FYI.

This story is over 5 years old.

صحة نفسية

هل أعاني من الاكتئاب أم أن ذلك مجرد حزن فقط

من الصعب أن تفرق بين الحزن والاكتئاب

غالبًا ما يعتقد الناس أنهم يعانون من الاكتئاب عندما يشعرون بالحزن، أو إنهم يشعرون بالحزن عندما يكونوا مكتئبين، فمن السهل الخلط بين الاثنين، لأن كلا الحالتين تتسمان إلى حد كبير بوجود تراجع في المزاج.

جاي وينش، وهو عالم نفس مقيم في مدينة نيويورك ومؤلف كتاب "الإسعافات الأولية العاطفية": استراتيجيات عملية لمعالجة الفشل والرفض والشعور بالذنب وغيرها من الجروح النفسية اليومية، يقول: نحن نربط بين الاكتئاب وحالة المزاج الحزين رغم أنها ليست السمة الوحيدة لها، وفي الحقيقة فإن الاكتئاب والحزن ليسا نفس الشيء.

إعلان

بالتأكيد، في وقت ما قد تدعي إنك تعاني من الاكتئاب إلى حد كبير بسبب فشل علاقة أو تعرضك لخيبة أمل عاطفية، ولكن كيف يمكنك التمييز بين الحزن الفعلي وهذا الاكتئاب الذي يمكن أن نعتبره وحش خطير؟ كيف يمكنك أن تقول أنك تعاني من حالة عاطفية سيئة، أو أنك واحدا من بين 16.2 مليون شخص بالولايات المتحدة يعانون من الاكتئاب كل عام؟

أولا، فكر في آخر مرة شعرت فيها بالحزن، (ونأسف حقيقة لجعلك تسترجع هذا الشعور)، ولكن اسأل نفسك ما الذي تسبب في شعورك بهذا الحزن؟ هل هو بسبب وفاة أحد أفراد العائلة، أو أن صديق مقرب لك قد قال لك شيء تسبب في جرح عميق داخلك، مهما كان الأمر، فأنت ربما قد شعرت بالحزن بسبب شئ ما.

تقول مروة عزب، الأستاذ المساعد في قسم علم النفس في جامعة لونغ بيتش بولاية كاليفورنيا: "إن الحزن مشاعر إنسانية طبيعية، وهي استجابة صحية لأي نوع من الخسارة في حياتك، أو لنتيجة مخيبة للآمال، أو حدث مؤلم قد تعرضت له".

الحزن يمكن أن يأتي ويذهب بسرعة، وعادة ما يتلاشى بمجرد الشعور بأكثر من حالة مزاجية، ومشاعر الخوف هي أكثر تأثيرا على الفرد من مشاعر الحزن، ولكن الاكتئاب هو أمر مزعج للحالة المزاجية العامة وللجوانب الأخرى من حياتك بدون أي سبب، وهو أمر سيظل في حياتك للأبد.

ويقول وينش: "إن الاكتئاب حالة عاطفية غير طبيعية تؤثر على أفكارنا ومشاعرنا وتصوراتنا وتصرفاتنا، وهو يؤثر فينا بشكل خفي ومباشر في نفس الوقت”.

ووفقا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، لتشخيص الاكتئاب الإكلينيكي، فإن من يعاني من هذا الأمر يجب أن يواجه شعور بالحزن أو الاكتئاب، وشعور بفقدان المتعة من الأشياء التي تُستخدم في الأساس لتجلب لك السعادة.

إعلان

وعلاوة على ذلك، يجب أن يكون لدى من يعاني من الاكتئاب، على الأقل، أربعة أعراض أخرى، والتي تشمل أشياء مثل التعب، وعدم التركيز، والكثير من النوم أو القليل من النوم، والأفكار الانتحارية، والتغيرات في الشهية أو الوزن، وتباطؤ في الحركة أو الكلام، فإذا واجهت هذه الأعراض لمدة أسبوعين على الأقل، فمن المرجح أن يتم تشخيص حالتك بالاكتئاب.

وكل شخص يشعر بالمرض بشكل مختلف، فقد تبكي كل يوم أو لا تشعر بأي شيء على الإطلاق.

