سياسة

ماذا يوجد في خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط

رفضت القيادة الفلسطينية الخطة التي تصب في صالح إسرائيل
1580235103756-Israel

دونالد ترامب يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثناء مؤتمر صحفي في البيت الأبيض في واشنطن العاصمة. يوم الثلاثاء 28 يناير 2020. المصور: أندرو هارر/ بلومبرغ

ظهر هذا المقال بالأصل على VICE News بعد طول انتظار أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء الماضي عن خطته للسلام في الشرق الأوسط، واصفاً إياها بأنها خطوة كبيرة نحو تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، غير أن كثيرين اعتبروها أنها جاءت لصالح إسرائيل، وقد رفضتها القيادة الفلسطينية بالفعل.

ظهر ترامب واقفاً بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دون حضور ممثلين عن الفلسطينيين، وأكد تحالفه مع الدولة اليهودية قائلاً: "إسرائيل هي نور للعالم. إن قلوب شعبنا وتاريخه منسوجان معاً."

إعلان

أسهب الرئيس ترامب في كيل المديح لخطته وعما ستفعله بالنسبة لإسرائيل، ليقابل كلامه بتصفيق حار من مسؤولي إدارته والسفراء الأجانب، ثم راح يتحدث عن تأثيرها على الفلسطينيين قائلاً: "لا بد لي أيضاً أن أفعل الكثير للفلسطينيين، وإلا فلن تكون الخطة منصفة، والآن لا تصفقوا لما سأقول."

تعتبر الإدارة الأمريكية الخطة بأنها إعادة تشكيل دراماتيكية للأراضي الفلسطينية يمكن أن تمهد الطريق لإقامة دولة في حال استوفى الفلسطينيون مجموعة من المتطلبات، غير أن الخطة وُضعت دون تدخل من الفلسطينيين، ما دفعَ رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية إلى دعوة القوى الدولية لمقاطعتها، كما تظاهر الآلاف في غزة قبيل الإعلان عنها.

تقترح الخطة ضم المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المحتلة بشكل غير قانوني إلى إسرائيل، وتمنح إسرائيل السيطرة الأمنية على جميع الأراضي التي استولت عليها من الفلسطينيين في عام 1967؛ ولن تفرض على إسرائيل نقل أي من مستوطناتها. كما أنها تعطي الإسرائيليين السيطرة على القدس الموحدة كعاصمة للدولة الإسرائيلية. قالت إدارة ترامب أيضاً إن إسرائيل وافقت، كجزء من الاتفاقية، على عدم بناء أي مستوطنات جديدة لمدة أربع سنوات طالما استمرت مفاوضات السلام.

سيحصل الفلسطينيون على قدر محدود من الاستقلال في الضفة الغربية والقدس الشرقية وخريطة طريق لإقامة دولة على مدار عدة سنوات إن هم نبذوا العنف ووافقوا على التفاوض مع إسرائيل. وقال ترامب إن خطته تتضمن إنشاء عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، وأن الولايات المتحدة ستفتح سفارة هناك.

الفلسطينيين عبروا عن شكوكهم العميقة حول الطريقة التي تفيد بها الخطة موقفهم العام. لقد عقد ترامب ونتنياهو المؤتمر الصحفي في ظل ظروف غير عادية - حيث قدم فريق الدفاع عن الرئيس حججاً نهائية في محاكمة يجريها مجلس الشيوخ حول ما إذا كان ينبغي إقالته من منصبه بسبب إساءة استخدام السلطة، أما نتنياهو فقد أدين مؤخراً بتهم فساد في بلده.

إعلان

تقع الخطة المقترحة في 50 صفحة وقد وضعها صهر ترامب، جاريد كوشنر، وهو خبير عقارات لا يتمتع بخبرة دبلوماسية سابقة. لعب كوشنر دوراً رائداً في محاولة كسر الجمود بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث أمضى شهوراً في العمل على ما أصبح يُعرف باسم "صفقة القرن."

خرجت خطط كوشنر عن مسارها في ديسمبر عام 2017 عندما ترك الفلسطينيون طاولة المفاوضات على إثر قرار ترامب الخروج عن عقود من السياسة الأمريكية وتم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. أثارت خطوة البيت الأبيض حينها احتجاجات شديدة، بلغت ذروتها في أسوأ يوم من أعمال العنف منذ حرب 2014 عندما فتحت الولايات المتحدة سفارتها الجديدة في القدس.

هذه الخطة هي الأحدث في عقود من محاولات الولايات المتحدة للتوسط في السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فقد حاول الرئيس جيمي كارتر حل النزاع في كامب ديفيد في عام 1978؛ في حين كان كل ما حققه الرئيس بيل كلينتون هو مصافحة باليد عام 2000 بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. استضاف الرئيس جورج دبليو بوش جولة فاشلة من المحادثات في أنابوليس، كما حاول وزير الخارجية السابق جون كيري استئناف عملية السلام في عام 2013.

وقال ترامب: "جميع الإدارات السابقة حاولت وفشلت فشلت ذريعاً بدءاً بالرئيس ليندون جونسون، لكنني لم أُنتخب لكي أفعل أشياء صغيرة أو لأتهرب من المشاكل الكبيرة."

لا يسع الولايات المتحدة تنفيذ أي من المقترحات الواردة في هذه الخطة فعلياً، يمكنها دعم سيادة إسرائيل على أجزاء من الضفة الغربية، لكن بدون دعم دولي لن يعني هذا الكثير. قال ترامب إن دولاً عربية أخرى في المنطقة تؤيد خطته وأضاف: "لقد حازت الخطة على إعجابهم، ويعتقدون أنها أمر رائع وتمثل بنظرهم بداية كبيرة، وإن استطعنا أن ننجزها فسيكون ذلك رائعاً."كما قال ترامب إن ممثلين من البحرين وعمان والإمارات العربية المتحدة كانوا في الغرفة لحضور تقديمه لخطة السلام هذه.

تزامن الإعلان عن الخطة مع استعداد إسرائيل للانتخابات الثالثة في عام واحد، فالانتخابات الأخيرة لم تكن حاسمة مع عدم تمكن نتنياهو ولا منافسه بيني غانتز، من حزب أزرق وأبيض من تشكيل ائتلاف حكومي. يمكن تفسير توقيت إصدار الخطة على أنه طوق نجاة بالنسبة لنتنياهو، ويقال إنها وُضعت منذ شهور لكن إدارة ترامب اختارت التريث في الإعلان عنها في انتظار أن تشكل إسرائيل حكومة. وقد أصدر ترامب دعوات مفاجئة لكل من نتنياهو وغانتز لزيارة البيت الأبيض لمراجعة الخطة - في نفس اليوم الذي واجه فيه نتنياهو إجراءً رئيساً في طلبه المثير للجدل بحصانة برلمانية ضد تهم بالفساد.

بعد أن فرغ ترامب من كلامه، أخذ نتنياهو الميكروفون وراح يشيد بترامب لكونه حليفاً قوياً للإسرائيليين. وقال نتنياهو: "منذ زمن بعيد، اعتُبرت أرض إسرائيل، حيث صلى بطاركتنا، ووعظ أنبيائنا، وحكم ملوكنا أرضاً محتلة بشكل غير قانوني، لكنك اليوم سيادة الرئيس تنسف هذه الكذبة الكبيرة."

كما قدّم نتنياهو الشكر لفريق ترامب من المفاوضين قائلاً: "هذا يساعد في حال كان لديك هؤلاء الناس العاملون في العقارات. يمكنهم الإتيان بأشياء لا تخطر ببال البشر العاديين."