Salicornia_europaea_MS_0802

ويكي ميديا.

بيئة

هل سمعت عن الملح الصحي؟ هذا النبات الصحراوي في الإمارات سيصبح بديلاً مستداماً

يمكن لنبتة الساليكورنيا أن تنمو في المياه والترب المالحة وهي تتحمل الجفاف بشكل جيد

تتجلى إمكانات الزراعة المستدامة في أصعب الظروف في المزارع الصحراوية في الإمارات، حيث ينمو نبات قادر على العيش في المياه المالحة. نتحدث عن الساليكورنيا، وهو نبات عصاري بدأ استخدامه كبديل صحي للملح في فطائر البرغر لدى شركة محلية في الإمارات للأطعمة المجمدة.

وتقدم شركة "غلوبال للصناعات الغذائية" طعامًا يحتوي على ساليكورنيا مع الدجاج والكينوا ونبتة الكيل. وقالت مسؤولة التسويق والابتكار في الشركة تينا سيغيسموند لوكالة فرانس برس أن "ساليكورنيا منتج صحي للغاية." وتشير مسؤولة التسويق إلى أن النبتة تقلل من مستوى الصوديوم في البرغر بنسبة 40%، موضحة أن هناك فوائد أخرى بفعل غنى هذه النبتة بالفيتامينات والمعادن.

إعلان

ماذا نعرف عن هذه النبتة؟
تعتبر الساليكورنيا إحدى أكثر النباتات تحملاً لملوحة التربة وهي تنمو بشكل طبيعي على شواطئ البحار والبحيرات المالحة. ويمكن لنبتة الساليكورنيا أن تنمو في الترب ذات التفاعل الحمضي، كما أن بإمكانها النمو في الترب الشديدة القلوية وهي تتحمل الجفاف بشكل جيد.

يبلغ طول هذا النبات حوالي 30 سنتيمتراً بشكل وسطي كما أنه يتميز بطعم مالح. ويحتاج هذا النبات إلى سبعة أشهر حتى يصل إلى طور الإنتاج لذلك لا يمكن زراعة أكثر من موسم واحد من هذا النبات في العام الواحد.

يمكن ري الساليكورنيا بمياه البحار والمحيطات كما أن بالإمكان زراعة هذا النبات في في الترب التي تتميز بمعدلات ملوحة عالية جداً، لذلك فإن هذا الأمر يعد بإمكانية زراعة الصحارى الخالية من المياه الجوفية والأراضي الشديدة الملوحة وذلك باستجرار مياه البحار إلى هذه الأراضي. كما أن بإمكانية هذا النبات أن أن يقلل من معدلات الأملاح في الترب الزراعية وذلك تمهيداً لزراعتها بالمحاصيل الإعتيادية.

الساليكورنيا نبات صالح للإستهلاك البشري وبعد طهي هذا النبات فإن مذاقه يصبح مشابهاً لمذاق السبانخ. كما يتم استخدام زيت بذور الساليكورنيا في الإستخدامات الغذائية وهو خالي من الكوليسترول ويتميز ببنية مشابهة لبنية زيت الزيتون. كما يمكن استخدامه كعلف وكوقود حيويًّ.

مشروع زراعة المستقبل
بدأت الإمارات بزراعة هذه النبتة التي تنمو طبيعيًا عند البحر أو في المستنقعات المالحة في عدد من المزارع المحلية في إطار مشروع للمركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) ومقره دبي الذي يدرس "تعزيز الإنتاجية الزراعية واستدامتها في البيئات المالحة والهامشية."

إعلان

ويمثل قطاع الزراعة في الإمارات أقل من واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تفتقر الإمارات إلى المياه العذبة وثلاثة أرباع أراضيها مغطاة بالصحراء، ولهذا تستورد الدولة جميع أغذيتها تقريبًا. لري المزارع يتجه المزارعون الإماراتيون إلى أنظمة تحلية المياه كثيفة الاستهلاك للطاقة والتي تنتج محلول ملحي عالي التركيز يسمى المحلول الملحي، ولهذا تعتبر نبتة الساليكورنيا خيار مستدام كنبتة ملحية.

في عام ٢٠٢١، أطلق المركز الدولي للزراعة الملحية برنامجًا لزيادة الوعي العام بفوائد طهي الأطباق الصحية باستخدام المحاصيل الملحية تحت اسم مختبر المطبخ الملحي، والذي يهدف إلى تعزيز استخدام المحاصيل الملحية المزروعة محليًا في الغذاء والتوعية بالفوائد الصحية للمحاصيل الملحية وابتكار وصفات صحية لأطباق المحاصيل الملحية .

وفي إطار مشروع بعنوان "من المزرعة الصحراوية إلى الشوكة: تطوير سلسلة القيمة للمنتجات الغذائية المبتكرة القائمة على النباتات الملحية" تعاون إكبا مع مزارعين في إمارة أبوظبي لزراعة الساليكورنيا والأسماك باستخدام مياه المرتجع الملحي من محطات تحلية المياه.

وفي ٢٠١٩، وقع مركز إكبا اتفاقاً مع 8 مزارعين في منطقتي الختم والخزنة، بإمارة أبوظبي لبدء مشروع بحثي للاستفادة من المياه الراجعة من محطات التحلية في زراعة الساليكورنيا والاستزراع السمكي، حيث تقوم 4 مزارع منها بزراعة الساليكورنيا، في حين تقوم 4 مزارع أخرى بزراعة الساليكورنيا بالإضافة إلى تربية أنواع معينة من الأسماك اعتماداً على المياه الراجعة من محطات التحلية مع الاستفادة من مياه أحواض الأسماك في ري محصول الساليكورنيا.

في مصر، بدأت محافظة البحر الأحمر في مصر بتجهيز أراضٍ تمهيدًا لزراعتها بنبات الساليكورنيا الذي يُسقى بماء البحر بعد نجاح التجربة بالإمارات. وقال علي حزين، رئيس الجهاز التنفيذي لمشروعات التنمية الشاملة بوزارة الزراعة المصرية لشبكة SciDev.Net أن "نجاح زراعة الساليكورنيا في الإمارات، شجعنا على محاولة تكرار التجربة في مصر."

ويتوقع الخبراء أن تصبح نبتة الساليكورنيا مكونًا غذائيًا مهمًا وبديلاً عن الملح وأي مغذيات أخرى تضاف اليوم صناعياً إلى الأغذية المصنعة. في الوقت الحالي، لا يزال الساليكورنيا منتجًا متخصصًا وفوائده الصحية غير معروفة لمعظم الناس، وهو ليس منتجًا يحقق ربحًا كبيرًا ولكن في ظل شح الموارد المائية وارتفاع نسب الجفاف ونقصان مساحة الأراضي الزراعية، قد تحقق هذه النبتة ثورة في قطاع الزراعة.