FYI.

This story is over 5 years old.

مقابلة

مقابلة مع المخرج أبو بكر شوقي: فيلم "يوم الدين" كان مغامرة لكن We did it

فيلمي لا يشوه سمعة مصر و"فوبيا المؤامرة" ليست موجودة إلا عندنا

المخرج المصري أبو بكر شوقي

لم يكن إبريل الماضي تاريخ عابر في حياة صناع الفيلم المصري "يوم الدين"، حيث شهد إعلان إدارة مهرجان كان السينمائي في نسخته 71 اختياره في المسابقة الرسمية للمنافسة على جائزة "السعفة الذهبية"؛ لتنقلب الدنيا رأسًا على عقب في الوسط السينمائي العربي منذ ذلك التاريخ وحتى كتابة هذه السطور، لما يُحرزه الفيلم من جوائز ونجاحات متتالية، آخرها اختياره ليُمثل مصر في مسابقة الأوسكار لعام 2019.

الضجة التي أثارها الفيلم لا تعود فقط لمشاركته في مهرجان كان العريق، بعد غياب دام ست سنوات للسينما المصرية منذ فيلم"بعد الموقعة" ليسري نصر الله عام 2012، ولكن للتساؤلات التي دارت حول مخرج العمل وأبطاله؛ وكأن "يوم الدين" فيلم وُلد من رحم الغموض والإثارة الذي يليق بصناعة السينما، وسرعان ما تحول الغموض إلى دهشة ممزوجة بالصدمة حينما تكشفت التفاصيل، فالفيلم أول أعمال مخرجه الشاب، وأبطاله وجوه جديدة تؤدي أدوارها الأولى أمام الكاميرا، فضلًا عن أن قصة الفيلم غير مألوفة، إذ تتناول حياة مرضى الجذام.

إعلان

"يوم الدين" من تأليف وإخراج أبو بكر شوقي (33 عامًا)، درس الاقتصاد والعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بالتوازي مع دراسته في المعهد العالي للسينما، ثم سافر لدراسة السينما بجامعة نيويورك، له عدة أفلام وثائقية، وفيلم روائي طويل واحد هو "يوم الدين". تدور أحداث الفيلم حول رجل يدعى "عم بشاي" (الممثل راضي جمال) في الأربعينيات من عمره، ترعرع داخل مُستعمرة للمصابين بالجُذام. وبعد وفاة زوجته ، يغادر هذه المستعمرة وينطلق برفقة صديقه النوبي أوباما (الممثل أحمد عبد الحفيظ) وحماره خلال رحلة عبر أنحاء مصر في محاولة لمعاودة الاتصال بعائلته من جديد في محافظة قنا.

التقينا المخرج أبو بكر شوقي للتعرف على ملامح مشروعه الأول، وصعوبات الإنتاج، واختيار "يوم الدين" لتمثيل مصر في الأوسكار، والجوائز العديدة التي حصدها، والتي كان آخرها نجمة مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثانية لأفضل فيلم عربي.

VICE عربية: لنبدأ من آخر الأخبار بفوز فيلمك بجائزتي مهرجان الجونة الدولي لأفضل فيلم روائي عربي، وسينما من أجل الإنسانية، ومن قبلهما عدة جوائز وتكريمات دولية. ماذا يعني لك ذلك؟
أبو بكر شوقي : فخور جدًا بكل هذه الجوائز، وكلًا منها يحمل رسالة خاصة، سعيد بتكريم مجلة Variety الأمريكية كأفضل موهبة عربية لعام 2018 والفوز بها وسط منافسة مخرجين كِبار في السينما العربية خلفهم سنوات طويلة من الخبرة وصناعة الأفلام، وكان لهم دائمًا حضور بارز في المهرجانات العالمية. أما جائزة سينما من أجل الإنسانية من مهرجان الجونة السينمائي، فهي تمنحني شعور بالاعتزاز الكبير لأنها جائزة يمنحها الجمهور، وهي تعني أن الفيلم نال إعجابهم، وحقيقي هذا مالمسته قبل حتي التكريم أثناء عرض الفيلم في المهرجان، أما "نجمة الجونة" فلها مذاق خاص كونها أول جائزة عربية يحصدها فيلم "يوم الدين"، وسيظل تكريم بلدي مصر له مذاق خاص، يمتزج فيه الإحساس بالفخر والسعادة والتقدير.

