Untitled_Artwork 7
اقتصاد

التسويق الهرمي والشبكي- عندما تكون العضوية مقابل المال والنهاية بفقد الأعمال

يجني وكلاء المبيعات المال من خلال تجنيد أشخاص آخرين للقيام بمهمات البيع، بدلًا من بيع المنتجات في حد ذاتها. يعني حلقة مفرغة من زبائن يجذبون زبائن آخرين

عبر ممر طويل يقودك إلى قاعة كبرى ينتظر مئات الأشخاص دخولها لحضور اللقاء الذي تنظمه إحدى الشركات، مشهد يبدو منمق فكل من يمثل تلك الشركة حضر بحلة مميزة مرتديًا بدلة أو رداء رسمي ليصحب من دعاهم للتسجيل وحضور اللقاء، والذي حضره الطلاب والخريجين أملًا في تحقيق الأموال والملايين، بعدما رأى بعضهم أن خوض التعاون مع شركات التسويق الشبكي network marketing هو الملاذ الذي يمكن أن يلبي تلك الطموحات الكبيرة في الثراء بخطوات عاجلة ومكثفة.

إعلان

عادة ما يكون هذا اللقاء جرعة مكثفة من محاولات الإقناع عبر استخدام حزمة من مصطلحات للتحفيز مثل "اكتشاف القدرات وإثبات الذات وتحقيق الحلم" بجانب التعرض لمزايا وفرص الثراء السريع التي يصفها ويعرضها بعض أعضاء تلك الشركات.

كل مشارك في أي من هذه اللقاءات، وأنا واحد منهم، سيعرف هذه التفاصيل، البداية تكون بقيام أحد الموظفين الذي يطلق عليهم "كوتش" بإلقاء كلمة يستعرض خلالها تجربته وما حققه من خلال عمله بالتسويق الشبكي من مكاسب وأموال طائلة، وكيف تحولت معدلات دخله من ما يعادل بضع مئات من الجنيهات أو الدولارات شهريًا إلى عشرات الآلاف في غضون أشهر قليلة، وما استطاع أن يلبيه عمله بالتسويق الشبكي من شراء مسكنه الخاص المميز وسيارته الفارهة، حتى قرر بلا تردد أن يترك عمله الأساسي أو يتفرغ للتسويق.  طبعاً، هو جاهز للإجابة عن أي سؤال بكل رحابة صدر، وبنفس الوقت محاولة إزالة أي شكوك لديك بصحة ما يقوله مع التركيز على تبسيط الموضوع والتركيز دائماً على الربح. التفاصيل غير مهمة، المهم النتيجة، ستصبح غنياً. 

في ظل ارتفاع مستويات البطالة العالم العربي وعدم قدرة الطلاب أو الخريجين الجدد على إيجاد أي فرص عمل، خرجت علينا شركات "التسويق الشبكي أو الهرمي" التي توفر فرص لكسب المال ولا تتطلب أي خبرة أو مستوى تعليمي، ودون إلتزام بمكان أو موعد محدد للعمل.

الأمور التي تبدو too good to be true هي في العادة كذلك. امكانية كسب المال بطريقة سهلة ليس منطقياً. بداية، يجب أن نشير إلى أن "التسويق الهرمي" pyramid marketing محظور تماماً في معظم البلدان (وغير جائز شرعًا كذلك بحسب فتاوى) ولهذا تحتال كثير من الشركات باستخدام مصطلحات "التسويق الشبكي" أو "البيع المباشر" direct selling أو شركات تسويق متعددة المستويات multi-level marketing لنفي أي علاقة مع التسويق الهرمي.

