Vice Animal Testing
جدل

عن الأرنب رالف وأخلاقية إجراء التجارب على الحيوانات

تتضمن هذه التجارب سلوكيات قسرية مثل التغذية الإجبارية والحبس والضرب أو الحرق

منذ أيام ضجت وسائل التواصل الاجتماعي حول فيلم قصير بعنوان أنقذ رالف SaveRalph، والذي يناقش فكرة إجراء التجارب على الأرانب، حيث أن الكثير من مستحضرات التجميل يتم تجربتها على جلود وعيون الأرانب وتسبب لها عاهات مستديمة، طبعاً عدى عن الكثير من الألم والعذاب والمعاملة السيئة التي تتعرض له هذه الأرانب أثناء القيام بتلك التجارب. هذا الفيلم تسبب في إعادة تسليط الضوء على أخلاقية إجراء التجارب على الحيوانات. وقد تم إطلاق عريضة للتعامل مع الحيوانات المستخدمة لتجربة مستحضرات التجميل بطريقة خالية من القسوة Cruelty-Free.

إعلان

وقالت العريضة أن "عدة آلاف من الحيوانات مثل الأرانب والخنازير والفئران تعاني دون داع عند اختبار منتجات تجميلية مثل أحمر الشفاه والشامبو على الرغم من أن إنتاج منتجات التجميل خالية من القسوة هو أمر آمن وبسيط. وقع على تعهدنا بعدم القسوة على الحيوانات اليوم وقل لا لاختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات في بلدك وفي جميع أنحاء العالم."

وتقوم كثير من الشركات عند تطوير أو استخدام مكونات جديدة باجراء اختبارات على الحيوانات لتقييم سلامة هذه المكونات الجديدة. ويتم مثلاً إجراء اختبارات تهيج الجلد والعين في عيون الأرانب المقيدة في أقفاص، أو اعطاء جرعات من المواد الكيميائية للفئران لأسابيع أو شهور حتى يتمكن الباحثون من البحث عن علامات المرض أو المخاطر الجانبية. وفي اختبار "الجرعات المميتة" lethal dose المُدانة على نطاق واسع، تُجبر الفئران على ابتلاع كميات كبيرة من المواد الكيميائية لتحديد الجرعة التي تسبب الوفاة.

هناك ملايين الحيوانات التي تتأذى وتموت سنويًا من التجارب التي يقوم بها الإنسان بشكل عام، وبرز الأمر من جديد بعد الحديث عن لقاحات فيروس كورونا ومدى فاعليتها وتجربتها على الحيوانات مرة أخرى، وأشارت تقارير إلى أن إنتاج اللقاح قد يؤدي لقتل أكثر من نصف مليون سمكة قرش، حيث أن أحد المكونات المستخدمة في بعض اللقاحات المرشحة للإنتاج بشكل كبير، هي مادة السكوالين، وهو زيت طبيعي موجود في كبد أسماك القرش يعتبر من الأكثر استخدامًا من قبل شركات الأدوية لإنتاج مستحضرات التجميل وواقيات الشمس. كما قام الباحثون بتجربة اللقاحات على قرود الريسوس لأن جهاز المناعة مطابق تقريبًا للنظام المناعي للإنسان.

إعلان

وقد أثارت تجربة اللقاحات على الحيوانات مجدداً الجدل حول أخلاقيات هذه التجارب. كما ظهر تحدي أخلاقي بالنسبة للخضريين vegetarians، هل عليهم أخذ اللقاح أم لا؟ فبالرغم من أن اللقاحات لا تحتوي على أي منتجات حيوانية إلا أنها استخدمت الحيوانات في تجربتها والتأكد من فاعليتها، مما يناهض مباديء الخضريين الذين يرفضون استغلال الحيوانات بأي شكل من الأشكال. فندت بعض وجهات النظر المعاكسة أن أخذ اللقاح يتضمن مهمة أكبر وهي حماية الأشخاص من الإصابة بالمرض أو منع نقله إليهم، خاصًة مع عدم قدرتنا كبشر على تجنب تعذيب/ استغلال الحيوانات بنسبة 100% في حياتنا اليومية فحتى النباتات يدخل في تصنيعها أسمدة من الأسماك وعظام الحيوانات.

خلاف حول فعالية التجارب الحيوانية
عَرف التاريخ بداية إجراء التجارب الحيوانية منذ عصر الرومان، فقد ثبت أن أرسطو أول من فعل ذلك، وأبن زهير من العرب، وفي القرن التاسع عشر كان عالم النفس بافلوف أحد أوائل العلماء المعروفين باستخدام الكلاب في اكتشافاته المتعلقة بعلم النفس في العصر الحديث.

