FYI.

This story is over 5 years old.

سياسة

سألنا خبير عن تداعيات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي

ما يفعله ترامب هو وصفة خراب كارثية على المستويين البعيد والقريب
القدس

pixabay

لا شك أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس (خلال ثلاث إلى أربع سنوات) مما يعني الاعتراف بالمدينة المقدسة كعاصمة لإسرائيل، في قرار يلغي سياسة أمريكية قائمة منذ عشرات السنين، سيكون له تداعيات كبيرة على فلسطين والشرق الأوسط. اعتراف واشنطن بالقدس، التي احتلتها اسرائيل في عام 1967 كعاصمة للدولة العبرية، سيقضي على سياسة الولايات المتحدة منذ التوقيع على اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عام 1993 والتي تنص بأن وضع القدس يجب أن يحدد من خلال المفاوضات مع الفلسطينيين الذين يطالبون بالقدس الشرقية كعاصمة لدولتهم في المستقبل. وفي حين لا يزال المجتمع الدولي غير معترف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على كل القدس التي تضم مواقع إسلامية ومسيحية مقدسة، فإن قرار نقل السفارة سيقلب الكثير من الموازين والحسابات في المنطقة وقد يشعل فتيل حروب وانتفاضات أخرى. عن هذه الخطوة وتأثيراتها السياسية المتوقعة علـى الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، تحدثنا إلى الدكتور عبد الهادي العجلة باحث وأكاديمي فلسطيني، المدير التنفيذي للمعهد الكندي لدراسات الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في معهد أشكال الديمقراطية في جامعة جوتينبرج السويدية. VICE عربية: منذ حرب عام 1967 لم تعترف أي دولة بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ما الذي تغير الآن؟
د. عبد الهادي العجلة: أعتقد أن هذا القرار جاء بفعل ضغط داخلي نتيجة الاتهامات للرئيس الأمريكي ترامب (الذي كان قد وعد بنقل السفارة الى القدس منذ مجيئه للحكم) بالتواطؤ مع الروس إبان الانتخابات الأمريكية. لا شك أن ضعف الموقف العربي والمتغيرات الإقليمية في مواجهة إسرائيل والسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، سواء الحرب في سوريا والعراق والضعف في الموقف المصري والأزمة الخليجية، ساعد أيضاً في التفكير بهذه الخطوة، من منطلق أن الوضع السياسي في المنطقة لن يسمح بأي رد فعل عربي رسمي مؤثر. أضف إلى ذلك أن الأمريكيين ليس لديهم مصلحة كبرى كما في العهود السابقة في الشرق الأوسط خصوصا اقتصادياً، لذلك سياستهم تعتمد في الأساس على مصلحة إسرائيل وتفوقها العسكري والسياسي في المنطقة.

إعلان

ما الذي يريد ترمب تحقيقه من هذه الخطوة؟ هل ترى أنه يتصرف عن قلة وعي بحساسية الموضوع، أم أنه يعلم تماماً ما الذي يفعله؟
هو يريد أن يقول أنه يقوم بتحقيق وعوده الانتخابية بعيداً عن أي اعتبار. فهو وعد بنقل السفارة للقدس والاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل وها هو يحقق ذلك. الأمر الثاني الذي يريد أن يحققه هو زعزعة نوعية تمكنه نوعا ما من التهرب من محاسبته في الداخل على التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية. اعتقد أنه لا يعي ما يفعله في السياسة الخارجية فهو شخص لا عقلاني ولا يضع أي اعتبار للحلفاء سواء في أوروبا أو الشرق الأوسط.

ماذا عن الرد الفلسطيني؟ ما هي الحركة المتوقعة على الصعيد السياسي والشعبي، هل تتوقع حدوث انتفاضة جديدة؟
على الصعيد الرسمي لا نتوقع الكثير ولا نتوقع تغيير كبير فالسلطة الفلسطينية أثبتت على مدار العشرين عاماً الماضية أنها غير معنية بالتغييرات الجذرية وأن المفاوضات هي الخيار الوحيد. إذا كان هناك تغيير فيجب أن يكون تغيير قواعد اللعبة بوقف أوسلو وإعلان الدولة الفلسطينية بشكل كامل وعاصمتها القدس الشريف. غير ذلك لن يجدي نفعا سواء تم وقف التنسيق الأمني (لم يتوقف يوما ما) أو حل السلطة الفلسطينية شكلياً أو استقالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس. أما على الصعيد الشعبي فربما نرى مواجهات شعبية، ولكن إن لم تكن المواجهات الشعبية مصحوبة بمواجهات رسمية على المستوى الدبلوماسي والسياسي فلن يتغير الوضع كثيراً بل سيبقى الوضع الراهن كما هو.

لنكن واقعيين، هل ترى أن نقل السفارة أو عدم نقلها له هذا التأثير الحقيقي على الارض؟ فالقدس محتلة، وخيار القدس الشرقية كعاصمة مرفوض من قبل معظم الفلسطينيين والعرب. بمعنى آخر هل يتم تضخيم موضوع السفارة، لأن الأمور على الأرض لم ولن تختلف للفلسطينيين سواء تم نقل السفارة أم لا؟
لا أعتقد أنه يجري تضخيم للموضوع، الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل هو أمر خطير. مجرد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس هو اعتراف كامل بالقدس كعاصمة لإسرائيل بكل ما تحمل من قانونية الاحتلال وفرض السيطرة بشكل كامل. هذا يعني تغيير وضع قانوني قائم بالقوة من قبل قوة غربية ليست طرف مباشر في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بل كانت راعية للسلام في المنطقة بين الأطراف المتنازعة. كما سيكون هناك تبعات أخرى لهذا القرار في حال تنفيذه حيث ستقوم بعض الدول بنقل سفاراتها للقدس أيضاً وهذا ما يعني تغيير قواعد اللعبة بشكل كامل.

ما هي السيناريوهات المتوقعة الآن؟
هناك عدد من السيناريوهات المتوقعة منها حل السلطة الفلسطينية وسحب الاعتراف بإسرائيل، أو التنديد بهذه الخطوة من الجانب الفلسطيني والإبقاء على خيار المفاوضات مفتوح مع التهديد بحل السلطة الفلسطينية أو تغيير استراتيجيات التعامل مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة. القيادة الفلسطينية فى أزمة داخلية وخارجية فلم يعد لديهم شرعية داخلياً ووطنياً ولم يعد لهم علاقة جيدة مع حلفائهم من العرب وغير العرب. لذلك باعتقادي أن أي سيناريو قادم سيكون مبني على ما تقرره القيادة الفلسطينية وشخصياً لا أرى رد فعل عنيف وثابت، بل كما العادة تنديد وتشبث بالمفاوضات والحل السلمي. لننتظر ما سيقره أبو مازن وبناءاً عليه نستطيع أن نحدد بشكل جازم. أما على المستوى البعيد فنحن أمام تغيير جذري في المنطقة، وهو توسع التشدد والتطرف والفوضى في المنطقة. وأعتقد أنه بهذه الخطوة الغير مدروسة ستكون المنطقة العربية بعد ذلك أقرب للهيمنة الايدلوجية الإيرانية منها لأي دولة أخرى. أتوقع أيضاً أن يتم استغلال هذا القرار من قبل التنظيمات المتطرفة التي ستقوم بإعادة إنتاج نفسها بألوان وألبسة جديدة من خلال استخدام معضلة القدس. ما يفعله ترامب هو وصفة خراب كارثية على المستويين البعيد والقريب.

@BadarSalem