بحسب هؤلاء العلماء نحن على بعد خطوات من اكتشاف كائناتٍ فضائية

باتريشيا سمايلي

FYI.

This story is over 5 years old.

فضائيون

بحسب هؤلاء العلماء نحن على بعد خطوات من اكتشاف كائناتٍ فضائية

كتابٌ آسرٌ جديد يتناول بجديةٍ مسألة وجود حياة خارج الكرة الأرضية من منظور أهم علماء الفلك، الفيزياء الفلكية، علماء الوراثة وعلماء الأعصاب.

ربما تكون الفيزياء النظرية صعبة ومعقدة، "لكنّ جاذبيتها لا تقاوم"، بحسب تعبير عالم الفيزياء الكمّيّة جيم الخليلي الذي قال لي خلال حديث جمعنا مؤخراً: "من السهل أن تجد جمهوراً للعلوم الرائجة أو لفيلم وثائقي على التلفاز عن الانفجار العظيم أو الثقوب السوداء". لقد تطوّرت أعمال الخليلي في هذا المجال إلى كتاب جديد آسر: الكائنات الفضائية : أهم علماء العالم في بحثهم عن حياة خارج كوكب الأرض، الذي يستكشف اعتقاده بالإمكانية الراجحة لوجود حياة فضائية.

إعلان

تبدأ مقدمة كتاب الخليلي، المولود في العراق، ويعيش في المملكة المتحدة بفكاهة: كان الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل إنريكو فيرمي يناقش مازحاً فكرة الصحون الطائرة مع بعض زملائه في مختبر لوس ألاموس الوطني عندما طرح سؤالاً بسيطاً: "أين الجميع؟" يكتب الخليلي: "قصده أن الكون هائل للغاية ويحتوي الكثير من الكواكب، مما يجعل من غير المنطقي أن يكون كوكب الأرض المكان الوحيد حيث تزدهر الحياة، إلا إذا كان كوكبنا "مميزاً بشكل مثير للدهشة وغير مبرّر".

كتاب الكائنات الفضائية الذي صدر في أيار/ مايو الماضي عن دار نشر بيكادور، يكمل الطريق التي يخيّل لنا أن حوار فيرمي في لوس ألاموس كان يمكن أن يسلكها: علماء جادّين، في حوار مبتذل أحياناً مع بعضهم البعض، يـقرّون بأن الإجابة على سؤال – هل من أحدٍ آخر هناك؟ - كان دوماً مسعى شخصيات غريبة، تؤمن بنظرية المؤامرة، ومهووسة بالمنطقة 51 (قاعدة عسكرية تجريبية أمريكية)، وباختطاف الكائنات الفضائية للبشر.

على العكس من ذلك، نجد أن كتاب الخليلي يعرض مقالاتٍ تعتمد على البحث العلمي كتبها علماء بارزون في الفلك، الفيزياء الفلكية، الوراثة، والأعصاب، وتطرح كتاباتهم حيزاً واسعاً من أساليب التفكير في مسألة وجود حياة خارج كوكب الأرض. هذا ويعالج عددٌ من علماء البيولوجيا الفلكية فكرة ما تستلزمه الحياة، وأيٌّ من الكواكب والأقمار قد تتمتع بالتركيبة المناسبة. على سبيل المثال، يتناول عالم الأعصاب أنيل سيث الذكاء "الفضائي" للأخطبوط هنا على الأرض؛ ويتنبّأ عالم الكونيات مارتن ريس باحتمالية اندماج البشر مع الآلات الذكية وسعيهم لاستكشاف الكون بصفتهم جنس سايبورغ جديد.

لكن في المجمل، يركّز هؤلاء الخبراء على سؤالٍ واحدٍ جوهريّ: هل الحياة مميزة، حدثٌ فريد شبه مستحيلٍ قد حدث هنا على كوكب الأرض؟ أم أنها سهلة الحدوث، تقريباً لا مفرّ منها، عبارة عن شرارة تبتدئ حيث تكون الظروف موائمة؟ إنه سؤال قديم، ويقول الخليلي، إنّه قد تكون وأخيراً لدينا التقنية اللازمة للإجابة عليه.

