FYI.

This story is over 5 years old.

حرب

قصة خلية سرية للمخابرات الأمريكية عبثت بعقول الهاربين من حرب فيتنام

الجواسيس تسللوا إلى المناهضين للحرب في السويد وساعدوا على إثارة المخاوف من عمليات غسيل مخ والتكريس لتنظيمات متطرفة، وعلى الرغم من مرور 50 عامًا، لا زلنا نعيش تداعيات هذه الأحداث
Seth Ferranti
إعداد Seth Ferranti
على يسار الصورة الرئيس الأمريكي السابق، ليندون جونسون (غيتي ايميجس) على يمين الصورة: بيل جونز، ميشيل لويد وزوجها

في بعض الأحيان يتم مقارنة الانقسام السياسي الصارخ - والعنيف أحيانًا - الذي يحدث اليوم في أمريكا مع الاضطرابات التي شهدتها حقبة الحرب في فيتنام، عندما كانت هناك حراك بين أصحاب البشرة السمراء والمرأة والمثليين على قدم المساواة لاختبار قوة الديمقراطية. بعض هذا الحراك كان يقوم به شباب في نهاية سن المراهقة وفي العشرينات من عمرهم، الذين كانوا يرفضون ببساطة الحرب الوحشية في جنوب شرق آسيا، حيث طلب أكثر من 1000 شخص منهم اللجوء إلى السويد، وكان الكثيرون يأملون في الانتظار هناك حتى تنتهي الحرب، وهو ما كان يخشون من عدم حدوثه أو لا يثقون في فعله.

إعلان

وبطبيعة الحال، لم يكن كل شخص في تلك الدولة الاسكندنافية، قادر على الجلوس صامتًا، في حين أن الكثير من المناطق في الكوكب، وفي وطنهم، يتفرقون في جماعات مختلفة.

لدى وصولهم إلى ستوكهولم، أصبح الجنود السابقون، والمعارضون الأجانب، مشهورون، وسرعان ما شارك بعض المتطرفين منهم مع الجماعات اليسارية في محاولة قلب النظام السياسي في الوطن.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مجموعة متطرفة من الأميركيين المناهضين للحرب، الذين ربما كانوا ثوريين أكثر مما يجب بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، الذي أطلق عملية استخباراتية لـ "خلية سرية" تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية تهدف الى الكشف عن الدور الخارجي "المزعوم" في دعم الحركة الامريكية المناهضة للحرب بالداخل والخارج.

في كتابه القادم، عملية الفوضى: مناهضي حرب فيتنام الذين واجهوا وكالة المخابرات المركزية وعمليات غسيل المخ"، يكشف الصحفي "ماثيو سويت" قصة مجموعة من الشباب الأمريكيين الذين أداروا ظهورهم لبلادهم وحصلوا على أكثر مما كانوا يريدون.

من بين أمور أخرى، كشف سويت، عن وكلاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وحلفائهم، الذين تسللوا بنجاح بين الهاربين من حرب فيتنام على أمل إثارة الخلاف بينهم، مع القيام بعمليات غسيل مخ لهم، بعد 50 عامًا تقريبًا، بعض من هؤلاء الأمريكيين لا يزالوا يعانون من تلك الصدمة.

وفيما يتعلق بهذه الحلقة الغريبة، والتفاصيل المثيرة خلف الكتاب، قمنا بعمل هذا الحوار، وإليكم تفاصيله

VICE: يدرك ليندون جونسون أن لديه الكثير من القدرات لاستخدام جهاز الأمن القومي لفعل أي شيء مهما كان. ومع ذلك، يبدو هذا المشروع بالذات دليلًا على حالة الذعر لديه، أليس كذلك؟
ماثيو سويت: كان جونسون مقتنعًا بأن روسيا تُقلّب شباب أمريكا ضده، وضد الحرب، والمؤسسات الأمريكية عمومًا. لكن المهمة لم تتحقق من ذلك قط. لم يتمكن رجال "عملية الفوضى" من العثور على أي دليل على التدخل السوفيتي بين الطلاب الراديكاليين، أو الهاربين من الحرب، أو الجماعات الأخرى المناهضة للحرب.

