IMG_9120
مجتمع

أن تكوني امرأة سوداء في العالم العربي-هكذا تتقاطع الذكورية مع العنصرية ضد النساء

إذا جذبتي الزبائن سأوظفك. قال لي "ذلفي يالعبده." 

مرت سنة على مقتل الأمريكي جورج فلويد الذي قلب الولايات المتحدة بحملات مناهضة للعنصرية وفتح الكثير من الأحاديث عن العنصرية ضد السود والأقليات في العالم أجمع. تمت إدانة الشرطي الذي قتل فلويد بجميع التهم الثلاث التي وجهت إليه: القتل العمد من الدرجة الثانية والقتل من الدرجة الثالثة والقتل غير العمد. ولفظ فلويد أنفاسه الأخيرة في 25 مايو الماضي، بعدما ضغط الشرطي ديريك شوفين بركبته على رقبته لمدة ٩ دقائق و٢٩ ثانية، وأثار مقطع فيديو يظهر فلويد وهو يصرخ "لا أستطيع التنفس" احتجاجات ضد العنصرية حول العالم.

إعلان

في ذكرى الأولى لمقتل فلويد، أردنا أن نسلط الضوء على العنصرية والتنمر الذي تتعرض له النساء سوداوات البشرة في العالم العربي وكيف تتقاطع الذكورية مع العنصرية ضد النساء، كما يظهر في جميع هذه القصص.

إذا جذبتي الزبائن سأوظفك
"في إحدى المرات أثناء بحثي عن عمل وجدت إعلان عن وظيفة بائعة في إحدى عربات الطعام وأثناء تواصلي عن طريق الرسائل مع مسؤول التوظيف سأل عن جميع خبراتي وعندما أعجب بخبراتي ورآني مناسبة للوظيفة سألني عن لون بشرتي. سؤال غريب طبعاً، ولكني أجبته عليه. عندما أخبرته، اعتذر مني وقال بأن "شكلي" لا يجذب الزبائن. غضبت جداً مما قال، وحاول اصلاح الأمر بالقول: "سوف ادخل معك تحدي لمدة أسبوع؛ إذا تمكنت من جذب الزبائن سأوظفك." لم أقبل بالطبع، شعرت بأن كرامتي أُهينت وأنه لم يُقدر خبرتي بسبب لون بشرتي." -سمر، 27، تشادية تعيش في السعودية

أنتِ وبني جنسك دايما تجو عشان المساعدات المالية  
"كفتاة إرترية عاشت أغلب عمرها في اليمن واجهت الكثير من العنصرية منذ الصغر. تعرضت للعنصرية داخل وخارج المدرسة الدولية التي أرتادها، ورغم أن المدرسة بها أطفال من كل جنسيات العالم، إلا أن العرب هم الوحيدون الذين كانوا يتنمرون علي وعلى شعري، وينعتوني بألفاظ سيئة.. طلبة وأساتذة. كنت أتعرض لمضايقات وتحرش منذ طفولتي للمعتقد السائد أن النساء السوداوات هن الأكثر إثارة وإمتاعًا من الناحية الجنسية، وكان يتم بوصفي بأوصاف جنسية مشينة لا تصلح أن تُقال لطفلة. لم يتوقف الأمر في المراحل اللاحقة في حياتي. بعد التحاقي بإحدى الجامعات الخاصة، ذهبت مرة إلى رئيس الجامعة -العنصري الذي كان دائمًا ما يهين عمال الجامعة ذوي الأصول الأفريقية- ليوقع لي ورقة، وما كان منه أن قال لي "تريدين مساعدة مالية" تعجبت وقلت له: "لا أريد فقط توقيع الورقة، مصاريف العام كلها قد دفعتها مرة واحدة." ولكنه تجاهل كلامي وقام من مكانه وصرخ في وجهي وقال لي "أنتِ وبني جنسك دايما تجو عشان المساعدات المالية." تحشرج حلقي وكتمت الدموع في عيني، ولم أستطع الرد، جريت على الحمام وبكيت كما لم أبك في حياتي." -فرح، 29، إرترية تعيش في اليمن