إعلان

صورة من جيم الخليلي

فايس : ما الذي جذبك للأسئلة التي يتناولها الكتاب؟ هل كان لديك اهتمامٌ خاص منذ الصغر بفكرة الكائنات الفضائية؟

جيم الخليلي: ليس الأمر متعلقاً بالكائنات الفضائية، بل على الأكثر السؤال عمّا يميّـز الحياة. على الأرجح، يجد كل العلماء هذا الموضوع آسراً. هناك أسئلة محددة في العلم لا نملك لها إجابات، والتي نقول إنها الأسئلة العظيمة: ماذا كان هناك قبل الكون؟ قبل الانفجار العظيم؟ كيف بدأت الحياة على الأرض؟ كيف تحولت الكيمياء إلى بيولوجيا؟ ما هي طبيعة الوعي؟ هذه هي الأسئلة التي تتجاوز التخصصات العلمية. إن جئت بكيميائيٍّ، فيزيائيّ، عالم أحياء، عالم كومبيوتر – سيفتنون جميعاً بهذه الأسئلة.

عندما كنت صغيراً، أعتقد أنني كنت مهتماً بالكائنات الفضائية مثلي مثل الجميع. أنا معجبٌ بالخيال العلميّ. لكنّ السؤال، بالنسبة لي، كان في الحقيقة عمّا هو مميز بشأن الحياة، كيف بدأت على الأرض وما إذا كانت مناسبة بشكل فريد للأرض.

الكتاب جديّ، لكنّ الاهتمام بوجود حياة خارج كوكب الأرض لا يتمتع بسمعة " علميّة "…

أخبرني أحدهم ذات مرةٍ أن نصف الانترنت مخصصٌ لنظريات المؤامرة المتعلقة بعمليات خطف الكائنات الفضائية للبشر والأطباق الطائرة. في الغالب أن نسبة النصف مبالغ فيها، لكن هناك الكثير الكثير، من مسلسل "أكس فايلز"، وصولاً إلى أفلام الخيال العلمي، لدرجة أنه من المستغرب التفكير بأن العلماء قد يعاملون مسألة وجود حياة خارج كوكب الأرض بأي جدية. وهذا ما أضاف للكتاب ميزةً غير مسبوقة. حيث يبرز الكتاب حقيقة أن هناك الكثير من الأسئلة التي يهتم بها العلماء والتي يمكن لك أن تنظر لها بجدية. إن كنت حقاً تريد أن تعرف احتمالية وجود أقزام خضر اللون في مكان ما من الكون، ها هي الآراء العلمية في الموضوع، من جميع النواحي. لذا، فإنّ الكتاب موجهٌ ليكون موضع اهتمامٍ للجمهور الأوسع لكنه يتعامل مع الأسئلة بطريقة ناضجة.

إعلان

ذكرت أن تحوّلاً قد حدث في المجتمع العلمي حول أخذ الموضوع بجدّية بعيداً عن حقبة تخيّل الأقزام الخـضر . هل لديك أفكار عن كيفية وتوقيت حدوث هذا التحول؟

لقد حدث التحوّل بسبب التطورات في علم الفلك واستكشاف الكون في آخر عقدين من الزمن. عندما بدأنا بإرسال مهام استكشاف إلى المريخ، إلى أقمار كواكب الغاز الضخمة، زحل، المشتري، وبدأنا نصبح فعلياً قادرين على دراسة الأماكن التي يحتمل وجود حياة فيها ضمن نظامنا الشمسي. وفي ذات الوقت، في العقد الماضي، اكتشفنا كواكباً تدور حول نجومٍ تقع خارج نظامنا الشمسي؛ كواكب خارجية. إنّ علم الفلك يتطور بشكل متسارع لدرجة أن ما كان غير وارد من عشر سنوات، أصبح اليوم حقيقة. اليوم، ليس بإمكاننا التحديد بدقة النجوم التي تدور حولها كواكب، ولكننا نستطيع أيضاً النظر إلى تلك الكواكب وحتى معرفة ما إذا كان لها غلاف جوي.

