arturo-rey-5yP83RhaFGA-unsplash

Photo by Arturo Rey on Unsplash


موضة

كيف تنجو الموضة المستدامة من الموضة السريعة؟ مصممون يشاركوننا نصائحهم

أقل من 1% من الملابس على مستوى العالم يتم صناعتها بشكل مستدام تمامًا

تواجه صناعة الموضة المستدامة الكثير من التحديات التي تبطئ من نموها وتقيد انتشارها، وتجعل تنافسها صعبًا مع تدفق الموضة السريعة. وتركز الموضة المستدامة على إنتاج الملابس بطريقة صديقة للبيئة، بداية من اختيار الأقمشة من مواد طبيعية غير مصنعة، مرورًا بطريقة التصنيع نفسها، ونهاية بالأيدي العاملة التي تقوم عليهم هذه الصناعة، وتهدف في النهاية إلى تخفيف الأضرار البيئية التي تنتجها طرق التصنيع العادية.

ووفقا لتقرير "حالة الموضة في 2020" فإن قطاع الملابس يتسبب وحده في إنتاج نحو 6% من إجمالي الغازات المسببة للاحتباس الحراري عالميًا، كما أن عملية التصنيع بما تشمله من غسيل واستخدام الأصباغ مسؤولة عن خمس تلوث المياه في العالم، وعن 20-35 بالمئة من تدفق البلاستيك الدقيق في المحيطات.

إعلان

ووفقا لـ دراسة صادرة عن البرلمان الأوروبي، 1% فقط من الملابس يتم إعادة تدويرها إلى ألياف جديدة لأن التقنيات التي تفعل ذلك لا زالت غير منتشرة. وكنتيجة لهذه الآثار الجسيمة على البيئة، طالب اتجاه "الموضة البطيئة" بصناعة الملابس من مواد خام عضوية أو معاد تدويرها للتقليل من البصمة الكربونية، واتجه العاملون به لطرق تصنيع تقلل من الهدر. ومن بين صعوبات كثيرة، يأتي "تقليل الهدر" كتحدي مهم أمام صناع الموضة المستدامة بالتزامن مع الرغبة في مواكبة التحديثات وإنتاج المزيد من التصميمات، وأمام تدفق الصيحات الحديثة والموسمية من صناع الموضة السريعة.

تحدثت مع عدد من المصممين والعاملين في مجال الموضة المستدامة في عدد من الدول العربية، وسألتهم كيف تعاملوا مع تحديات "الهدر" في عملية تصنيع الأزياء، وكيف يمكنهم منافسة الموضة السريعة بإنتاجها الغزير والمتنوع، كما طلبت نصائحهم لنحصل كمستهلكين على مظهر متجدد ومعاصر.

دومينيك نويل بارنز، مؤسس العلامة التجارية "The Giving Moments" في الإمارات العربية المتحدة

-هناك مسؤولية تقع على عاتق تجار التجزئة لنشر الأزياء المستدامة، لأنه في عالم ما بعد كوفيد- 19 يجب النظر إلى خطورة التكلفة الحقيقية للأزياء غير المستدامة سواء أخلاقيًا أو بيئيًا، وليس التركيز فقط على الأرباح. صناعة الأزياء المستدامة عبارة عن دائرة إنتاج تبدأ من اختيار أقمشة مكونة من مواد مستدامة ذات أساس حيوي أو مواد معاد تدويرها، مرورًا بعملية تصنيع صديقة للبيئة تستخدم الصبغات خفيفة التأثير لتحمي البحار من المواد الكيميائية الضارة، والاعتماد على المواد التي تتحلل بشكل طبيعي.

إعلان

-الآن هناك أقل من 1% من الملابس على مستوى العالم يتم صناعتها بشكل مستدام تمامًا. هناك مصطلح في صناعتنا يسمى "الغسيل الأخضر" أي تسويق بعض الشركات لمنتجاتها على أنها "مستدامة" لكنها ليست كذلك، ولم تحقق الاستدامة في كل خطوات التصنيع، بداية من الغزل وبناء النسيج والصباغة وحتى خروج المنتج النهائي، لذا الشفافية الكاملة في عملية التصنيع أمر مهم.