إعلان

أبو بكر شوقي خلال تسلم جائزة مجلة Variety لأفضل موهبة عربية للعام 2018

نعود للحدث الأبرز، اختيار "يوم الدين" لتمثيل مصر في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية لعام 2019 .. ما الذي يمثله لك هذا الاختيار؟
شرف كبير جدًا أن تضع اللجنة التي شكلها نقيب المهن السينمائية الدكتور مسعد فودة، بعضوية 34 اسمًا من كبار المخرجين، النقاد والسينمائيين، هذه الثقة في الفيلم، خاصة أنه تم اختياره من وسط مجموعة أفلام كبيرة لصناع لها أسماء معروفة، بينما "يوم الدين" كان تجربة أولى، وأتمنى أن نستطيع تمثيل مصر بأفضل صورة في الأوسكار.

هل توقعت هذا الاختيار؟
(يضحك).. من الأول خالص كل الحاجات التي تَحدُث للفيلم بدءًا من الذهاب لمهرجان كان، لم نكن نتوقعها كفريق عمل! ما كان يَهُمنا تقديم فيلم قوي نقتنع به، ونُحب أن نشاهده في السينما، وهذا ماحدث فعلًا، وجعل الفيلم يُحقق هذه النجاحات المتتالية ويلقى إعجابًا سواء من الجماهير والنقاد ثم اللجنة التي اختارته لتمثيل مصر في الأوسكار.

قبل 10 أعوام قدمت فيلمك القصير "المستعمرة" عن مرضى الجزام، واليوم تعود بأول فيلم روائي طويل "يوم الدين" عن نفس الفكرة. ما الذي جذبك في هذا العالم لتقدمه مرتين على الشاشة؟
"المستعمرة" كان فيلم تسجيلي قصير أشبه بـ"الريبورتاج"، لمشروع تخرجي من المعهد العالي للسينما عام 2009، ولكنه كان تجربة مهمة سمعت من خلالها قصص إنسانية شديدة الصعوبة من مرضى المستعمرة، أغلبها يدور عن ناس تركتها أهلها منذ سنوات طويلة دون سؤال أو عودة. كانت قصص مُلهمة، لا ينبغي أن تمر بشكل عابر، وشعرت أن هناك فيلم في الموضوع، وأنني سأعود يومًا ما لهذا المكان لاستكماله. وهذا ماحدث بالفعل عام 2013 ، أثناء دراستي للماجيستير بجامعة نيويورك، وتطلب تقديم فيلم كمشروع تخرج، وهنا قفزت قصص أهالي المستعمرة من جديد إلى ذهني، وبدأت رحلة كتابة السيناريو لهذه "الحدوتة"، وذلك العالم الأقرب لقلبي.

إعلان

عم بشاي وأوباما، هل كانا يبحثان في رحلتهما عن ما هو أبعد من العائلة؟ وهل فيلمك هو رحلة لتسليط الضوء أيضًا على كل النبذ والتهميش الذي تعانيه الأقليات في مصر؟
بالضبط هذا ما قصدته، الفيلم ليس عن مرضى الجُذام فقط، هذا أحد جوانب القصة، بالفعل بطله متعافٍ من المرض وتستعرض الأحداث معاناته، لكن رحلته مع الطفل أوباما لم تكن من أجل العائلة فقط، ولكن كانت رحلة لأي شخص مُهمش للبحث عن الهوية والانتماء والإنسانية. الفيلم يحكي عن كل هؤلاء المنبوذين غير القادرين على الوصول لِما يَحلمون به. الفيلم رسالته التعبير عن أي شخص ينتمي للأقليات ولا يمكنه توصيل. وهذا كان هدفي في "يوم الدين"، إعطاء هؤلاء المُهمشين فرصة لِيعبروا عن وجهة نظرهم، وأن يَظهروا في السينما بشكل مختلف.