إعلان

وشك محروق
"بالرغم من أني عشت معظم حياتي في قطر، إلا أني قضيت سنوات الجامعة في بلدي السودان، ورغم ذلك أغلب مواقفي العنصرية واجهتني في السودان. لدي شقيقة توأم وأقاربنا لا يعرفون كيف يفرقوا بيننا، سوى بلون البشرة، بشرتي أغمق من اختي. ولهذا حينما ينادي علي أحد من أقاربي يقولون لي "التومة الزرقاء" وزرقاء في السودان تعني السوداء وهو لفظ عنصري ومسيء. هذا عدى الكثير من التعليقات "أنتِ حلوة بس لو لونك أفتح" "سمارك مضيع جمالك" "لو لونك فتح درجتين هتكوني رهيبة" "اعملي تقشير كيميائي" "وشك محروق." -سمر، 28، سودانية مقيمة في قطر

قال لي "ذلفي يالعبده" 
"لا أعرف مين أين أبدأ عند الحديث عن العنصرية التي عشتها كفتاة صومالية عاشت أغلب عمرها في الكويت، هل ابدأ بطفولتي وأذكر أول موقف عنصري لي مع زميلتي التي قالت لي "قدماكي مثل الخرا" أو عندما كانوا يقولون لي يا "وكشة" بسبب شعري حتى بدأت فعليًا في محاولة تنعيمه؟ ولا يمكن أن أنسى ذات مرة في المطار كنت أبحث عن أحد متعلقاتي الشخصية، ولم انتبه للضابط في المطار الذي نهرني وقال لي "ذلفي يالعبده." حتى عندما بدأت حملة Black Lives Matter وشعرت بالأمل وبدأت بتوعية الناس عبر حسابي على تويتر كان الكثيرين يسخرون مني، وحجتهم أن الإسلام ساوى بين الجميع وأنه لا توجد عنصرية في بلادنا. ووصل الأمر لتهديدات بالقتل من أشخاص قالوا أنني اسيء لصورة العرب. العرب يرفضون الاعتراف بعنصريتهم وهو ما يضيف ويزيد من عنصريتهم." -أبرار، 21، صومالية تعيش في الكويت

اشترطوا على أن أجري عملية تفتيح للبشرة 
"على الرغم من أني سودانية وأن الشعب السوداني هو شعب أغلبه ذو بشرة داكنة، إلا أن السودانيين لا يريدون الاعتراف بذلك، ويفتخر الجميع بدرجة لون بشرتهم الفاتحة خاصًة بالنسبة للنساء، حيث أن لون البشرة الفاتح يعني فرصًا أكبر وأفضل في العمل والزواج. من غير المستحب مثلاً أن تكون العروس أغمق من لون عريسها. ومن الأشياء المتعارف عليها في المجتمع السوداني أن الفتاة شديدة السواد تسمى "خضراء" وهذه فرص زواجها وعملها شبه منعدمة، لذلك عليها تفتيح بشرتها، لذلك تقوم أغلب النساء السودانيات بعمل تقشير وتفتيح للبشرة بشكل غير آمن، فأغلب الكريمات تأتي مهربة وغير مصرح بها من وزارة الصحة علاوة على احتوائها على مادة الزئبق والكورتيزون الذين يتسببون بأضرار وأمراض وسرطانات. وفي كل مجلس نسائي وكل وقت، تسألني النساء والفتيات لماذا لا أفتح بشرتي؟ سأكون أجمل بالنسبة لهم إن فعلت ذلك. والأمر لا يختلف في العمل، تقدمت مؤخراً لوظيفة في إحدى وكالات السفر السودانية، بعدما اقتنعوا بمؤهلاتي اشترطوا علي أن أجري عملية تفتيح للبشرة. تخيلي لأي درجة! ليس من حق أحد أن يحدد معايير جمالي أو يطلب مني تغيير لوني أو شكلي لتناسب معاييرهم العنصرية. -فدوش، 28، السودان

