سوريون بين الحياة في غزة ووجع القلب على سوريا

مهند النابلسي - تصوير رويدا عمار

FYI.

This story is over 5 years old.

حروب

سوريون بين الحياة في غزة ووجع القلب على سوريا

"لا أريد اللجوء إلى أي مكان حتى وإن كانت دولة أوربية، فأنا أعتبر غزة أفضل من دول كثيرة"

يعيش في قطاع غزة أربعين عائلة سورية جاءت بعد الحرب على بلدهم عن طريق الأنفاق الفاصلة بين قطاع غزة ومصر، باحثين عن الأمان والحياة بعد أن ضاقت بهم الظروف، في كل عام تختلف الحياة في عينهم ويزداد تعلقهم بغزة وشوقهم لبلدهم وعوائلهم.

أنس قطرجي (30عاماً) متزوج من مدينة حلب وصاحب مطعم في غزة، جاء إلى غزة في عام 2013م ولكن لخروجه من بلده قصته التي رواها لـ VICE عربية قائلاً: "خرجت من سوريا عام 2012 وذلك بعد قصف منازلنا وأماكن عملنا، لذا كان يجب على أحد من العائلة أن يسافر لكي يعمل ويعيل باقي الأفراد، لذا ذهبت إلى تركيا ولم أمكث طويلاً لاختلاف اللغة، من ثم إلى مصر ولم أستقر أيضاً فيها بسبب اختلاف الظروف والمناخ وغيرها، وانتهى بي المطاف في غزة عام 2013 بعد أن دخلت إليها من خلال الأنفاق ووجدت عملا في مطعم هناك."

إعلان

أنس قطرجي - تصوير رويدا عامر

لدى أنس نظرة جميلة للفلسطينيين في غزة قائلاً: " التعامل جيد جداً والمواطنين هنا متقبلين السوريين ومحتويهم بشكل كبير وهو معروف أنه يحب الشعب السوري ولديه تعاطف كبير معنا خاصة في ظل الأحداث السورية الآن والحكومة هنا وفرت لنا تأمين صحي وجوازات سفر."

قطرجي يفضل البقاء في غزة رغم الحصار وصعوبة الوضع الاقتصادي فهو يرى أنها أكثر أماناً من سوريا، حيث قال:" أنا اخترت البقاء في غزة رغم ما يحدث بها من حصار وصعوبة وضع، ولكنها تبقى الأفضل بالنسبة لي، وإن هدئت الأوضاع في سوريا سوف أذهب لزيارة للعائلة فقط وأعود إلى غزة مرة أخرى، لدي عائلة وعمل هنا وغزة بلدي الثاني ولا أشعر بالغربة فيها." أنس يرفض فكرة اللجوء لأي دولة أوروبية، ويقول: "لا أريد اللجوء إلى أي مكان حتى وإن كانت دولة أوربية، فأنا أعتبر غزة أفضل من دول كثيرة بما فيهم الدول العربية فهي لا تطالبنا بإقامة أو غيرها وتعتبرنا جزء منها." سماح التركمان 38 عاماً من مدينة دمشق متزوجة من شاب فلسطيني، ليس لديها عمل، كانت سماح آخر من دخل قطاع غزة عام 2015 وذلك من أجل الزواج، حيث قالت لـ VICE عربية: " كنت أعمل مراسلة صحفية وتعرفت على زوجي من خلال الانترنت ومن ثم تم الزواج عندما كنت مع عائلتي في سوريا وبعدها جئت الى غزة عن طريق الأنفاق من أجل اللحاق بزوجي." تشعر سماح بالاشتياق الشديد والحنين الى سوريا، ولكن هناك ظروف تمنعها من الاستقرار فيها، إلا إذا تحسنت الظروف أمنياً، موضحة ذلك: " أتمنى العودة الى سوريا ولكن زيارة عائلية فقط لأنه لا يوجد لدي بيت كي أعيش فيه أنا وزوجي، والحياة هناك باهظة الثمن جدا لذلك سوف أقتصر على الزيارات فقط." على عكس أنس، فسماح لديها وجهة نظر أخرى عن اللجوء، تقول: "اللجوء إلى دولة أوربية؟ هذا ما أتطلع إليه، إننا نسعى للجوء إلى أي دولة أوروبية أنا وزوجي من أجل العيش هناك، وقد نذهب إلى سوريا للزيارة فقط." تشعر سماح بأن غزة جزء من سوريا من ناحية المناخ العام، والعادات والتقاليد وأسلوب الحياة، لهذا لم تشعر بالغربة بين أهل غزة، ولكنها تعاني من قلة توفر الخدمات لأنها متزوجة من مواطن وليس لاجئ يستفيد من خدمات الأونروا قائلة: "لا أتعامل معاملة لاجئة ولا مواطنة، لأن زوجي لا يستفيد من خدمات الأونروا، لهذا أنا حرمت منها أيضا، وكل ما يتقاضاه زوجي فقط 500 شيقل (ما يعادل 150$)، أواجه صعوبة في شراء بعض الأدوية، فهي غالية الثمن ولا أستطيع شرائها أبداً." تجد سماح سوريا رغما عن الحرب والظروف القاسية أجمل بكثير من أي بلد أخرى، ولا تفضل أي مكان عنها واشتياقها الشديد لها جعلها لا تنظر لأي بلد أفضل أو أكثر أمان منها، حيث علقت على الضربات التي تتعرض لها مؤخراً قائلة: " الشعب موضوع بين فكين يتعرض للضربات من كل الجهات وهو لا يحمل سلاح أو غيره والضربات كلها تصيب المدنيين وليس أحداً آخر."

