ألعاب فيديو

Cyberpunk 2077 أو كيف تخسر سمعتك في شهر واحد

كيف تحولت هذه اللعبة من أكثر الألعاب المنتظرة إلى أضحوكة الإنترنت
cyberpunk_2077
CD Projekt

ذكاء إصطناعي منعدم، شخصيات مختفية، سيارات طائرة ومعدل إطارات كارثي، لم يكن إطلاق لعبة Cyberpunk 2077 في شهر ديسمبر عادياً أبداً. نجحت اللعبة في بيع 13 مليون نسخة بعد 10 أيام من نزولها في الأسواق، ولكن الثمن الذي دفعه المطور CD Projekt كان باهظا جداً نتيجة ردود الفعل الساخطة من اللاعبين بسبب الأداء الكارثي للعبة.

المطور CD Projekt لم يعتد على هذه السمعة السيئة، فقد حظي هذا الأخير باحترام العديد من اللاعبين بعد لعبة The Witcher 3 التي تعتبر من أفضل ألعاب الجيل القديم، وقد حازت على أكثر عدد من الجوائز في التاريخ قبل أن تتجاوزها The Last of Us 2. بالنسبة لهذه اللعبة، كل الظروف المساعدة على النجاح كانت متوفرة، سقف توقعات مرتفع، لاعبون متحمسون، ولعبة تم التسويق لها على أنها ثورية في عالم الألعاب المفتوحة. إنها الوصفة المثالية للنجاح، أو الإخفاق التام.

إعلان

ربّما كانت الكارثة واضحة للعيان حتى قبل صدور Cyberpunk غير أن الكثيرين مثلي تجاهلوا هذه العلامات. بدأت المشاكل في الظهور عقب التأخيرات المتتالية للعبة، ووسط انتقادات كبيرة لظروف العمل التعسفية التي تعرض لها المطورون، ودفعهم للعمل ساعات طويلة من العمل الإضافي قبل إصدار اللعبة.

المرات الثلاث التي تأجّل فيها إطلاق اللعبة اعتبرت أنها انعكاس لرغبة المطور في إصدار اللعبة بأحسن صورة ممكنة. والسؤال هنا، إذا كانت CD Projekt على علم بحالة اللعبة الكارثية، فماذا كنا سنشهد لو لتم يتم تأجيلها منذ البداية؟ تشير بعض التقارير إلى أن اللعبة تفتقر إلى سنة كاملة من التطوير لتكون بحالة مقبولة، جزء مني يودّ رؤية المنتوج الفظيع الذي كان سيصدر في بادئ الأمر لنكون شاكرين لما حصلنا عليه في النهاية.

صدرت اللعبة يوم 10 ديسمبر 2020 على الحاسب الشخصي، Playstation 4 و Xbox One وسط إنتقادات لاذعة من اللاعبين، بسبب أدائها على الأجهزة المنزلية التي تراوح بين جنون معدلات الإطار وغباء الذكاء الإصطناعي والأعطاب التقنية الناجمة عن ذلك. الأمر الأكثر سوءًا هنا، هو محاولة CD Projekt إخفاء هذه المشاكل قصداً مما تسبب بشكل مباشر في إدانتها قضائيًا بتهم تتعلق بمغالطة الرأي العام والإشهار الكاذب. وتجلى ذلك عبر تعمد عدم إظهار أي مقاطع من اللعبة على أجهزة PS4 و Xbox One وتقييد الناقدين والمراجعين بتجربة نسخة الحاسب الشخصي التي كانت أقل سوءا نسبيًا. 

بعض هؤلاء المراجعين قد نبّهوا إلى ممارسات مريبة، كما تطرق البعض منهم للخيارات المثيرة للجدل كطريقة تصوير العابرين جنسيًا ومعالجتهم كأغراض جنسية دون أي عمق حقيقي في التطرق للموضوع. من هنا، بدا وكأن Cyberpunk 2077 قد نجحت في الإساءة إلى الكثيرين بدءًا من اللاعبين أنفسهم ومواقع ألعاب الفيديو وصولاً إلى القضاء، حيث قام مستثمرون برفع قضايا على المطور معربين عن صدمتهم وتعرضهم للخداع عن حالة اللعبة النهائية.

إعلان

بعد ردات الفعل السلبية، هرع اللاعبون إلى خدمة عملاء Sony و Microsoft للمطالبة باسترداد أموالهم، مما وضع هاتان الشركتان في وضع محرج أمام صعوبة التعامل مع هذا الطلب على المستوى الهيكلي، خاصة وأن CD Projekt قد دعت اللاعبين إلى التعامل معهما مباشرة أو من خلال محلات البيع العادية.

كان من الواضح أن الوضع قد استفز Sony مما جعلها تعيد أموال المشترين قبل أن تحذف اللعبة من متجرها الإلكتروني في سابقة هي الأولى من نوعها، فقد آثرت حذف اللعبة بأكملها على التعامل مع الكم الهائل من المشاكل التي جناها عليها CD Projekt. لم تتبع Microsoft نفس السياسة، ولكنها حرصت على وضع تحذير على متجرها حول وضعية اللعبة والمشاكل التقنية المرتبطة بها. أود فقط الإشارة إلى الإطار الزمني القصير الذي وقع فيه كل هذا الهلع والجنون، ففي شهر واحد تقريبًا، ضربت CD Projekt بسمعتها بعرض الحائط وأصبحت لعبتها المنتظرة محل سخرية.

اعتذرت CD Projekt عن كل ما حصل، واعتبرته خطأً ناجم عن سوء تدبير المسؤولين الإداريين أمام التصور الكبير للعّبة والمجهود المبذول من قبل المطوّرين لتحقيقه (لعلّ المطورين هم أكبر ضحية في كل هذا). حالًيا، يتم إصدار بعض التحديثات لتحسين مستوى التجربة، ولكن العديد من المشاكل لا تزال موجودة. كل خبر عن Cyberpunk أصبح دعوة عامة للاستهزاء باللعبة، ولا أظن أن هذا الأمر سيتوقف إلا إذا تم التعديل بشكل كامل، وهو ما سيأخذ وقتاً طويلاً بلا شك.

قد تؤدي قراءة سطحية لما حدث إلى الإعتقاد بنجاح اللعبة تجارياً، ولكنه نجاح مبني على توقعات وإنتظارات اللعبة قبل إصدارها. لقد أثرت هذه المشاكل على سمعة CD Projekt وثقة اللاعبين بها بشكل أكبر بكثير من مبيعات تحققت بسبب أساليب خداعية سرعان ما تم كشفها.

 شخصيًا، أنا ممتن لقراري بعدم شراء اللعبة قبل صدورها، على الرغم من ثقتي العمياء السابقة في المطور نتيجة إحترامي الكبير لابداعهم في The Witcher 3 والتي لا أستطيع العودة إليها دون فهم النقلة التي مرّ بها الأستوديو، من مطّور واحدة من أفضل التجارب التي خضتها إلى صاحب أسوأ إطلاقة حديثة في تاريخ ألعاب الفيديو.