إعلان

ولكن ليس كل شركات التسويق الشبكي هي بالضرورة هرمية. يمكن التمييز بينهم بمعرفة الغاية من كلا منهما، فالتسويق الشبكي يقوم على بيع المنتجات بسعر عادل أو مقبول والحصول على عمولة نظير بيع كل منتج إضافة إلى عمولة للمسوق الأقدم في شبكة المسوقين بناء على حجم المبيعات. التسويق الهرمي في المقابل، لا يكون التركيز به على المنتج بقدر ضم أعضاء جدد كهدف أساسي للحصول على العمولات بتلك الشركات دون وجود منتج ذو قيمة أو بيع ذلك المنتج بقيمة باهظة للأعضاء الجدد وقيامهم بضم أعضاء آخرين بشرط شراء المنتج للحصول على العمولة. كما أن التسويق الشبكي يقدم فرصة إلغاء العمل أو الاشتراك في أي وقت مع إعادة المنتجات (هناك عقد واضح)، في حين أن التسويق الهرمي لا يسمح بإلغاء الاشتراك ولا يعيد أموال الاشتراك، وهذا ما يضطر البعض للاستمرار في محاولة لتعويض خسارتهم. 

تسمى هذه الشركات بالهرمي، لأنها توسس لنظام غير عادل، حيث يحصل وكلاء المبيعات في قمة الشركة على الكثير من المال من خلال استقطاب الآخرين، بينما لا يقوم الأشخاص في قاعدة الشركة (الهرم) سوى بخسارة المال

وفي مقابلة مع VICE عربية، يقول أيمن صلاح، خبير ومتخصص التسويق والمحاضر ببعض الجامعات في القاهرة، إن الخلاف في المسمى بين كونه تسويق شبكي أم هرمي هو خلاف من حيث الشكل بينما يظل المضمون واحد، ويضيف: "تغيير المسمى مرتبط بتصدي بعض الحكومات للتسويق الهرمي واعتباره "نصب" وعمل غير قانوني. ولهذا لجأت الشركات العاملة بالنشاط إلى تغيير مسمى المظلة التي يعملون من خلالها من هرمي إلى شبكي. وتقوم آلية عملها على فكرة استغلال الثقة بين الأفراد في الترويج لمنتجات أو خدمات أو ربما لا شئ سوى عضويات في بعض الأحيان، مع مغازلة من يمثلونها بمنح بعض العمولات نظير كل عميل يستقطبنوه من دوائرهم، بحيث يكون الهيكل التنظيمي لها يضم هؤلاء الأشخاص في شكل شجرة أو شبكة تضم المسوقين ومن ينضم من خلالهم دون تحميل إدارات تلك الشركات أي أعباء مالية."

الفكرة الأساسية لهذا النوع من التسويق هو بيع منتجات رخيصة بأضعاف سعرها الحقيقي كغطاء لما يمكن تسميته "بيع الفرصة" ويعني شراء منتج من إحدى شركات التسويق الهرمي يتيح لك التسويق للمنتج المرتفع السعر وجني المال من العمولات. وتسمى هذه الشركات بالهرمي، لأنها توسس لنظام غير عادل، حيث يحصل وكلاء المبيعات في قمة الشركة على الكثير من المال من خلال استقطاب الآخرين، بينما لا يقوم الأشخاص في قاعدة الشركة (الهرم) سوى بخسارة المال، ولهذا تقوم هذه الشركات بالتستر على حقيقة عملها من خلال استخدام مفهوم التسويق الشبكي أو غيره.

إعلان

يُرجع كثيرون فكرة التسويق الهرمي إلى الإيطالي الذي هاجر إلى الولايات المتحدة تشارلز بونزي، الذي تم وصفه كأحد أكبر المحتالين في العالم. جنى بونزي الملايين من خلال خداع الناس بالاستثمار في كوبونات الطوابع البريدية، عن طريق شرائها من بلد عملتها ضعيفة وبيعها في بلد لها عملة قوية، مما يعني ربح بأكثر من 50% في خلال 45 يوما فقط، وبدأ كثيرون يقبلون على شراء الكوبونات، ولكن لأنه لم يكن هناك كميات كافية من الطوابع لتغطي عدد الراغبين في الاستثمار، فبدأ يقنعهم بضرورة جلب مستثمرين جدد لقائمتعهم حتى تكون نسب العمولات والربح أكبر، وبدأ يسدد الربح للمستثمرين من خلال استخدام أموال المستثمرين الجدد دون وجود فعلي للمنتج الذي يستثمرون أموالهم به. بعد سنوات، تم الكشف عن مخطط تشارلز بونزي، وتم القبض عليه والحكم عليه بالسجن، ولكن حتى بعد وفاته، ما زالت فكرته في جني المال السريع تلقى شعبية. وصار التسويق الهرمي أو الاحتيال الهرمي يُعرف باسمه "مخطط بونزي."

