Vice02
القلب المكسور

كيف أتعامل مع هوس أهلي بالزواج والخلفة؟ وكيف أتخطى شخصًا أساء معاملتي عاطفياً: نصائح من القلب المكسور

لا أحد يستحق المعاناة في دائرته الآمنة المقربة، لهذا إذا لم تحصلي على التقدير الذي تستحقينه اقطعي علاقتك بمن يسيئ إليكِ مهما كان قريبًا منك

أحس دائماً أنني أشكل عبئًا على أصدقائي وعائلتي، أشعر أنهم لا يبادلونني نفس المشاعر، وينظرون إليّ بإنزعاج، لكنهم لا يقولون أنهم لا يريدوني صراحة. قررت الابتعاد عنهم، ولكن لا أستطيع الحياة بدون أصدقاء، وبنفس الوقت من الصعب أن أتعامل مع أشخاص يحسسوني دائماً بالذنب والغباء والولدنة، هل الحل أن أكمل حياتي وحدي؟

شكرا لك أيها القلب المكسور.

***

عزيزي/ عزيزتي الخائف من الوحدة

الإنسان حيوان اجتماعي.. هكذا يقولون في كتب علم الاجتماع -لا أعرف كيف يجرؤ أحدهم على وصفي بـ"الحيوان" لكن المسامح كريم- كلنا نشعر بدرجة من الاغتراب عمّن حولنا في فترةٍ ما من حياتنا، هذا طبيعي، لكن استمراره ليس طبيعيًّا، وعلينا إدراك السبب لنعالجه. من كلامك أجد مشكلتين، الأولى هي شعورك بأنك عبء على الأصدقاء والعائلة، والثانية هي أنهم يشعرونك بالذنب والغباء، والمشكلتان منفصلتان ومختلفتان تمامًا، ولكل منهما حل.

إعلان

بالنسبة للمشكلة الأولى، هل أنت واثقـ/ـة أنك تشكل/ين عبئًا عليهم فعلًا؟ من سخرية الحياة أن من يشكلون عبئًا على الآخرين لا يشعرون بهذا نهائيًّا، بينما يشعر الأشخاص اللطاف بأنهم ثقال. لهذا قد يكون شعورك هذا وهميًّا، قد تكون حساسية زائدة أو شعور بنقص الثقة في النفس، أو تراكمات من تربية سيئة وبيئة طفولة غير صحية زعزعت قدرتك على خلق حياة اجتماعية جيدة، وأفقدتك الثقة في قبول الناس لك. في هذه الحالة تحتاج/ين للتفكير في هذا الشعور، وتصارح/ين نفسك بمتى فكرتِ فيه لأول مرة ولماذا، وأي ذكرى يثيرها داخلك. أقترح عليك تصغير الدائرة التي تتعامل/ي معها، بالبداية، مثلاً تكوين رابطة صادقة مع شخصٍ واحدٍ من محيطك، أمك مثلًا أو أختك، شخص تتحدث/ين معه من قلبك وتشعر/ين بالقبول لديه، وتوطدين علاقتك به بشكلٍ أكثر ثقة.

بالنسبة لمشكلتك الثانية، وهي أنهم يشعرونك بالغباء والذنب، فهنا المشكلة مشكلتهم، وليس من مسؤوليتك معالجتها، أو محاولة تقويمهم، أو إجبارهم على احترامك. اقطعـ/ـي علاقاتك بالأصدقاء المسيئين، وخذ/ي موقفًا حازمًا من أهلك أنك لن تقبلي أي إساءة، فلا يجب أن يسيئ إليك أصلًا الأشخاص المسؤولون عن دعم شعورك بالأمان في هذا العالم. خذ/ي موقفًا قويًّا، الصمت والتغاضي يفتح الباب لمزيدٍ من الإساءات، بعكس ما نتخيل أنه "هيمشّي الحال" و"مرة وتعدّي".. المرة ستكون ألف مرة.

لا أحد يستحق المعاناة في دائرته الآمنة المقربة، لهذا إذا تعذر حل الأمور، ولم تحصلي على التقدير الذي تستحقينه اقطعي علاقتك بمن يسيئ إليكِ مهما كان قريبًا منك، الوحدة خير من العائلة المسيئة والأصدقاء غير المراعين، قد تكون الوحدة قاسية لكنها لن تسبب لك جروحًا نفسية تجعلك عاجزة عن الحياة، بالعكس.. ستسمح لكِ باكتشاف نفسك، وستبنين علاقات أكثر صحية وديمومة، لأن هناك أصدقاء آخرين رائعين بالخارج ينتظرون شخصًا مثلك ليكونوا له أقرب من العائلة. الأهم من كل هذا أن تحب/ي نفسك، لا تنظر/ي لها بعين الاستصغار وتتوقع/ي أن تكون/ي ثقلًا على من تحب، بالعكس، فكر/ي في أهميتك لديهم وأهميتك في الحياة، والأشياء اللطيفة التي تفعلـ/يها لمن حولك وتستحق التقدير، واحصل/ي على هذا التقدير بكل أشكاله لأنك تستحق/ينه. وربما تفيدك استشارة طبيب نفسي في فهم أبعاد شعورك أكثر بعد معرفة تاريخك وتفاصيل شخصيتك، فلا تتردد/ي في اللجوء إليه.

