ثقافة

مقابلة مع روشين تبوني- العقل والقلب وراء منصة "حبيبي كوليكتف"

أفضل جزء هو التعرف على أشخاص يشبهونني من خلال هذا المجتمع الضخم من محبي الأفلام
habibi collective

الصورة من فيلم "سبمارين" للمخرجة اللبنانية منية عقل.

أنشأت مبرمجة ومؤرشفة الأفلام العراقية-الإيرلندية روشين تبوني منصة "حبيبي كوليكتف" قبل عامين لتصبح ملاذاً للأرشيف الرقمي لسينما الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع التركيز على أعمال المخرجات العرب. حققت المنصة نجاحاً سريعاً مع أكثر من ٢٥ ألف متابع، امتدّ إلى إنشاء مدونة صوتية (بودكاست) بنفس الاسم، ومنصة "شاشة" الرقمية لعرض الأفلام. يرتكز عمل روشين على البحث على أفلام من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإتاحة المصادر المتعلقة بصناعة الأفلام وإنتاجها للجميع.  

إعلان

بدأت بمتابعة المنصة مؤخرأً ووجدت أنهت مؤثرة وملهمة لما تقوم به من تسليط الضوء على مواضيع تتعلق بصناعة الأفلام في المنطقة وعادة ما يتغاضى عنها الجميع. أجريت مقابلة هاتفية مع روشين، التي تقيم في لندن، وتحدثنا عن مشاريعها، وأرشفة الأفلام وسياسات صناعة الأفلام.

82e7f27c-4c28-41e9-aae0-b7b70cf6572d.jpg

روشين تبوني. الصورة مقدمة منها.

VICE عربية: بداية، من أين جاءت فكرة "حبيبي كوليكتف"؟
روشين تبوني:
أنشأت المنصة في صيف عام 2018 ولكن عملية البحث والأرشفة بدأت قبل ذلك بكثير. نشأت في منطقة ريفية في ايرلندا وكنت أمضي وقتي بمشاهدة الأفلام، وأتذكر أنني كنت أقوم بتسجيل الأفلام التي أشاهدها في جدول (ما زلت أقوم بذلك حتى اليوم) وانتبهت إلى أن معظم الأفلام التي كنت أشاهدها لا تشبهني أو تشبه هويتي. ومن هنا بدأ بحثي عن أفلام من الوطن العربي ولمخرجات نساء بشكل خاص. معظم هذه الأفلام لم تكن متاحة للجمهور، كنت أقرأ عنها فقط في الكتب أو المقالات، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء "حبيبي كوليكتف" كمنصة تجمع الحب لهذه الأفلام وبنفس الوقت تقربها من الجمهور.

لماذا أردت التركيز على الأفلام التي من إخراج نساء؟
أول فيلم عربيّ شاهدته كان "تدابير المسافة" لـ منى حاطوم (1988)، وهو من نوع الـ essay films، أي الأفلام التي تمزج ما بين الوثائقي والتجريبي والروائي وهي قائمة بشكل كبير على النص والسرد.  تجذبني هذه الأفلام بشكل كبير، وهنالك الكثير من المخرجات العربيات اللواتي صنعن أفلام ضمن هذه الأسلوب الفني. وطبعاً يعود السبب في ذلك إلى أن تهميش النساء في مختلف القطاعات، فعدم المساواة في المجتمع تنعكس بدورها على صناعة الأفلام، فلم يكن لدى المخرجات الفرص والإمكانيات الانتاجية والدعم لإخراج أفلام روائية طويلة. ولهذا اخترن هذا الأسلوب الفني التجريبي. طبعاً، الأمور تغيرت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وأثبتت المخرجات أنفسهن في هذه الصناعة. يهمّني أيضاً التركيز على السياسات المحيطة بإنتاج وتوزيع هذه الأفلام، فكما نعلم، كل شيء مسيّس بما يتعلّق بصناعة أفلام عربية. انطلاقاً من كل هذه الأفكار، أردت أن أجعل بحثي متاحاً للجميع ورأيت أن انستغرام هي المنصة الأنسب لذلك.  

إعلان

هل كنتِ تتوقعين النجاح الكبير لـ حبيبي كوليكتف؟
أعتقد أن المتابعين انجذبوا لفكرة المجتمع الذي خلقته المنصة، ليس بالضرورة لأنهم هواة أفلام بل لأنهم شاهدوا هوياتهم الجنسانية وخلفياتهم وثقافتهم ممثّلة في حبيبي كوليكتف. رأيت وسمعت ذلك من الجمهور خلال إدارتي لمهرجان مهرجان Queer MENA. لا أعامل المنصة كمشروع مهني أو كمشروع ربحي. أعتقد أن الطريقة التي أدير بها المنصة أساساً تهدف أولاً لخلق هذه المساحة، لأنني شعرت في كثير من الوقت أن وجودي في المساحات والمؤسسات التي أعمل معها في لندن كان الهدف منها فقط إضافة عنصر التنوع في عملهم ونشاطاتهم. 