أنا دائمًا أقل بالنسبة للجميع 
"
أعمل في  إحدى المكاتب التابعة للأمم المتحدة في إحدى الدول الخليجية، ورغم أن الأمم المتحدة هي بالأساس مكان حقوقي للدفاع عن الإنسان ومناهضة العنصرية، إلا أنني تعرضت داخلها إلى الكثير من العنصرية كامرأة سوداء ومسلمة. في المعاملات العادية والعمل اليومي ينظر المسؤولين دائمًا إلى عملي بتشكك دائم في النتائج التي أحرزها مقارنة بزميلتي البيضاء. أنا دائمًا أقل بالنسبة للجميع، فقط بسبب لون بشرتي. هناك موقف حدث معي خلال عملي النسوي والحقوقي كنت عضو في إحدى المبادرات النسوية وطرحت موضوع العاملات المنزليات للنقاش ورحبت المسؤولة بالفكرة، ولكن عندما حددت أنني أرغب بتسليط الضوء عن العاملات المنزليات السوداوات تحديدًا قالت لي أن هذه ليست قضية نسوية من الأساس. من الواضح أن كثيرين لن يدافعوا عن أي نشاط حقوقي إلا بعد أن يصبح الموضوع رائجًا. ومحاربة العنصرية لم يصبح أمرًا رائجًا بعد في العالم العربي." -ثناء، 32، اليمن

حتى صديقتي تراني أقل منها 
"لا يمكنني أن أعد المواقف التي تعرضت فيها للعنصرية منذ الطفولة بسبب لون بشرتي، ولم أدرك  فظاعة العالم الذي نعيش فيه إلا بعدما عرفت أن ما أواجهه من دونية في التعامل يرجع فقط للون بشرتي. مثلاً، كانت صديقاتي يلمسن شعري ويقلن "ليش شعرك زي كذا" وبعض الزميلات كان تنمرهم يأتي بطريقة غير مباشرة عن طريق أسئلة شخصية محرجة أو تلميحات ونظرات. واحدة من أقرب صديقاتي كانت محرجة من أنها تذكر كلمة "سودا" أمامي وغالبًا ما تستبدلها بـ "سمرا." ولم أكن أنتبه لذلك إلى أن حدث في مرة وكانت تحدثني عن إحدى الإداريات ووصفتها بأنها "سمرا" وفي وقت لاحق وبعيدًا عني سمعتها تقول لبقية الصديقات -المشابهات لها بلون البشرة-  أنها "سودا" بينما تحاشت قول الكلمة أمامي. لم أدقق أو أخذ الموضوع بجدية في السابق، رغم أنه كان يزعجني، وهنا ألوم أهلي قليلًا لأنهم لم يجعلوني أدرك البيئة العنصرية التي نتواجد فيها. كنت أشعر أن علي  تَقبل العنصرية. في إحدى المرات زرت صديقتي هذه، في منزلها وبدأت أختها الصغيرة التي لا تتجاوز ٩ سنوات باستخدام ألفاظ عنصرية ضدي "يا سودا، يا عبدة." في تلك اللحظة، فهمت أن الموضوع ليس مجرد سوء فهم، بل إن منزلهم أصلًا يملك هذه الثقافة العنصرية. لا أعرف كيف أصف خيبتي في صديقة عنصرية تراني أقل منها." -أحلام، 21، السعودية 

رفضت أمه الخطبة عندما عرفت لون بشرتي
"ايه الليل اللى هجم ده""شيكابالا" وغيرها الكثير من الكلمات النابية التي أسمعها كلما نزلت إلى الشارع، لهذا لفترة من الوقت كنت أرفض أن أخرج من المنزل إلا للضرورة خوفاً من التعامل مع كل هذه العنصرية. لاحقاً قررت أن لا حل سوى المواجهة، والرد بالعنف اللفظي على العنف اللفظي الذي اتعرض له. وأصبحت أرى ردود الفعل مندهشة وكأنهم يتسائلون كيف تجرؤ على الرد بدلًا من أن تصمت وتمشي. أعترف أن الرد وإهانة من يهينني هي رد الفعل الأمثل، السكوت ليس خياراً. في كل موقف في حياتي تعرضت فيه للعنصرية بشكل مقصود أو بسبب الجهل، حتى في العلاقات، تقدم أحدهم لخطبتي مؤخراً، وانسحب بعد رفض أمه لي عندما عرفت لون بشرتي." -دارا، 36، مصرية نوبية

أغلب الأسماء مستعارة.