إعلان

مهند النابلسي - تصوير رويدا عامر

الشيف مهند النابلسي (34 عاماً) من مدينة دمشق جاء إلى غزة عام 2012 عبر الأنفاق، حيث عاش حياة صعبة جداً بالتجول بين الدول من أجل العمل من بينها الدول الخليجية والأوروبية وعندما عاد إلى سوريا، لم يجد إلا الحرب فتركها ذاهبا إلى مصر ومن ثم إلى غزة.

مهند لم يجد نفسه غريباً بين الفلسطينيين بل يرى أنها بلاد الشام التي لا يفرقها شيء حيث قال: " نحن جميعنا من بلاد الشام لدينا عادات وتقاليد واحدة وأهل غزة شعب طيب جداً ومتعاطف وتعودت عليه بسرعة على رغم اختلاف الثقافة في البداية."

يرى مهند أن اللجوء الى أوروبا فكرة غير مقبولة لديه، ويضع لنفسه خيارين فقط إما سوريا أو غزة قائلاً: "اللجوء إلى الدول الأوربية أمر مرفوض بالنسبة لدي على الرغم من حصولي على فرص كثيرة ولكن لا أريد لأن الثقافة والعادات والتقاليد مختلفة تماماً، لهذا أفضل البقاء في غزة ، فهي أكثر أمانا على الرغم من الحصار والظروف الصعبة، والموت مع الجماعة أرحم."

وأضاف: " إذا حصلت على فرصة للعودة إلى سوريا حاليا،ستكون فقط من أجل لقاء عائلتي وأهلي، لهذا أفضل البقاء في غزة مطولاً الى أن أحصل على فرصة العودة إلى بلدي."

مهند يعتبر نفسه جزء من غزة حيث تفاعل مع مسيرات العودة وشارك بها قائلاً: " ذهبت إلى مخيمات العودة على الحدود وارتديت الزي السوري وشاركت في المسيرة لأني أعتبر غزة بلدي الثاني مثل سوريا تماماً."

أما عن رأيه بما حدث في سوريا مؤخراً قال: " هذه بلدنا وأهلنا وعائلتي تعيش بالشام، وكل سوريا هي بلدنا وناسنا ولا أريد أي ضربة لبلدي لأن الضرب يأتي من مختلف الجهات ونحن لا نعرف إذا كان عدو أم حبيب".

ماجد العطار (47 عاماً) لم يجد فرصة عمل منذ دخوله قطاع غزة، متزوج من سيدة فلسطينية خرج معها من مدينة دمشق متوجها إلى مصر لكي تزور عائلتها في غزة، وكان ينتظرها في مصر، ولكنه اضطر إلى الدخول إلى غزة عبر الأنفاق بعد الضغوط المصرية على السوريين في تلك الفترة، لديه طفلين ويبحث عن فرصة لجوء إلى دولة أوربية.

العطار يرى أن غزة أكثر أمانا من سوريا حاليا، يقول: "بالتأكيد غزة المحاصرة هي أكثر أمانا بالنسبة لنا، على الرغم أننا عشنا حربين الحرب الثانية والثالثة على غزة ولكن لحتى اللحظة هي أكثر أماناً من سوريا."

وأضاف:" لا أستطيع دخول سوريا حاليا، لهذا أنتظر هدوء الأوضاع هناك والإعلان بأن سوريا بلد آمن أستطيع الرجوع إليها لأننا خرجنا نحن وأطفالنا من تحت الموت لذا لا يمكن الرجوع في هذه الظروف."

ماجد يرى أن الشعب الفلسطيني من أفضل الشعوب وأكثر حباً للسوريين حيث يرفض كلمة غربة في غزة، قائلاً: "الفلسطينيون أنعم وأكرم شعب ونحن بلاد الشام "فلسطين وسوريا والأردن ولبنان" متصلين بقلب واحد وإحساس واحد، أنا لا أشعر بالغربة في غزة جميعهم كريمين وهو شعب معطاء وصابر."

يتضامن ماجد مع الشعب الفلسطيني خلال مسيرة العودة بقلبه ومشاعره دون المشاركة فيها رافضاً التدخل بالأمور السياسية هناك، ولكنه عبر عن رأيه بما يتعرض لها بلده سوريا من ضربات غربية قائلاً: "سوريا هي بلدي وما يحدث بها محزن جداً، ولكن الضربات هي من دول عظمى ونحن لا نستطيع الوقوف أمامهم، ولكن من المفترض نحن كسوريين أن لا نسمح بتدخل جهات خارجية في شؤوننا الداخلية."