FYI.

This story is over 5 years old.

دراسة

تحذير هام للأمهات: الحساسية من الأطعمة تزداد عالميًا بشكل مطرد

المبالغة في الرعاية والنظافة قد تضعف الجهاز المناعي للطفل ومن ثم تزيد من فرصة إصابتهم بالحساسية من الأطعمة
الحساسية

pixabay

يبدو أن الشكوى المتزايدة من حساسية الأطفال لبعض الأطعمة ليست مبالغة من الأمهات الحديثات كما تظن الجدات، كما يبدو أن الأمر جد خطير ولا يحتمل المجازفة، فالحساسية للأطعمة قد تقتل، لذا، لا تسمحي لكائن من كان أن يجبر طفلك على طعام يتحسسه وهو يقول لك: "ياختي ولا حساسية ولا حاجة… انتوا ماشيين ورا الدكاترة، ما أنا كنت بأكل… الواد عايز يرد شوية".

مش مهم خالص يرد شوية.. احنا مش بنشحن تليفون.

ما سنقرأه الآن في التقرير الآتي تحذير هام وخطير لكل أمهات العالم.

إعلان

نشر موقع بي بي سي دراسة أجرتها الدكتورة ألكساندرا سانتوس، محاضر أول في قسم حساسية الأطفال، الكلية الملكية بلندن، حول ازدياد معدلات الحساسية من الأطعمة حول العالم، أعراضها، أسبابها، كيفية التعامل معها. تبدأ الدراسة بعرض حالتي وفاة لاثنتين من المراهقات عقب تناولهما السمسم والفول السوداني، ووفاة طفلة أسترالية في السادسة من عمرها عقب تناولها أحد منتجات الألبان.

تؤكد الدراسة على أن هناك ارتفاع كبير في نسبة الأطفال المتحسسين لبعض الأطعمة في الغرب، والتي وصلت مؤخرا إلى 7% في المملكة المتحدة، 9% في أستراليا، بينما سجلت أوروبا نسبة 2% من البالغين الذين يعانون من حساسية الأطعمة. المشكلة تكمن في أن اتخاذ التدابير اللازمة لتجنب الأطعمة التي تصيب بالحساسية لا يعني بلوغ جانب الأمان، مما يضع الأسرة بأكملها تحت تأثير القلق والمخاوف بسبب تهدد حياة الطفل، كما أن فرض قيود على الأطعمة بالنسبة للأطفال أمر مؤذ نفسيًا ويؤثر على حياته الاجتماعية والعائلية. خاصة لو قمت بمنعه من بعض الأطعمة أمام والدتك أو حماتك. نهارك أسود طبعًا زي ما احنا عارفين.

تنتج الحساسية عن مقاومة الجهاز المناعي لبعض العناصر المتوافرة في البيئة والمفترض أنها غير ضارة لدى معظم الأشخاص

في الواقع، لم يتمكن الباحثون من الوصول إلى سبب قاطع أدى بشكل مباشر إلى انتشار الحساسية ضد الأطعمة، إلا أنهم مازالوا يعملون على قدم وساق لمعرفة السبب الحقيقي وراء انتشار هذه الظاهرة.

ما الذي قد يسبب الحساسية؟
الحساسية عبارة عن مقاومة الجهاز المناعي لبعض العناصر في البيئة التي من المفترض أن تكون غير ضارة عند معظم الأشخاص. أما عن الأعراض، فتتراوح ما بين: احمرار الجلد، القشعريرة، التورم. وفي الحالات الخطرة قد يصل الأمر إلى التقيؤ، الإسهال، صعوبة في التنفس، أو لا قدر الله، ما يعرف بصدمة الحساسية.

إعلان

هناك بعض الأطعمة التي عرف عنها أنها قد تؤدي إلى الحساسية، منها الحليب ومشتقاته، البيض، الفول السوداني، المكسرات (الجوز، اللوز، الصنوبر، والبقان)، السمسم، الأسماك، المحار (القشريات والرخويات). وخلال الثلاثين عامًا الماضية، ازدادت معدلات التحسس ضد الأطعمة في المجتمعات الصناعية على وجه الخصوص، على سبيل المثال، تضاعفت الحساسية ضد الفول السوداني خمس مرات في المملكة المتحدة في الفترة ما بين 1995 إلى 2016.

