.

النساء اللواتي ولدن لأمهاتٍ ضعيفات أو مضطربات، وتمحورت طفولتهن حول العناية بأشخاصٍ آخرين، ولعب دور الكبار قبل الأوان، هؤلاء النساء كن يخترن شركاء مضطربين يحتاجون لرعايتهن واستهلاكهن. الأنماط المدمرة التي تسيطر على حياتنا العاطفية، ونسعى باستمرار لإعادة خلقها عن طريق الانجذاب لنفس الأشخاص المسيئين، هي في الأصل إعادة إنتاج للألم الذي اختبرناه في طفولتنا، مثل الطفل الذي يمر بتجربة سيئة فيعيد محاكاتها مع لعبته، حتى ينتصر في اللعبة ويشعر أن الألم أقل، وأنه يسيطر على ألمه أخيراً.

إعلان

الانجذاب المستمر لأشخاص يعاملوننا بشكل سيء، ويقصرون في محبتنا ورعايتنا، إشارة لوجود خلل في الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا، نحن نشعر أننا لا نستحق أن نُحب بطريقة صحيحة، أو نشعر بعدم استحقاقنا للحب أصلاً، ونقبل بالمتاح على أمل تحويله إلى ما نطمح إليه. كل هذا خطأ، كل هذا يستنزفنا ويُهلكنا ويدمر طاقتنا، والحل الوحيد هو الوعي بمشكلتنا، والحصول على الدعم النفسي. عندما تمتلك/ين الوعي الكافي بتاريخك وطريقة تصرفك، ستمتلك/ين القدرة على تصويب الطريقة التي تنظرين بها لنفسك وللعالم، وعندها سترين المسيئين هؤلاء على حقيقتهم: أشخاص مسيئين نهرب منهم، ولا نمنحهم أي فرصة، بل نختار سعادتنا وسلامنا، وأشخاص أصحاء بوسعهم فعلاً أن يحبوننا كما نستحق.

أنا شاب مصري عمري ٢٠ سنة، طالب جامعي، تعرضت للاعتداء الجنسي وأنا طفل من بعض الأقارب، وأشعر أن هذا أثّر على حياتي الجنسية والاجتماعية، مثل أنني أشاهد الأفلام الإباحية بمعدلٍ عالٍ، ولا أحب التعرف على الناس، ولا أثق في أي شخص على الإطلاق. سؤالي هو: هل الاعتداء الجنسي على طفل يؤثر عليه بهذه الطريقة؟ وهل ما أمر به يستدعي العلاج أم أنني سأنساه بمرور الزمن؟ وشكراً مقدماً.

أشعر بالأسف البالغ لألمك، وأُقدّر رسالتك التي تعبر عن رغبتك في تخطي ما حدث لك. شكراً لأنك أخذت هذه الخطوة، وحكيت ما حدث لك وبدأت تبحث عن طرقٍ لتخطيه. الاعتداء الجنسي على الأطفال جريمة شائعة أكثر مما يمكن أن نتخيل، وترجع خطورتها إلى أن مرتكبيها يكونون في الغالب من الأقارب الذين يحظون بثقة الطفل وأبويه، ما يمنحهم الفرصة كاملة للانفراد والإساءة لكائن صغير لا يعي ما يحدث له. في مجتمعاتنا الشرقية الظاهرة مستفحلة بشكلٍ جنوني، وفي مصر تقول الإحصاءات إن ٢٢ ألف جريمة تحرش تحدث سنوياً، منها ٨٥٪ جرائم موجهة ضد الأطفال، وهذه فقط هي الجرائم المُبلغ عنها وما خفي كان أعظم.

إعلان

تنقسم الإساءة الجنسية إلى الطفل إلى نوعين، الأول هو الإساءة اللمسية والتي تشمل لمس الطفل في أماكنه الحميمية، أو إجباره على لمس أعضاء شخص آخر، الانخراط في ألعاب جنسية وممارسة الجنس... أمّا الإساءة غير اللمسية فهي تعرية الطفل، أو كشف الأعضاء الجنسية أمامه، تصوير الطفل في أوضاع جنسية، أو عرض مواد جنسية من صور وفيديوهات عليه، أو دفعه لمشاهدة أو سماع نشاط جنسي. كل هذه التصرفات تدخل في نطاق الجريمة حتى لو تمت بموافقة الطفل، لأنه ليس مؤهلاً للموافقة والرفض، ولا يدرك أبعاد ما يحدث معه.

