النكبة

تصوير: علاء ضراغمة

FYI.

This story is over 5 years old.

صور

لاجئون فلسطينيون فوق السبعين من العمر يستذكرون حياتهم قبل النكبة

النكبة اخذتني من بلدي الي مساحتها 22 ألف دونم وحطتني بمخيم مساحته مئة دونم بعيش فيه أكتر من ستة عشر ألف لاجئ

بالرغم من مرور سبعين عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني الا أن أغلب اللاجئين الفلسطينيين الذين ما زالوا يعيشون في مخيمات اللجوء في الضفة الغربية يرفضون الانتقال للعيش خارج المخيم الذي سكنوه قبل سبعين عاماً لفترة مؤقته ليعودوا الى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948. النكبة هي مصطلح رمزي يطلقه الفلسطينيون على التهجير القسري الجماعي لأكثر من 800 ألف فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم من قبل الحركة الصهيونية وإعلان قيام دولة إسرائيل، واليوم وبعد سبعين عاماً وصل عدد اللاجئين المعترف بهم من قبل وكالة الغوث اللاجئين "أونروا" الى ستة ملايين لاجئ يعيشون داخل ثلاثة وخمسون مخيماً موزعين في الأراضي الفلسطينية والدول العربية يأملون بالعودة الى أراضيهم التي هجروا قسرياً دون أن يفقدوا الأمل. التقت VICE عربية بعض من العائلات الفلسطينية التي لجأت عام 1948 إلى الضفة الغربية، وتحدثنا معهم عن ما يحملونه من فلسطين قبل النكبة.

إعلان

الحاج عبد القادر اللحام (أبو الحسن)، 96 عاماً، من قرية بيت عطاب والتي تقع في منطقة القدس والتي تم تهجير أهلها وتدميرها في أكتوبر عام 1948، يعيش في مخيم الدهيشة بمدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية.

1526323712291-13

الحاج عبد القادر اللحام. تصوير: علاء ضراغمة

""أنا فلاح ابن فلاح وجدي فلاح، أغلب وقتنا كنا نقضيه بالأرض. كنا عايشين بسلام وحياة ولا أحلى منها، كان لكل عائلة غنم وبقر ومزارع وكان لكل بيت مساحة أرض كبيرة يزرع فيها ويأكل منها. كانوا أهل البلد إيد وحدة بالأفراح والأتراح وما بتذكر كان عنا أي مشاكل ولا حتى كان في فقر، أهل البلد كانوا حنونين على بعض. وما بنسى قديش نكون مبسوطين وقت الحصاد والاغاني اللي كنا نغنيها، هاي الاوقات الي ما بتغيب عن بالي ولهلا بحلم بيوم من هديك الايام. أنا عشت 26 سنة من عمري في بلدنا بيت عطاب، منهم كان أربع سنين حصار من قبل الجيش الإنجليزي، ولكننا لم نجع يوماً ولم نطلب معونة أحد. النكبة أخذتني من بلدي الي مساحتها 22 ألف دونم وحطتني بمخيم مساحته مئة دونم بعيش فيه أكثر من 16 ألف لاجئ."

1526324879385-11

رسم كاريكاتور في مخيم الدهيشة للرسام الفلسطيني ناجي العلي، الذي تم اغتياله قبل 30 سنة. تصوير: علاء ضراغمة

الحاجة خديجة عمدة (أم محمد) 86 عاماً، من قرية زكريا بالقرب من مدينة القدس التي تم تهجيرها في النكبة وأقيم عليها الآن مستوطنة زخاريا. تعيش أم محمد في بيت ابنها الأصغر في مخيم الدهيشة للاجئين.

