FYI.

This story is over 5 years old.

ثقافة

أشخاصٌ يموتون في سبيل التقاط الصورة المثالية لنشرها على الانستغرام

لاحظتِ السُلطات ارتفاعاً في عددِ الإصاباتِ المرتبطةِ بمنشورات الإعلام الاجتماعي. يُخبرُنا المُصوّرون عندما يكون الأمر يستحق العناء وعندما لا يكون.

شترستوك

ظَهَرَت هذه المقالةُ في الأصلِ على فايس كندا بعد قضاءِ ساعتينِ في التقاطِ صور عند ممر مُشاة تشيدوك في هاميلتون أونتاريو، بدأت براندون تراهان البالغةُ من العمرِ 22 عاماً وأصدقائها بالعودةِ إلى البيت. مَمَر المشاة الذي يقع في قلب المدينة عامر بالهضاب المستديرة، الشلالات، وأميال من الطبيعة الجميلة. بَعدَ أن خرجوا عن مسارهم بسبب خندق طيني سَـد الطريق الرئيسي، قرّرَت تراهان وأصدقاؤها أن يسلكوا مساراً غير مسموح به على طول ممر المشاة. انتهى بها الأمر أن ارتطم فَـكُّها بصخرة في طريقها للأسفل، ما أدّى إلى كسر في الرُسغ وكسر في الفكّ في ثلاثة مواضع.
تقوم تراهان بزيارة شلالات المدينة التي أصبَحَت مشهورة على انستغرام بانتظام من أجلِ التقاطِ الصور، وتلكَ كانت واحدة من أسوأ الإصابات التي تعرضت لها.