أظهرت دراسة، أجراتها الكلية الملكية في لندن على 1300 طفل يبلغون الثالثة، أن نسبة التحسس ضد الفول السوداني بلغت 2.5%. وتعاني أستراليا من النسبة الأعلى فيما يتعلق بالحساسية ضد الأطعمة، فقد أظهرت إحدى الدراسات أن نسبة الأطفال البالغين من العمر عام واحد، ويعانون من الحساسية ضد البيض قد بلغت 9%، بينما بلغت النسبة 3% لأولئك الذين يعانون من الحساسية ضد الفول السوداني.

حين نقرأ هذه النسب قد نراها قليلة، لكن، في الواقع، هي ليست بالقليلة أبدا، كما أن ادعاء أن ارتفاع معدلات الحساسية ليس إلا نجاح في تشخيص المرض والتعرف عليه أكثر من ذي قبل ادعاء يسطح من حجم المشكلة.

المبالغة في النظافة قد تكون أحد عناصر انتشار مرض التحسس، إذ أن الأطفال، في هذه الحالة، لا يتعرضون بشكل كبير للعدوى التي قد تقوي جهاز المناعة.

هناك اعتقاد أن زيادة معدلات الحساسية تعود إلى البيئة المحيطة وطبيعة الحياة الغربية. حيث أن هناك خبر سار لبعض القراء باللغة العربية: نسبة التحسس من الأطعمة أقل في الدول النامية (خاصة في البيئات المليئة بالذباب لا مؤاخذة وسنشرح لاحقا). كما أن التحسس من الأطعمة يظهر بشكل أكبر في المناطق الحضرية أكثر من الريف.

إعلان

لكن الخبر، بالنسبة لبعض الدول النامية، ليس بالضرورة سارًا، حيث أن العناصر التي قد تؤدي إلى التحسس من الأطعمة غالبًا ما توجد في المدن الكبرى في بعض الدول النامية مثل: التلوث، تغييرات النظم الغذائية والتعرض الأقل للميكروبات مما يؤثر على ردة فعل الجهاز المناعي (الحمدلله، نحن لا نعاني من العنصر الأخير.. فلدينا قدر لا بأس به من الميكروبات). يسجل المهاجرون معدلات أعلى في الربو والحساسية ضد الأطعمة في البلاد التي يهاجرون إليها مقارنة بالبلد الأم، وهذا يدفعنا لشرح المزيد عن أهمية تأثير البيئة على مريض الحساسية ضد الأطعمة.

بعض التفسيرات المحتملة
ليس هناك تفسير واحد لازدياد معدلات التحسس من الأطعمة، إلا أن العلم لديه بعض النظريات. أولها أن المبالغة في النظافة قد تكون أحد عناصر انتشار مرض التحسس، إذ أن الأطفال، في هذه الحالة، لا يتعرضون بشكل كبير للعدوى التي قد تقوي جهاز المناعة.

عادة ما يقوم الجهاز المناعي بمكافحة العدوى الطفيلية بنفس الآلية التي يعمل بها في حالة الحساسية، حين يتعرض الطفل لعدوى طفيلية أقل، ينغمس الجهاز المناعي في مقاومة العناصر غير الضارة، مما يؤدي إلى الحساسية. وهذا ما يفسر المثل المصري القائل "ابن الهبلة يعيش أكتر." لأن المبالغة في الرعاية والنظافة قد تضعف من الجهاز المناعي للطفل، وهذا لا يعني أن نغمس الأطفال في الطين أو نطعمهم من عربات الكبدة أو من عند "زيزو نتانة" لكن التقرير هنا يتحدث عن مستوى من النظافة والرعاية قد لا يتأتى لأمهات عربيات كثير التحصل عليه حتى وإن حاولت ذلك.

هناك فكرة أخرى، ألا وهي أن فيتامين "د" يمكن أن يساعد الجهاز المناعي في تطوير ردة فعل أفضل حيال ما يدخل الجسم من عناصر، مما يؤدي إلى تقليل احتمالية الحساسية. أغلب سكان الكوكب لا ينالون القسط الكافي من فيتامين "د" لأسباب عديدة، منها قضاء وقت أقل تحت أشعة الشمس، حيث سجلت الولايات المتحدة ارتفاع في معدلات نقص فيتامين "د" بنسبة تضاعفت في الفترة الأخيرة.

إعلان

هناك نظرية تعرف باسم "التعرض المزدوج للحساسية" تفترض أن تطوير الجسم لمرض الحساسية يعتمد على التوقيت، الكمية، وطريقة التعرض للعناصر التي تؤدي للحساسية. على سبيل المثال، فإن تطوير الأجسام المضادة الخاصة بالحساسية يمكن أن يحدث على الجلد، خاصة لدى الرضع الذين يعانون من الإكزيما. لكن هناك اعتقاد بأن تناول الأطعمة المثيرة للحساسية أثناء فترة الرضاعة يمكن أن يؤدي إلى ردة فعل أكثر تسامحًا تحمي من الإصابة بالحساسية، حيث أن الجهاز المناعي للمعدة في فترة الرضاع يكون معدا للتأقلم مع البكتيريا والمكونات الغريبة، مثل الأطعمة.