1526323961027-18

الحاجة خديجة ومعها صورة قديمة لوالدها وأخوتها قبل النكبة. تصوير: علاء ضراغمة

"كنت عايشة في بيت كبير مع عيلتي أربعة أولاد وخمسة بنات ووالدي ووالدتي وكنا نعمل في الفلاحة بأرضنا نزرع ونحصد، كانت قريتنا مشهورة بالزراعة وأغلب أهالي البلد يعملون في الفلاحة. وبعد خطبتي بأقل من سنة، تهجرنا من قريتنا وتزوجني أبو محمد في صوريف، كنت أحلم أعمل عرس تعرف عنه كل البلد ونسهر ونغني، بس الله كتبلي اتزوج في هاي الطريقة. بعد النكبة، كنت أنا وأبو محمد ننتقل من منطقة لمنطقة كل فترة، لأنه كان يشتغل تمرجي (طبيب) ويعالج الفدائية لما ينصابوا في المعارك، وبعد فترة انتقلنا انا وأبو محمد للقدس وعشنا في منطقة واد الجوز لمدة سنة وهناك اعتقلوني أنا وأبو محمد. حكموا الاسرائيلين على أبو محمد 18 سنة سجن، وأنا حبسوني لمدة شهر، وإنتقلت بعدها للعيش في المخيم وبعد عشر سنين أطلقوا سراح أبو محمد. حياتي كلها تغيرت بعد النكبة، اعتقلوني وأنا حامل في الشهر التاسع وأنجبت ابنتي أمل وأنا في السجن، هاي كانت أصعب لحظة في حياتي كلها ما عمري تخيلت اني ممكن يصير معي هيك. في الفترة الي كان فيها أبو محمد بالسجن، كنت مضطرة اشتغل في البيوت شغالة عشان اطعمي ولادي، كنت كل يوم ألعن الحياة اللي عملت فينا هيك، أنا كنت عايشة في بيت عز، ما بعمري اعتزت شي من حدا، وفجأة أوقف على طابور استنى حدا يعطيني مونة داري."

إعلان
1526325070177-9

الحاجة خديجة ومعها مفتاح بيت أهلها في قرية زكريا. تصوير: علاء ضراغمة

الحاج شاهر الخطيب (أبو إسماعيل) 78 عاماً، من قرية البرج بالقرب من مدينة الرملة والتي تم تهجير جميع سكانها في 1948، يسكن في مخيم قلنديا منذ سبعين عاماً، ويعتبر مخيك قلنديا للاجئين بالقرب من القدس من أكبر المخيمات في الضفة الغربية ويسكنه ما يقارب 17 ألف لاجئ فلسطيني شردوا من 52 قرية عام 1948.

1526324151231-14

الحاج شاهر. تصوير: علاء ضراغمة

"كان والدي الأكثر شهرة في القرية وذلك لأنه كان الحلاق الوحيد والكل يعرفه، وكان عدد سكان قريتنا 450 فرداً أغلبهم يعملون بالزراعة. كانت الحياة في قريتنا جميلة جداً وبسيطة جداً. كنت أدرس في قرية بير ماعين التي أخليت من سكانها وأقيم عليها مستوطنة موديعين بعد الاحتلال. كنت أرغب بإكمال تعليمي في تلك المدرسة لكن الهجرة حرمتني منها بعد الصف الثاني. لا أزال احتفظ بهذا المفتاح ورثته عن والدي وسوف أورثه لأبنائي وأبناء سيرثونه لأبنائهم، حتى لا ينسوا بأن لهم بلد وقضية يدافعوا عنها وفي اليوم الذي يعودون فيه الى المنزل يفتحوا باب منزل أجدادهم فيه."

1526324318410-10

الحاج شاهر مع مفتاح بيت أهله في البرج. تصوير: علاء ضراغمة

عندما التقينا الحاجة فاطمة حسين (أم انيس) 86 عاماً، كان أول شيء طلبته بنبرة حزينة: بتعرف حدا ممكن ياخذني على قبية؟ الحاجة فاطمة تم تهجيرها وأهلها من بلدة قبية أم عمار في بئر السبع، والتي تم الاستيلاء على اراضيها من قبل الجيش الاسرائيلي.

1526324550893-17

الحاجة فاطمة تحمل صورتها وهي شابة قبل النكبة. تصوير: علاء ضراغمة

"بتذكر كنا نسمع الاخبار على الراديو في بيت المختار، كانت كل القرية تيجي عند المختار كل يوم عشان نسمع ايش بصير في البلاد، الي حولينا وكانوا يحكوا أن "الصهاينة" بدفنوا الرجال في المقابر وهم عايشين وبغتصبوا النساء، لما صار يكثر الحكي أنهم قربوا علينا ابوي الله يسامحه، قرر أن نترك البيت، وقالنا ما تاخذوا كل اشي لانو راح نرجع كمان سبع أيام ولليوم ما رجعنا. أنا تزوجت وزوجي اخذني الى مخيم أبو شخيدم قرب رام الله، لكن اهلي شردوا الى الأردن. ما في ظلم بدوم، إسرائيل هجرتنا وبنت دولة لليهود على دم هالشعب المسكين بس راح يجي يوم ويرجع كل اللاجئين ويحرروا فلسطين وولادي يرجعوا على بلدهم وأرضهم، وانشاء الله راح أموت في أرضي الي تهجرت منها، وراح ننقل جثمان أبو انيس من مقبرة المخيم لمقبرة البلد التي ولد فيها."

1526325353421-22

تصوير: علاء ضراغمة