كلّن عندن سيارات وأنا عندي "بسكليتة"

فريق بسكليته في شوارع جدة. الصورم مقدمة من الفريق

FYI.

This story is over 5 years old.

مرأة

كلّن عندن سيارات وأنا عندي "بسكليتة"

كنا محاطين بنظرات تعجّب واستنكار من المارّة الذين عبروا فيها عن غضبهم، ولم نسلم من محاولات مضايقتنا ببعض الألفاظ ورمي الأشياء علينا

خمسةُ أعوام مرّت على فتوى أصدرتها الشرطة الدينية في السعودية بجواز ركوب المرأة للدراجة الهوائية تحت شروط معيّنة، بعد تحريمٍ دام طويلاً. بالرغم من خلو القانون السعودي من أيّه مادة تنصّ على منع المرأة من ممارسة هذه الرياضة إلا أنّ العرف الاجتماعي السائد والذي يصدح بقول "السيكل بس للعيال" حرمها من حقها. حلمٌ عاشت النساء السعوديات بانتظاره وحاربت لأجله سنواتٍ عدّة، فلا ننسى دور الكاتبة والمخرجة هيفاء منصور بتسليط الضوء على القضية في فيلمها "وجدة" الذي رشّح للأوسكار 2013 والذي يحكي قصة طفلة بالمرحلة الابتدائية تحلم بامتلاك درّاجة هوائية ليأتيها الرد بـ "تحسبين نفسك ولد عشان تركبين سيكل؟ البنات في هالديرة ما يركبون سياكل اذا ركبتي سيكل ما راح تحملين وتجيبين عيال." الربط بين ركوب الدراجة والعقم أو فض غشاء البكارة حجج واهية نشرها وروّج لها المجتمع المحافظ ليُرهب الفتيات من ركوب الدراجات (ومن قبلها قيادة السيارات) ومن نظرة المجتمع لهن وتهديدات البعض بالتحرشّ والإيذاء بحال خرجن لعدم وجود قانون يحميهن. ولكن مع التغييرات الجارية مؤخراً في السعودية، استجمعت عدد من الفتيات السعوديات قواهن وانطلقن بدرّاجاتهن الهوائيّة، في الوقت الذي لم يعتد لأحد رؤية فتاة سعودية تقود دراجة في شوارع المدن الكبرى.

إعلان

نديمة أبو العينين، 18 عاماً، قررت أن تكسر حاجز الخوف وتنطلق في شوارع مدينة جدة الغربية بدراجتها المتواضعة مرتدية العباءة وغطاء الرأس وخوذة الأمان، لتصبح بذلك مؤسسّةً "بسكليتة" أول فريق درّاجات نسائي في المملكة، تاركةً خلفها عواصفٌ من الانتقادات يضجّ بها الشارع السعودي. "أنا طالبة بالمرحلة الثانوية، والدتي هي من شجعني منذ الصغر على ممارسة الرياضة وركوب الدراجة الهوائية. في طفولتي كنت أقود دراجتي في الحي ولكني توقفت عندما كبرت، كما هي العادة في المجتمع،" تقول نديمة وتضيف: "ولكن من تشجيع والدتي وأخواتي عدت لركوب دراجتي بالحي فقط، وعندها فكرت أن أقوم بنشر صوري على انستغرام، وبدأت بنشر صور دراجتي وتماريني وجولاتي وتفاجأت بوجود تفاعل كبير من قبل السعوديات اللواتي يرغبن بتجربة تلك الرياضة. وهكذا اقترحت تأسيس فريق يضم الهواة والراغبين بالتجربة. بدأت بجمع الهواة والتواصل معهم عبر مواقع التواصل استعدادا للتجمّع."

فريق بسكليتة في شوارع جدة - تصوير: ندى يغمور

نديمة تقول أن فريق بسكليته نما بشكل كبر خلال العامين السابقين، "عندما أسست الفريق في عام 2015، كنا 5 أشخاص فقط أنا ووالدتي وبعض من صديقاتي، بينما يصل عدد المنضمات لـ بسكليتة اليوم أكثر من 500 إمرأة من مختلف الأعمار والشرائح، هناك شابات صغيرات وأمهات وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة فركوب الدراجة لا يقتصر على أحد." تشغل نديمة معظم وقتها في ممارسة الرياضة على الرغم من تأثير ذلك على تحصيلها الدراسي، حيث تعمل كمدربة في رابطة التسلق السعودية وهي أول تنظيم سعودي يهتم برياضة تسلق الصخور. كما تمارس السباحة وتشارك دوما في سباقات الجري وغيرها، وحلمها أن تشارك في سباقات عالمية للدراجات وتطمح أن يكبر فريقها ليضم شابات من كافة المدن.

إعلان

جولاتنا في الشوارع العامّة والكورنيش انتهت مع أول حاجز لشرطة المرور. أخبرونا أن ركوبنا للدراجة يحتاج لتصريح رسمي

وكانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "الشرطة الدينية" أوضحت أن المرأة السعودية لها حرية ركوب الدراجات الهوائية والنارية "بشرط أن تكون بكامل حشمتها مع عدم خلع العباءة بحجة القيادة،كما يشترط وجود محرم يصاحبها خوفاً من تعرضها لحادث، كما عليها أن تختار أماكن لا يتواجد فيها تجمعات شبابية لتحمي نفسها من الأذى أو التحرش. فكرة وجود محرم خلال سياقة دراجة تسبب بالكثير من الأخذ والرد على السوشيال ميديا، فأين سيتواجد المحرم خلال قيادة دراجة هوائية؟ وهو ما مثله الفنان محمد شرف (36 عاماً) مصمم جرافيكي كويتي يعيش في نيويورك بشكل ذكي في رسوماته بعنوان "غير ممنوع." "كانت ردة فعل لفتوى عن السماح للمرأة السعودية بركوب الدرّاجة وكانت طريقتي في التعبير عن رأيي والمشاركة في الحدث،" يقول محمد في مقابلة سابقة مع VICE عربية.