بشكل عام، تستخدم كثير من الشركات التسويق الشبكي كوسيلة لتسويق منتجاتها عبر منافذ المستهلكين المنضمين إليها إلى زبائنهم (بصفتهم قاموا بتجربتها) عن طريق شرائهم لتلك المنتجات كشرط لقيامهم بعملية الترويج والتسويق، وتدفع لهم نسبة من تصريف هذه البضائع. المختلف في مبدأ التسويق الهرمي (مقارنة بعملية البيع والشراء المعروفة) هو أنه يحول كل مشترٍ إلى وكيل للبيع يقوم بالترويج للمنتج مجدداً.

على الرغم من اختلاف شكل أو نوع النشاط الذي يطرحه ممثلي تلك الشركات كواجهة لجذب العملاء، وسواء كانت المنتجات ملابس أو مستحضرات تجميل أو أجهزة منزلية وإلكترونية وحتى تدريبات وكوبونات الخصم، جميعها تقود في النهاية إلى جعل تحقيق الدخل مرهون بضم أشخاص آخرون للعضوية من خلال الأعضاء السابقون، ومن المفترض أن يحصل الأعضاء على أرباح عند قيامهم بالتسويق للمنتج أو عند شراء أحد هذا المنتج عن طريقك. في حال أصبحت عضواً، وبعد أن تقوم بدفع المبلغ المطلوب، ستصبح مضطراً لبيع جميع أنواع المنتجات، ستبدأ بعائلتك وأصدقائك ومن ثم عليك إيجاد مصادر أخرى، لهذا قد تجد شخصاً لم تتواصل معه من أيام المدرسة يتصل بك ويريد بيعك شيئاً ما أو دفعك كي تصبح عضوًا، الموضوع لا ينتهي هنا.

هدف هذه الشركات ليس بيع منتجاتها أصلاً، بل دفع المشترين للتسويق للمنتج نفسه مجدداً، وجذب آخرين، حيث يجني وكلاء المبيعات المال من خلال تجنيد أشخاص آخرين للقيام بمهمات البيع، بدلًا من بيع المنتجات في حد ذاتها. يعني حلقة مفرغة من زبائن يجذبون زبائن آخرين وآخرين إلى أن يتم كشف الشركة لأنها ستصل لوقت لن تستطيع جذب مستثمرين جدد، وبالتالي عدم القدرة على تسديد العمولات للأعضاء، وفور حدوث ذلك، يقوم أصحاب الشركات بالهرب وفي أفضل الأحوال يتم الإيقاع بهم ومساءلتهم قانونيًا.

يوضح صلاح، أن تلك الشركات تعتمد في هيكلها على عدم تحمل أي أعباء أو مسؤوليات تجاه المسوقين لديها والذين عادة ما يكونوا من الشباب الجامعي ويضيف: "تكتفي هذه الشركات بمنح هؤلاء المسوقين العمولات مع حصول من هم على رأس الشجرة أو الهرم على النصيب الأكبر، دون توفير بعض أساسيات العمل بأي مؤسسة مثل الحصول على راتب أو توفير مقر للعمل وعادة ما تكون اللقاءات في أحد المقاهي أو المطاعم. كما لا توفر الشركات التأمين الصحي أو الاجتماعي أو غيرها من المزايا الوظيفية، بل تستفيد الشركة من كل تفصيل، بدءً من العمل دون مقابل وطرح منتجات زهيدة التكلفة بأسعار باهظة، وصولًا إلى عدم وجود محاسبة ضريبية أو عمل في إطار الاقتصاد الرسمي." وتابع خبير التسويق، أن صناعة العلامة التجارية أو "البراند" لا تكون وليدة اللحظة بل تحتاج إلى سنوات، وعلى سبيل المثال العلامة التجارية لـ "كوكاكولا" يصل عمرها لنحو 130 عاماً، ولذا أولى خطوات التحقق من كون ما يعرض على المستهلك في إطار هذا النوع من التسويق هو "وجود منتج معلوم الماركة والهوية والسعر."