تُقام التجارب على الحيوانات بشكل عام لاختبار فاعلية الأدوية وطرق الوقاية من الأمراض وغيرها من التفاصيل الطبية، وبالرغم من أنها ليست دقيقة 100% إلا أن هناك الكثير من الحيوانات التي تتشابه في تكوينها الداخلي مع الإنسان بنسبة كبيرة كالفئران والشمبانزي، كما تتقاطع بعض الأمراض التي يُصاب بها الإنسان مع بعض الحيوانات. بجانب ذلك تقوم العديد من الصناعات بإجراء التجارب على الحيوانات لمعرفة مدى فاعليتها والآثار الضارة عليها مثل ما ذُكر في حالة الأرنب رالف.

إعلان

ولكن في المقابل، هناك من يرى أن نتائج التجارب على الحيوانات لا يمكن تطبيقها على البشر بسبب الاختلافات البيولوجية، وتشير دراسة إلى أن 92٪ من الأدوية التجريبية الآمنة والفعالة على الحيوانات تفشل في التجارب السريرية البشرية. واحد من هذه الأمثلة هو تجربة لقاح لمرض نقص المناعة البشرية (الإيدز) الذي تم تجربته على أكثر من 700 قرد وشمبانزي ونجح بكفاءة، ومع ذلك لم يفلح ذلك أبدًا مع البشر. في الواقع، زادت بعض لقاحات فيروس نقص المناعة البشرية من خطر الإصابة بالفيروس لدى البشر. وقد تم استخدام الحيوانات في تجارب لأمراض أخرى مثل الزهايمر وباركنسون والتهاب الكبد الوبائي وغيرها، وتبين أنها نجحت تمامًا مع الحيوانات ولكنها قدمت نتائج مضللة للبشر.

أرقام عامة:

  • أكثر من 115 مليون حيوان سنويًا يتم إلقاء التجارب عليهم، في الولايات المتحدة  في كل عام.
  • 92٪ من الأدوية التجريبية الآمنة والفعالة على الحيوانات تفشل في التجارب السريرية البشرية.
  • في اختبار "الجرعات المميتة" المُدانة على نطاق واسع، تُجبر الفئران على ابتلاع كميات كبيرة من المواد الكيميائية لتحديد الجرعة التي تسبب الوفاة.

الاعتراضات
هناك معارضة تتصاعد كل سنة ضد استخدام الحيوانات في التجارب باعتباره غير أخلاقي ويجب أن يوُقف عند حده. وتأتي هذه الاعتراضات من الأذى الجسدي والنفسي الذي تتعرض له هذه الحيوانات من تشوهات وعيوب خلقية، كما تتضمن التجارب نفسها سلوكيات قسرية مثل التغذية الإجبارية والحبس والضرب أو الحرق وانتزاع الجلد وقد يصل الأمر إلى كسر الرأس وغيرها من التفاصيل الوحشية. يمكننا القول أن الحيوانات المستخدمة في التجارب لا يعاملون كأكثر من مجرد معدات معملية يمكن التخلص منها.

إعلان

وتشير الإحصائيات أن أكثر من ١٠٠ مليون حيوان سنويًا يتم إلقاء التجارب عليهم، في الولايات المتحدة  في كل عام - بما في ذلك الفئران والجرذان والضفادع والكلاب والقطط والأرانب والهامستر والخنازير والقرود والأسماك والطيور - لدروس علم الأحياء والتدريب الطبي والاختبارات الكيميائية والعقاقير والأغذية ومستحضرات التجميل. ولا يتم احتساب نسبة كبيرة من الحيوانات المستخدمة في مثل هذا الاختبار (مثل الجرذان والفئران التي تم تربيتها في المختبر) في الإحصاءات الرسمية ولا تتلقى أي حماية بموجب قانون رعاية الحيوان.

في السنوات الأخيرة، بدأت حكومة الولايات المتحدة في التخلص التدريجي من استخدام القردة في الأبحاث، بعد قرار صدر عام 2015 ويقضي بإحالة جميع حيوانات الشمبانزي المستخدمة في الدراسات الطبية إلى التقاعد. ولكن لا تزال تستمر المعامل الأخرى تقوم بتجربة الأدوية على القرود حيث تم استخدام 74 ألف قرد في التجارب في عام 2017، ويدعي العلماء أن القرود أفضل بكثير من الحيوانات الأخرى مثل الفئران لدراسة الأمراض التي تصيب البشر.