-هناك عدة طرق يمكن بها تقليل الهدر في الصناعة وهي الاعتماد على البيانات السابقة لتحديد حجم الاستهلاك المتوقع من كل تصميم، وبالتالي يكون الإنتاج على قدر الحاجة. أما فيما يتعلق بالتصميمات الجديدة التي يتم طرحها لأول مرة، فيتم اللجوء إلى إنتاج مجموعة صغيرة لاختبارها أولًا في الأسواق المحلية والتعرف على مقدار رواجها قبل إنتاج كميات أكبر.

نهى زهران، منسقة أزياء ومدونة "موضة مستدامة" مصرية

- يجب أن نفهم احتياجاتنا من الملابس وما الذي يناسبنا منها، ونقوم في بداية كل موسم بترتيب الدولاب لنعرف ما ينقصنا ولا نقوم بشراء عشوائي. النصيحة الذهبية فيما يتعلق بتنسيق الملابس والتجديد أن يتضمن دولابنا 80% من القطع الأساسية مثل الجاكيت الجينز أو السترات والسراويل بألوان محايدة، مع 20 % فقط من الصيحات الجديدة، هذا سيساعدنا على الاستثمار أكثر في الملابس التي نمتلكها وسيقلل من احتياجاتنا الشرائية وإهدار المال والموارد.

-يجب أن نعي تأثيرنا الكبير كمستهلكين في الضغط على الماركات التي تعتمد على الموضة السريعة، لذا بالشراء من المنتجات المستدامة سيجبرهم على تعديل طرق الإنتاج التي تتسم بالهدر وستدفعهم للاستثمار في الخامات الطبيعية مثل القطن والكتان والحرير، وإعادة تدوير الفائض لتقليل استهلاك الموارد.

إعلان

-لا تأخذ السعر كمقياس أهم لشراء الملابس، فإذا ركزنا على القيمة المقابلة للسعر سنجد أن الأزياء المستدامة تدوم لفترات طويلة وجودتها عالية ومصنوعة بطريقة صديقة للبيئة ومن مكونات غير مؤذية للجلد، في المقابل قد تكون الأزياء السريعة رخيصة، لكنها ذات جودة رديئة ودورة استخدام منخفضة، كما أنها تهدر الموارد البيئية.

-نحتاج لتغيير فكرتنا عن الملابس المستعملة، يمكننا شراؤها من أماكن موثوقة، أو إعادة استخدام ملابس أمهاتنا وأجدادنا بطرق مختلفة.

-لنحرص على الشراء من الماركات المحلية التي تنتج كميات محدودة وتقتصد في الموارد، وفي الوقت نفسه تخدم الاقتصاد المحلي.

-الركض خلف كل مدونين الأزياء وتصميمات الصيحات الحديثة مجرد رغبة لحظية ستزول بعد عدة أيام، لذا يجب أن نفكر جيدًا، ونحدد أولوياتنا واحتياجاتنا.

-يمكن تطبيق بعض هذه النصائح على الأحذية والحقائب أيضاً، فعلينا أن نستثمر في الجودة ولا نهتم بالسعر فقط، ونبتعد عن الجلود المصنعة لأنها تتساقط وتصبح رديئة بعد وقت قليل. لنحاول شراء بعض القطع المستعملة ذات الشكل الجيد والأسعار المخفضة، أو نشتري أكثر من الشركات المحلية، وبالطبع من الجيد اقتناء أحذية بألوان أساسية كالأسود والأبيض والبني والتي تصلح مع كل الملابس، أو يكون لديك حذاء رسمي وآخر رياضي لعدة استخدامات.

هديل الحسين، مصممة ومؤسسة علامة تجارية للموضة المستدامة في السعودية

-قررت كمصممة أنني لن أتبع قاعدة المواسم، وأن أنتج مجموعة واحدة في السنة تكون فيها كل القطع مميزة ومصنوعة بجودة وحرفية وإبداع، وذلك لأتميز كعلامة ناشئة في مجال تتدفق فيه آلاف التصميمات لتواكب المرأة الحديثة، وبالتالي أصبحت القطع الخاصة بنا صالحة لأي وقت وأي مكان.

إعلان

-يجب أن تأخذ كل قطعة وقًتا كافيًا للإنتاج لتعيش فترة أطول، ولتكون ذات تصميم يؤهلها للاستخدام بأكثر من طريقة أو ارتدائها مع قطع أخرى مكملة، في الوقت نفسه يمكن استخدام الإكسسوارات لمنح مظهرك الطابع العصري والمتجدد.