ولكن ما يهمني حقاً هو دعم صناع الأفلام العرب من خلال مساعدتهم في أمور كالترجمة وإرسال أفلامهم إلى مهرجانات ومنصات عرض. يعتقد الكثيرون أن هذا مشروع ربحي أو أن لدي فريق عمل كبير، ولكن في الواقع، ليس لدي أي من هذا. أنا أدير المنصة لوحدي، من دون أي دعم أو تمويل. ولكن أحد الإنجازات الضخمة لـ "حبيبي كوليكتف" هو أن الأشخاص الذين يتابعون ويتفاعلون مع المنصة هم الأشخاص الذين صُنعت المنصة من أجلهم، شباب عرب يعيشون المنطقة أو في المهجر.

هل سبق وأن عملت في مجال صناعة الأفلام؟
أنا لست صانعة أفلام. ولا أحد من أفراد عائلتي يعمل في مجال الفنون، جميعهم أطباء ومهندسون. لقد أتت معرفتي بالأفلام من خلال بحثي الخاص، وقمت برعاية وإدارة ستة مهرجانات سينمائية إقليمية بما في ذلك مهرجان الأفلام العراقية المستقلة (iiff) ومهرجان كويير مينا السينمائي. ولكن أكاديمياً، درست الأدب المقارن في الجامعة، ولذلك تستهويني أفلام المقالات المليئة بالنصوص، وأعتقد أن الأفلام القادمة من المنطقة هي بالعادة نصية بشكل كبير وترتكز على السرد القصصي.

حدّيثنا عن منصة شاشة وبودكاست حبيبي كوليكتف.
بالنسبة للبودكاست، أو المنصة الصوتية، ألقيت محاضرات في الكثير من المؤسسات الأكاديمية الخاصة مثل أكسفورد وجامعة يو سي بيركلي ونورثويسترن ومثل هذه الأماكن الخاصة والأشخاص الذين أتحدث إليهم عادةً هم من الأمريكيين البيض الأثرياء، لذلك شعرت أن هناك فجوةً بين ما كنت أقول ولمن كنت أقوله. هذا هو السبب وراء إنشاء هذا البودكاست، كطريقة لإضفاء اللامركزية على إنتاج المعرفة هذا، وإلغاء استعمار المعرفة وجعلها في متناول الجميع ومشاركتها مع المجتمعات.

SHASHA هي أول خدمة بث مستقلة لأفلام جنوب غرب آسيا وأفريقيا، سيتم إطلاقها في شهر مارس. إنه عمل طوعي تماماً. لا أتقاضى أجراً مقابل أي شيء أفعله. إنها خدمة بث أفلام مختارة بعناية فائقة كل شهر. في كثير من الأحيان لا يواجه المخرجون العرب أي مشاكل في مشاركة أفلامهم في الغرب، ولكن لا يمكنهم في بعض الحالات من عرض هذه الأفلام في أوطانهم. هذا هو الواقع، وأنا أحاول تغييره. هناك منصات قليلة توفر هذه الفرصة، حيث تقوم معظم خدمات البث بتغيير  نوعية أفلامها بناءً على الموقع أو البلد.  ولكن "شاشة" ستخترق هذه الحواجز. أريد حقًا أن يشاهد الناس هذه الأفلام بكل حرية، وأنا أدرك امتيازاتي لوجودي هنا في لندن. لن أكون قادرة على القيام بهذا العمل إن لم أكن هنا، وأريد رد الجميل.

ما هو أفضل جزء وأسوأ جزء في إدارة هذه المنصة؟
أفضل جزء هو التعرف على أشخاص يشبهونني من خلال هذا المجتمع الضخم من محبي الأفلام، وكما قلت أكثر ما أفخر به هو أن جمهور هذه المنصة تم إنشاء المنصة من أجلهم. الجزء الأصعب هو محاولة القيام بهذا العمل لوحدي ومن دون تمويل. ولكنه كان قراراً واعٍياً، أردت إنشاء هذه المنصة بشكل مستقل تمامًا. 

ما هو فيلمك المفضل من الأفلام التي نشرتها مؤخراً؟
أحب فيلم "شعور أقوى من الحب" لماري جرمانوس سابا. يروي الفيلم قصص نساء يعملن في مصنع للتبغ خلال الحرب الأهلية في لبنان، وفيلم "سبمارين" لمنية عقل، والذي بطلته إمرأة ترفض قرار إخلاء بيتها. وطبعاً هناك الكثير من الأفلام الأخرى، أنا طبعاً، لا أشارك أفلاماً لا تعجبني.