تجربة الاعتداء الجنسي تجربة مروعة علينا كبالغين، وتكون أشد عنفاً على الأطفال، ففي حالة الاعتداء الجنسي الصريح، أو التصرفات ذات الأبعاد الجنسية الواضحة يشعر الطفل بعدم الراحة، والخوف، كما قد يقع أسيراً لتهديدات المجرم المسيء بالقتل أو بالإيذاء له ولمن يحب، ويساهم نقص الوعي الجنسي والتعامل معه كتابو في شعور الطفل بالحصار وأنه غير قادر على الاستنجاد بأحد، أو أن أهله لن يصدقوه، وقد يتعرض للضرب والتوبيخ إذا حكى ما يحدث لأنه "عيب." أمّا في حالة التصرفات الجنسية غير الواضحة، مثل الملامسات والتصرفات غير المريحة، فقد يتأخر اكتشاف الطفل لمعناها الحقيقي لما بعد بلوغه، وعندها يشعر بألم مضاعف لكونه تعرض للاستغلال ولأنه لم يفهم هذا في وقتٍ مبكر ولم يجد من يحميه. في كل الحالات تتعدد الآثار النفسية للاعتداء الجنسي مهما كان شكله، من اكتئاب وكرب ما بعد الصدمة، وتعاطي المخدرات والأفكار الانتحارية وإيذاء الذات، بجانب تشوّه صورة الجنس، وانخفاض الثقة في النفس والآخرين، والعجز عن تكوين علاقات اجتماعية وجنسية جيدة.

إعلان

أعتقد أنك الآن تفهم ما تمر به يا صديقي، وتفهم أن الزمن وحده لن يداويك مما حدث، وإلا لكنت قد تجاوزته بعد كل هذه السنوات. الصدمة النفسية مثل الإصابات الجسدية تماماً، وعندما نتعرض لحادث فنحن نذهب إلى المستشفى فوراً لمعالجة جراحنا والحصول على الدواء المناسب، وهو ما يجب أن يحدث في أعقاب صدمة كبيرة كالتي مررت بها. أنت بحاجة لطبيبٍ نفسي متخصص، تتحدث معه وتنفتح عليه أكثر، ليساعدك في تخطي التجربة المؤلمة التي عشتها. بالحديث مع الطبيب ستفهم ما حدث لك أكثر، ستفهم أن مشاعرك بعدم الثقة منطقية ومقبولة، وسيساعدك الطبيب على تخطي الصدمة بشكلٍ صحي.

بالتأكيد لن تنسى ما حدث تماماً، لكنك ستتعلم كيف تفهم ألمك وتتعامل معه بشكل صحي ثم تفلته بعيداً، وتعيش حياتك بشكلٍ طبيعي، وتسترجع الثقة بجسدك ونفسك. مشاهدة البورن قد تكون سلوكاً اكتسبته من المعتدي أو بسبب الاعتداء، أو بسبب تشوه فكرتك عن الجنس بسبب ما أصابك، والطبيب وحده هو من يستطيع مساعدتك على تخطي كل هذا. كن واثقاً أنك ستتخطى ما حدث بالتأكيد. ليس بالزمن وحده، بل بالطب والدواء والوعي، وقبل كل ذلك بالإرادة. أنت تستحق بداية جديدة، وحياة خالية من هذا الثقل، فلا تتردد في السعي إليها.

أنا في علاقة حب سيئة جداً برجل مرتبط، وله عائلة وأطفال. أحاول بكل قوتي الابتعاد عنه لكنني لا أستطيع، رغم أنني امرأة منطقية جداً، وعلاقتي بهذا الرجل ليست منطقية إطلاقاً. بالرغم من أنني أرى عيوب تلك العلاقة وأشعر بالأذى الشديد فيها، وأتجاهل كثيرين يطلبون ودّي، فإنني ألتزم بوفائي لرجلٍ خائن، ولا أعلم كيف أبتعد عنه وأنهي تلك العلاقة. ساعدوني أرجوكم.