إعلان

على الرغم أنه من غير الصعب كشف خداع هذه الشركات، إلا أن البعض يختار أن يتجاهل شعوره بعدم الراحة والشك، وهذا ما حصل مع باتريك شريف، طالب مصري يدرس بكلية الطب، والذي قرر خوض التجربة بناء على اطلاعه على كتب وآراء رجال الأعمال الأجانب وتناولها للثقة في التسويق الشبكي، ولكن بنفس الوقت كان المصطلح له سمعة سيئة بين المحيطين به: "كنت محتار بين الرأيين ومش فاهم ازاي الرأيين موجودين جنب بعض، فحبيت أجرب بنفسي والمخاطرة لكن بحرص وحذر شديد بردوه."

وافق طالب الطب على خوض التجربة مع ممثل إحدى تلك الشركات التي روج عنها أنها "أمريكية الجنسية" نظير دفع قرابة 1،000 دولار في البداية للحصول على العضوية والمنتجات. قرر باتريك التفكير في كل خطواته التي يتخذها والعواقب الناجمة عن ذلك، ولم يمض سوى وقت قصير حتى بدت له الصورة الكاملة، ويقول: "اكتشفت بعد وقت قصير أن اهتمام العاملين بالشركة يتركز على تكوين شبكة من الأشخاص المشتركين وتراجع الترويج للمنتجات كهدف أساسي، وهو ما أكد لي أن كسب العائد الأكبر يكون "من جيوب الناس اللي بيدخلوها مش من بيع المنتجات."

تختلف العمولات التي يحصل عليها المنضم للعضوية ولا يوجد عدد محدد للأعضاء الجدد الذين يجب ضمهم من قبله للحصول على العمولات وفق ما ذكره باتريك، ولكن طبعاً العمولة تزيد كلما نجحت باستقطاب أعضاء جدد.  وهناك باقات مختلفة تحدد العائد نظير كل عضو جديد. على سبيل المثال يحصل الشخص الذي أنضم باتريك من خلاله على 100 دولار نظير ضم عضوين جدد وتزيد في حالة زيادة العدد أو ضم أخرين من خلال باتريك أو العضو آخر.

اعتبر باتريك أن نجاح مفهوم "التسويق الشبكي" في بعض الشركات، هو ناتج عن ترويج المنتجات نفسها بينما بالدول العربية يقوم على ضم الأشخاص للعضوية من أجل تحقيق الربح المالي السريع، ولذا قرر عدم ضم أي أعضاء جدد والعمل على الترويج للمنتجات فقط، التي تضم مستحضرات تجميل وأدوية تخسيس ومنتجات طبية فائقة الجودة. "هذه البضائع جيدة ولكن أسعارها باهظة مقارنة بالبدائل المتاحة في السوق المحلي وهذا ما يجعل من الصعب بيعها بأسلوب تسويقي مهني. كما أن كثير من الأشخاص الذين خاضوا التجربة سابقًا واكتشفوا تفاصيلها يعرضون المنتجات بنصف السعر الرسمي وربما أقل لتعويض خسائرهم بعدما قرروا وقف التعامل مع الشركة."