إعلان

ومع ذلك، جونسون ثم نيكسون بعده، لم يقتنع بهذا، واستمر البحث حتى وصلنا لملف "HYDRA" وهي عبارة عن قاعدة بيانات ضخمة موجودة في قبو مغلق بالطابق السفلي في مبنى تابع للمخابرات الأمريكية بمدينة لانغلي توجد عليها 9.994 اسم لعملاء استخدمتهم العملية للتجسس على المنظمات الراديكالية في جميع أنحاء العالم.

بالنسبة لأولئك الذين قد يكونوا متشككين، هل يمكنك التحدث عن الدليل على صحة التقارير التي تتناول طبيعة هذه العملية؟
نحن نعلم أن أجهزة المخابرات الأمريكية تجسست على الهاربين، وذلك من خلال بعض التقارير الموجودة عند بعض الأشخاص الذين لا يزالون على قيد الحياة والموجودين في مختلف أنحاء العالم، والأسماء في تلك التقارير يتم ترميزها أو إعادة صياغتها، ولكن تلك الوثائق تبين أن الجواسيس انخرطوا مع الفارين من الحرب في اجتماعاتهم، في مكاتبهم، وحتى في رحلة قاموا بها إلى اتحاد الشباب الشيوعي في بلغاريا.

وقد تم إرسال تلك التقارير إلى مقر وكالة المخابرات المركزية في "لانغلي"، وكان ينبغي أن يتم حرقها جميعًا. ولحسن الحظ، نجا البعض من الحريق، كما تعاونت أجهزة الاستخبارات السويدية مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأرسلت معلومات تم جمعها من قبل عناصرها السرية، والتقيت بواحد من هؤلاء وهو غواص وخبير في صيد الحيتان، الذي كافح لسنوات كثيرة من أجل التسلل إلى داخل الحركة المناهضة للحرب.

ما هي أنواع الناس الذين انخرطوا في صفوف الهاربين، وكيف كانت حياتهم في السويد؟ هل كانوا يتوقعون العودة ببساطة إلى ديارهم؟
الرجال الذين يريدون الاحتجاج على الحرب، الرجال الذين يريدون الانضمام إلى الثورة، وبعض الفنانين، وبعض المحتالين، وكان الموقف متقلبًا جدًا حيث كانوا يتفاعلون مع الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه. لم يكن لدى معظمهم فكرة عما سيحدث بعد ذلك، فالحياة كانت مشوشة، وكانوا في عمر الشباب، وقطعوا شوطًا طويلًا بعيدًا عن وطنهم، وكانوا قد اتخذوا قرارًا بالبقاء في الخارج مدى الحياة.

إعلان

جاء بعضهم بطريقة دراماتيكية للغاية من قبل نشطاء يابانيين مناهضين للحرب في الاتحاد السوفياتي، حيث تم الضغط عليهم ليذهبوا إلى التلفزيون والتنديد بالولايات المتحدة. واستجاب البعض لهذا الضغط من خلال خلق قصص عن الفظائع الأمريكية. وحينما اعتبرت الاستخبارات السوفيتية "كيه بي جي" أنهم قد قاموا بعملهم، تم نقلهم جوا إلى السويد حيث كانوا في البداية يعاملون كأبطال، وفي وقت لاحق تم التعامل معه باعتبارهم مزعجين للمجتمع السويدي.

واستقرت غالبية هؤلاء في الحياة العادية، ولكن أقلية منهم تحولوا إلى الجريمة، من خلال السرقة وتعاطي المخدرات. حاول أحدهم سرقة بنك بمسدس الماء، لكن فتاة في سن المراهقة استطاعت إيقافه، وقام أحدهم بمحاولة لاختطاف طائرة. وصلت الأعمال السيئة ذروتها في عام 1973 عندما قتل اثنين منهم تحت تأثير المخدرات حارس فندق، ثم جردوه من ملابسه، وركضوا به في شوارع مدينة مالمو.

