شباب

اعترافات شخص يتظاهر بالصيام أمام عائلته وأصدقائه

أفزع من حلول رمضان لأنه يعني أنني سأضطر إلى أن أدعي عكس
رمضان

لقد بدأ شهر رمضان، ووالدتي في المطبخ أمام موقد ساخن تستعد لتحضير وليمة كبيرة لوقت الإفطار. والدتي تبلغ من العمر 64 عامًاً وتعاني من مرض السكري ولكنها تُصرّ على الصيام. أما بالنسبة لي، فقد تناولت وجبة سمك مقلي مع بطاطا، لكن عائلتي تعتقد أنني صائم.

هذا الأمر مستمر منذ سنوات.

يتطلع معظم المسلمين في العالم إلى بلوغ رمضان كل عام لأنهم يرون أنه شهر روحاني لتكفير الذنوب وجعلهم أكثر نقاءً وتهذيبًا للنفس، حيث يقومون بالصيام عن كل منكر لمدة ثلاثين يوماً من شروق لغروب الشمس. الصيام خلال هذا الشهر هو أحد أركان الإسلام الخمسة، ولهذا في بعض البلدان الإسلامية قد يؤدي الجهر بالإفطار إلى غرامة أو السجن. إذا كنت تؤمن بذلك حقًا، فمن المنطقي أن تصوم، ولكن بالنسبة لي الأمر مختلف، ولكن المسلمين من حولي لا يعرفون ذلك.

إعلان

العديد من شباب الألفية غير ملتزمين دينيًا، لكننا نأتي من عائلات متدينة، وينتج عن هذا الأمر، صراع أيديولوجي بين الأجيال الأكبر سنًا والأصغر سنًا

لسوء الحظ، فإنني والكثير من الشباب من عمري يفزعون عند مجيء شهر رمضان لأنه يعني أننا سنكون غير صادقين مع أصدقائنا وعائلاتنا بسبب تظاهرنا بالصيام أمامهم. أنظر، هناك العديد من الأسباب التي تجعل الشخص الذي يأتي من بيئة إسلامية لا يصوم خلال شهر رمضان، فقد يكون لديه الإيمان بالدين ولكنه لا يأخذ تعاليمه وأوامره بجدية كما ينبغي- هؤلاء قد يعتقدون أن الصوم مناسب للمسلم الملتزم، ويعتبرون أنفسهم مجرد مسلمين عاديين. السبب الآخر هو أنهم قد يكونون قد تركوا الدين تماماً، لكنهم لم يُعلنوا ذلك إلى مجتمعهم المسلم، وهذا الأمر يعاني منه العديد من الشباب الذين يأتوا من هذه خلفيات متدينة. الكثير من شباب الألفية غير ملتزمين دينيًا، لكننا نأتي من عائلات متدينة، وينتج عن هذا الأمر، صراع أيديولوجي بين الأجيال الأكبر سنًا والأصغر سنًا. هذا الصراع تم تصويره حتى في الثقافة الشعبية المعاصرة، من مشهد أكل لحم الخنزير المُقدد في مسلسل عزيز أنصاري "Master of None" إلى كميل نانجياني في فيلم The Big Sick حيث تبرأ الوالدان من شاب مسلم يريد الزواج من امرأة أمريكية بيضاء.

يحدث هذا في العديد من بيوت المسلمين، حيث يعتنق الجيل الأول من جيل الألفية آراءً مختلفة عن الدين. نحن ننظر إلى أنفسنا كمسلمين بل ونتحدث علناً عن التمييز ضد المسلمين، لكننا بعيدون عن الممارسة الفعلية. يُمكن أن يكون رمضان بالنسبة لنا أمر شديد التعقيد، نظرًا لأنه أمر روحاني مهم في الإسلام، فبدلاً من الاعتراف بحقيقة عدم صومنا لعائلتنا وحتى أصدقائنا، نحاول تأجيل الموضوع، نقول لأنفسنا أنه علينا فقط اجتياز هذا الشهر فقط. هناك من قد يصوم البعض بدون نية روحانية حقيقية، وإنما فقط للاستعراض، وقد يبذل الآخرون قصارى جهدهم لتجنب أقاربهم المسلمين وعائلاتهم معًا.

إعلان

كثيرون يقومون بالصيام لتجنب الحكم القاسي عليهم من المسلمين الآخرين، هم لا يصومون من أجل الصيام نفسه

ولكن ربما تكون أكثر الممارسات غير الصادقة في هذا الشهر هي ما أسميه "الصيام المزيف" وهو الشخص الذي يتصرف كما لو كان صائماً طوال اليوم و"يكسر صومه" في الليل وكأنه لم يكن قد أكل البرغر وشرب الكولا طوال اليوم. كثيرون يقومون بالصيام من أجل أن يبقوا ظاهريًا مسلمين متدينين. يقومون بذلك أحياناً لتجنب الحكم القاسي عليهم من المسلمين الآخرين، هم لا يصومون من أجل الصيام نفسه خلال شهر رمضان، والذي من المفترض في الواقع أن يكون رحلة روحانية لتهذيب النفس من أجل الاقتراب من الله. بالنسبة لي، كان إخفاء حقيقة أنني لست صائماً عن المسلمين من حولي، أمرًا صعبًا في بادئ الأمر، لكنها أصبحت الآن مهارة أُتقنها. هذا يتوقف على حجم المدينة التي تعيش فيها وعدد المسلمين فيها، فكلما كانت المدينة أصغر، كلما كان الأمر أكثر صعوبة، فإذا كنت مرتبطًا بمسلمين تعرفهم، فأنت بالتأكيد لا تريد أن تُضبط متلبساً بتناول قهوة ستاربكس مزينة بطبقة من الكاراميل أثناء النهار، سيرمقونك بنظرة حادة مليئة بخيبة الأمل.

لقد كانت هناك أوقات كنت أنظر فيها يمينًا ويسارًا قبل أن أشرب المياه خلال قيادتي لسيارتي في ضواحي المدينة خلال النهار، وعندما أخرج لتناول طعام الغداء، أتأكد دائماً من تناول الطعام في المطاعم التي لن يقترب منها المسلمون. لنفترض أنك نجحت بذلك، ولم يرك أحد تتناول الطعام أو الشراب، سيتبقى لك التحدي النهائي وهو أنه عليك أن تتصرف وكأنك جائع تماماً مثل أفراد عائلتك الصائمين عند غروب الشمس. ثم يأتي الوقت الذي تبدأ فيه فعلاً بالشعور بالذنب، في تلك اللحظة التي تجلس لتناول الطعام مع الجميع وكلهم يشعرون بالرضا عن صومهم والاستمتاع بالطعام بعد أن كانوا يتضورون جوعاً طوال اليوم. أحيانًا يمكن لأشخاص معينين أن يعرفوا أنك مُفطر عن طريق النظر إليك، وهي حاسة سادسة غريبة لديهم، وعليك فقط أن تأمل ألا يخبروا أحدًا.

التحدي النهائي وهو أنه عليك أن تتصرف وكأنك جائع تماماً مثل أفراد عائلتك الصائمين عند غروب الشمس

كل هذا يضعني وآخرين مثلي في مأزق غريب، إما أن نخرج ونعترف أننا لا نصوم وأن نواجه أي رد فعل عنيف، أو نستمر في العيش في هذه الكذبة لمدة شهر من كل عام. حتى أقرر اتخاذ القرار المناسب، سأكون قد انهيت وجبتي المفضلة ومن كباب الدجاج مع الأرز.