الحب شيء أجمل وأنبل بكثير من أن يسبب لنا الأذى، فإذا كنا في علاقة تؤذينا وتؤذي الآخرين، فهذه ليست علاقة حب، قد تكون تعلقاً، هوساً، انجذاباً جنسياً، مغامرة، نزوة، أي شيء، لكنها ليست حباً. نقطة ومن أول السطر.

إعلان

أنت في علاقة مؤذية للغاية، يبدأ الإيذاء عند عائلة هذا الرجل وزوجته وأطفاله. هناك زوجة تنام آمنة مطمئنة على وسادة رجل يخونها، وأطفال يُقصّر في محبتهم بوعي أو من دون وعي. في السيناريو الأسوأ هناك زوجة تدرك أن زوجها يخونها وتتجرع مرارة خيانته رغماً عنها كي لا تهدم حياتها، وأطفال يدرون بوجود مشكلة كبيرة بين أبويهم تزعزع أمانهم.

الأذى الثاني هو الذي يلحق بك. لا شيء يدمر المرأة أكثر من الانتظار، تنتظرين أن يحبك كما تستحقين، أن يعترف بك، أن يمضي وقتاً معك، أن يعلن علاقتكما، وحتى لو حدث هذا ستظلين قلقة، فمن يضمن ألا يكرر السيناريو معك ويهدم حياتك لأجل امرأة أخرى كما هدم حياة زوجته بك؟ لا تكوني معولاً يهدم حياة امرأة أخرى، لا تفعلي هذا، النساء لا يجب أن يخنّ بعضهن.

أنت امرأة شجاعة، وصفت مشكلتك بأنها علاقة سيئة، لهذا أرجو أن تستمري في شجاعتك لتري الأمر على حقيقته: هذا ليس حباً، لو كان حباً لراعى مشاعرك ولم يشعرك بالأذى، وأول أذى سببه لك هو الاقتراب منك بينما هو مسؤول عن عائلة وأطفال. الرجال المتزوجين الذين يدخلون في علاقات غالباً ما يفعلون هذا بدافع النزوة والمغامرة، الاستمتاع بشعور أنه مرغوب من امرأة غير زوجته، بأن قطار المغامرات لم يفته. إنه يستغلك لاسترداد جزء من جموح شبابه، وكل هذا على حساب عمرك وحياتك. المشاعر التي تهدرينها عليه أنتِ أولى بها، لا تنتظري حتى تفرغ كل طاقتك ومشاعرك وقد يستغرق تعافيك منه سنوات حتى تبدئي بتجاوزه.

تجاوزيه الآن، حالاً، لا تخسري من عمرك دقيقة إضافية لأجله. لا تستمعي لأي مبررات من نوعية "أنا لا أحبها وأبقى معها لأجل الأطفال، لكنك أنتِ الحب الحقيقي." كل هذه اسطوانات مشروخة. الحقيقة أن هذا رجل عابث وغير مسؤول، وأنت تستحقين أفضل من هذا. تستحقين رجلاً بلا أعباء يهتم بك وتكونين مشروعه الوحيد.

اقطعي اتصالاتك بهذا الرجل فوراً وأغلقي كل قنوات الاتصال بينكما. سيكون هذا صعباً جداً، لكنك تستطيعين فعله لأنك تستحقين حياة أفضل. اعتمدي على صديقة تحكين لها وتتصلين بها كلما شعرت أنك ستضعفين وتتصلين به، أو احصلي على مساندة نفسية. إذا استمرت هذه العلاقة فالدمار نصيبك أو نصيب عائلته، وهو لن يضحي بعائلته، ستكونين الخاسرة الوحيدة في كل الأحوال. اخرجي من هذه العلاقة الآن ولا تنظري أبداً إلى الوراء لأن لا مستقبل لك مع رجل كهذا.

كل الحب والحرية.