مقال رأي

الحرية والمساواة والأخوة.. والكيلوت!

بعد مرور عقدين من القرن الواحد والعشرين على ثورة الـ سانس كيلوت، تبرز حركة اجتماعية جديدة على الضفة الأخرى من المتوسط تهاجم الذين لا يرتدون الكيلوتات
27023578137_bacde86a4c_k

في 28 فبراير 1791 خرج الضابط الفرنسي غوتييه ليصف المتظاهرين ضد الملك لويس السادس عشر بأنهم "جيش بلا كيلوت." كان غوتييه يريد إهانتهم، فالأغنياء فقط هم من كانوا يرتدون الكيلوتات في فرنسا الملكية، بينما الطبقة العاملة والفقيرة كان يرتدون السراويل الطويلة، ولذلك كان يطلق عليهم "السانس كولوت" sans-culotte. مع الوقت أصبح هذا الوصف عنوانًا لواحدة من أهم الثورات في التاريخ الإنساني، ثورة الذين لا يرتدون الكيلوتات.

إعلان

ووفقا للموسوعة الحرة، فقد كان يُنظر لـ "سانس كيلوت" أو "الذين لا يرتدون الكيلوت" على أنهم الأبناء الأصدق والأكثر أصالة للثورة الفرنسية، وتم اعتبارهم تمثيلات حية للروح الثورية. خلال ذروة الحماس الثوري، عندما كان من الخطر الارتباط بأي شيء معاد للثورة، تبنى الموظفين العموميين والمسؤولين من خلفيات الطبقة الوسطى أو العليا ملابس وعلامة "سانس كولوتيس" كدليل على التضامن مع الطبقة العاملة والوطنية.

المؤرخ الماركسي ألبرت سوبول أكد على أهمية "السانس كيلوت" كطبقة اجتماعية من البروليتاريا التي لعبت دورًا مركزيًا في الثورة الفرنسية، وكانت تتكون طبقتهم بشكل أساسي من الحرفيين والعمال وصغار التجار، مجموعة غير متجانسة تشكل الطبقة المتوسطة التي رفضت تحكمات طبقتي النبلاء ورجال الدين وثارت عليهم واستطاعت تغيير النظام بأكمله في فرنسا. لقد كان تأثير الذين لا يرتدون الكيلوتات عظيمًا، وكانت المقصلة هي الإختراع المفضل لهم للتعامل مع مناهضي حركتهم، وبها تم إعدام المئات بداية من الملك نفسه وزوجته الملكة ماري أنطوانيت، ومرورًا بالمعارضين لأفكار الذين لا يرتدون الكيلوتات.

الآن، تبرز حركة اجتماعية جديدة على الضفة الأخرى من المتوسط تهاجم الذين لا يرتدون الكيلوتات، نتحدث عن حركة الذين يرتدون الكيلوتات أو "الأفيك كيلوت avec culotte" وفي حين اختار "السانس كيلوت" المقصلة لأنها في وجهة نظرهم وسيلة "قتل رحيمة" تنهي حياة الإنسان بسرعة وبدون الكثير من العذاب، فالذين يرتدون الكلوتات في 2022 (بالإشارة إلى الضجة حول فيلم أصحاب ولا أعز) اختاروا وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة آمنة للجبناء و المذعورين تمكنهم من الاغتيال الاجتماعي والشخصي والخوض في الأعراض والشرف والتزيد وادعاء الفضيلة والحكمة، ولكن ببطء ومع الكثير من العذاب.

ربما لم ينتبه أحد أن الكيلوتات في المرتين كانت مجازية، ولم يلتفت أعضاء حركة "الافيك كيلوت" في  2022 بأن الزمن يتغير، فـ "السانس كيلوت" دار بهم الزمن بسرعة وتراجع الناس عنهم، ولا أحد يعرف متى ينفض الناس عن أعضاء حركة "الافيك كيلوت" الجديدة المناهضة لخلع الكيلوتات، خاصة أنها محدودة التأثير حتى الآن، فهي تكتفي بمهاجمة شخص واحد (منى زكي في هذه الحالة)، ولم يمتد هجومها لباقي طبقة الفنانين والمثقفين.

هل يا ترى من الممكن أن تمتد لتشعل ثورة كبيرة يقودها عناتير (جمع عنتر) السوشيال ميديا وينتج عنها تغييرات جذرية في المجتمع الفني؟ هل يمكن أن يقود "الافيك كيلوت" تيار كبير يعيد سيطرة السينما النظيفة من جديد؟ أم إن الحل سيكون في لفتة عبقرية لأحد المديرين بفتح فرع جديد للأفلام النظيفة في نتفيلكس؟ وهو حل مماثل لما قام به البنك الأهلي المصري عندما تصاعدت الاحتجاجات على الفوائد الربوية للبنوك فقام بافتتاح فرع للمعاملات الإسلامية، وكأن باقي الفروع مخصصة لمعاملات الكفار!

الكيلوتات واحدة، والثورات مختلفة...