كيف انقسم الهاربون إلى درجة أنهم بدأوا في مهاجمة بعضهم البعض والانخراط في الاستجوابات؟
كان هناك بعض المتطرفين السياسيين الذين أرادوا توجيه القتال إلى الولايات المتحدة، وأراد آخرون بناء حياة جديدة في السويد. وأصبح المتطرفون أكثر رواجًا مع مرور الوقت، بفضل تأثير أحد المغتربين الأمريكيين ويدعى "مايكل فيل"، حيث اعتقد الكثيرون أن فيل كان عاملًا رئيسيًا في هذا الاتجاه، وكان يعمل لصالح وكالة المخابرات المركزية من أجل تشويه سمعة تلك الحركة من خلال دفعها في اتجاه سياسي متطرف. ولكن بعد أن تعرفت عليه، أصبح لدي شك فيما يقال حوله، فقد كان مايكل ثوريًا، وكان يعتقد أن الثوريين يعيشون حياة صعبة، ويحتاجون العلاج النفسي. وكما قال أحد حراسه، وهو جندي أمريكي سابق: "يقوم بإذلالك، فهو يخبرك بأنك لا تستحق شيئًا. إلا إذا كنت تفعل ما يقول فهو لا يختلف كثيرا عن قوات المارينز"، وافترض هذا الشخص أنه لو لم يكن مايكل متواجدًا ضمن جماعات الهاربين من الحرب، لكانت ستبدأ ثورة أمريكية جديدة.

إعلان

بدا وكأنك تعتقد أن بعض المنفيين السابقين الذين قابلتهم لم يكونوا صادقين تمامًا معك في قصصهم. لماذا؟ وبعد مرور 50 عامًا ما هو الخطر الآن؟
أعتقد أن الجميع تقريبًا قال لي قصتهم بأفضل ما لديهم من معرفة، ولكن في بعض الأحيان تكون معلوماتهم غير مكتملة، أو مشوهة بسبب حالة الذعر لديه أو الخيال. سأعطيكم مثالًا واحدًا: الهارب الذي وافق على التحدث معي بشرط أن يستخدم اسمًا مستعارًا، ولكن في الواقع "الاسم المستعار" ليس وصف صحيح، فقد استخدم اسم طفل ميت منذ فترة طويلة استخدم هويته من أجل الحصول على جواز سفر مزور، اسمه "جيم" وكان قد هرب من قوات المارينز في عام 1968 عندما تلقى أوامره للذهاب إلى فيتنام، ثم انضم إلى الجماعة المناهضة للحرب الأمريكية في فيتنام بستوكهولم.

ولكن في أوائل السبعينات، عاد إلى الولايات المتحدة، وتم ضبطه في منظمة سياسية أمريكية متطرفة بقيادة ليندون لاروش. تحت تأثيره، قضى سنوات وهو مقتنع بأن واحدًا من قادة المنظمة الأمريكية المعارضة للحرب هو في الحقيقة عميل لوكالة الاستخبارات المركزية الذي كان يقوم بغسل عقول رفاقه لإنشاء شبكة من الجواسيس ضد المنظمة.

وقد تخلى جيم منذ ذلك الحين عن هذا الاعتقاد، ولكن الشكوك لا تزال موجودة، فبالنسبة لأي شخص عاش هذه التجربة ليس من السهل دائما الإجابة على هذا السؤال "ماذا حدث"، في كثير من الأحيان، شعرت أنني كنت أتحدث مع الناس عن أحلامهم.

ماذا تقول هذه القصص عن حكومة الولايات المتحدة وعملائها الذين يعملون على حماية مصالحها وأسرارها؟
يتحدثون عن جانب الذعر داخل البيت الأبيض الذي اختار وكالة المخابرات المركزية للعمل على مشروع تجسسي كبير وغير دستوري يسمى عملية "الفوضى" لكنها تتحدث أيضًا عن فكرة التسلل والتجسس التي تعد سلاح فعال مثل أي مشروع مخابراتي.

