فيروس كورونا

أدب الأوبئة في مواجهة الحجر الصحي

قائمة بعدد من الروايات التي تحاكي أمراض عاصرها الإنسان أو تناولت أفكار عن نهاية العالم
pandemic literature
Photo by awar kurdish on Unsplash


في هذه الأيام التي يعايشها إنسان العصر الحديث لأول مرة مع انتشار "فيروس كورونا" المستجد وزيادة عدد المصابين به يومًا بعد يوم، يميل الكثيرين إلى البحث والتنقيب عن ظروف تاريخية أو خيالية مشابهة حملت في طياتها أمراض فتاكة مثل ما يحدث لنا الآن، ليتمكنوا ولو بشكل خيالي بالتنبؤ أو التفاؤل بما يمكن أن يحدث لنا جراء هذا المرض المخيف. ولأن الأدب هو مرآه المجتمعات وانعكاس لما يعايشه الإنسان أو ما قد يفكر فيه فإن العقول الأدبية العالمية أنتجت لنا عددًا من الروايات التي تنبأت بنهاية العالم بسبب أوبئة. هذا النوع من الأدب يسمى بأدب الأوبئة وهو أحد أنواع الأدب التي لا تقل أهمية عن غيرها، فهي أولًا تحاكي أمراض عاصرها الإنسان وأثرت في حياته، مثلما حدث مع وباء الطاعون، الذي اجتاح أوروبا ما بين عامين 1347 إلى 1352 وقضى على أكثر من ثلث سكان القارة، أو عن مرض الكوليرا الذي اجتاج الكثير من دول العالم عبر التاريخ وغيرهما من الأمراض الفتاكة. هذا النوع من الأدب وسيلة جيدة لشرح مشاعر الإنسان في تلك الأوقات ومدى هشاشته وكيف يمكن أن نحيا كأفراد وكمجموعات في تلك الفترات. بالتالي، سنذكر بعض هذه الروايات التي تناولت أفكار نهاية العالم -بعضها تم تصويرها كأفلام.

إعلان

العمى لـ جوزيه ساراماغو
تعد رواية العمى 1995، لكاتب أمريكيا اللاتينية الأبرز والحائز على جائزة نوبل ساراماغو، أحد أهم الروايات التي تناولت أدب الأوبئة، وهي تتحدث عن مرض غريب ونادر يصيب الإنسان بشلل في الرؤية وينتقل إلى الآخرين بسهولة، يُطلق عليه "العمى الأبيض" وينتشر الوباء بشدة إلى أن يصل إلى كل سكان العالم باستثناء امرأة واحده هي بطلة الرواية وراوية القصة، بعدما يُصاب الجميع بالعمى ويعيشون في محاجر صحية، ينهار العالم بكل مؤسساته؛ لعدم القدرة على السيطرة على هذا المرض المخيف، وفي تلك الأثناء يُظهر لنا سارماغوا هشاشة الإنسان وجهلة أمام نفسه وأمام العالم، وبصورة أدبية رائعة يصور لنا أن الإنسان بطبائعه، خيره وشره، موجودين حتى في ظل أسوأ الأزمات.

الطاعون لـ ألبير كامو
حين نتحدث عن أدب الأوبئة فإن الحديث عن كامو بفكره العبثي وفلسفته القاهرة أمر لا بد منه، يحدثنا كامو في رواية "الطاعون" عن وباء الطاعون الذي ظهر فجاة للناس على هيئة فئران كثيرة في المدينة وبعدها يُصاب عدد كبير من السكان بالحمى ثم يموتون. حدثت وقائع تلك الرواية الخيالية في مدينة "وهران" الجزائرية. واستطاع كامو أن يخرج لنا من تلك المدينة حكايات كثيرة عن كيف يتغير الإنسان وكيف يظهر ضعفه أمام كل ما هو غير معروف، كما يحدثنا أيضًا عن دور الدين والعلم في تلك الأزمة، وكيف يتغير الإنسان بشكل حتمي بعد الإنفراجة.

الحب في زمن الكوليرا لـ غابرييل غارسيا ماركيز
تعد هذه رواية "الحب في زمن الكوليرا" إحدى روائع الأدب العالمي وإحدى درر ماركيز الخالدة على الدوام، وتختلف هذه الرواية عن الروايتين السابقتين اللاتي ذكرتهما في كونها أنها لا تتحدث عن أدب الأوبئة بشكل مباشر، لأنه كما يظهر من عنوانها أنها تحمل في طياتها قصة حب رومانسية، بينما تدور قصة الكوليرا في خلفية الأحداث، ولكن كان وجود الكوليرا في هذه الرواية أمر جوهري، يمكننا أن ننظر لتلك الرواية على أنها انعكاس للحياة والحب أثناء فترات الأوبئة وتشرح كيف يتصرف الناس وكيف تؤثر الأوبئة على حياتهم بل وعلاقاتهم.

إعلان

الموت في البندقية لـ توماس مان
وعلى خطى رواية ماركيز، تأتي تلك الرواية لكتاب ألمانيا الأبرز والحائز على نوبل، توماس مان بعنوان Death in Venice، وفي هذه الرواية يتحدث كاتبنا العظيم عن قصة أديب ناجح كبير في العمر يصبح مهووساً بملاحقة طفل في الرابعة عشرة من عمره. يغادر الأديب الذي مل الروتين في حياته إلى مدينة البندقية بحثًا عن حياة أفضل، إلى أن يرى ذاك الطفل ويهيم به ثم يتبعه حيثما ذهب مستكشفًا سحر المدينة في رحلاته لمطاردة هذا الطفل حين يجتاح وباء قاتل المدينة.