إعلان

المنتج يكون غائب عن محتوى هذه المؤتمرات، بينما يتم التركيز بقوة على حث المشاركين على العضوية والتأكيد على أن تلك الخطوة هي أولى خطواتهم على المسار الصحيح للنجاح والثراء

يصل متوسط الربح من بيع المنتجات ٢٥٪ من سعرها الرسمي، ولكن التركيز في المقام الأول على ضم الأعضاء الجدد لتحقيق الربح السريع يجعل أغلب من ينضم يهمل بيع المنتجات ويتبع ذات الطريقة لبيعها بأقل من سعرها مما يصعب فرصة العمل المجزي لمن يعتمد على ترويج المنتجات. على مدار عام قضاه طالب الطب كعضو في الشركة شهد خلاله المؤتمرات والتدريبات التي تقدمها الشركة لجذب الأعضاء الراغبين في الثراء السريع ويضيف: "في هذه المؤتمرات المنتج يكون غائب عن محتواها بنسبة كبيرة بينما يتم التركيز بقوة على حث المشاركين على العضوية والتأكيد على أن تلك الخطوة هي أولى خطواتهم على المسار الصحيح للنجاح والثراء والتي يجب أن يكللوها بضم أعضاء جدد لزيادة دخلهم المادي."  يقول باتريك أنه يتم تنظيم تدريبات للمشتركين تتعلق بسبل إقناع الأعضاء الجدد. ويشير أن بعض الأعضاء السابقين للاستمرار رغم عدم اقتناعهم بالفكرة يقومون بالاستمرار لأن الربح السريع دون مجهود يسيطر على قرارهم بالتوقف.

استمر باتريك بالعمل والتعامل مع "نصابين" وفق وصفه من أجل جمع المعلومات التي يحتاجها للكشف عن آلية عمل تلك الشركات ومنع الاستغلال الذي تمارسه، وقام بمشاركة تجربته على حسابه على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، والتي تبعها تواصل وكشف لكثير من الأشخاص له عن تعرضهم لتجارب مشابهة: "تواصل الكثير معي وتحدثوا عن تجاربهم السيئة، ولكنهم خافوا من مشاركة التفاصيل أو محاكمة هذه الشركات،" يضيف باتريك: "نشري لتجربتي  وآخرين غيري اعتبرها كرد لحقوق الناس وبمثابة "فضيحة" ستحمي الكثيرين من التعرض لتجارب مماثلة في ظل عدم اتخاذ أي إجراءات قانونية تجاه تلك الممارسات غير الاخلاقية لهذه الشركات."

في مصر، هناك عدد من الشركات المحلية التي تقدم خدمات التسويق الشبكي أو الهرمي، واحدة منها هي شركة تطرح نفسها كشركة لترويج الملابس والساعات السويسرية، وفق ما أشار إليه هشام أحمد الطالب بكلية الهندسة، والذي انضم للشركة بناء على عرض العمل الذي قدمه إليه صديق مقرب.

"خلال اللقاءات والمؤتمرات التي حضرتها للشركة، تم التأكيد على منح الثقة للمشتركين من خلال عرض السجل التجاري والبطاقة الضريبية للتأكيد على قانونية عملها واللذان ينصان على السماح لها بتسويق الملابس والتدريبات وتنظيم المؤتمرات، كما يقوم العضو المنضم بتوقيع عقد شراء منتج مع الشركة لمنح مزيد من الرسمية والثقة لتلك العضوية. وهذا ما اقنعني بقانونية عملها."

قام هشام بدفع مبلغ مالي يقدر بنحو 10 آلاف جنيه (638 دولار) نظير الحصول على عضوية رئيسية وعضويتان فرعيتان منذ البداية، و3 باقات خصم على الملابس من الشركة.  ويوضح هشام أنه حصل على إجمالي عمولات بقيمة 8 آلاف جنيه (510 دولار) وهو ما يقارب نحو 80% من إجمالي ما دفعه للحصول على العضوية، موضحًا أن العمولات تنقسم إلى عمولات مباشرة نظير ضم أشخاص جدد تكون بنسبة 30% على العضو الواحد، ويكون حساب العضوية على شكل يقارب الشجرة تضم فرعين أيمن وأيسر، يضاف على كل عضو يتم ضمه إليها نقاط تترجم إلى عائد مادي وتعرف بعمولات الموازنة. ويقول: "يحصل العضو على ضم عضوين جدد إلى باقة 3،000 جنيه على قرابة 1،000 جنيه عمولات، كما يحصل العضو الأساسي على عمولات موازنة ونقاط نظير كل شخص ينضم من خلال الأعضاء المنضمين من خلاله للعمل مع الشركة."