يمكننا ذلك من خلال الضوء الذي يخترق الغلاف الجوي صادراً من النجم الذي يدور حوله الكوكب، بإمكاننا دراسة ذلك الضوء ويمكن لذلك أن يخبرنا بالتركيبة الكيميائية للغلاف الجوي خاصته، ولذلك أن يخبرنا بدوره عن العناصر، والجزيئات، والمركبات التي فيه، وما إذا كان يمكن أن تتواجد بشكل طبيعي هناك أم أن لابدّ من وجود حياة لتكوينها. لذا فإن هذه التطورات في علم الفلك واستكشاف الكون أصبحت فجأة تعني أن بإمكاننا تناول هذه المسألة. لقد وصلنا إلى درجةٍ أنني متفاءل بأن يحدث هذا خلال حياتي، ومن المرجّح أننا سنكتشف حياةً ما في مكان آخر.

واو.

قبل عشر سنوات، لا أعتقد أنني كنت فكّرت بهذا. اليوم تجتمع كل هذه الأمور سوياً. أحد المساهمين في هذا الكتاب (بروفيسور في الكيمياء الحيوية المتطورة) نيك لين، يتحدث عن لبنات بناء الحياة. ما الذي تحتاجه؟ هل هناك ما هو سحريّ؟ هناك جزيئاتٌ تصبح أكثر تعقيداً، ثم في النهاية يصبح لديك شيء باستطاعته عمل نسخٍ من نفسه، وهذا هو السلف الأول للحياة. حتى وقتٍ قريب، كنا نعتقد أنّ هناك خطوة مفقودة – "ثم يحدث بعض السحر" – لتحصل على البيولوجيا من الكيمياء! لكن يبدو أن لا حاجة لأي خطوات سحرية. أعتقد أن هناك إجماع بين العلماء أنه سيكون من المفاجئ فعلاً إن لم نعثر على حياة في مكان آخر، خلال فترة حياتنا. لربما لا تكون حياةً مثيرة للاهتمام، لن تكون على شكل رجال في صحون طائرة، ستكون حياة مجهرية. لكن هذا سيكون كافياً للعلماء.

إعلان

" علم الفلك يتطور بشكل متسارع لدرجة أن ما كان غير وارد من عشر سنوات، قد أصبح اليوم حقيقة . لقد وصلنا إلى درجة أني متفاءل بأن يحدث هذا خلال حياتي، من المرجح أننا سنكتشف حياة أخرى في مكان آخر ".

إذاً بخصوص السؤال الكبير في الكتاب، والذي يمكن صياغته هكذا : هل الحياة على الأرض مميزة وفريدة أم أنها عادية؟ وهناك الكثير من الحجج التي يسوقها كل طرف أين تضع نفسك شخصياً على طيف الاعتقاد؟

هناك طيفٌ واسع من الآراء بين العلماء المطّلعين. لذا فإن حقيقة أنّي في الوسط ترجع لكوني تأثرت بكلا الطرفين. رأيي الساذج في الموضوع هو أننّا نعلم بوجود حياة في مكان ما: على كوكب الأرض. بدأنا بملاحظة أن الظروف على كوكب الأرض ليست فريدة. سامحني على التشبيه، لكن الكثير من الظروف انحازت من أجل ذلك، يجب أن نكون بمسافة صحيحة من الشمس، يجب أن نمتلك غلافاً جوياً، يجب أن يكون لدينا قمر ليعطينا الموج، يجب أن يكون هناك كوكبٌ كبير مثل المشتري ليمتص كل حطام الكواكب حتى لا تصطدم بنا. لكن هناك الكثير من المجموعات النجمية، هناك الكثير من الكواكب الخارجية الأخرى، في مجرتنا لوحدها لابدّ أن هناك الملايين، المليارات من كواكب الأرض الأخرى التي تتمتع بالظروف الضرورية للحياة. لذا فإنّـنا، بهذا المنطق، لسنا فريدين.