أوباما وعم بشاي في أحد مشاهد الرحلة

هل تقصد بأن "يظهروا بشكل مختلف" أن يحدث ذلك دون استعلاء أو استغلال لأوجاعهم؟
ليس بهذه الصورة، ولكن كل ماقصدته أن يَظهروا بشكل حقيقى، وهو مثًلا ماجعلني اُصمم على اختيار وجه جديد كـ"راضي جمال"، مرضى الجذام المتعافي في الواقع، ليكون بطل الفيلم، لأن الاستعانة بممثل في دوره مع الماكياج كان سيضيع كل التفاصيل الإنسانية التي أردت توصيلها لتصوير معاناة هذا الشخص من المرض، وكان صعب لأي ممثل أن يضع نفسه في هذا الموقف، وأن يكون جاهز لتقديم الشخصية.

"!We did it".. توجهت بهذه العبارة لأبطال فيلمك راضي جمال وأحمد عبد الحفيظ، أثناء تسلم الجائزة بالجونة.. هل وراء ذلك دلالة ما متعلقة بكواليس العمل؟
بالتأكيد، فقد واجهنا تحديات كثيرة، لم يكن أحد يُصدق أن راضي سينجح في التمثيل، بل وصل بعضهم للرهان على عدم خروج الفيلم للنور من الأساس، بسبب اعتماده على ممثلين غير محترفين، حتى أن بعض أصدقاء راضى - بطل الفيلم - كانوا يسخرون من قدرته على التمثيل. ولكن كل هذه الصعوبات بدًلا أن تنعكس على اختياري للممثلين، تحولت إلى حافز قوي لمزيد من المجازفة، وتأكيدي أن راضى جمال سينجح في دور "عم بشاي) وتقديم الحدوتة . (يصمت لبرهة ثم ضحك)، كان مطلوب توضيح وإقناع من حولي طوال فترة الإعداد للفيلم، بأنه ليس فيلم صغير، أو تجربة وخلاص، واحتواء كل تساؤلاتهم المستنكرة "هيبقى فيلم ازاى؟!"، بمخرج جديد، ودون ممثلين، وعن حدوتة غريبة لمرضى الجُذام، وكانت إجابتى تحمل ثقة كبيرة بأننا قادرين على تقديم فيلم بهذه المواصفات وفعًلا we did it.

إعلان

كم استغرق تدريب عم بشاي وأوباما؟
فترة طويلة امتدت لـ 4 أشهر قبل بدء التصوير، كان لابد من تحضيرهم للوقوف أمام الكاميرا، وتجاوز أي رهبة للأداء امام فريق عمل كبير يقف خلف الكاميرا. حاولت تعليمهم أُسس التمثيل نفسه، وكان مايهُمني جدًا بجانب هذا التجهيز الفني، أن يعرفوني كشخص قبل أن أكون مخرج. أردت أن أكسب ثقتهم في شخصي، وأن أعزز ثقتهم في أنفسهم، ليكونوا قادرين على الأداء أمام الكاميرا دون خوف .

بشاي وأوباما وفي الخلفية (يمين) المخرج أبو بكر شوقي خلال التصوير

أين كان التصوير، هل لجأت لمستعمرة جُذَام حقيقية؟
تم التصوير خارج مستعمرة الجُذَام، لأن أهلها رفضوا التصوير، كان لديهم شعور بالقلق من الاستغلال في التصوير، رغم محاولاتي لشرح طبيعة الفيلم وحكايته، ربما مخاوفهم ناتجة عن قيام أحدًا بتصويرهم من قبل بطريقة غير لائقة ولا تُحافظ على كرامتهم، لذا تخوفوا من تكرار التجربة، لذلك تفهمت وجهة نظرهم واحترمت رغبتهم تمامًا، وكان تصوير خارجي بين محافظات مختلفة منها البحيرة وقرى الصعيد.

