سينما

آمال كبيرة معلقة على المهرجان السينمائي الأول في السعودية

"الجهد المبذول لإقامة مهرجان البحر الأحمر جعلني أشعر وكأنه كان يقام لسنوات طويلة في السعودية"
FilmStill_Reeducated_02

لقطة من فيلم "إعادة تأهيل" الذي سيتم عرضه ضمن برنامج السينما التفاعلية في مهرجان البحر الأحمر في السعودية في ديسمبر. الصورة مقدمة من المهرجان.

بدأ العد التنازلي لاستقبال أهم الأحداث المنتظرة بالساحة الفنيّة، أيام قليلة تفصلنا عن الاحتفال بمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بدورته الافتتاحية في ٢٠٢٠، بعد إلغاء النسخة الأولى بسبب جائحة كورونا. سيقام المهرجان في مدينة جدة، التي احتضنت حواريها "سينما الأحواش" في الستينات قبل أن تغلق كل الصالات السعودية في الثمانينات ثم تعود لافتتاح دور العرض مجدداً في 2018. 

إعلان

ومع احتفائنا بعودة السينما، نحتفي بإطلاق المهرجان الذي يعتبر إضافة مهمة للصناعة السينمائية المحليّة والعربية وخاصة بعد توقّف مهرجان مهرجان أبوظبي السينمائي عام  2015 والذي استمر لمدة ثماني أعوام، ليلحقه بعدها توقّف لمهرجان دبي السينمائي الدولي في 2017. يعد زوال المهرجانين الذين كانا حلقة وصل مهمة بين السينما العربية والعالمية خسارة للساحة الفنية، وانطلاق مهرجان البحر الأحمر خطوة مُنتظرة للمّ شمل الفنانين واحتضانهم وإبراز المواهب الجديدة.

"نحن بأمس الحاجة لوجود مهرجان بالمنطقة يعكس القصص المحليّة ويشاركها مع العالم. مهرجان البحر الأحمر هو ملتقى ضروري لصناع الأفلام ولتطوير هذا القطاع،" تقول المخرجة السعودية هند الفهّاد لـ VICE عربية والتي تشارك بالمهرجان بفيلمها "بلوغ" الذي تعاونت في إخراجه خمس مخرجات سعوديات (سارة مسفر، جواهر العامري، نور الأمير، فاطمة البنوي). الفيلم الذي سيُعرض لأول مرّة في المهرجان، هو فيلم أنثولوجي طويل يشمل خمسة أفلام قصيرة تركّز على حياة المرأة السعودية.

 وتضيف هند، التي ستعرض فيلمها "شرشف" ضمن برنامج سوق البحر الأحمر: "مهرجان البحر الأحمر سيكون بيئة خصبة لإنتاج مشاريع سينمائية محلية وعربية، وسيساهم بتطوير المهارات والمواهب من خلال تقديم ورش ودورات تواصل مع ذوي الخبرة من المشاركين وطرح حلقات نقاشية. سوق المهرجان له دور كبير أيضاً في دفع العجلة الإنتاجية السينمائية من خلال صناديق التمويل لإنتاج الأعمال السعودية."

إعلان

يضم المهرجان 11 برنامجاً، من ضمنها مسابقة البحر الأحمر الرسمية للأفلام الطويلة والقصيرة، كنوز البحر الأحمر، وسينما سعودية جديدة لعرض أفلام محليّة قصيرة وطويلة وروائع عربية وعالمية، بالإضافة لبرنامج السينما التفاعلية الذي سيعرض في "حي جميل" ويضم 13 فيلم ينافس على جائزة اليُسر الذهبي للسينما التفاعلية، إضافة إلى جائزة نقدية بقيمة 10 آلاف دولار. سوق المشاريع سيضم 23 مشروعاً قيد التطوير، تتنافس جميعها على جوائز نقدية وعينية تصل إلى 700 ألف دولار أمريكي.

يعرض مهرجان البحر الأحمر بالمجمل 138 فيلماً من 67 بلداً منها 25 فيلماً في عرض عالمي أول، و48 فيلماً في أول عرض عربي، و17 فيلماً في عرضها الأول في منطقة الخليج. الجميع متشوق للمشاركة في المهرجان ومشاهدة الأفلام مع الجمهور بشكل مباشر، كما يُعبر عن ذلك صنّاع الأفلام السعوديين خلال حديثهم عن تجهيزاتهم واستعداداتهم للمهرجان. 

"متحمّس جداً لحضور المهرجان ومشاهدة أفلام جديدة محليّة وعالمية. كما أنني أتطلع لعرض فيلمي في المهرجان وسماع آراء الجمهور ولقاء مخرجين وخبراء في الصناعة،" يقول المخرج السعودي رامي الزاير، والذي يشارك بفيلمه القصير "يوم فقدت نفسي." ويضيف: "وجود المهرجان سيتيح لنا الفرصة الاطلاع على تجارب مختلفة، وبناء علاقات مع صانعي الأفلام من جميع أنحاء العالم والتعاون معهم في أعمال فنيّة مشتركة. أود الإشادة بالاهتمام الذي يوليه المهرجان لصناع الأفلام الجدد بشكل خاص، أؤمن بأن المهرجان سيساعد الهواة على صقل مواهبهم الفنية وتطوير أدواتهم من كل الجوانب في المجال السينمائي."