إعلان

عمل هشام على ضم نحو 8 من أصدقائه للتعاون مع الشركة خلال فترة عمله لمدة عام قبل أن يكتشف طبيعة عملها، حيث قرر التوقف عن ضم أعضاء جدد. ويشير هشام أن الشركة برغم إعلانها ترويج الملابس إلا أن ضم أعضاء جدد هو هدفها الأساسي كما أن منتجاها الذي يطرح على الأشخاص بعد انضمامهم للعضوية لا يكون في صورة ملابس بل هو باقة الخصومات والتي تمثل 80% من القيمة التي يدفعها الأعضاء الجدد. وتابع هشام: "تحاول الشركة الترويج لجذب العملاء الجدد بالإشارة إلى قيامها بتنظيم رحلات لحضور مؤتمرات يتم خلالها تكريم بعض الأعضاء ومنحهم ترقيات ومكافأت مالية نظير عملهم، إلا أن المشاركة بتلك المؤتمرات تكون مدفوعة من خلال تذكرة قيمتها 300 جنيه يسددها الأعضاء الراغبين في الحضور، وتأتي تلك المؤتمرات في إطار خطوات استعراض الثراء الذي بلغه عدد من الأعضاء منذ عملهم بالشركة، كما تشمل تلك الخطوات نشر صور لشيكات غير قابلة للصرف على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل بعض الأعضاء عن الحصول على ربح من الأسبوع الأول يضاهي راتب شهر كامل أو أكثر في مهن أخرى."

ويشير هاشم أن هذه الشركات تستخدم الرغبة في تملك السيارات كحافز لجذب الأعضاء الجدد أيضًا، من خلال استعراض الأعضاء السابقين خلال اللقاءات والمؤتمرات سهولة تملكها من خلال عضويتهم وعملهم بالشركة، ولكن "تلك السيارات عادة ما تكون مشتراة بنظام التقسيط وتساهم إدارة الشركة بجزء من المقدم للعضو على سبيل القرض حتى تجبره على الاستمرار في العمل، كما أن بعضها تكون مستأجرة."

برغم بعض الحيل التي تتخذها شركات التسويق الهرمية حول الترخيص بدول أجنبية أو خليجية لإضفاء مزيد من الثقة حول نشاطها إلا أنها لا تزال منتجها الأول والأخير هو بيع الوهم

المشهد ذاته مع اختلاف النشاط أو المنتج الذي تستهدف الشركة من خلاله جذب المزيد من الأعضاء تكرر في العديد من الدول العربية من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تتخذ إحدى الشركات من إمارة أبوظبي مقرًا للشرق الأوسط بجانب إعلانها أن مكتبها الرئيسي في المملكة المتحدة، وبرغم كونها نفس الشركة إلا أن ترخيص مقرها الرئيسي في لندن كوكالة إعلان، بينما تنص رخصتها الصادرة عن دائرة التنمية الاقتصادية في أبو ظبي عن كونها شركة للتجارة الإلكترونية يشمل نشاطها الوساطة التجارية والخدمية، والمتاجرة الإلكترونية من خلال المواقع الإلكترونية، وتنتهي رخصتها مطلع يناير من العام المقبل.

تساؤلات كثيرة يطرحها تصفح الموقع الإلكتروني لتلك الشركة والتي تتشابه في تفاصيلها مع كثير من مواقع لشركات التسويق الشبكي، حيث ستجد أن هذه الشركات تقدم كل شيء من السياحة والتكنولوجيا إلى الصحة والتعليم الإلكتروني، إضافة إلى شريط آخر يضم قائمة المنتجات التي تقدمها الشركة ولا يمكن الوصول إليها سوى بالتمرير. ويضم التبويب الخاص بمنتجات الشركة أيضًا مجموعة من حزم العضوية، والتي تشير الشركة إلى أنها تقدم خصومات لحجز الفنادق عبر الإنترنت، وخدمات الاتصالات، وخدمات الطيران، بالإضافة إلى مجموعة من المنتجات والخدمات من فئات وماركات مختلفة، إلا أنها لا تقدم أي تفاصيل حول تلك العروض "شبه الوهمية" مكتفية بعرض صور شعارات تلك الشركات الشهيرة في غموض مثير للجدل قد يسئ لبعض تلك العلامات البارزة حال إتمام بعض العملاء للعضوية ثقة في تلك الشركات المعروضة.  (حاولنا التواصل مع هذه الشركة ولكننا لم نصل لاتفاق حول تفاصيل المقابلة).