قلت في تصريح سابق أنك أردت تصوير مصر التي لا نراها، هل ترى أن السينما في سنواتها الأخيرة ابتعدت عن تقديم صورة واقعية للمجتمع المصري؟
هذا حقيقي إلى حد ما، لا نَنكر أن مصر بلا قصور وسيارات فارهة ولكنها تمثل فئة اجتماعية صغيرة، بينما الأغلبية التي تعانى الفقر والتهميش غائبة عن الشاشات، وهذا شىء محزن. لذا كان طموحي في "يوم الدين" تقديم مصر بصورة مختلفة، وهو ما دفعنى لبحث طويل أثناء التحضير للفيلم، سافر لكل محافظات مصر حتى وصلت جنوبًا لحدود السودان. وكما توقعت لم يعرف كثير من المشاهدين أن الهرم الذي تم تصويره بالفيلم، يوجد في محافظة بني سويف، وأنه أقدم من أهرامات الجيزة وليس هرم في دهشور أو سقارة بمحافظة الجيزة!

إعلان

في المشهد الذي يجمع عم بشاى بالسلفي المتشدد بعد هروبهم من الحجز .. يقول له البطل: "انتوا كتير أوي".. هل ترى أن التيار الإسلامي ما يزال يحظى بهذا الحجم والتأثير في الشارع المصري؟
أعتقد أن التغيير يبدأ من الفكر نفسه، والتغيرات السياسية التي حدث في السنوات الأخيرة وانتهت بتقليص وجود التيارات الإسلامية في السياسة والشارع مجرد بداية، والطريق مازال طويل. التعليم منذ الصغر هو المنقذ لهذا المجتمع، لو أصبحنا نؤمن بأن قبول الآخر أهم قاعدة في الحياة، وأن الله فقط يحاسب البشر على أفعالهم، سيعيش الجميع في سلام ولن يكون هناك نبذ أو تطرف.

هل اخترت أن يكون البطل مسيحي الديانة لتضع تهميش آخر يعانيه بجانب مرضه؟
جاء هذا الاختيار لسببين في الحقيقة، الأول أنه فيلم عن الأقليات والأشخاص المنبوذين، وما يترتب على ذلك من مشكلات وتحديات، أما السبب الثاني فهو سؤالك الآن، فلو كان البطل مسلمًا لما وجه ليّ هذا السؤال، لأنه وقتها سيصبح بلا معني. فالسؤال كاشف للإجابة كما الاختيار نفسه.

قدمت طرحًا جريئًا للطائفية التي يعامل بها المسيحيين في عدة مشاهد. ألم تخش الاتهام بتشويه سمعة مصر كما حدث مع مخرجين كبار قبلك مثل محمد خان في "أحلام هند وكاميليا"، أو خيري بشارة في "يوم حلو ويوم مر" وغيرهم؟
لم اقصد هنا الحديث بشكل مباشر عن اضطهاد ديني للمسيحيين، في المشهد الذي يستخدم البطل فيه اسم "محمد" بدلًا من اسمه المسيحي على سبيل المثال، كانت رؤيتي أنه لجأ لذلك على سبيل "تكبير الدماغ" كما تُقال بالعامية، حتى لا يُضطر للدخول فى مناقشات وجدل ويُنهى الموقف في سلام لأنه لا يتوقع مالذي يحدث له من السلفيين أو المصليين بالمسجد.

وماذا عن تشوية سمعة مصر.. هل هناك من انتقد الفيلم من هذه الزاوية؟
اكتشفت أن فوبيا تشوية سمعة البلد غير موجودة إلإ في مصر فقط. ولا مرة صادفت مشاهد أجنبي بعد الفيلم يقول أنه يشوه سمعة بلدك، لم أسمع ذلك الإ من شخص مصري، لا أعتقد أن مخرج الفيلم الياباني "مسألة عائلية" الفائز بالسعفة الذهبية في "كان"، تعرض للاتهام بتشويه بلده لأنه يصور كل اليابانيين حرامية!. "مصر البلد الوحيد اللي فاكرة إن العالم كله فاضى ليها، وبيتآمر عليها". نحن لسنا وحدُنا فى هذا العالم، وهذه مخاوف ليست في محلها، وفيلمي لا يشوه صورة مصر، بل يقدم قصص أُناس حقيقية تحزن وتفرح وتعاني، وأنا فخور بهم .