"غير ممنوع" لمحمد شرف

سألنا نديمة عن الحاجة إلى مرافقة ولي أمر خلال ركوب الدراجة، فقالت إنها ورفيقاتها لم يحتجن إلى مرافقة، ولكنها تتحدث عن لحظات نزولهم للشارع تخبرني نديمة: "بدأنا التجوّل في شوارع مدينة جدة. لم يصدق أحد ما رآه، كنا محاطين بنظرات تعجّب واستنكار من المارّة معبرين فيها عن غضبهم، لم نسلم من محاولات مضايقتنا ببعض الألفاظ ورمي الأشياء علينا. كان الأمر صعباً جداً في البداية ولكن مع استمرار جولاتنا بدأ المجتمع يتقبّل الفكرة ويرّحب بها. لكنّ جولاتنا في الشوارع العامّة والكورنيش انتهت مع أول حاجز لشرطة المرور. أخبرونا أن ركوبنا للدراجة يحتاج لتصريح رسمي، لم أكن على علم بذلك مسبقا لخلو القانون من مادة تنص بذلك. تقدّمت بطلب تصريح رسمي وتسجيل عضوية لفريق بسكليتة بالاتحاد السعودي للدراجات ولكن لم يصدر القبول حتى الآن."

إعلان

نديمة تقول أن فريق بسكليته نما بشكل كبر خلال العامين السابقين، "عندما أسست الفريق في عام 2015، كنا 5 أشخاص فقط أنا ووالدتي وبعض من صديقاتي، بينما يصل عدد المنضمات لـ بسكليتة اليوم أكثر من 500 إمرأة من مختلف الأعمار والشرائح، هناك شابات صغيرات وأمهات وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة فركوب الدراجة لا يقتصر على أحد." تشغل نديمة معظم وقتها في ممارسة الرياضة على الرغم من تأثير ذلك على تحصيلها الدراسي، حيث تعمل كمدربة في رابطة التسلق السعودية وهي أول تنظيم سعودي يهتم برياضة تسلق الصخور. كما تمارس السباحة وتشارك دوما في سباقات الجري وغيرها، وحلمها أن تشارك في سباقات عالمية للدراجات وتطمح أن يكبر فريقها ليضم شابات من كافة المدن. وعن صعوبة ركوب الدراجة مع ارتداء العباءة، أشارت نديمة الى كانت تقص عباءاتٍ قديمة لها من الأسفل لتسهل الحركة أثناء ركوبها الدراجة، لكنها اليوم تمتلك متجراً صغيراً أسمته "بسكليتة" أسسته في 2016 يقع في ملعب الجوهرة وهو قيد التأسيس إلكترونياً يوفّر "عباءات مخصصة ومحتشمة تتناسب تماماً مع هذه الرياضة."

أعضاء من فريق بسكليتة في شوارع جدة -تصوير: ندى يغمور

وبالحديث عن الرياضة لا يغيب دور الأميرة ريما بنت بندر التي ترأس إدارة الهيئة العامة النسائية للرياضة في السعودية حيث كانت أكبر داعم لـ بسكليتة حسب قول نديمة: "بعد منع تجولنا بسبب التصاريح عدّت لركوب الدراجة بالحي فقط، وبعدها أتاحت لنا الأميرة ريما بنت بندر ملعب الجوهرة الرياضي بجدة مكانا للتجمّع والتدريب. أصبحنا نجتمع به مرتين بالأسبوع أخصّص الأحد لتعليم المبتدئات والثلاثاء للمتمكنات. تحدثت مع رئاسة هيئة الرياضة موخراً وأخبروني أننا سنتمكن بكل تأكيد من التجول والتدريب في الأماكن العامة فور البدء بتنفيذ قرار سياقة المرأة ولن نحتاج بعدها لتصاريح."

أما في الرياض، فتقوم الشابة براءة اللحيدان 25 عاماً، بتدريب الفتيات على ركوب الدراجة في جامعة الأميرة نورة منذ العام الماضي. براءة هي أول دراجة سعودية رشّحت من قبل الاتحاد السعودي لهذا المنصب، وهي تمتلك أيضا منصّة سبوكز هاب وهو متجر يوفّر كل ما يخص الدراجات أنشأته لتشجيع النساء على المشاركة في هذه الرياضة. تحاول براءة نشر ثقافة ركوب الدراجة قدر المستطاع فقد أقامت مؤخرا في الرياض ورشة للشابات لتعليمهم مبادئ ركوب الدراجة.

من الملاحظ أن الإقبال على رياضة ركوب الدراجة في السعودية أصبح ملحوظاً بشدة في الآونة الأخيرة، وهناك اهتمام واسعٌ بالرياضة النسائية في السعودية. ونشرت مؤخراً الأميرة ريما بنت بندر بيانا قالت فيه: "قريباً سيكون هناك عباءات نسائية تلائم رياضة الركض، وثوب نسائي يُناسب رياضة الدراجة الهوائية،" في الوقت الذي أثار تصريح لعضو هيئة كبار العلماء في السعودية عبد الله المطلق، بأن المرأة يمكن أن تكون محتشمة من دون أن ترتدي العباءة، جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي.