FYI.

This story is over 5 years old.

مرأة

هنا "عيادة الليزر" لإزالة الشعر الزائد وقبح المجتمع

في إحدى عيادات التجميل وجدت نهى ضالتها ونجحت أخيرًا في الحصول على وجه بلا شعر ولم تعد تسمع غمز صديقاتها: "هي نسيت تحلق دقنها النهاردة و لا إيه؟"
الليزر

"اليوم هو الأخير الذي سأنزل فيه من المنزل وأنا على هذه الحالة، لن أسمح لأحد مجددًا أن يتفرس مليًا في وجهي وجسدي، باحثًا عن مواضع النقص، سأذهب إلى عيادة الليزر، وأعود منها بثقتى بنفسي التى اختفت منذ أن ظهر الشعر في جسدي، وانطفأ بريق وجهي، وأصبح التعليق على نوع جلدي، هواية يومية يمارسها الزملاء، فجلدي كجلد أوزة، وشعيراتي السوداء تزعجهم أكثر من جزاءات المدير على تأخر تكليفاتهم، أما انتفاخات عيني فهي أكثر سوءا من تكدسهم في مترو مزدحم لم يستحم راكبيه منذ أيام. سأذهب إلى العيادة وأعود إمرأة أخرى بثمن باهظ".

إعلان

داخل عيادة التجميل جلست رفيدة (25 عامًا)، وهي تتدقق النظر للجالسات في انتظار الخضوع لجلسات الليزر وعودة الثقة، علها تعرف أنها ليست الوحيدة التى جاءت لتدفع نصف راتبها اتقاءً لنظرات مجتمع، يحاسبها على عدد كيلوجرامات جسدها، وشكل بشرتها، ونظافة جسدها من الشعر الزائد، ولا يهمه إن كان راتبها بعد ذلك لن يستطيع معها صبرًا أم لا.

كنت دوما أتحاشى النظر في المرآة، لا أخلع ملابسي مطلقًا أمام أحد، أمارس العلاقة الحميمة مع زوجى، بعد أن اطمئن لإطفاء الأنوار، كل ذلك بسبب أثر تركته عملية جراحية في بطنى، فشوهت جزء كبير منها، كان الأمر عاديًا لزوجي في البداية، لم يكن متبرمًا، لكن مع مرور الوقت صرت ألاحظ نظراته المتأففة لموضع الجراحة، وإعجابه بأجساد عارضات الأزياء الخالية من أي ندبات، فقررت أن أخضع لعلاج بالليزر لإزالة آثار العملية الجراحية"، تحكي منى عبدالله (31 عامًا) عن تجربتها مع العلاج بالليزر، الذي شجعتها صديقاتها على الخضوع له، العلاج الذي تكفلت منى بدفع كامل ثمنه دون مطالبة زوجها بشئ، أعاد لمنى ثقتها بنفسها و ببطنها التي شوهتها العمليات الجراحية.

منذ سنوات، لجأت نهى، 25 عامًا، لوصفات العطارين، وخلطات الجدات، لمساعدتها في إزالة الشعر الزائد عن وجهها، نبات السعد، وزيته ودهانه، وزيت النمل، ودماء الوطواط

29 عامًا أتممتهم فاطمة، في شهر ديسمبر الماضي، لم يتغير قراراها الذي قطعته منذ عامين، حين توقفت عن استقبال زيجات الصالونات، تتذكر جيدا أحداث آخر مقابلة، حين أصر العريس على الرؤية الشرعية لوالدته وشقيقته لجسد العروس وشعرها، وهو الأمر الذي فاجئها دون أى ترتيب، اضطرت فاطمة لإنهاء الجلسة والرفض مقدمًا، بحجة ان ما طلبه العريس مثل لها إهانة بالغة، لم يكن الأمر كذلك، بل كان الشعر الذي يمتلئ به جسدها هو السبب في رفض الرؤية الشرعية والعريس وأي مقابلات من بعده.

إعلان

بتكلفة 2500 جنيه للجلسة، بدأت فاطمة جلسات العلاج بالليزر، حصلت على ثلاث جلسات من أصل عشر، وجسد ناعم يبشرها بأن عليها العودة من جديد لمقابلة العرسان. كانت فاطمة قد امتنعت عن عروض الزواج وعن أشياء أخرى تجنبًا لنظرات الاستهجان والتأفف أو حتى الشفقة. "كنت بروح لطبيب باطني بسبب شكوى من متاعب في المرارة، لما كشفت جسمى بدأ يسألنى عن الشعر وأسبابه وانتظام الدورة الشهرية، حسيت وقتها بمرارة أخرى غير تلك التى كانت سبب مجيئي".