إعلان

رأينا أبطال الفيلم في رحلة تجمع ما بين الألم والكوميديا، لم يظهروا مهزومين على الشاشة رغم المعاناة .. هل كان ذلك مقصودًا؟
كان مقصود جدًا، مش عايز أعمل فيلم بائس، إيه اللي هكسبه من فيلم حزين كئيب تطلع منه الناس تعيط من غير أى أمل!. السينما عبارة عن شباك على الحياة لبكرة، خاصة أن التحديات التي تحدث للأبطال كانت صعوبات خارجية ليس لها علاقة بشخوصهم، أردت أن يظهر الأبطال معتدين بأنفسهم، راضون بأحوالهم بما فيها المرض الذي لم يختاروه، لديهم محبة كبيرة للحياة وتفاؤل، نراهم يضحكون ويرقصون ويغنون. عم بشاى شخص عاش بالمرض وتعود على معاناته وتقبلها بِرضا، لكن المشكلة كانت في الناس من حوله.

مشهد من الفيلم

حدثني عن رحلتك في البحث عن التمويل، والصعوبات التي واجهتك وهددت تصوير الفيلم بالتوقف أكثر من مرة؟
كانت رحلة طويلة، استمرت طوال خمس سنوات، بحثنا خلالها عن طرق مختلفة للتمويل، بدأت بمنحة من الجامعة نيويورك للفيلم كونه مشروع تخرج، ولكن تمويلها لم يكن كافيًا لبدء التصوير، ثم لجأنا لإطلاق حملة crowd funding عبر الإنترنت ساهم فيها الأصدقاء ومحبي السينما، ثم توقف التصوير أكثر من مرة بسبب التمويل. سست شركة إنتاج صغيرة مع زوجتي المنتجة دينا إمام، وكانت هناك عدة صعوبات في إقناع جهات مختلفة لتمويل الفيلم، منها أنه أول عمل للمخرج، الأبطال غير معروفين، والقصة غير تقليدية. وبحثنا أكثر وذهبت لرجال أعمال، رفض 90% منهم الفكرة، لكن 10% وافقوا وآمنوا بمشروعنا .

بمناسبة الإنتاج، تحدث المخرج الكبير داود عبد السيد أثناء تكريمه بالجونة عن دور الدولة الغائب في حماية الصناعة .. في رأيك ماهي أزمة السينما من منظور جيلك من شباب السينمائيين المستقلين؟
أتمنى توفير جهات تمويل أكبر للمخرجين الشباب لبدء مشروعاتهم السينمائية، بالإضافة إلى تخفيف حدة الروتين في الحصول على تصاريح التصوير بالشوارع، وهو ماواجهناه كثيرًا أثناء تصوير الفيلم، وأخيرًا فتح منافذ جديدة وبرامج لإعداد المخرجين كتاب السيناريو الشباب الذين يرغبون في تقديم أفلام مختلفة كتجارب أولى، لأن مصر مليئة بالكوادر الواعدة ولكنها تحتاج الفرصة والتشجيع.

إعلان

قُوبل "يوم الدين" بإشادة نقدية على مستويات عدة، من أكثر شخص كنت سعيدًا باحتفاءه بالفيلم، ولماذا؟
بصراحة، رغم سعادتي بالتفاعل الكبير مع الفيلم، إلا أنني لا أقرأ النقد كثيرًا لعدة أسباب، أرى أن النقد لو كان إيجابي جدًا، ربما ينعكس ذلك سلبًا على شخصيتي، لن أصل لدرجة التعالي بالتأكيد ولكن ربما يُحدث شيئا.. لا أعرف. ولو كان سلبيًا ( يضحك) سيصيبني بالاكتئاب ومش هعرف اشتغل. كل مايهمني قبول المصريين وترحيبهم بالفيلم قبل الخارج، لأن الأصل بلدي. وهذا الترحيب ينفي تمامًا أي اتهامات بتشوية الفيلم لمصر، أنا عملت حاجة كويسة للبلد وعايز الموضوع يكمل كده.