ويقول وينش: "يبدو من يعاني من الاكتئاب وكأنه استخدم فلتر رمادي يُشكل رؤيته للأمور ويمتص كل الألوان والحيوية من حياته"، مضيفا "يترك العالم ويشعر إنه غير مرتبط بأي شيء، وغير مهتم بالأشياء التى كنا نهتم بها في السابق".

بعض الأشياء قد تزيد من خطر الاكتئاب، مثل العوامل الوراثية، حيث وجدت دراسة حديثة أن خطر الإصابة بالاكتئاب يتضاعف إذا كان أحد والديك قد عانى من الاكتئاب، كما أن فرص الإصابة بالاكتئاب أيضا تزداد مع التعرض لاعتداء، أو عنف، أو إذا كنت تعاني من الفقر، أو إذا كان لديك نظرة تشاؤمية أو انخفاض في احترامك لذاتك.

هناك أيضا فرق بين الحزن والاكتئاب على المستوى العصبي، ففي عقل هؤلاء الذين يعانون من الاكتئاب يقل تدفق الدم إلى شبكة الانتباه Attention Network في المخ، ويتدفق المزيد من الدم إلى "الأميجدالا amygdala"، وهي تسمى علميا "اللوزة العصبية" وتمثل مركز الخوف في المخ.

وتقول عزب: لذلك ليس من المستغرب أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب قد يكونون أكثر تركيزا على الأمور السلبية، لأن مركز الخوف في المخ يكون نشطا بشكل مفرط.

وأضافت أن الاختلالات الهرمونية في الجسم يمكن أن تفسر الأعراض إلى حد ما، حيث يرتبط الاكتئاب بمستويات منخفضة من هرمون السيروتونين المسئول عن تنظيم عملية النوم، وهرمون الدوبامين، الذي يسيطر على مراكز المتعة والسعادة في المخ، وهرمون الإدرينالين، الذي يهيئ الجسم لأي معارك ضده ويجعله مستعد للاستجابات الطارئة.

إعلان

وأكدت عزب إن مريض الاكتئاب يحتاج إلى رؤية المعالج أو الحصول على استشارة طبيب، للحصول على تشخيص دقيق، وهي ليست فكرة سيئة على الإطلاق، فهذا العلاج يعتبر واحدا من العلاجات الأكثر شيوعا للاكتئاب، أما الخيار الآخر فهو الحصول على مضادات الاكتئاب، وإذا فشلت هذه الأمور، فيتم اللجوء للعلاج بالصدمات الكهربائية.

ويقول ونش: لا يمكن أن نتجاهل أبدا الأفكار الانتحارية التي تراودك، ولكن إذا كانت الأعراض خفيفة نسبيًا وكنت على وشك الحصول على المساعدة، يمكنك اتخاذ بعض الخطوات بنفسك لمعرفة ما إذا كان مزاجك يمكن أن يتحسن بعد أسبوع أو اثنين.

وينش يقترح أيضا القيام بتمارين رياضية أربع مرات في الأسبوع (وهي مسألة مختلف عليها بشدة، حيث أن الدراسات لا تظهر أن التمارين الرياضية يمكن أن تساعد في اختفاء أعراض الاكتئاب الموجودة بالفعل، ولكنها قد تفيد في تجنب الاكتئاب مستقبلا)، كما ينصح بالمشاركة في الأنشطة التي كنت تستمتع بها مثل الطبخ أو مجرد لقاء مع صديق حتى لو كنت تشعر بأنك لا تريد أن تفعل أي شئ معه.

مهما فعلت، لا يجب أن تحبس نفسك في منزلك، ويقول وينش: ليس هناك شيء أسوا من أن تستسلم لأفكارك السلبية وتجعلها تسيطر عليك.

أما عزب فتقترح اتباع نظام غذائي صحي، ومحاولة النوم من 7 إلى 8 ساعات ليلا، والابتعاد عن الأشخاص السيئين، والعمل على التخفيف من الضغوط النفسية التي قد تتعرض لها في حياتك أو في عملك على سبيل المثال.

بالطبع القول قد يكون أسهل من الفعل، لكن إذا لم يتغير الوضع بشكل إيجابي على مزاجك بعد أسبوع أو اثنين من هذه التغييرات، فيجب تحديد موعد مع الطبيب أو المعالج.