إعلان

كيف أتعامل مع هوس أهلي بالزواج والخلفة؟

***

عزيزي/عزيزتي المحتار

ربما نحن الجيل الأكثر معاناة مع أهله فيما يخص الزواج. الأجيال السابقة تربت في حياة ضيقة وبسيطة للغاية، مرسومة سلفًا، ومحددة المراحل دون أي مفاجآت، لهذا يتصورون أن مسار "دراسة، تخرج، زواج، أطفال" هو الطبيعي، وما عدا هذا فمضيعة وقت. لكن جيلنا يختلف، لقد انفتحنا على العالم كله، ومررنا بثورات وحروب وتغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية غيرتنا للأبد. قد يتصور الأهل أنهم يفهمون مصلحتنا أكثر منا، ويجب أن نتفهم ذلك، فالأهل في النهاية يودون أن يروا أطفالهم سعداء، ولديهم صورة معينة عن ما الذي تعنيه هذه "السعادة المفترضة."

ولكن إذا شعرت أن الأمر أصبح مزعجاً ويؤثر على علاقتك معهم وصحتك النفسية، فربما الأفضل وضع حدود صريحة وواضحة معهم بأن حياتك الشخصية ليست موضع ضغط وانتهاك، وليست مشاعًا للمناقشة حتى مع أقرب المقربين. وضح/ي بشدة أنك تعرف/ين ما تريد/ين فعله في حياتك وعليهم احترامه. قل/قولي "لا" بوضوح وصراحة أمام أي ضغط تتعرض/ين له على اختيار أسلوب حياتك، فكلمة "لا" حاسمة سترسم حدودًا واضحة تجعلهم حريصين على عدم التدخل مجددًا. وضح/ي كم يجعلك ضغطهم وتدخلهم تشعر/ين بالانزعاج والضغط، ويؤثر عليك بشكل سلبي.

العالم تغير، والحياة الآن مختلفة، ولدينا ألف شيء يمكننا فعله لنشعر بالسعادة والتحقق، لأننا لا نستطيع أن نضمن مقابلة شريك حياة مناسب، لكن بوسعنا أن نضمن تحقيق نجاح في مجال نحبه، والاستمتاع بهواية لطيفة، ورحلات، وأصدقاء ومعارف وحياة كاملة. الزواج جيد بلا شك، إنجاب الأطفال لطيف، لكنه جزء من الحياة وليس الحياة كلها، وليس أولوية بالضرورة للبعض، وعليهم قبول هذه الحقيقة. الأهم عدم الاستسلام للـ"زن" المتواصل.. زن العائلة ليس سببًا للزواج.

إعلان

كيف أتخطى شخصًا أساء معاملتي عاطفياً في الماضي؟

***

عزيزي/عزيزتي المجروح

أشعر بالسعادة لأنك صغت سؤالك هكذا "شخص أساء معاملتي عاطفيًّا" بوضوح وصراحة. رائع. كثيرًا ما يتأخر شفاؤنا من أحبابنا المسيئين لأنن نلتمس لهم الأعذار، نفتح الباب لـ"ربما" اللعينة التي تفسر قسوتهم وجفاءهم بأنهم لم يقصدوا أو حتمًا لديهم تفسير ما. إدراك أنهم مسيئين، بغض النظر عن أي تفسير، هو أول طريق التخطي. أعتقد أنك على طريق التخطي فعلًا، لقد عرّفت علاقتك بأنها كانت مسيئة، وأن الطرف الآخر تسبب بأذيتك. أكمل/ي المسيرة إذن، احكي القصة من جديد كما حدثت فعلًا، اكتب/ي كل لحظات الخذلان والإساءة في قائمة طويلة حتى لو استدعت ذكريات قاسية، وبعد أيام وعودي لقراءة ما كتبته بعين نقية. ستكون هذه القائمة كبوابة لفهم من أين أتت الإساءة، ولماذا سمحت لها بالحدوث تحت تأثير العاطفة، وسيساعدك هذا على وضع حدود جديدة لعلاقاتك الإنسانية كافة تحميك في المستقبل، وامنح/ي نفسك وقتًا كافيًا للتجاوز. لا تندفع/ي إلى المواعدة سريعًا. علاقات "الريباوند" تنتهي بندوب نفسية عميقة غالبًا، لكِ أو للطرف الآخر المعجب بك ثم يكتشف أنه وسيلة للنسيان، لا تسبب/ي بأذية الآخرين لأنك شخصاً ما آذاك. الأفضل الانتظار لبعض الوقت حتى تشعر/ين أنك مستعدة، وهو شعور يشبه إدراك نور النهار. خذ/ي كل ما تحتاجين إليه من وقت، وسامح/ي نفسك ولا تجلديها. الأمور لا تسير هكذا، نحن نحسن الظن بمن نحب ونلتمس له ألف عذر، وهذا لا يعني أن المشكلة فيك، بل في من استغل ذلك وأساء لك. تذكر/ي ذلك طوال الوقت.

كل الحب.
القلب المكسور