لكنّ ذلك لا يعني أننا نعلم كيف بدأت الحياة، لمجرد أن هذه الظروف وجدت. نعلم أن الحياة على الأرض بدأت سريعاً بعدما بردت بما فيه الكفاية لتنشأ الحياة، منذ حوالي 4 مليارات سنة. ها نحن اليوم بعد مضيّ هذه الفترة، حيث لم تـكن الأرض إلا كرةً من نار. لم تكن ملائمةً لأي شيء. لذا، سرعان ما أصبحت الظروف جيدةً للحياة، وبدأت الحياة. لكنها لم تتطور لتصبح معقدة إلا لاحقاً، بعد وقتٍ طويل. لذلك أنا مع الرأي بأن الحياة في شكل خلية وحيدة بسيطة يمكن ألّا يكون صعباً. ويمكن تقريباً أن تكون واسعة الانتشار في الكون. لكن حياة متعددة الخلايا، الحياة التي يمكن أن تتطور لكائنات حية معقدة، والتي يمكن لبعضها أن يطوّر وعياً وذكاءً وحضارات – هذه على الأرجح الخطوة الأصعب. ما مدى صعوبتها، لا نعلم ذلك بعد.

أتساءل ما إذا يمكنك الحديث أكثر قليلاً عن دور الراديو، التلفاز والأقمار الصناعية في الاتصال، وموقع ذلك في البحث عن حياة جديدة . لماذا يفترض الناس أن الكائنات الفضائية ستستخدم أيضاً هذا النوع من وسائل الإشارة والتواصل؟

لقد بدأنا بفرضية أو فكرة أن قوانين الفيزياء وقوى الطبيعة هي ذاتها في كل أرجاء الكون. نحن على معرفة بأربعة من هذه القوى. اثنتان منها فعالة داخل النواة؛ القوى النووية. ويتبقى قوة الجاذبية والقوة الإلكترومغناطيسية. بينما قوة الجاذبية محدودة من حيث استخدامها في التكنولوجيا، فالقوة الإلكترومغناطيسية متعددة الاستخدامات: الضوء هو قوة إلكترومغناطيسية، وموجات الراديو هي قوة إلكترومغناطيسية. لذا فإنها وسيلة لإرسال معلومات من مكان لآخر. لذلك فإننا نفترض أن الحياة أياً كان شكلها في مكان آخر، حتى وإن لم تكن مبنية على الكربون، يمكن أن تكون بماهيةٍ تتخطى مخيلتنا حقاً، ما زلنا نعتقد أنهم سيستفيدون من القوى الإلكترومغناطيسية. إنها على الأرجح طريقة كونية في التواصل.

لذا إن كنا لنعلن عن وجودنا لباقي الكون، إذاً ربما تكون الحياة في مكان آخر تقوم بالأمر ذاتـه. ولذلك بالضبط فإن كل برنامج SETI يتمحور حول الإنصات للكون لسماع بعض الإشارات الإلكترومغناطيسية التي باعتقادنا لا يمكن أن تكون قد نشأت من الطبيعة. بالطبع نحن لم نعلن عن وجودنا للكون إلا من 100 سنة، عندما قمنا بتطوير الراديو للمرة الأولى. لذا فإن موجاتنا من الراديو امتدّت في نطاق 100 سنة ضوئية. وفي الحقيقة لا توجد الكثير من المجموعات النجمية في هذا النطاق. إن الكون شاسعٌ، هناك مليارات النجوم في مجرتنا، لكن لا توجد إلا حفنةً منها في ذلك النطاق. بالطبع، فإن حضارةً فضائية قد تكون باشرت بالإعلان عن وجودها للكون منذ ملايين السنين، حسب علمنا، لذا فإن هذه الإشارات، إن تمكنا من التقاطها، قد تكون سافرت عبر مسافات هائلة، لن تعني أن بإمكاننا القول: "أهلاً، نحن هنا" ثم نـنشئ معهم اتصالاً. لكن مجرد المعرفة بأن هناك حياة في مكان ما ستكون فارقة.