الذي لا ينام لـ تشارلي هيوسن
قام تشارلي هيوستن بكتابة روايته الحديثة نسبيًا بعنوان Sleepless عام 2012، ويعتبر الأرق هو الوباء السائد في تلك الرواية والذي يصيب العالم بأكمله ويؤدي إلى أمراض متتالية كنتيجة له، تتحدث الرواية عن طالب فلسفة يعيش هو وزوجته وأبنته الرضيعة، يُفاجيء بأنه قد حل بالعالم كله أرق غريب، فهو ينام ولكن وعيه ما زال مستيقظ حتى أصبح الجميع كالمخدرين، ويبحث بطل القصة عن علاج لهذا الوباء الذي يجتاح كل العالم.

شربة الحاج داوود لـ أحمد خالد توفيق
أما في الأدب العربي فقد كتب الكاتب والطبيب المصري الراحل، أحمد خالد توفيق "شربة الحاج داوود" في هذا الكتاب الذي هو مجموعة من المقالات التي تتحدث عن الأوبئة والأمراض بسرد بسيط وشيق يتناسب مع الجميع، بأسلوب علمي بسيط جمع بين العلم والدراما والسخرية. والكتاب به مقال بعنوان "ماذا لو زار مصر فيروسًا ما؟" ويتحدث فيه عن الوضع الصحي في مصر وكيف سيتم التعامل مع أي أوبئة إن اجتاحت مصر. وبشكل عام يعد ذلك أحد الكتب العلمية الأدبية البسيطة التي تستحق أن يُسلط عليها الضوء وتُقرأ في هذه الفترة.

المحطة الحادية عشرة لـ إيميلي سانت جون مانديل
تأتي نهاية العالم في هذه الرواية على هيئة ظهور مرض "الإنفلونزا الجورجية" التي تسبب مقتل الكثير من البشر وانهيار الحضارة، تبدأ أحداثها في مدينة تورنتو الكندية، حين يقضي ممثل مسرحي شهير نحبه على خشبة المسرح عندما كان يؤدي دور الملك لير لشكسبير، يبدأ الوباء بالفتك بهذا الممثل المسرحي ويتفشى تدريجيًا إلى أن يفتك بالبشر ويسبب دمار هائل. ورغم كل ما يسود من دمار في الرواية إلا أنها ليست رواية كئيبة أو متشائمة، بل نجد خلالها بريق أمل، ونعرف كم أن الحياة جميلة وكيف يمكن للأدب والفن مقاومة الدمار واستعادة الإنسانية من جديد.

صيف نهاية العالم لـ جيمس فات بيلت
تتحدث هذه الرواية عن وباء ينتشر ويسبب تسرب من محطات الطاقة النووية، تأتي الرواية على خطين زمنيين، الخط الأول به بطل مراهق يحاول أن ينقذ العالم بطريقته الخاصة والخط الثاني مجموعة من الناجين من الإشعاع بعد زمن طويل من بدء الكارثة. الناجيين من بينهم هذا المراهق يتحدثون عن تجربتهم عن ما حدث بالعالم وقت الكارثة، وتعتبر هذه الرواية مستوحاة أو شبيهه بجزء من الواقع من حادثة فوكوشيما التي تعتبر ثاني حادث نووي مرعب في التاريخ بعد كارثة تشرنوبل.

الحرافيش لـ نجيب محفوظ
لم يغفل أدبنا العربي الحديث عن الحديث في هذا الأمر أيضًا، وذكر كاتبنا الأبرز نجيب محفوظ عن هذا الأمر في ملحمة الحرافيش الشهيرة، ولكن على عكس الروايات الأخرى لا يحدثنا محفوظ عن نهاية العالم أو كيفيته، بل يبني أحداث الرواية بعد أن فتك الطاعون بالمصريين ودمر كل شيء واستطاع رجل وحيد أن ينجو من كل ذلك. نتعرف مع هذه الرواية على كيفية بناء الحضارة من جديد وكيفية انهيارها وكيفية تشابه البشر وتكرار أخطائهم مهما كانت ظروفهم أو صفاتهم، فالبشر هم البشر مهما فعلوا أو كانوا.

البقاء في الأرض لـ جورج ستيوارت
إحدى روائع الكاتب الأمريكي جورج ستيوارت عن تخيلاته لنهاية العالم من خلال الوباء، وقد أشاد بها الكاتب ستيفن كينج. في هذه الرواية بعنوان Earth Abides يموت أكثر من ثلثي العالم إثر وباء غريب ويبقى بطل واحد لا يموت ولا يعرف ما السبب الذي جعله يعيش عكس الباقيين، تبدأ الرواية بوجود هذا الرجل في الصحراء وتلدغه أفعى وبعدها يغط في نوم عميق، وبعد أن يستيقظ يكتشف أن البشرية قد حدث بها ما حدث، ولكن هل كان سم الأفعى ما جعله يعيش ويقاوم الوباء؟