ويعد الانطباع الأول الذي قد يتلقاه أي زائر للموقع هو عدم المصداقية أو الجدية، فجميع الروابط التي تشير إلى الخدمات لا تقودك للخطوة التالية عند الضغط عليها بل لأمر واحد وهو طلب هوية الداعم وتحديد دولته واختيار شراء المنتج والانضمام لبرنامج الشركة أو اختيار تأكيد العضوية ووضع رقمها. هكذا تجبر الشركة الراغبين في إتمام المعاملات على التواصل معها لتكون خطوتها التالية هو عرض العضوية الذي تصل قيمته إلى ألفي دولار، مثلما ذكرت إحدى المتعاملات مع الشركة والتي تحفظت على الكشف عن هويتها. من غير الواضح إذا كانت هذه الشركات قانونية أم لا، ولكن لا شك أن هناك شركات تستخدم موقعها في الإمارات كوسيلة إغراء للمشتركين، على الرغم من أن التسويق الهرمي محظور في الإمارات، وإن كانت قد استضافت فعاليات مؤتمر V-UAE 2017 الذي نظمته شركة QNET إحدى شركات التسويق الشبكي الآسيوية الشهيرة.

وكانت وزارة التجارة والاستثمار السعودية قد أعلنت في سبتمبر 2018 عن ملاحقة ممثلو إحدى شركات QNET باعتبار عملها مُجرم قانونًا، كما أشارت وزارة التجارة أن التسويق الشبكي من الأنشطة الممنوعة في السعودية بموجب القرار الوزاري الصادر من وزارة التجارة والاستثمار الذي نص على منع التسويق الشبكي أو الهرمي أو الإعلان عنه أو الترويج له بأي وسيلة كانت، والقرار الوزاري الصادر من وزارة الداخلية الذي نص على أن قضايا الاحتيال المالي، من الجرائم الموجبة للتوقيف.    

وينصح صلاح المقبلين على العمل بمجال التسويق بالتأكد من عروض الشركات والتحقق منها والتواصل مع من عملوا بالفعل بتلك الشركات والتأكد من وجود مقار وهياكل وظيفية محددة معلومة الأطر والمهام، وكذلك البحث عن المنتجات وعلاماتها التجارية ومنشأها ومقارنتها مع نظيرها قبل قرار الشراء. "وبرغم بعض الحيل التي تتخذها شركات التسويق الهرمية حول الترخيص بدول أجنبية أو خليجية لإضفاء مزيد من الثقة حول نشاطها إلا أنها لا تزال منتجها الأول والأخير هو بيع الوهم."

لقد تم حظر التسويق الهرمي لأنه يتسبب بضرر مباشر على القطاع الاقتصادي والتجاري، الحصول على المال دون وجود منتجات أو استثمارات حقيقية، سيؤدي إلى إحداث خلل في النظام المالي. لقد طورت شركات التسويق الهرمي من أساليبها ولا تزال تستهدف الفئات التي تحتاج للمال. مجدداً، إذا كانت الشركة تركز بالدرجة الأولى على تسويق العضوية وليس المنتج فلا تفكر بالموضوع من أصله. ربما اختلفت التسمية شبكي أم هرمي، إلا أن ضحايا تلك التجارب جميعهم أشخاص طموحين خاضوا مخاطرة غير محسومة من أجل كسب مزيد من الأموال، ولكن اختلفت النتائج التي كان أقلها ضررًا خسارة المال بينما امتد الأمر لدى البعض الآخر لخسارة الأهل والأصدقاء وربما الأعمال.