GettyImages-1231476501

شباب يرفعون ملصقًا يرحب بالبابا فرنسيس فوق أنقاض منزل مدمر بجوار أنقاض كنيسة الحبل بلا دنس للسريان الكاثوليك في مدينة الموصل القديمة شمال العراق، التي دمرها تنظيم الدولة الإسلامية سابقًا. تصوير زيد العبيدي، وكالة الصحافة الفرنسية/غيتي إيميجز.

أخبار

من العراق، بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف العنف

"فلتصمت الأسلحة"، "وليكن الدين في خدمة السلام والأخوّة"

على موسيقى النشيد الوطني ورقصات الجوبي العراقية، تم استقبال البابا فرنسيس، في زيارة هي الأولى من نوعها لبابا الفاتيكان إلى العراق. ووصل البابا فرنسيس إلى مطار بغداد أمس الجمعة وسط إجراءات أمنية مشددة، بعدما قال للصحفيين: "إنه شعر أن من واجبه القيام بتلك الزيارة الرمزية، لأن العراق عانى كثيراً ولفترة طويلة."

زيارة اليوم
في لقاء غير مسبوق، التقى البابا اليوم المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، البالغ من العمر 90 عاماً في مدينة النجف الشيعية، والذي نادراً ما يظهر في العلن. ويعتبر السيستاني من أهم مراجع الشيعة في العالم البالغ عددهم مئتي مليون، ويمثلون عشرة بالمئة من من 1,8 مليار مسلم.

إعلان

ويتمتع السيستاني بتأثير سياسي ومعنوي في العراق منذ الاحتلال الأمريكي للعراق وسقوط نظام صدام حسين، الذي فرض عليه الإقامة الجبرية. وقد طلب من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر التخلي عن العمليات المسلحة ضد القوات الأميركية، وفي أسوأ مراحل الاقتتال الطائفي في العراق (2006-2007)، ذكّر بأنه محرّم على مسلم أن يقتل مسلماً آخر. ولكن في العام 2014، حثّ العراقيين على مناهضة تنظيم الدولة الإسلامية وإنشاء ما عرف لاحقاً بالحشد الشعبي، الذي تم اتهامه بانتهاكات لحقوق الإنسان.

وينتمي السيستاني الى المدرسة الفقهية الشيعية العراقية، وهو يناهض "ولاية الفقيه" التي يمثلها علي خامنئي في إيران، وتقوم على إعطاء أولوية لرجال الدين على السياسيين المدنيين. وبحسب المدرسة الفقهية في النجف، على رجال الدين أن يكتفوا بتقديم المشورة دون التدخل بالشؤون العامة، ولهذا من المستبعد أن يقوم السيستاني في توقيع وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي سبق أن وقعها البابا مع إمام الأزهر خلال زيارته لأبوظبي. 

إعلان

وبعد ذلك سوف يحضر البابا فرنسيس اجتماعًا مشتركًا بين كافة الأديان والطوائف في موقع مدينة أور الأثرية، الذي يعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم. 

ويشكل المسيحيون واحدًا في المئة من سكان العراق، وهناك أقل من 250 ألف مسيحي في العراق، ويعيش معظمهم في سهل نينوى وإقليم كردستان شمالي البلاد. أغلبية المسيحيين هم من الكلدان الكاثوليك، الذين تحتفظ كنيستهم الشرقية بطقوسها الخاصة لكنها تعترف بسلطة البابا في روما، والبقية ينتمون إلى كنيسة المشرق الآشورية التي يُعتقد أنها أقدم الكنائس في العراق، وهناك كذلك السريان (الأرثوذكس والكاثوليك) والأرمن (الكاثوليك والرسوليين) والإنجيليين والبروتستانت.

فلتصمت الأسلحة
وخلال كلمة ألقاها أمام رئيس الجمهورية العراقية، برهم صالح، في قصر بغداد أمس، دعا بابا الفاتيكان إلى التصدي لآفة الفساد وسوء استعمال السلطة "بعد أكثر من سنة على خروج العراقيين بعشرات الآلاف إلى الشارع محتجين على الطبقة السياسية الفاسدة في نهاية 2019." بالإشارة إلى المظاهرات التي شهدتها العراق ضد الفساد وسوء الأحوال المعيشية. كما دعا إلى وقف العنف والتطرف وعدم التسامح، وأضاف: "فلتصمت الأسلحة"، "وليكن الدين في خدمة السلام والأخوّة." كما شدّد البابا على ضرورة "ضمان مشاركة جميع الفئات السياسية والاجتماعية والدينية، وأن نؤمن الحقوق الأساسية لجميع المواطنين. يجب ألا يعتبر أحد مواطنًا من الدرجة الثانية."

إعلان

وخلال زيارته أمس لكاتدرائية سيدة النجاة التي شهدت مقتل 52 شخصاً في هجوم شنه تنظيم القاعدة عام 2010  توجه البابا إلى المسيحيين قائلاً "نجتمع اليوم في كاتدرائية سيدة النجاة هذه، ونتبارك فيها بدماء إخوتنا وأخواتنا الذين دفعوا هنا ثمن أمانتهم للرب... غاليًا."

هدية استثنائية 
وقد تم اهداء البابا فرنسيس قطعة من العراق عبارة عن منحوتة تشكل نسخة مصغرة للوحة درب الصليب التي حفرها النحات محمد غني حكمت، أحد أشهر نحاتي العراق، التي حفرها أحد أشهر نحاتي العراق على جدار كنيسة بغدادية.

هذه النسخة التي صنعت خصيصاً على شرف الحبر الأعظم، تمثّل المراحل الـ14 لدرب الجلجلة التي سلكها المسيح حتى صلبه. وأشرف ياسر حكمت، نجل حكمت الذي توفي في 2011، على إعداد المنحوتة التي تمثِّل المحطة السادسة من درب الصليب "فيرونيكا تمسح وجه يسوع." وقال حكمت لفرانس برس: "هي تمثل رمزاً بالنسبة للعراق، لأن نحاتاً عربياً مسلماً صنع درب آلام السيد المسيح.. وهي تمثل العراق كله، الذي لا تمييز فيه بين الطوائف."

جدول يوم الأحد
يوم الأحد سيتوجه البابا إلى مدينة الموصل شمالي البلاد، حيث ستقام صلاة في كنيسة الساحة من أجل من سقطوا في الحرب مع تنظيم الدولة الإسلامية التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى من المدنيين. كما يزور البابا قره قوش، أكبر بلدة مسيحية في العراق قبل وصول تنظيم الدولة الإسلامية الذي تسبب بتفريغ المدينة من سكانها الذين خيروا بين دفع الجزية أو اعتناق الإسلام أو القتل. وقد عاد المسيحيون بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية عام 2017 لترميم كنيسة المدينة وإعادة بناء منازلهم. 

وبعد ظهر ذلك اليوم، سوف يقيم البابا قداسًا في الهواء الطلق يحضره آلاف الأشخاص في ملعب في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق. وبسبب التدابير الوقائية من وباء كوفيد-19، سيحضر القداس نحو أربعة آلاف شخص حجزوا أماكنهم مسبقا للمشاركة فيه، علمًا أن المكان يتسع لعشرين ألفًا.