التشخيص الدقيق لأنواع الأطعمة التي تؤدي إلى التحسس يتطلب إعطاء المريض كمية متزايدة من الطعام المشكوك فيه تحت إشراف طبي

اعتمدت هذه النظرية على دراسة أخرى للكلية الملكية في لندن، والتي أظهرت أن 80% من الأطفال الذين تناولوا الفول السوداني قبل إتمام السنة الأولى من عمرهم قد وصلوا إلى سن الخامسة دون الإصابة بالتحسس ضد الفول السوداني. وتسببت تلك الدراسة في تغيير إرشادات استهلاك الفول السوداني للأطفال في الولايات المتحدة.

التأثير البشري
إن الصدمة التي تعرض لها المجتمع في المملكة المتحدة عقب وفاة اثنتان من المراهقات على إثر تناولهما طعاما أثار التحسس لديهما قد سلط الضوء على خطورة حساسية الأطعمة، فليس هناك، حتى الآن، علاج شاف للحساسية ضد الأطعمة، ومن ثم، فإن التعامل مع هذه الحالات يكون بتجنب الأطعمة المثيرة للتحسس، ونقل المصاب إلى الرعاية المركزة في حالة تعرضه للتحسس. لكن هناك تحد آخر، وهو التشخيص الصحيح. فمن أجل تشخيص دقيق لأنواع الأطعمة التي تؤدي إلى التحسس لدى شخص بعينه، يجب إعطاء المريض كمية متزايدة من الطعام المشكوك فيه تحت إشراف طبي، مما قد يشكل خطورة على الأطفال، كما أن الاختبارات المصاحبة لفحص جهازهم المناعي قد تعطي نتائجًا كاذبة.

تمكن الباحثون في الكلية الملكية بلندن من تطوير تحليل دم بديل أعطى نتائج أكثر دقة فيما يتعلق بالتحسس ضد الفول السوداني، مقارنة بالطرق التقليدية لفحص الحساسية. هذه الاختبارات الآن تغطي ما يقرب من 90% من الأطعمة المثيرة للتحسس لدى الأطفال، ومن المنتظر أن تكون متاحة للمرضى في ظرف عامين من الآن. إذن، نحن في انتظار اختبار دم جديد قد يوفر على الأم المخاوف والقلق كلما وضعت في فم طفلها أي طعام. لكننا هنا يجب أن نتذكر أننا نتعامل مع أطفال ومراهقين. متى اتسمت الطفولة والمراهقة بالطاعة؟ أنت كأم يمكن أن تمنعي طفلك من تناول بعض الأطعمة، لكنه حين يذهب للمدرسة، أو النادي، أو يخرج مع بعض الأصدقاء، قد تشتهي نفسه هذا الطعام المحرم. بالطبع سنبذل قصارى الجهد لشرح الوضع للطفل، وإيصال مدى خطورة تناول هذه الأطعمة، لكن.. طفل! ربنا يستر.

أثبتت طريقة العلاج المناعي للحساسية من خلال إعطاء المريض كميات قليلة من المادة المسببة للتحسس كفاءة في تقليل حساسية المريض ضد المادة، وتقليل خطر الإصابة بأزمات شديدة حال تناوله لكميات كبيرة. كما كشفت نتائج دراسة حديثة حول العلاج المناعي أن 67% من المصابين بحساسية الفول السوداني يمكنهم تناول ما يعادل حبتان من الفول السوداني بعد مرور سنة من المواظبة على العلاج، مقارنة بـ4% من مجموعة العينة. إلا أنهم مازالوا يعانون من الحساسية.

هناك طرق علاج مازالت تحت الاختبار، ونحتاج إلى المزيد. في ذات الوقت، فإن الحساسية ستظل مصدر قلق ومخاوف ينغص حياة الطفل والآباء؛ لذلك، وحتى يجد العلماء حلًا لهذه المشكلة المؤرقة، يجب على الآباء توخي الحذر ومحاولة شرح الأمر للأطفال بكل السبل التي تقنعهم بعدم تناول الأطعمة المشكوك في إثارتها للتحسس، كما يجب على الجدات الاهتمام بإبعاد أعراض الحساسية عن الطفل أكثر من اهتمامهن بوزن الطفل.. وخدوده.