منذ سنوات، لجأت نهى، 25 عامًا، لوصفات العطارين، وخلطات الجدات، لمساعدتها في إزالة الشعر الزائد عن وجهها، نبات السعد، وزيته ودهانه، وزيت النمل، ودماء الوطواط. كلها تجارب خاضتها الفتاة العشرينية حتى لا تبدو مثل رجل، هكذا يعلق زملائها بالجامعة ثم العمل على مظهرها، بعد أن ملأ وجهها الزغب الكثيف، وصار لها شاربًا مميزًا، وأنبتت ذقنها شعرات يزداد عددها كلما أزالتها.

لم تفلح الوصفات في إزالة الشعر، و لم تنجح الطرق التقليدية في أن تمنع عنها غمزات الأصدقاء والصديقات، لكن في إحدى عيادات التجميل وجدت نهى ضالتها، ونجحت أخيرًا بعد الحصول على جلستها العلاجية الأولى في الحصول على وجه بلا شعر لمدة شهر، وذلك حتى يحين موعد الجلسة الثانية، ولم تعد تسمع غمز صديقاتها "هي نسيت تحلق دقنها النهاردة و لا إيه؟". لم تهتم كثيرًا نهى للتكلفة المادية للجلسات، والتى تكلفها ربع راتبها القليل بالأساس، فراحتها النفسية و قدرتها على مواجهة نظرات المجتمع سيجعلاها قادرة على دفع ثمن الجلسات، حتى لو اضطرت لتوفيرها من ثمن وجبتها اليومية خارج المنزل.

الليزر، الذي أضحى الأمل الوحيد لآلاف الفتيات المصريات، كي يحصلن على بشرة نضرة، خالية من العيوب و الشوائب، وجسد مثالى وقوام ممشوق، أصبح اليوم هو السوق الرائجة لشباب الأطباء، خريجو التخصصات الجلدية والتجميل، منهم الطبيبة (إيناس 29 عام) التى لم تمنحها الدولة فرصتها لإثبات مهارتها في الطب التجميلي، بسبب الامكانيات الضعيفة للمستشفيات الحكومية. تعمل إيناس صباحًا في مستشفى الحوض المرصود، أشهر مشافى الجلدية في القاهرة، وفي المساء، ولمدة ثلاثة أيام بالأسبوع، تصبح إيناس جزءا من إحدى عيادات التجميل الشهيرة بضاحية المهندسين.

في العيادة التجميلية مجموعة من الأجهزة المتقدمة التى طالما حلمت إيناس بالعمل عليها. في المستشفى والعيادة، تقابل الطبيبة الشابة يوميًا العديد من الحالات التى تعانى من عيوب تراها هي بسيطة ويراها أصحابها كارثية "الفقيرات يذهبن للحوض المرصود، هناك أصعب الحالات التى يعانى أصحابها الجهل والفقر ونظرة المجتمع". تحكى إيناس عن هالة، التى أتت للمستشفى الحكومي بعد إنذار زوجها إما أن تزيل إسمرار المناطق الحساسة لديها، وتعالج ندبات الزمن التى ظهرت على وجهها وجسدها وإما الطلاق.

لم تكن هالة هي الوحيدة التي توقفت عندها إيناس في مشفى الفقراء، لكنها لم تزل تتذكر الفتاة العشرينية التى جاءت من أقصى الصعيد لتزيل "وحمة الكبدة" التى تلازمها منذ ميلادها، تميز وجهها وتمنحها علامة مميزة لا يفضلها الرجال في وجه سيلازمونه ليل نهار، بخمس جلسات أشعة أزالت الصعيدية وحمتها، وأزالت عن كاهل أهلها هم عدم زواجها بسبب وجبة كبده مشوية لم تأكلها والدتها أثناء الحمل، حسب الاعتقاد الشائع وراء سبب ظهور هذا النوع من الوحمات.

وفق رصد مكاتب التسوية بمحكمة الأسرة المصرية، وبالرجوع لعينة عشوائية من قضايا الخلع و الطلاق، ترجع 52% من حالات الطلاق المسجلة إلى شكوى الأزواج من إهمال الزوجة في مظهرها، وتغير شكل جسدها بعد الزواج، لكن فريدة (34 عامًا)، نجت من أن تكون رقمًا داخل هذه الإحصائية بعد أن استطاعت عبر العديد من العمليات الجراحية و الخضوع لجلسات الليزر وتقشير البشرة وسنفرة الوجه من أن تعيد الحياة ليس إلى جسدها فحسب، بل إلى علاقتها مع زوجها "كله بثمنه..هو عاوزنى أفضل شابة ومحافظة على بشرتي وجسمي، يدفع..أنا مش هعمل كده ببلاش"، يقول لسان حالها، ولسان حال أخريات باتت عيادات التجميل، على ما تلتهمه من ميزانيات محدودة، ضمانة أخيرة لاتقاء تعليقات المحيطين الجارحة، أو حتى نظراتهم، فضلًا عن الحفاظ على زيجاتهم.