لماذا أقيم أول عرض تجاري للفيلم في سينما سكيب بمدينة المنيا (جنوبي مصر) وليس من إحدى دور العرض الكبرى بالقاهرة كما هي العادة؟
لأن المنيا بلد بطل الفيلم راضي جمال، وهو راجل عانى جدًا في حياته بسبب المرض الذي أصابه في طفولته، والذي أجبره على قضاء معظم حياته في المستعمرة، أردت أن يكون العرض الأول في محافظته كنوع من التكريم له. بوضوح أكثر (كنت عايز أرجعه بلده مرفوع الرأس كبطل سينما)، وليُغير مفاهيم الجماهير عن المرض والحياة بصفة عامة. كما أن معظم أحداث الفيلم تدور في الصعيد وعن أهله، لذا فضلت أن يكون جمهورى الأول أهالي الصعيد، وأرى أن علينا كصناع سينما الخروج من مركزية العاصمة، وأن علينا مسؤولية أن تصل السينما لكل الناس وليس فقط لسكان المدن الكبرى.

راضي جمال (عم بشاي)

كيف كانت ردود فعل أهالى المنيا على الفيلم؟
كان حضور قوي ومُلهم، شباب الصعيد بدا متعطشًا للفيلم، شغوفًا بالسينما، خاصة أن "يوم الدين" انطلق كعرض أول من إحدى مدنه التي عادة ما تستقبل الأفلام بعد فترة طويلة من صدورها، وهى أزمة أحزنتني جدًا، بسبب قلة دور العرض في خط الصعيد كله، فمحافظة قنا على سبيل المثال لا يوجد بها دار عرض واحدة، أما سوهاج والأقصر فتحظى كل منهما بدار عرض واحدة فقط، بينما يوجد في المنيا داري عرض فقط.

ألا ترى أن خلو فيلمك من النجوم يقلل من فرصه تجاريًا؟
هذا مفهوم خاطئ. صناعة السينما تغيرت تمامًا، أصبحنا في زمن جديد بمعايير سوق مختلفة، نشاهد الآن في السينما العالمية أفلام كبيرة وهامة بوجوه جديدة تدخل مهرجانات وتنجح جماهيريًا، ولايوجد فيها نجوم الشباك المعروفين، خاصة أن هؤلاء الأبطال أصبحوا لايحققون نفس الإيرادات التي كانت في التسعينيات وبداية الألفية. فكرة النجم الأوحد اتلغت خلاص. وفخور بلافتات كامل العدد الذى ترفعها دور العرض بالقاهرة لفيلم "يوم الدين".

هل بدأت التحضير لفكرة فيلم جديد؟
هناك عدة مشروعات مازالت في مرحلة الكتابة ، لم تكتمل بعد.

ما القضية التي تتمنى تناولها مستقبلًا في فيلم؟
أنا مُغرم بتسليط الضوء على أي إنسان مُهمش ينتمي للمستضعفين ويُواجه صعوبات في حياته.

هل يمكن أن تتجه للسينما التجارية بشكلها التقليدي من أجل الانتشار وتحقيق الإيرادات، أم أن اتجاهك للتغريد خارج السرب قرار ومشروع ترغب في استمراره؟
أهم عنصر بالفيلم هو السيناريو، سواء فيلم مهرجانات أو تجاري، حسب التصنيف الشائع. السيناريو لو قوى، لايهم أي حاجة تانية، فالتصوير والإخراج عوامل مساعدة لن تصلح في غياب السيناريو. القصة لو ضعيفة أكيد الفيلم "مش هيبقى حلو أو ناجح" مهما توفر له من عوامل النجاح.