إعلان

يحكي فيلم "يوم فقدت نفسي" قصة سالم، رجل يعاني من القلق بسبب أزمة مقتبل العمر، وقبل دخوله لمقابلة عمل، يجد نفسه عالقاً في مصعد مع رجل كبير السن، فتحدث له أشياء تغيّر مجرى حياته. عرض الفيلم في مهرجان أفلام السعودية، مهرجان لندن للأفلام القصيرة ومهرجان مينا السينمائي الدولي، واختير لعرضه في مهرجان البحر الأحمر ضمن فئة "سينما سعودية جديدة."

سيقدم سوق البحر الأحمر برنامج ورش عمل المشاريع قيد الإنجاز، حيث ستعرض مشاريع في مرحلة الإنتاج أمام العاملين في صناعة السينما، بحضور مخرج ومنتج كل مشروع. وسيكون هناك ورش وندوات خاصة لدعم المواهب الناشئة بمنطقة الخليج لتطوير أعمالهم خلال برنامج أيام الموهوبين، وسينظّم السوق جلسات للتواصل مع محترفي صناعة السينما لتسهيل التعارف بين العاملين في صناعة السينما الإقليمية والعالمية، من منتجين وممولين وموزعين ومبرمجين المهرجانات السينمائية من جميع أنحاء العالم. 

المخرج فارس قدس، والذي فاز فيلمه شمس المعارف العام الماضي بمنحة "صندوق تمهيد" التابع لمؤسسة مهرجان البحر الأحمر، يشارك هذا العام في سوق البحر الأحمر لعرض فكرة فيلمه الجديد على المنتجين والمستثمرين. ويقول: "سعيد جداً بالتسويق الضخم للمهرجان ورؤية إعلاناته تملأ الشوارع ومواقع التواصل، وسعيد بكوني جزء من ذلك. وجود المهرجان شي رهيب لي شخصياً كمخرج ولجميع صنّاع الأفلام بالسعودية، بعد وجود مساحة تجمعنا كصنّاع أصبح بإمكاننا دعوة أصدقائنا من جميع الدول لتعريفهم على ثقافتنا وبيئتنا الفنيّة ولمتابعة آخر التطورات بالمجال."

إعلان

يسترجع فارس ذكرياته قبل عشر سنوات من الآن، حيث كان يصنع الأفلام كهواية غير معترف بها كمهنة مستقلة بالسعودية، "اليوم ومع وجود المهرجان أصبحت الصناعة السينمائية وظيفة رسمية يمكن العمل بها والاعتماد عليها كدخل أساسي."

ويضيف: "المهرجان يعتبر خطوة مهمة جداً، كونه سيخلق فرص عمل لا محدودة للشغوفين بالصناعة السينمائية ويبرز مواهب جديدة ستدهش الساحة الفنيّة. نحن نمر حالياً بتطورات كبيرة في صناعة السينما وهذا المهرجان هو أحد أهم وأبرز معالم ازدهار المجال في السعودية. هناك مواهب لا تحصى لم تخرج للعامة بعد ستتعرفون عليها من خلال المهرجان سواء بالأفلام القصيرة أو طويلة لمخرجين سيعرضون أعمالهم لأول مرة. وجود المهرجان وفّر فرص عمل للكثير من الموهوبين، الكثير من زملائي يعملون الآن على مشاريع مختلفة للمهرجان، سواء أفلام قصيرة، أو فيديوهات إعلانية، وهذا ينعش الصناعة المحليّة. الجهد المبذول لإقامة المهرجان جعلني أشعر وكأنه كان يقام لسنوات طويلة في السعودية."

ويكرم المهرجان في دورته الافتتاحية المخرجة السعودية هيفاء المنصور والممثلة المصرية ليلى علوي، وكذلك الفرنسي جاك لانغ، رئيس معهد العالم العربي بباريس. وستصاحب عروض الأفلام أنشطة وفعاليات متنوعة منها حفل موسيقي للاحتفاء بالعصر الذهبي للسينما المصرية مع ريم خشيش وفرقتها، وحفل آخر لفرقة واي آر ميوزيك السعودية.

بالإضافة إلى ذلك، سيتم عرض ثمانية أفلام ضمن برنامج "كنوز البحر الأحمر" في دورته الافتتاحية من بينها فيلم "الاختيار" (1971) ليوسف شاهين، وفيلم "دعاء الكروان" (1995) لهنري بركات. وسيعرض البرنامج كذلك نسخة مرممة من فيلم "بييرو المجنون" الذي أنتج عام (1965) لجان-لوك غودار. وقد تم تخصيص هذا البرنامج للاحتفاء بأفلام كلاسيكية حاصلة على جوائز، وتركت بصمتها في ذاكرة المشاهدين لإعادة اكتشافها وتقديمها من جديد.

مهرجان البحر الأحمر يعتبر المهرجان السينمائي العالمي الأول في السعودية، التي حظرت دور السينما لأكثر من 3 عقود. محلياً، هناك مهرجان "أفلام السعودية" الذي أطلق دورته السابعة في يوليو هذا العام، وهو من تنظيم جمعية الثقافة والفنون بالدمام، بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء" ودعم من هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة.

يمكنكم حجز التذاكر لحضور مهرجان البحر الأحمر والاستمتاع بمشاهدة الأفلام المحليّة والعالمية والتعرّف على ثقافات متنوعة وقصص مثيرة للدهشة من حول العالم عبر موقع المهرجان. يمكنكم كذلك حضور ورش وندوات وجلسات مع محترفي السينما، فقد تغريكم البرامج بالدخول لعالم السينما وخوض تجربة جديدة تجدون إلهامكم بها. 

يقام مهرجان البحر الأحمر السينمائي في الفترة من 6- 15 ديسمبر، أما سوق البحر الأحمر فسيقام من 8 إلى 11 ديسمبر.