إعلان

"كانت الكاميرا معي، وكُـنت قد التقط الصور قبل وقوع الحادث، لكن في طريقنا للأسفل لم نكُن نلتقط الصور" تقول تراهان. "لكن الوصول إلى هذه الأماكن للحصول على هذه الصور، يُمكن لذلك أن يكون خطيراً بعضَ الشيء أحياناً". على مدى السنواتِ الماضية الأخيرة، شَهِدَت هاميلتون التي يُشار إليها بعاصمة الشلالات في العالم تدفُّـقاً من قاصديها المصورين المحترفين منهم والهواة. قُـم بالبحثِ عن أيٍّ من شلالات المنطقة على انستغرام، وستجدُ آلافاً من الأرجل المُتدلية من فوق الجُرف، بالإضافةِ لصور السيلفي المأخوذة من على ارتفاعات شاهقة. فيما تحظى الصور الخطيرة بالكثير من الاهتمام على وسائل الإعلام الاجتماعي، إلّا أنّ وقوع عدد من الإصابات وحوادث الوفاة في المنطقة قد تسببَ بضجة كبيرة. في العامِ الماضي، اضطرَّ قسمُ الإطفاءِ في هاميلتون إلى تنفيذ 25 عملية إنقاذ جوي لأشخاص في مُحيط الشلالات، الأمر الذي شكّل زيادة بنسبة 65 بالمائة مقارنة بـ 2015. وقد تمّ تسجيل عدد من حالات الإنقاذ بالفعل هذا العام، نتجَ عن بعضها إصابات وحتى وفاة مُصوّر يافع في الشهرِ المنقضي. والمسألةُ أبعد ما تكون عن كونها محلية فقط. هذا الشهر فقط، تمّ إنقاذ شقيقين من حدائقِ سكاربورو بلافس في أونتاريو بعد محاولة لهم لالتقاطِ صور السيلفي، وفي تلكَ الأثناء تمَّ اعتقال رجُلين مُجهزينِ بمعدات وكاميرات لتسلُقهم 50 إلى 70 قدماً من ارتفاع جسر بوابو الأسود في فانكوفر. مؤخرا تزايدت الوفيّـات الناجمةُ عن التقاط الصور والسيلفي، والأسبابُ الأكثرُ شيوعاً لذلكَ هي الغرق، الطلقات النارية، التصادم مع قطارات، ويتصدَّر القائمة السقوط من ارتفاعات شاهقة. في مطلعِ هذا العام، غرِقت فتاة في الحادية والعشرين من عمرها في مياه سد، فيما كانت وأصدقاءها يلتقطون صور السيلفي على صخرة في نهر وايكاتو في نيوزيلاندا. وفي مارس، سَقَط مُراهقين ولقيا حتفهم بعد التقاط الصور على قمة جُرف في المملكة المتحدة، وبعد ذلك ببضعة أشهُر، قُتِل رجُل في الهند بواسطةِ قطار قادم فيما تموضعَ مع صديق لالتقاطِ سيلفي على السكّة. أن تكونَ مُبدعاً على انستغرام وغيره من مواقع الإعلام الاجتماعيّ قد يكونُ صعباً، لذا فمِن المُغري القيام بأمر خطير بعض الشيء من أجل الحصولِ على لقطة جيدة. لكن السلطات تنبّهت للأمر وبدأت تتخِذ خُطوات في سبيل ردع مُستخدمي انستغرام. كارا بان، مديرة حدائق ومقابر هاميلتون، قد عَمِلَت على ترسيخ الكثير من معايير السلامة حول الشلالات لمنع وقوع المزيد من الإصابات والوفيات. "إنَّ الأمرَ لا يستحقّ" تقول بان عن الأشخاصِ الذين يلتقطون صُوراً خطيرةً من أجلِ انستغرام في منطقة الشلالات. "لا أستطيعُ التقاطَ أنفاسي عندما أُشاهدُ هؤلاءِ الأشخاص. حتى إن كُنتَ بالفعل مُـتسلقاً مُـخضرماً، إن خطوت خطوة واحدة بشكل خاطئ أو كانَ ممرُ المُـشاة مُتآكلا، يُمكنُ أن تَجِدَ نفسكَ تتهاوى للأسفلِ سريعاً" بِهَدَفِ ردعِ الزوّارِ من سلوكِ مساراتٍ غيرُ مُصرّحٍ بها، قامَ قسمُ بان مؤخراً بنصبِ سياجٍ حديديّ وإشاراتٍ تحذيريةٍ بالمخاطر، وغرامةً أقصاها 10,000 دولار في حال تخطي السياج، وحتى أنهم قاموا بتمويه المسارات بالحُطامِ والأغصانِ المكسورة. بان تُرجعُ الفضلَ إلى مواقع التواصل الاجتماعي في زيادة عدد الزائرين. "إنهُ ينتشر مثل النار في الهشيم على وسائل الإعلام الاجتماعي لأنّ تلك الصور الخلابة لك واقفاً على الشلالات تميل لأن تُصبحَ الصورةُ التي يريدُ أحدٌ آخرَ أن يلتقطها لنفسه" تقول بان. "لكنها لا تُخبركَ بقصّةِ الخطرِ الذي صاحَبَ الوصولَ إلى هناك. لذا، قد يأتي الكثيرُ من الناسِ إلى هُـنا دونَ إدراكِ ما يُقحمونَ أنفسهم فيه". منَ المفهومِ أنّ إمكانيةُ الحصولِ على اللقطةِ المثاليةِ غالباً ما تدفعُ المُصورّينَ لتجاوزِ الحُدودِ في كلِّ مرّة. مِثلَ أيِّ فنان، تحقيقُ ذلكَ الهدفُ قد يكونُ مُجدياً بشكلٍ لا يُقارن – بما في ذلكَ من ناحيةٍ مالية.

إعلان

مُتسلّقُ الأسطُحِ والذي يعيش في مدينة نيو يورك أدريان سي المعروف ب opoline@ على انستغرام هو واحد من بين الكثير من مصوّري هذه الأيام المُستعدين للتسكُع على أسطُحِ ناطحاتِ السحاب لالتقاطِ صُور تحبسُ الأنفاس. صاحبُ الحساب الذي يمتلك 54,000 مُتابعاً، أدريان قد أقدمَ على الكثيرِ من المهامِ الخطيرة التي لا يستطيعُ مُتابعوه فعلها. بحسبِ ما يقول، فإنّ أحد أكثر انجازاتهِ تفرُّداً كانَ اعتلاء مبنى 432 بارك أفينيو، أعلى مبنى سكني في نصف الكرة الأرضية الغربيّ حيثُ يبلغُ ارتفاعهُ حوالي 1,400 قدم. استغرقت تلكَ المُهمة من أدريان أياماً من البحث، التنكر بزيّ عاملِ بناء في الساعةِ الرابعةِ صباحاً، الوقوعُ تقريباً في قبضةِ الأمنِ على السطح، وتسلّقِ رافعةٍ للوُصولِ إلى الحافة. "عندما تبدأُ بالصعود، تُدركُ ما جَلَـبْـتَ على نفسكَ. بَدأتِ المُخاطرةُ عندما بدأتُ بالتفكيرِ في القيامِ بذلك" يقولُ أدريان. "في اللحظةِ التي تخطُرُ لك، ليسَ بإمكانِ أيِّ شيءٍ إيقافُـك. تكبُرُ الفكرةُ أكثرَ وأكثر ويُصبحُ الحصولُ على الصورةِ نوعاً من الهوس. وبطريقةٍ ما، ينتهي بكَ الأمرُ بفعلِ ذلك".