-نقوم بالتركيز على التصميمات الهادئة والبسيطة ذات الألوان الحيادية، ليكون من السهل تنسيقها مع قطع أخرى، وأحياناً نقوم باستخدام لون واحد دارج في الموسم مع الإبقاء على الألوان الهادئة لبقية التصميمات، هذا العام استخدمنا اللون الأخضر الدارج.

-نعتمد على مسؤول لتوزيع الأقمشة وظيفته تجنب الهدر في الإنتاج، واستغلال الفائض لإنتاج قطع جديدة، كما اتبعنا بعض الطرق التقنية مثل قص التصميمات كلها دفعة واحدة، والأهم هو إتاحة خدمة الطلب المسبق بحيث يطلب العميل قطعته، ومن ثم يتم تفصيلها، وبالتالي لا ننتج كم كبير من الملابس.

-يجب علينا نشر الوعي بالسلع الرديئة التي تحاول دول أخرى إغراق أسواقنا بها مما يضر باقتصادنا المحلي وبيئتنا، كما نحتاج إلى التفكير كثيرا قبل شراء أي منتج وهل نحن بحاجته أم لا، والبعد عن شراء القطع الرخيصة وسريعة التصنيع بمبرر الحاجة إلى التجديد فقط.

روان مكي، مصممة أزياء من البحرين وباحثة دكتوراه في الأزياء المستدامة

-إذا اختار صناع الموضة المستدامة الارتباط بالإنتاج الموسمي فهناك عدة طرق يمكن بها تقليل الهدر، مثل إنتاج مجموعات صغيرة، أو التصنيع بناء على الطلبات المسبقة، والأهم أن يتم ذلك بشكل مستدام بدء من الأقمشة والتطريز ونهاية بالمعاملة العادلة للعاملين من مرحلة التوريد وحتى البيع.

- يمكن إعادة استخدام المنتجات غير المباعة في التصنيع أو توزيعها بالتعاون مع المصممين والعلامات التجارية الأخرى، لكن يجب أن تتعلم كل شركة حجم طلباتها المتوقع، وأن تعتمد قدر الإمكان على الطلبات المسبقة قبل التصنيع لتتجنب الإنتاج المفرط.

إعلان

-بالنسبة للمصممين الجدد، هناك تحدي في تجنب الهدر لأنهم يأخذون وقتاً للتعرف على جمهورهم المستهدف وتفاعلهم مع ما يطرحونه، لذا من الأفضل البدء بدفعات صغيرة وتصميمات قليلة حتى يتم يكتسبون الخبرة اللازمة.

-يجب أن نتذكر أن العميل نادراً ما يشتري قطعة ملابس لمجرد أنها مستدامة فقط، حتى لو كان واعياً، في النهاية هو يتخذ قراره بناء على تصميم ووظيفة القطعة ومسألة الاستدامة تأتي كميزة إضافية، لذا ينبغي أن تكون التصميمات فريدة وأن تكون العلامات المستدامة لها أسلوبها المميز لتستطيع المنافسة والصمود أمام تدفق الموضة السريعة.

منيرة الملا مؤسسة العلامة التجارية "مايا إيكو" في الكويت

-ما يهمنا في كل موسم هو الاستدامة والموضة البطيئة، لذا يستغرق تصميم كل مجموعة جديدة نحو 120 يومًا لتخرج في النهاية منتجات بجودة عالية، ولا ترتبط بموسم محدد ولا بالصيحات الحديثة.

-الهدف هو شراء منتجات تبقى في منزلك لفترة طويلة فلا تحتاج إلى الشراء المتكرر، لذا نطرح ملابس بألوان كلاسيكية يمكن توظيفها لصنع إطلالات مختلفة، ويمكن ارتدائها لمظهر رسمي في أماكن العمل في الصباح، أو مظهر عصري في المساء بين العائلة والأصدقاء.

-يجب الاهتمام بالتسويق الجيد للوصول إلى الأشخاص الذين يؤمنون بنفس الأفكار، نحن نستخدم منصات التواصل الاجتماعي للوصول إلى عملائنا وشرح مميزات القطع المستدامة، كما نحرص في الوقت نفسه على أن نؤدي رسالتنا التوعوية بقيمة الاستدامة وأهميتها للبيئة.