مجتمع

أكثر من ربع مليون أردني يواجهون خطر السجن بسبب عدم سداد ديونهم

الحبس بسبب الديون ينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان
pandav-tank-FNaiohYZtOA-unsplash

"الحبس بسبب الديون ينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان بوضوح، ولا تفرضه سوى قلة من الدول." انتقد تقرير جديد لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" تعرض الكثير من الأردنيين للسجن سنويًا لعدم سداد قروضهم، وهو ما يعتبر انتهاكاً القانون الدولي لحقوق الإنسان.

في تقرير بعنوان "خسرنا كل شيء: حبس المدين في الأردن" وثقت هيومن رايتس ووتش المعاملة القاسية لغير القادرين على سداد ديونهم. وقال التقرير: "في غياب شبكة ضمان اجتماعي مناسبة، يجد عشرات آلاف الأردنيين أنفسهم مجبرين على الاقتراض لتغطية تكاليف الخدمات، والبقالة، والرسوم المدرسية، والفواتير الطبية. وغالبًا ما يلجؤون إلى مقرضين غير رسميين وغير منظمين." البنك المركزي حدد 25% حداً أقصى للفائدة، ولكن لا يخضع المقرضون غير الرسميين لهذا ويتقاضون نسبة أعلى.

إعلان

وقالت سارة الكيالي، باحثة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "بموجب القانون الأردني، إذا حصلتِ على قرض ولم تسدده ستتعرض للحبس. كثيرًا ما يقترض الأفراد لدفع الإيجار، وثمن البقالة، والفواتير الطبية. لكن بدلاً من أن تساعد السلطات هؤلاء المحتاجين، تقوم بحبسهم."

أكثر من ربع مليون أردني يواجهون حاليًا شكاوى لعدم سداد ديونهم. وفقًا للإحصاءات الحكومية، في مواجهة تدهور الاقتصاد في البلاد، ارتفع عدد الأفراد المطلوبين بسبب عدم تسديد ديونهم عشرة أضعاف في أربع سنين فقط، من 4,352 في 2015 إلى 43,624 في 2019. وتم حبس 2,630 شخص تقريبًا، أي حوالي 16% من نزلاء السجون في الأردن، بسبب عدم سداد القروض أو شيكات مرتجعة في 2019.

الأردن ليس البلد الوحيد الذي يشرع سجن المديون، في معظم البلدان العربية، عدم سداد الديون ولو كانت بسيطة، يعاقب عليه بالحبس لمدد مختلفة تصل إلى 90 يومًا إلى عام واحد للشيك المرتجع. السجن لا يحل أي مشكلة، على العكس، حبس المديون يعني فقدانه لوظيفته مما يعني أنه لن يتمكن من سداد الدين وقد يضطر البعض لترك البلد.

السجن هو أقل الطرق فعالية لاسترداد الديون، ولهذا ألغت معظم الدول عقوبة السجن بسبب الديون. أولاً لأنها قاسية للغاية وتنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وثانياً لأنها لا تؤدي إلى سداد الديون، وكل ما تفعله هو "خلق دورات من الديون لا نهاية لها،" بحسب الكيالي.

تتفاقم المشكلة مع النساء، بسبب الفوائد المرتفعة للغاية التي تفرضها بعض مؤسسات التمويل الصغيرة. كما تضطر كثير من النساء على التوقيع كضامن لقروض أولادهن أو أزواجهن، ما يجعلهن عرضة للسجن لعدم السداد. وقد أشار تقرير لموقع حبر أن مؤسسات التمويل والقروض الصغيرة التي تستهدف النساء بادعاء "تمكينهن" تسببت في وقعوهن في شبكة معقدة من الالتزامات المالية التي "عمّقت فقرهن، وتسبب بتكبيلهن في شبكات من الديون" وفي بعض الأحيان انتهى بهن الأمر بالسجن.

هناك عدد من الاجراءات التي تم تجربتها لتخفيف عبء الديون في أسواق مختلفة حول العالم. في المملكة المتحدة، يمكنك اختيار سداد مدفوعات ميسورة مقابل ديونك، على مدى فترة تتراوح من خمس إلى ست سنوات. وفي الولايات المتحدة، يمكنك إعلان الإفلاس وإعادة هيكلة الديون ضمن خطة سداد مصدق عليها من المحكمة.

في ظل الوضع الحالي وأزمة فيروس كورونا التي تسببت بفقدان الكثير من الوظائف، أصبح من الضروري والأخلاقي، تغيير القوانين التي تسمح بسجن المقترضين المتخلفين عن سداد ديونهم، وبدلاً من ذلك "يجب سن تشريعات بشأن الإفلاس الشخصي، وتوجيه القضاة لتقييم قدرة المدينين على السداد، وإعادة جدولة الدفعات على أساس القدرات المالية للمقترض. وكذلك سن تدابير حماية في الضمان الاجتماعي لدعم المحتاجين."

من المهم كذلك تحميل البنوك مسؤوليتها على اعطاء القروض والموافقات الائتمانية، وتحميل الناس ديون كبيرة دون أي امكانية لسدادها، بدلاً من أن تتحول الحكومات لأداة بيد البنوك لتحصيل ديونها.