يقول أدريان بأنه في كلِّ مرةٍ يخرج فيها من مبنىً، يجتاحهُ شعورٌ بأنه يريدُ تكرارها. ذلكَ الشعورُ بالشغفِ وجريانِ الأدرينالين في الدمِ هو ما يدفعُ الناسَ للمُخاطرة هكذا.

إنهُ بالتأكيدِ مُدركٌ للمَخاطرِ وعلى علمٍ بالأشخاصِ الذين لقوْا حتفهم في نيويورك أثناء سعيهم للقيامِ بما يفعله.

"هذهِ هيَ طبيعةُ الأمر، لا تستطيعُ التنبؤ. يُمكنُ أن يحدثَ الأمرُ لي. يُمكنُ أن يحدثَ لأيّ أحدٍ يقومُ بتجربةِ القيامِ بذلك" يقولُ أدريان. "لستُ الشخصَ المناسبَ لأقولَ لا تفعل هذا، لكن إن توجّبَ عليكَ فعلُهُ، فحاول أن تفعلهُ بأقصى درجةٍ من الحذر، واعياً لكونكَ أقدمتَ على مُخاطرة".

إعلان

بروفيسورة علمِ الاجتماع في جامعةِ ويسترن أونتاريو أنابيل كوان-هاس تعترفُ بسطوةِ الإعلامِ الاجتماعيّ وقدرتهِ على تشكيلِ قراراتِ الناسِ في العالمِ الحقيقيّ وإقدامهم على المخاطرات".

"الإعلامُ الاجتماعيّ هو اقتصادٌ مبني على تلقَي الانتباه من الآخرينَ حيثُ هُـناكَ مئاتُ الآلافِ من الصور، لذا فإنّ الشبابَ في الغالبِ مُستعدونَ لمواجهةِ المخاطرِ في سبيلِ الحصول على لقطةٍ تجذبُ انتباهَ الآخرين" تقولُ كوان هاس. "من وجهةِ النظرِ تلك، يُمكنُ لوسائلِ الإعلامِ الاجتماعيّ أن تخلقَ ميلاً أكبرَ للمُخاطرةِ وتجعلَ الحدَّ ضبابياً بينَ كونِ المُخاطرةِ صحيّةً وبينَ تعدّيها حدودَ المقبول".

فيما لا تقومُ كوان هاس بتشجيعِ الشبابِ أن يخضعوا لقدرهم طوعاً أو كرهاً، إلّا أنّها تطرحُ فكرةَ كونِ الإقدامِ على المخاطرةِ جزءٌ من النضوجِ وأحياناً ضرورةً من أجلِ النجاح .. إلى حدٍ ما".

يلفتُ النظر أدريان إلى أن الهدفَ من تسلقهِ للمرتفعات هو إلقاءُ الضوءٍ على المجهول.

"لنفترض أنّ جداراً ضخماً يعلو أمامكَ، سيُفكرُ بعضُ الناسِ في ما هو خلفَ الجدارِ وحسب. نحنُ من النوعِ الذي يتسلّقُ الجدار. نحنُ نرى ما يحصُلُ فعلاً خلفَ ذلكَ الجدار. ثُـمّ نعودُ أدراجنا ونعرضُ صورنا على الناسِ الذين لا يستطيعونَ تخطّي الجدار"، يقول. "أظنُّ أنّـك تُـولدُ بذلك".

على الجانبِ الآخرِ من الحدود، تُـعبّرُ تراهان عن رأيٍ شبيه لكن أكثرَ تحفظا.

تقول: "بعضُ الأحيانِ يكونُ عليكَ أن تخطو خارجَ حُدودِ راحتكَ لتتمكنَ من الحصولِ على اللقطاتِ الجيدة". "لكنّي لا أعتقدُ أنّ عليكَ الابتعادُ كثيراً جداً للحدِّ الذي يُعرّضُ حياتكَ للخطر".