إعلان

وقد أخبرني العديد من الهاربين أن الشكوك وحالة الذعر أصبحا وسيلة للحياة، فلم يعودا متأكدين من الصديق ومن العدو، واستغل عدد قليل داخل المجتمع تلك الحالة، حيث أجرى أحد الهاربين مكالمة هاتفية مدعيا أنه اُختطف في السويد من قبل وكالة المخابرات المركزية، لكنه هرب منها وهو الآن في باريس، وفي الواقع، كان محتال وهرب من البلاد.

تلك الأمور إلى حد كبير من الماضي، لكن هل ما تزال لها تبعات في الوقت الحالي؟
حرب فيتنام ليست في الماضي. والمعاناة التي سببتها لم تقتصر على أولئك الذين دخلوا في المعركة، بل كان الفرار منها أحد أثارها النفسية الثقيلة، اليوم فقط، تحدث مع أحد أبناء الذين هربوا إلى السويد، عبر تويتر، وكان والده راي سانسيفيرو 19 عامًا عندما أصيب في معركة Khe Sanh وحصل على وسام القلب الأرجواني Purple Heart، وكان في حالة نفسية سيئة.

هاجر إلى السويد عبر "الطريق السريع"، حيث قامت مجموعة يابانية مناهضة للحرب بتهريبه إلى روسيا في قارب صيد، ثم وضعه السوفييت على شاشة التلفزيون وأقنعوه باتهام الإدارة الأمريكية بكثير من الفظائع، ثم قاموا بإرساله على طائرة إلى ستوكهولم، ولم يبقى هناك طويلًا، حيث عاد إلى الوطن ليواجه الكثير من المتاعب، وحتى اليوم لا يزال يعاني من من مرض اضطراب ما بعد الصدمة والتي سببتها تجربته السابقة، كما أنه يعاني من الخرف، فحرب فيتنام لم تنته بالنسبة له. إنه يستحق السلام. السلام الذي لدينا، الذي لم يجعلنا نحدد حياتنا بين أن نختار الحرب أو عدم الحرب.

بالنسبة للأمريكيين الذين على علم بمن تبقى من منظمته، كيف تعامل ليندون لاروش معهم؟
يجب علينا أن نوضح من هو لاروش؟ أعتقد أنه الآن بالنسبة لمعظم الناس مجرد نكتة منسية من أحد حلقات الهالوين من مسلسل عائلة سمبسون. ولكن في عام 1973، أصبح لاروش مقتنعا بأن السي آي إيه، و الكي جي بي، كانا يخططان لاغتياله وأن بعض أتباعه قد تم تجنيدهم لهذا العمل، كان يعتقد أن عمليات غسيل المخ تحدث في عيادة سرية بالسويد، ويديرها أحد قادة حركة الهروب، والبقية في الطابق السفلي من مدرسة في لندن، حيث كان الأطفال غير حقيقيين، ولكن مجموعة من الصور. كان بعيدًا جدا في تخيلاته، لكن معظم أتباعه اقتنعوا بذلك.

لقد شيدوا الأوهام الغريبة حول جميع أنواع الناس، وخاصة هنري كيسنجر وملكة انجلترا. لا يزال أتباعه يعتقدون أن الملكة تسيطر على تجارة المخدرات الدولية، وتخطط لبدء الحرب العالمية الثالثة، أحد أعضاء جماعته وهو رجل لطيف، أرسل لي صور الملكة كما لو كانت زومبي تسحب سلاسل من البيت الأبيض. كانوا يكرهون أوباما وقاموا بعرض ملصقات عليها صورته بشارب هتلر، ولكن في الوقت الحالي يحبون دونالد ترامب، ربما لأنهم يشتركون في حب كل ما هو غير عقلاني، لكني أعتقد أن ذلك سيتغير، والجميع سوف يُنهي هذا الجزء من المؤامرة الشيطانية في النهاية. وبالتأكيد أنا منهم.