إعلان

إن حاولنا النظر إلى الجانب العملي والإيجابي لمنع هذه الاختبارات سنجد أن  احتجاجات الحيوانات لها تاريخ طويل، منذ ظهورها في القرن العشرين، تم الاستجابة لبعض المطالب وطرح عدد من القوانين واللوائح المحسّنة، ونتج عن ذلك عدة نتائج إيجابية منها منع اختبارات مستحضرات التجميل على الحيوانات في العديد من البلدان. ولكن قامت شركات أخرى بالاستعانة بمصادر خارجية لإجراء الاختبارات على الحيوانات في مناطق مثل الصين، حيث تكون لوائح اختبار الحيوانات ضعيفة وقليلة التنفيذ.

هل علينا إجراء تجارب على الحيوانات لحماية أنفسنا كبشر؟
هناك بعض البدائل بدأت تُطرح على الساحة وتشير إلى أن المستقبل القادم قد لا يحتاج إلى التجريب على الحيوانات. مثلاً لتجنب حدوث "مذبحة لأسماك القرش" قام العلماء في السنوات الأخيرة باختبار بديل للسكوالين من مواد نباتية بما في ذلك الزيوت النباتية من نخالة الأرز والقمح والزيتون. كما أن هناك عدد من البدائل الأخرى:

-المحاكاة الرقمية: بهذه الطريقة يتم استخدام الكمبيوتر لمعرفة مدى تأثير المواد على جسم الإنسان بدلًا من الحاجة إلى إجراء التجارب على الحيوان.

-الرقائق الحيوية: فيها يحاكي الباحثون رد فعل الجسم على المواد المستخدمة في الأدوية ويتم التعرف على تأثيرها بشكل مباشر، هذه الطريقة ستقلل استخدام الحيوانات في التجارب بنسبة 30%. 

-زراعة الخلايا: وهي زراعة خلايا يتم أخذها من الإنسان أو الحيوان وتركها لتكبر تدرجيًا كما يحدث في أي إنسان وقد تصل إلى زراعة عضو كامل، يتم التجريب عليها كالإنسان تمامًا. تشمل هذه التقنيات الأعضاء البشرية المصغرة والأعضاء البشرية التي تحتوي على رقاقة، مع أنظمة الدورة الدموية وغيرها من الوسائل لمحاكاة وظائف الحياة الواقعية وعلم وظائف الأعضاء البشرية الفعلية وجسم الإنسان.

-الحيوانات اللافقارية: يمكن استخدام اللافقاريات  كبدائل لاستخدام الحيوانات التقليدية، منها أنواع عدة مثل ذبابة الفاكهة وهي نموذج كلاسيكي يستخدم للكشف عن الطفرات. هذه الكائنات لها دورة حياة قصيرة ويمكن دراستها بأعداد كبيرة. على الرغم من بعض العوائق الواضحة مثل عدم وجود نظام مناعي تكيفي والذي يعد رادعًا لاستخدامها في أنواع معينة من الأبحاث، إلا أَن مواصفات هذه الكائنات تجعلها بديل ممتاز لحيوانات التجارب التقليدية.

-الفقاريات سريعة النمو: أثبتت أسماك الزيبرا، وهي نموذج فقاري حديث، (مشابه للفقاريات الأخرى بما في ذلك الإنسان). أنها نموذج جيد جدًا لاختبار السمية (نسبة السموم). وقد زاد استخدامها في العقدين الماضيين؛ إذ أنها تتطور بسرعة وبأعداد كبيرة وهي صغيرة وغير مكلفة للحفاظ عليها، كما يمكن إجراء التجارب عليها مباشرة في مياه الأسماك أو عن طريق الحقن المجهري. وقد زاد استخدامها في العقدين الماضيين؛ وتم تجريبها في البحث عن العلاج الدوائي لمرض الزهايمر.

وبالرغم من سوء وضع التجارب الحيوانية في الكثير من دول العالم إلا أن هناك مراكز بحثية عدة تحاول أن تتعامل مع الأمر بأفضل طريقة ممكنة مثل  جامعة ستانفورد التي وضعت بعض الأخلاقيات أو الشروط لإجراء باحثيها التجارب على الحيوانات منها الاهتمام بحالة الحيوانات وطريقة التعامل معها، ويلتزمون باستخدام طرق بديلة بدلاً من التجربة على الحيوانات في البحث كلما أمكن ذلك. كما قررت عدد من الدول حظر اختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات كلياً ومنع بيع مستحضرات التجميل المختبرة على الحيوانات.